الرياض بارك
تشمل المشاريع المخطط لها مجمعا فاخرا يمتد على أكثر من 20 جزيرة في البحر الأحمر

تسعى المملكة العربية السعودية لجذب 100 مليون زائر سنويا بحلول نهاية العقد الجاري في إطار سعيها لتنويع مصادر اقتصادها، والتخلي تدريجيا عن النفط كمورد أساسي للبلاد.

وتستقبل السعودية بالفعل ملايين الأشخاص في إطار الحج الإسلامي في مكة والمدينة، بينما شهدت طفرة في السياحة الداخلية حتى خلال الوباء، لكن البلد لا يزال خارج قائمة الوجهات السياحية التقليدية، وفق تقرير لمجلة "فاينانشال تايمز".

مشاريع واعدة.. وأسئلة

على الرغم من طموحاتها، لا تزال هناك أسئلة حول ما إذا كانت "المملكة المحافظة" حيث يُحظر الكحول ويواجه الشركاء غير المتزوجين الملاحقة القضائية" يمكن أن تتنافس مع دبي أو مصر.

روبرت موجيلنيكي، خبير الاقتصاد السياسي والزميل بمعهد دول الخليج العربية في واشنطن قال للمجلة في الصدد: "طموحات السياحة السعودية كبيرة، لكن لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به".

وتزامنت حملة السياحة مع الإصلاحات الاجتماعية التي سمحت للمرأة بقيادة السيارة، وأدخلت فعاليات مختلطة الجنس مثل الحفلات الموسيقية، وكبحت دور الشرطة الدينية في البلاد.

وتشمل المشاريع المخطط لها مجمعا فاخرا يمتد على أكثر من 20 جزيرة في البحر الأحمر، مع إطلاق مبدئي في وقت لاحق من هذا العام. 

وتصف المملكة العربية السعودية أيضًا مشروع "نيوم" المخطط له بأنه "المشروع السياحي الأكثر طموحًا في العالم".

وفي العاصمة الرياض، تم بناء مشروع بوابة الدرعية، الذي تقول الحكومة أنه سيصبح "أحد أكبر أماكن التجمع في العالم".

يتم تمويل جزء كبير من العمل في مختلف المشاريع من قبل صندوق الاستثمارات العامة في المملكة البالغ قيمته 600 مليار دولار.

قال موجيلنيكي: "إن الطموحات السياحية مرتبطة بهذه المشاريع الكبيرة" ، مضيفًا أن تحويلها إلى واقع "سيكون أصعب مطب يمكن صعوده". 

وأضاف أنه من بين التحديات التي سيواجهها السعوديون: "هي جدوى المشاريع نفسها والبنية التحتية".

وقال وزير السياحة، أحمد الخطيب إن الهدف هو رفع مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي من 3 إلى 10 في المائة بحلول عام 2030، وأن توفر السياحة واحدة من كل 10 وظائف في البلاد. 

وقال لمجلة فاينانشال تايمز: "هذا يعني أننا بحاجة إلى خلق مليون وظيفة في 10 سنوات".

وكجزء من هذا الجهد، سيتم تقديم الحوافز لشركات الطيران بينما التأشيرات، التي كان من الصعب الحصول عليها سابقًا، ستكون متاحة إلكترونيًا للمواطنين من حوالي 50 دولة، بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. 

وتحضيرا لعدد الوافدين المتوقع، ستقوم وزارة السياحة بتدريب 100 ألف سعودي سنويًا للعمل في هذا القطاع، بعضهم في مدارس الطهي والضيافة، في الخارج.

وتغمر الإعلانات الخاصة بالمشاريع وسائل التواصل الاجتماعي، وقد دعت الدولة المؤثرين للترويج لها. 

ملف الحقوق.. العائق

جذب السياح لن يكون أمرا سهلا، وفق المجلة، حيث "تلطخت صورة المملكة العربية السعودية"، خاصة في الغرب، بسبب سمعتها بانتهاكات حقوق الإنسان، مع إعدام سجناء وإصدار أحكام طويلة بحق سعوديين ينتقدون السلطات. 

وذكرت منظمة "ريبريف" لحقوق الإنسان أن 147 شخصًا على الأقل أُعدموا في البلاد العام الماضي. 

وتم انتقاد بعض المؤثرين ولا سيما أولئك المعروفين على إنستغرام وعلى وسائل التواصل الاجتماعي عموما "لتجاهلهم لتلك المشاكل" ومساهمتهم في الترويج لمشاريع المملكة.

لذلك، تقول المجلة: "لا يتوهم المسؤولون السعوديون أنهم قادرون على منافسة دبي أو مصر في أي وقت قريب" إذ يأملون في أن تتمكن منتجعات البحر الأحمر في البداية من جذب السعوديين الذين يقضون عطلاتهم في الخارج في العادة والزوار من دول الخليج الأخرى إلى حين الولوج لعالم السياحة الدولية ومن ثم الشروع في المافسة الحقيقية.

سجلت المملكة العربية السعودية 67 مليون زائر، بما في ذلك السياح المحليون والحجاج والمعتمرين، في عام 2021 وفقًا للأرقام الرسمية. 

وكانت الكويت والهند ومصر وباكستان وقطر والبحرين أكثر البلدان التي يأتي منها السياح.

وأقر أحد مسؤولي السياحة أن الأمر سيستغرق بعض الوقت قبل أن يبدي السائحون الغربيون اهتمامهم.

وإحدى المشاكل التي تواجهها السلطات هي عدم وجود الكحول، بينما انتشرت الشائعات منذ سنوات بأن المنتجعات والمناطق الاقتصادية الخاصة ستسمح في يوم من الأيام بتناول الكحول، لكن الموضوع لا يزال مثيرًا للجدل إلى حد كبير في السعودية.

"ويقر مسؤولون سرا" بأن ذلك سيحدث في نهاية المطاف" تقول فاينانشال تايمز، "تمامًا كما غضت السلطات الطرف عن شرب الكحول في مجمعات مغلقة يسكنها الغربيون"

مذيعة رياضية في منصة "دازون" للبث الرياضي - تعبيرية
مذيعة رياضية في منصة "دازون" للبث الرياضي - تعبيرية

قال مصدران مطلعان لوكالة رويترز إن صندوق الاستثمارات العامة السعودي من بين مقدمي عروض محتملين يدرسون شراء حصة أقلية بنحو مليار دولار في منصة "دازون" لبث الفعاليات الرياضية، المدعومة من الملياردير لين بلافاتنيك.

وستمنح الصفقة في حال نجاحها نفوذا أكبر للصندوق في مجال كرة القدم الأوروبية، خاصة في ظل امتلاك "دازون" شراكة بث دوريات الدرجة الأولى في إيطاليا وإسبانيا وألمانيا وفرنسا.

وصندوق الاستثمارات العامة الذي يرأسه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، جزء من تحالف يملك نادي "نيوكاسل يونايتد" المنافس في الدوري الإنكليزي الممتاز، بالإضافة إلى أندية أخرى في الدوري السعودي للمحترفين، منها نادي "النصر" الذي يضم في صفوفه البرتغالي كريستيانو رونالدو.

وقال المصدران اللذان طلبا عدم نشر اسميهما إن الصندوق يدرس استثمار نحو مليار دولار مقابل شراء حصة تبلغ 10 بالمئة تقريبا في "دازون"، ومقرها لندن.

وأضاف أحدهما أن المباحثات بين الصندوق و"دازون" تجرى منذ أواخر العام الماضي لكنها لم تحرز تقدما، لافتاً إلى أن إتمام الصفقة غير مؤكد.

وقال مصدر ثالث مطلع إن "دازون" تجري محادثات مع 3 صناديق استثمارية على الأقل منذ أشهر بشأن العديد من الشراكات الإستراتيجية، وإنها تسعى أيضا لتحديد قيمتها الإجمالية بين 10 و12 مليار دولار في أي اتفاق محتمل.

في الوقت نفسه، أحجم ممثلون للصندوق و"دازون" عن التعليق لرويترز.

وتتيح "دازون" التي تنافس قنوات التلفزيون والقمر الصناعي التقليدية، من خلال منصتها للبث عبر الإنترنت مجموعة متنوعة من المحتويات الرياضية، بما في ذلك كرة القدم الأميركية والملاكمة والبيسبول.

وستكون أول منصة بث من نوعها تجذب استثمارات محتملة من صندوق الاستثمارات العامة الذي يضخ المليارات منذ سنوات قليلة ماضية في رياضات أخرى تحظى بنسب مشاهدة مرتفعة، مثل بطولة العالم لسباقات "فورمولا 1" للسيارات والغولف.

وحصلت "دازون" في سبتمبر الماضي على حقوق بطولة استعراضية جديدة للتنس ينافس فيها نوفاك ديوكوفيتش ورافائيل نادال في الرياض، في وقت لاحق هذا الشهر.

وذكر الموقع الإلكتروني للمنصة أنها تبث أيضا الدوري السعودي للمحترفين في مناطق عدة، وسلسلة مباريات الملاكمة في موسم الرياض.

وأظهرت أحدث نتائج لـ"دازون" أن إيراداتها قفزت 41 بالمئة إلى 2.1 مليار دولار في 2022، وسط زيادة أسعار الاشتراكات والحصول على حقوق بث دوري الدرجة الأولى في ألمانيا وإيطاليا على منصتها.

لكنها أيضاً سجلت خسائر تشغيلية تساوي 1.06 مليار دولار بسبب تزايد تكاليف الحقوق.

وأفادت وكالة بلومبيرغ بأن "دازون" أجرت محادثات مع مستشارين في ديسمبر 2023 لجمع ما يصل إلى مليار دولار، من أجل تعزيز محفظتها لحقوق البث.