للمرة الأولى منذ نحو 68 عاما، بات نادي نيوكاسل يونايتد على بعد خطوة واحدة فقط من تحقيق لقب كبير بعد تأهله للمباراة النهائية لكأس الرابطة، وهي خطوة لم تكن تخطر على بال أي من مشجعيه المتفائلين قبل الاستحواذ السعودي على النادي، وفقا لمراقبين.
وحجز نيوكاسل، الثلاثاء، مكانه في نهائي البطولة عندما فاز 2-1 على ضيفه ساوثمبتون ليصل إلى نهائي كأس رابطة الأندية الإنكليزية المحترفة بتفوقه 3-1 في النتيجة الإجمالية، ليواجه بذلك مانشستر يونايتد في النهائي الذي سيقام على ملعب ويمبلي الشهير في 26 فبراير الجاري.
تعد هذه المرة الأولى التي يصعد فيها نيوكاسل، الذي يعرف بالعملاق النائم نظرا لتاريخه العريق، إلى مباراة نهائية منذ خسارته 2-صفر أمام مانشستر يونايتد في كأس الاتحاد الإنكليزي في 1999.
كما أنها المرة الثانية التي يبلغ فيها نهائي كأس الرابطة إذ سبق أن خسر أمام مانشستر سيتي في 1976، حيث يأمل الفريق في حصد لقبه الأول منذ حصوله على كأس الاتحاد الإنكليزي في 1955.
مع بداية الموسم الماضي كان نيوكاسل يصارع من أجل الهبوط لدوري الدرجة الأولى، لكن بمجرد إعلان بيعه لكونسورتيوم مدعوم من السعودية برئاسة صندوق الثروة السيادي، في أكتوبر 2021، تصاعدت وتيرة نتائج الفريق وبات يحتل حاليا المركز الثالث خلف أرسنال المتصدر ومانشستر سيتي وقد ينتهي أيضا بالتأهل إلى دوري أبطال أوروبا.
بعد أسابيع قليلة من عملية الاستحواذ تعاقد النادي مع المدرب إدي هاو، الذي نجح في انتشال الفريق وتجنب الهبوط، قبل أن يبدأ الموسم الحالي بقوة وينافس على اللقب.
يقول الصحافي الرياضي يوسف فعل إن "نيوكاسل مر بفترة عصيبة في الموسم الماضي، لكن بعد تغيير ملاك النادي تحسنت صورة الفريق بشكل كبير وخاصة بعد استقدام المدرب إيدي هاو".
ويضيف فعل لموقع "الحرة" أن المدرب نجح في استقطاب لاعبين مميزين قادرين على التنافس في دوري صعب وقوي مثل الدوري الإنكليزي".
يرى فعل أن "الفضل الأبرز" في تحسن موقع نيوكاسل يعود للمدرب وتعاقداته مع لاعبين قادرين على تنفيذ أفكاره وأسلوبه التكتيكي.
كذلك يشير إلى أن "كل ذلك تعزز من خلال دعم مالي ملحوظ من قبل الإدارة، ساهم في جعل الفريق منافسا شرسا لفرق المقدمة التقليدية".
بالإضافة لذلك لا يغفل الصحافي يوسف فعل دور جماهير نيوكاسل "المتحمسة" وقفت لجانب الفريق وساعدته في تحقيق نتائج إيجابية، "بعد فترة شهدت حالة من اليأس الجماهيري" خلال السنوات الأخيرة.
يمتلك صندوق الاستثمار العام السعودي حصة 80 في نيوكاسل، بعد أن اشتراه من مالكه السابق مايك آشلي مقابل 300 مليون جنيه إسترليني.
استثمر المالكون الجدد ما قيمته 256 مليون دولار لإجراء تعاقدات "ذكية" مع لاعبين من أمثال الظهير الأيمن كيران تريبييه ولاعب الوسط البرازيلي برونو غيمارايش والهولندي سفين بوتمان والحارس نيك بوب والمهاجم السويدي ألكسندر إيزاك.
يرى الصحافي في مؤسسة "بي إن سبورت" علي رياح أن "النجاحات المتتالية والصعود المميز لفريق نيوكاسل هذا الموسم، ليس على مستوى الدوري فقط وإنما في المسابقات المحلية الأخرى في إنكلترا يعود بالأساس للنقلة النوعية وأيضا المالية التي تمت من خلال رعاية النادي وتطويره".
يقول رياح في حديث لموقع "الحرة" إننا يجب أن "لا ننسى أن الفريق في الموسم الماضي أنهى الدوري وهو في المركز الـ11، لكنه اليوم ثالثا بعد الأرسنال ومانشستر سيتي".
ويتابع رياح أن "هذا الخط البياني المتصاعد يعود بالمقام الأول للاستحواذ عليه من قبل صندوق الاستثمارات العامة السعودي" وهي تجربة ربما ستكون "مشابه لما حصل مع مانشستر سيتي" المملوك لرعاة إماراتيين وحقق نجاحات متتالية خلال السنوات الماضية.
ويبين رياح أن "هذا التنافس سيحفز الأندية الأخرى ويعزز المناخ الكروي سواء في إنكلترا أو دول أخرى على أن تتطور وتصبح بوضع أفضل على الأقل بالنسبة للدوريات المحلية".
وفي وقت تتصاعد بعض الأصوات المطالبة بالوقوف بوجه الجهات المرتبطة بدول، وخاصة النفطية منها، الساعية للاستحواذ على أندية كرة قدم عالمية يرى آخرون أن الأمر "مبرر" ويصب في صالح تطوير اللعبة.
يعتقد رياح أن "كرة القدم أصبحت اليوم أقرب للاستثمار"، مبينا أن "الأمر مبرر ويتيح مجال للتطور وللمنافسة وتحسين مستوى كرة القدم وخلق أجواء أخرى للمنافسة الأندية الغنية المعروفة".
ويضيف أن "كرة القدم باتت اليوم مجال استثماري مفتوح للجميع، لكن وفق شروط وحدود وقوانين موضوعة من قبل الاتحادات المحلية والقارية تضمن قواعد اللعب النظيف".
ويتابع أن "هذه القواعد الصارمة ستحفز وتفتح الباب لمزيد من الاستثمارات لكن مع ضرورة عدم المساس بهوية النادي".
يتفق الصحافي يوسف فعل مع هذا الطرح ويشير إلى أنه "لا يمكن للمال وحده أن يحقق لك البطولات.. تحتاج إلى تخطيط وإدارة ناجحة وقاعدة جماهيرية وكادر تدريبي متمكن ولاعبين جيدين".
في مقال منشور على مجلة "فوربس" هذا الشهر، أكد الصحافي الرياضي جيمس نالتون أن "الإصلاح الشامل الذي حصل لنيوكاسل وعمليات الإنفاق تعد أحد أهم أسباب تطور الفريق"، لكنه استدرك بالقول إن "الإنفاق وحده لا يضمن النجاح".
وأشار نالتون أن البيانات تؤكد أن هناك عدة فرق إنكليزية أنفقت أكثر من نيوكاسل بأضعاف خلال السنوات الثلاث الماضية، أمثال إيفرتون وأستون فيلا ووست هام وتشيلسي ومانشستر يونايتد وليدز يونايتد، لكنها لم تحقق نجاحا لافتا بفترة قصيرة كالذي حققه نيوكاسل.
وتابع نالتون أن "سرعة تقدم نيوكاسل ليصبح من بين الفرق الأربعة في المقدمة، ووصوله إلى المباراة النهائية من كأس الرابطة، تثير التساؤلات بشأن المدة التي سيستغرقها قبل أن يفوز باللقب".
ويتوقع نالتون أن يتحول نيوكاسل لمنافس منتظم على صدارة الدوري خلال السنوات القليلة المقبلة جنبا إلى جنب الفرق الإنكليزية الكبيرة الأخرى، من أمثال مانشستر يونايتد وليفربول وأرسنال وتشيلي وتوتنهام ومانشستر سيتي.
وشهدت فترة منتصف تسعينيات القرن الماضي ظهور حقبة لامعة لنادي نيوكاسل بقياده المهاجم الإنكليزي ألين شيرار، بعد أن نال وصافة الدوري عامي 1996 و1997.
وما زال انهيار الفريق في موسم 1995-1996 عالقا في الأذهان حين أهدر رجال المدرب الشهير كيفن كيغان تقدمهم بفارق 12 نقطة وخسروا معركة اللقب في النهاية أمام مانشستر يونايتد.