بايدن حيى ولي العهد السعودي بالقبضة بدلا من المصافحة التقليدية
بايدن حيى ولي العهد السعودي بالقبضة بدلا من المصافحة التقليدية وهي نفس الطريقة التي حيى بها المسؤولين طوال رحلته | Source: @spagov

وصل الرئيس الأميركي جو بايدن إلى قصر السلام في جدة، الجمعة، للقاء الملك سلمان بن عبد العزيز وكان في استقباله  ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

وأظهرت لقطات مصوّرة بثتها وكالة الأنباء السعودية، الأمير محمد بن سلمان مرحّبا ببايدن عند أحد مداخل القصر الملكي، قبل أن يطرق كل منهما قبضته بقبضة الآخر.
 

وكان بايدن وصل إلى مطار جدة في رحلة جوية تاريخية قادما من إسرائيل، واستقبله أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل في المطار.

ولم يسبق لأي رئيس أميركي أن توجه جوا مباشرة من إسرائيل إلى السعودية، لكن الزيارة تأتي وسط مؤشرات على انفتاح بين الدولتين اللتين لا ترتبطان بعلاقات دبلوماسية.

وقبل ساعات من رحلة بايدن، أعلنت الرياض فتح أجوائها "لجميع الناقلات الجوّية"، ما يعني طبعا الطائرات القادمة من إسرائيل، في قرار وصفه بايدن بأنّه "تاريخي" ورحبت به إسرائيل.

ويلتقي بايدن في جدّة الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

كما سيلتقي الرئيس الأميركي في المملكة مسؤولين من دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والعراق والأردن.

وقال مسشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان إن بايدن سيناقش أمن الطاقة في لقاءاته بالسعودية. 

وتسعى الولايات المتحدة الى إقناع السعودية بزيادة إنتاجها النفطي من أجل تعويض النقص الناتج عن حرب أوكرانيا والعقوبات على روسيا.

وقال سوليفان: "سنناقش تسريع زيادة إنتاج الطاقة ونتمنى رؤية خطوات إضافية من قبل أوبك+ في الأسابيع المقبلة". 

لكن المسؤول الأميركي استبعد إعلانا فوريا بزيادة إمدادات النفط في ختام قمة جدة.

وأكد مسشار الأمن القومي الأميركي أن بايدن سيثير مسألة حقوق الإنسان خلال زيارته للسعودية.

وكانت العلاقات بين الرياض وواشنطن توترت بعد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول. ووجه بايدن انتقادات عديدة لولي العهد السعودي الذي خلص تقرير استخباراتي أميركي إلى أنه وافق على العملية وهو الأمر الذي نفته المملكة.

كما ستتناول المحادثات الموقف من إيران، الخصم الإقليمي الأبرز للسعودية.  

وقبيل توجهه إلى السعودية، التقى بايدن مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، في بيت لحم، بعد زيارة مستشفى "أوغستا فيكتوريا" في القدس الشرقية، حيث أعلن عن حزمة مساعدات بقيمة 100 مليون دولار للقطاع الطبي.

وكانت رحلة الرئيس الأميركي الشرق أوسطية بدأت في إسرائيل، حيث وقع "إعلان القدس للشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة وإسرائيل" وتعهدت فيه واشنطن أن تستخدم "جميع عناصر قوتها الوطنية لمنع إيران من حيازة السلاح النووي".


 

ترامب وبن سلمان أثناء حضورهما قمة مجلس التعاون الخليجي في الرياض، 14 مايو 2025. رويترز
ترامب وبن سلمان أثناء حضورهما قمة مجلس التعاون الخليجي في الرياض، 14 مايو 2025. رويترز

قبل أربعة أعوام، وجد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان صعوبة في عقد لقاء مع الرئيس الأميركي آنذاك جو بايدن، الذي قال إنه يريد أن يجعل المملكة منبوذة بعد أن أشارت تقارير إلى أن حاكمها الفعلي أمر بقتل صحفي مقيم في واشنطن.

ولكن الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب أغدق المديح أمس الثلاثاء على الأمير محمد الحاكم الفعلي للسعودية، واصفا إياه بأنه "رجل رائع" و"رجل عظيم"، دون أي إشارة إلى مخاوف متعلقة بحقوق الإنسان في المملكة.

ووسط وميض الكاميرات وتصفيق الحضور في قمة استثمارية في الرياض، حيث بدأ الرئيس الأميركي أول جولة خارجية كبيرة في ولايته الثانية، قال ترامب بحماسة عن الأمير محمد "أنا معجب به كثيرا. أحبه كثيرا".

وإظهار المودة لقائد له تاريخ مثير للجدل يماثل ما كان يفعله ترامب في ولايته الأولى، عندما أقام تحالفا مع الأمير محمد ازداد قوة عبر سنوات من الإطراء المتبادل وعقد الصفقات.

ولا تزال العلاقات راسخة في ما يتعلق بالمصالح المشتركة، إذ يسعى ترامب إلى تحقيق مكاسب اقتصادية كبيرة وإحياء دور الولايات المتحدة في المنطقة، في حين يسعى ولي العهد السعودي إلى كسب تكنولوجيا متقدمة ودعم عسكري وحليف قوي في إطار سعيه لتحديث المملكة وتأكيد ريادتها الإقليمية.

وخلال القمة، وافقت واشنطن على اتفاقية دفاعية بقيمة 142 مليار دولار وتعهدت السعودية بحزمة استثمارات هائلة بقيمة 600 مليار دولار تشمل الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية والطاقة.

وأثارت علاقات ترامب مع ولي العهد السعودي انتقادات من أعضاء بالكونغرس الأميركي ومنظمات لحقوق الإنسان ومحللين معنيين بالسياسة الخارجية لما اعتبروه تفضيل المصالح الاقتصادية على حقوق الإنسان.

وفي حين نفى ولي العهد أي ضلوع له في مقتل الصحفي جمال خاشقجي وأشار إلى إصلاحات مثل تعزيز حقوق المرأة باعتبارها دليلا على التقدم، قال محللون إن هذه التغييرات تقوضها إجراءات صارمة مستمرة ضد المعارضة والحريات السياسية.

ويرتبط ترامب بعلاقات أفضل كثيرا مع الأمير محمد مقارنة بعلاقة سلفه في البيت الأبيض مع ولي العهد السعودي. ومع ذلك، تحول تعامل بايدن مع الأمير محمد إلى علاقات ودية عملية بعد الانتقادات القاسية في البداية.

بايدن اختار إعادة ضبط العلاقات

في عام 2019، توعد الرئيس الديمقراطي بايدن بجعل السعودية "منبوذة" على الساحة العالمية بسبب مقتل خاشقجي وسجلها في مجال حقوق الإنسان.

إلا أن الوقائع الجيوسياسية مثل الارتفاع الهائل في أسعار النفط، ومن أسبابه غزو روسيا لأوكرانيا عام 2022، أبرزت الحاجة إلى التعاون بين واشنطن والرياض.

ودفع ذلك بايدن إلى اتخاذ قرار بإعادة ضبط العلاقات الاستراتيجية، وزار ولي العهد في نهاية المطاف في يوليو تموز 2022.

تبادل الرجلان التحية بقبضة اليد مما أثار انتقادات باعتبارها لفتة ودية مبالغا فيها بالنظر إلى المخاوف المتعلقة بحقوق الإنسان.

لكن مساعديه بالبيت الأبيض قالوا إنها وسيلة لتقليل خطر إصابة بايدن بكوفيد-19.

وتحسنت العلاقات سريعا مع سعي إدارته للتوسط في اتفاق لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل مقابل اتفاقية دفاع أوسع نطاقا مع واشنطن.

إلا أن تلك المساعي أصابها الجمود مع هجوم حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 وحرب إسرائيل اللاحقة على غزة.

وخلال زيارة ترامب أمس الثلاثاء، استقبل ولي العهد الرئيس الأميركي شخصيا واصطحبه في عربة جولف قادها بنفسه قبل مأدبة عشاء رسمية.

وفي لحظة أكدت عمق علاقتهما الشخصية، تعهد ترامب برفع العقوبات الأميركية عن سوريا، في خطوة تمثل تحولا هائلا في الموقف الأميركي قال إنها جاءت بناء على طلب من الأمير محمد بن سلمان.

وقال ترامب "ماذا عساي أن أفعل لولي العهد"، بينما وضع ولي العهد يده على صدره واستهل تصفيقا حارا من الحضور.