بوتين وبن سلمان
الوساطة السعودية نجحت في اقناع بوتين بصفقة تبادل الأسرى

بعد وساطة السعودية في صفقة تبادل الأسرى بين أوكرانيا وروسيا، والتي ضمت إطلاق سراح 10 أجانب، واجهت الرياض اتهامات بأن غرضها من المشاركة  في الوساطة هو تحسين صورتها أمام المجتمع الدولي، بسبب سجلها في حقوق الإنسان، خاصة مقتل الصحفي، جمال خاشقجي.

ودافع وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، عن دور بلاده في تأمين صفقة تبادل الأسرى بين أوكرانيا وروسيا، مستنكرا الاتهامات التي وصفها بـ"الساخرة".

وأوضح أن التحركات السعودية في هذا الإطار كانت لأسباب "إنسانية"، مشيرا إلى أن الرياض تواصلت مع لندن في أبريل الماضي، بعد وقت قصير من إلقاء القبض على مواطن بريطاني في ماريوبول، وفق تقرير نشرته صحيفة الغارديان.

وأكد الوزير أن اعتبار الجهود السعودية فرصة لإصلاح العلاقات مع الغرب تعتبر "وجهة نظر ساخرة للغاية"، مضيفا أن قيادة المملكة وجدتها فرصة لـ"تحقيق اختراق إنساني لتسهيل عودة المعتقلين إلى عائلاتهم".

وكانت صورة ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، كقائد إصلاحي جريء تضررت بسبب مقتل خاشقجي، الكاتب الصحفي في صحيفة واشنطن بوست، على يد ضباط مخابرات سعوديين، في قنصلية المملكة باسطنبول، حيث يعتقد أنهم مقربون من الأمير.

ونفى الأمير محمد إصداره أمرا بقتل خاشقجي، لكنه قال إنه يتحمل المسؤولية في نهاية المطاف، على اعتبار أنه حدث وهو في موقع السلطة.

"قضية مغلقة"

ولفتت الصحيفة أن "السعودية اتخذت موقفا أكثر ليونة تجاه روسيا بعد الحرب على أوكرانيا"، فيما أكدت التصريحات الرسمية أن "ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يشارك في جهود دبلوماسية كبيرة"، والتي يرجح أن مالك نادي تشيلسي، الملياردير رومان أبراموفيتش شارك فيها أيضا.

ورفض المحلل السياسي السعودي، تركي القبلان، الاتهامات للمملكة بأنها تسعى لتحسين صورتها بعد قضية خاشقجي، مشيرا إلى أنها "قضية تم إغلاقها قضائيا، وهناك جناة تم محاكمتهم"، والتلويح بها بشكل متكرر من بعض الجهات في الدول الغربية لا يعبر إلا عن "ضعف سياسي" لهذه الجهات التي تريد مناكفة المملكة.

وأوضح في حديث لموقع "الحرة" أن السعودية تحركت من "منطلق واجبها الإنساني في المجتمع الدولي"، وما أتاح لها التدخل في هذه الوساطة "سياستها المتوازنة والتزامها بمسافة واحدة من جميع الدول" وهو ما جعل "موسكو تقبل بوساطتها".

وأعاد القبلان التذكير بتدخلات المملكة في وساطات بالعديد من الأزمات الدولية، ناهيك عن دورها في محاربة الإرهاب على الصعيد الدولي.

ونقل الأسرى المفرج عنهم، وبينهم أيضا كرواتي ومغربي وسويدي، إلى الرياض على متن طائرة سعودية، حيث كان مسؤولون في استقبالهم.

وقال مسؤولون إن من المتوقع أن يغادر المواطنان الأميركيان، ألكسندر دريك، (39 عاما)، وآندي هوين (27 عاما)، وكلاهما من ألاباما، الأراضي السعودية في غضون أيام.

"انتصار دبلوماسي"

ونقلت وكالة رويترز عن محللين قولهم إن السعودية "حققت انتصارا دبلوماسيا" من خلال الإفراج عن أجانب تم أسرهم في أوكرانيا، الأمر الذي يسلط الضوء على أهمية العلاقات الوثيقة لولي عهد السعودية مع روسيا بالنسبة لشركاء الرياض في الغرب الذين يسعون لعزل موسكو بسبب الحرب الدائرة هناك.

وقال أستاذ العلوم السياسية في معهد بيكر بجامعة رايس، كريستيان أولريشسن، للوكالة "إن روابط العمل بين السعودية وروسيا يبدو أنها كانت عنصرا حاسما في نجاح عملية الوساطة".

وأضاف أولريشسن "من خلال الانخراط في هذه الوساطة ونجاحها في تحقيق النتائج المرجوة، استطاع محمد بن سلمان تقديم نفسه على أنه قادر على لعب دور رجل الدولة النافذ على المستوى الإقليمي بطريقة تتعارض مع الرواية التي تصور ولي العهد باعتباره شخصا مندفعا وخطيرا".

وقال الكاتب، علي الشهابي، إن الوساطة السعودية في إطلاق سراح الأسرى "كانت الأولى"، مضيفا أن المملكة كانت ترسل رسائل إلى الغرب بأن علاقاتها مع روسيا يمكن أن تكون مفيدة لهم أيضا".

ومضى قائلا "هناك حاجة لأن تحافظ بعض الدول على علاقات مع كلا الجانبين".

وقالت، كريستين ديوان، الباحثة المقيمة البارزة في معهد دول الخليج العربية بواشنطن، لرويترز إن من غير المعتاد أن تطبق السعودية استراتيجية الوساطة الدبلوماسية، وهي دبلوماسية مترسخة في دول الخليج مثل قطر.

وأضافت ديوان "الموضوع يشبه الكيمياء.. الأمير يحول علاقاته مع روسيا التي كانت موضع انتقاد شديد إلى ذهب".

الإمارات والسعودية تشتريان ذخائر وصواريخ ودبابات أميركية . أرشيفية - تعبيرية
الإمارات والسعودية تشتريان ذخائر وصواريخ ودبابات أميركية . أرشيفية - تعبيرية

أعلنت وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" موافقة وزارة الخارجية على بيع أسلحة وذخائر للسعودية والإمارات بأكثر من 2.2 مليار دولار.

وفي بيانات صحفية منفصلة نشرها موقع وكالة التعاون الأمني والدفاعي، وافقت الخارجية على بيع صواريخ هيلفاير 2 بقيمة 655 مليون دولار، وذخيرة لأنظمة مدفعية ورشاشات ودبابات بقيمة تقدر بنحو 139 مليون دولار، وصواريخ وبرامج دعم بـ 252 مليون دولار إلى السعودية.

كما جرت الموافقة على بيع محتمل لذخائر إلى الإمارات مقابل 1.2 مليار دولار.

وفي التفاصيل تتضمن صفقة البيع للإمارات شراء 259 نظام إطلاق صواريخ متعددة موجهة (GMLRS)، و1554 وحدة صواريخ (M31A1)، و203 نظام للصواريخ التكتيكية للجيش (ATACMS).

وتتضمن الصفقة برامج تدريب وتطوير للبرمجيات وخدمات الدعم الهندسي واللوجيستي.

أما صفقات بيع الأسلحة للسعودية، فكانت على النحو التالي:

الموافقة على بيع محتمل لـ 220 صاروخا تكتيكيا من فئة (AIM-9X Block II Sidewinder Tactical Missiles)، بقيمة 252 مليون دولار، إذ ستتضمن برامج تدريب ومساعدة فنية ودعم لوجيستي.

والموافقة على بيع أنظمة مدفعية ورشاشات ودبابات ومعدات بتكلفة 139 مليون دولار، والتي تتضمن 10 آلاف ذخيرة من فئة (M456) حجم (105 ملم) المضادة للدبابات، إضافة إلى أنواع مختلفة من ذخيرة الدبابات ومدافع الهاوتزر والرشاشات والقنابل اليدوية.

والصفقة الثالثة تضمنت الموافقة المحتملة لبيع (2503) صاروخ من طراز (AGM-114R3 Hellfire II)، وبما يتضمن برامج الدعم الفني واللوجيستي.

وأشار البيان إلى أن الصفقات ستدعم أهداف السياسية الخارجية والأمن القومي للولايات المتحدة من خلال مساعدة أمن شركاء إقليميين مهمين، لتحقيق الاستقرار السياسي والتقدم الاقتصادي في الشرق الأوسط.

وستساهم في تحسين قدرة الإمارات والسعودية على مواجهة التهديدات الحالية والمستقبلية من خلال تحديث قواتها المسلحة.

وأكدت البيانات أن صفقات البيع المقترحة والدعم المرافق لها "لن تغير التوازن العسكري الأساسي في المنطقة".