سلطت الاتفاقيات الموقعة بين بكين والرياض خلال زيارة الرئيس الصيني إلى السعودية، الضوء على الاهتمام الذي يوليه البلدان لقطاع الطاقة، في حين تحدثت شبكة "سي.أن.أن" في تقرير عن إمكانية أن يستخدم الجانبان اليوان الصيني في التبادل التجاري، ما يثير تساؤلات حول تأثر هذه الخطوة، إذا تمت، على العلاقات بين الرياض وواشنطن.
والجمعة اختتم الزعيم الصيني، شي جين بينغ، زيارة للسعودية بدأها الأربعاء، حيث وقع شراكة استراتيجية شاملة مع أكبر مصدر للنفط في العالم والتقى بقادة من جميع أنحاء الشرق الأوسط.
وتعد الزيارة علامة على أن الصين ومنطقة الخليج تعمقان علاقاتهما الاقتصادية، في وقت تعكر فيه صفو العلاقات الأميركية السعودية بسبب قرار أوبك خفض إمدادات النفط الخام. وكما كتب شي في مقال نشر في وسائل الإعلام السعودية، فإن الرحلة كانت تهدف إلى تعزيز علاقات الصين مع العالم العربي.
اليوان الصيني
قالت "سي.أن.أن" إن اعتماد العملة الصينية سيكون جائزة كبرى للصين، وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنل" في مارس أن الرياض تدرس تسعير بعض عقودها النفطية باليوان بعد تداولها حصريا بالدولار لعقود، لكن رئيس شركة "أرامكو" وصف التقرير بأنه عبارة عن "تكهنات".
لكن ذلك مستبعد، بحسب المحلل السعودي، أحمد آل إبراهيم، الذي قال لموقع "الحرة" "لا يوجد أي نية لدى الرياض للدفع بالعملة الصينية".
وقالت الشبكة إن الرياض تجري محادثات مع بكين لتسعير بعض مبيعاتها النفطية إلى الصين بالعملة الصينية، اليوان، بدلا من الدولار الأميركي، وفقا لتقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنل. مثل هذه الصفقة يمكن أن تكون دفعة لطموحات بكين لتوسيع النفوذ العالمي للعملة الصينية.
وسيضر ذلك بالاتفاق طويل الأمد بين السعودية والولايات المتحدة الذي يتطلب من الرياض بيع نفطها مقابل الدولار الأميركي فقط والاحتفاظ باحتياطياتها جزئيا في سندات الخزانة الأميركية.
وفي حديث مع موقع "الحرة"، لفت الأستاذ في جامعة جورج واشنطن، تود بيلت، إلى أن اعتماد العملة الصينية "اليوان" أمر ممكن، وأن ربط "سعر النفط باليوان يزيد من ظهور الصين في عالم التمويل ويساعد على تقويض انتقادات الولايات المتحدة بأن الحكومة الصينية تدعم العملة بحيث لا تعكس قيمة تداولها قيمتها الحقيقية".
والنتيجة بحسب بيلت، منح الصين مزيد من المصداقية الدولية في مجال تفتقر إليه.
وعلى الرغم من أن بكين والرياض لم تؤكدا المعلومات بهذا الخصوص، قال محللون إن من المنطقي أن يستكشف الجانبان هذا الخيار، بحسب "سي.أن.أن".
وتشمل اتفاقية الشراكة التي وقعها الجانبان عددا من الصفقات ومذكرات التفاهم، مثل الطاقة الهيدروجينية وتعزيز التنسيق بين رؤية المملكة 2030 ومبادرة الحزام والطريق الصينية، وفقا لوكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس). ولم تقدم تفاصيل محددة.
ويرى بيلت في حديثه لموقع "الحرة" أن "الولايات المتحدة أقل اهتماما بقضية العملة من طموحات الصين العسكرية في الشرق الأوسط. وهذا تهديد أكبر بكثير لأمن الولايات المتحدة".
والصين هي أكبر شريك تجاري للسعودية ومصدر للاستثمار المتنامي، كما أنها أكبر مشتر للنفط في العالم.
أما المحلل السعودي، أحمد آل إبراهيم، فأشار في حديثه لموقع "الحرة" إلى أن الرياض تبحث عن مصالحها وتحافظ على مسافة موازية من جميع القوى.
ويقول آل إبراهيم "الصين تعتبر عميل مهم للسعودية ولا مانع في توسيع الميزان التجاري بين البلدين خاصة وأن الصين تهدف إلى رفع استثمارتها في السعودية بواقع 500 مليار دولار".
ويتهم آل إبراهيم "اليسار الأميركي" بمحاولة إظهار الرياض وكأنها تتخلى عن واشنطن، وهو غير صحيح، بحسب قوله.
زادت الولايات المتحدة بشكل كبير من إنتاج النفط والغاز المحلي منذ عام 2000، مع تسريع انتقالها إلى الطاقة النظيفة.
وأثار الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير أزمة طاقة عالمية تركت جميع البلدان تتسابق لدعم الإمدادات. وزاد الغرب من تدافع أسواق النفط من خلال فرض حظر وسقف للأسعار على ثاني أكبر مصدر للنفط الخام في العالم.