كبار قادة البلدين ابتعدا عن المشاركة في الأحداث التي استضافاها مؤخرا بشكل مقصود
كبار قادة البلدين ابتعدا عن المشاركة في الأحداث التي استضافاها مؤخرا بشكل مقصود

كشفت تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال"، الجمعة، عن تصاعد حدة الخلافات بين الإمارات والسعودية بشأن عدة ملفات، أبرزها اليمن والنفط وغيرها، وهو أمر قلل من شأنه مراقبون من كلا البلدين واعتبروه مجرد "اختلاف" في وجهات النظر.

تقول الصحيفة إن كبار قادة البلدين ابتعدا عن المشاركة في الأحداث التي استضافاها مؤخرا بشكل مقصود، وفقا لمسؤولين خليجيين.

واستشهدت بذلك بما شهدته قمة لقادة الشرق الأوسط عقدت في أبوظبي في يناير الماضي وغاب عنها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان رغم حضور حكام الأردن ومصر وقطر وغيرهم فيها.

وتضيف أنه قبل ذلك بنحو شهر لم يحضر كبار قادة الإمارات العربية المتحدة قمة صينية عربية رفيعة المستوى عقدت في الرياض.

تشير الصحيفة إلى أن هذا "التجاهل" المتبادل كشفت عن تصاعد حدة الخلافات بين البلدين الجارين الحليفين للولايات المتحدة واللذان سارا على مدى سنوات بخطى متقاربة بشأن السياسة الخارجية للشرق الأوسط.

وعلى الرغم من أن السعودية والإمارات لا تزالان حليفتان بشكل رسمي، إلا أنهما تباعدتا على عدة جبهات، حيث تنافستا على الاستثمار الأجنبي والنفوذ في أسواق النفط العالمية واصطدمتا في تحديد اتجاهات حرب اليمن، وفقا للصحيفة.

وتتابع أن "الخلافات اندلعت في البداية خلف أبواب مغلقة، لكنها بدأت تتسرب بشكل متزايد إلى العلن، مما يهدد بإعادة ترتيب التحالفات في الخليج، في وقت تحاول إيران ممارسة المزيد من النفوذ عبر المنطقة وأدت الحرب الروسية في أوكرانيا إلى ارتفاع أسعار النفط الخام وما تلاها من خلافات داخل منظمة أوبك".

تكشف الصحيفة أن مستشار الأمن القومي الإماراتي الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان زار السعودية عدة مرات لمقابلة ولي عهدها، لكن مع ذلك فشلت هذه المحاولات في تخفيف التوترات، بحسب مصادر مطلعة.

وتنقل الصحيفة عن أشخاص مطلعين القول إن الشيخ طحنون لم يتمكن في واحدة من هذه الزيارات على الأقل والتي جرت بعد قمة أبوظبي، من تأمين لقاء مع ولي العهد السعودي.

اليمن

تؤكد الصحيفة أن الخلاف الأكثر حدة بين البلدين كان يتعلق باليمن.

وتنقل عن مسؤولين خليجيين القول إن الإمارات سحبت معظم قواتها البرية من اليمن في عام 2019، لكنها ما زالت تخشى تهميشها من المناقشات حول مستقبل هذا البلد في الوقت الذي تواصل السعودية محادثات مباشرة مع المتمردين الحوثيين بشأن إنهاء الحرب. 

وأضاف المسؤولون أن الإمارات ترغب بالحفاظ على موطئ قدم استراتيجي لها على الساحل الجنوبي لليمن وضمان وجود قوة في البحر الأحمر لتأمين الطرق البحرية من موانئها إلى بقية العالم.

في ديسمبر الماضي، وقعت الإمارات اتفاقية أمنية مع الحكومة اليمنية المدعومة من الرياض تسمح للقوات الإماراتية بالتدخل في حالة وجود تهديد وشيك وكذلك تدريب القوات اليمنية في الإمارات وتعميق التعاون الاستخباراتي بين الجانبين، وفقا للصحيفة.

وتسعى الإمارات أيضا لبناء قاعدة عسكرية ومدرج على جزيرة في مضيق باب المندب في الطرف الجنوبي للبحر الأحمر، بحسب مسؤولين خليجيين.

وأضاف المسؤولون الخليجيون أن مسؤولين سعوديين اعترضوا سرا على الاتفاقية الأمنية وخطط بناء القاعدة، واعتبروا أن الإماراتيين يعملون ضد أهداف الرياض الرئيسية المتمثلة في تأمين حدود المملكة مع اليمن ووقف هجمات الطائرات المسيرة والصواريخ التي يشنها الحوثيون.

وردا على ذلك، نشر السعوديون قوات سودانية من التحالف العسكري العربي في مناطق قريبة من العمليات الإماراتية، وهو ما اعتبره المسؤولون الإماراتيون تكتيكا للترهيب، على حد قول مسؤولين خليجيين.

أوبك 

تواصل الصحيفة القول إنه في ديسمبر، عندما لم يحضر الشيخ محمد بن زايد قمة الصين في الرياض، قال المسؤولون السعوديون إنهم فسروا ذلك على أنه علامة على استياء الإماراتيين من المنافسة المتزايدة في اليمن. 

وبالإضافة لليمن، حصلت جدالات بين البلدين، وهما اثنان من أكبر منتجي النفط في العالم، خلف أبواب مغلقة بشأن قضايا الطاقة.

داخل منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) التي تقودها السعودية، كانت الإمارات ملزمة بضخ كميات أقل بكثير من طاقتها، مما يضر بعائداتها النفطية. 

وقال مندوبو أوبك إن الإمارات كانت تدفع منذ فترة طويلة باتجاه ضخ المزيد من النفط، لكن السعوديين رفضوا ذلك.

وتنقل الصحيفة عن مسؤولين إماراتيين القول إن بلادهم تجري حاليا نقاشا داخليا بشأن مغادرة أوبك، وهو قرار من شأنه أن يهز المنظمة ويقوض قوتها في أسواق النفط العالمية.

تصاعد تدريجي للخلافات

وقال مسؤولون إماراتيون إن الخلاف مع الرياض بدأ بعد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي عام 2018 على يد عملاء للحكومة السعودية، الأمر الذي جعل الإماراتيين يعيدون النظر في مدى قربهم من الرياض.

وفي عام 2019، شعر السعوديون بالتخلي عنهم في اليمن عندما بدأت أبوظبي في سحب قواتها، وبعدها زادت الخلافات على خلفية عقد الإمارات صفقة لتطبيع العلاقات مع إسرائيل.

وذكر مسؤولون ودبلوماسيون سابقون أن المصالحة السريعة بين الرياض والدوحة بعد ذلك أزعجت أبوظبي، التي دفعت في الأصل لعزل قطر وأرادت مواصلة الحصار. 

كذلك تلفت الصحيفة إلى أن السعوديين عمدوا لتشجيع الشركات الأجنبية على نقل مقراتها الإقليمية إلى المملكة، متحدية بذلك مكانة دبي، المدينة الإماراتية التي تعد مركز الأعمال الدولي في الشرق الأوسط.

وفي الشهر الماضي، تقول الصحيفة إن الإمارات رتبت مكالمة هاتفية بين قادة قطر والبحرين، بعد سنوات من الفتور في العلاقات.

وتتابع أن الإمارات تحاول لعب دور الوسيط الإقليمي، الذي كان محجوزا في السابق للمملكة العربية السعودية.

وتقول كبيرة مستشاري الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية دينا إسفندياري إنه "حتى سنوات قليلة ماضية، لم يُسمع عن هذا النوع من الانقسام بين الأشقاء والسعي الصريح لتحقيق أهداف تتعارض مع ما يسعى إليه بعضهم البعض"، مضيفة أن الأمر أصبح حاليا "طبيعيا بشكل متزايد."

وأضافت إسفندياري أن الإماراتيين قلقون من أن السعودية تعمل ضد مصالحهم، فيما السعوديون قلقون من الإمارات باتت تشكل تهديدا لهيمنة الرياض في الخليج.

وامتنع مسؤولون إماراتيون عن التعليق. ولم يرد المسؤولون السعوديون على طلبات التعليق.

"اختلافات وليست خلافات"

وفي تغريدة نشرها في فبراير الماضي، أعاد المستشار الدبلوماسي للرئيس الإماراتي أنور قرقاش التأكيد على وحدة الإمارات مع المملكة العربية السعودية وقال إن التقارير حول التحولات في التحالفات الخليجية خاطئة وتخلق انقسامات في وقت تحتاج فيه المنطقة إلى التضامن.

وفي هذا الإطار ينفي الأكاديمي والمحلل السياسي الإماراتي علي الشعيبي وجود خلافات "جوهرية" بين السعودية والإمارات.

ويقول الشعيبي لموقع "الحرة" إن ما يجري "هي مجموعة من التراكمات التي حدثت نتيجة لاختلافات في وجهات النظر فيما يتعلق بالكثير من الملفات المعقدة في المنطقة".

ويضيف أن "هناك رؤى سياسية مختلفة، ربما ينظر لها الأشقاء في السعودية والقيادة السياسية في الإمارات من منظور مختلف".

ويرى الشعيبي أن الأمور بين الرياض وأبوظبي "لم تصل لمرحلة الخلافات الحادة التي قد تؤدي للقطيعة"، مضيفا أنه "ضمن السياقات الدولية والصراع الدولي ربما تبرز على السطح الكثير من الشوائب التي يمكن أن تنتهي في وقت ما".

ولا ينفي الشعيبي وجود تباين في رؤية كلا البلدين في العديد من الملفات وقال إن "هناك حقائق على الأرض تؤكد أن الكثير من الملفات العالقة تحتاج الى مقاربات ومعالجات مختلفة".

بدوره يتفق المحلل السياسي السعودي مبارك آل عاتي مع الشعيبي وييقول إن "واقع الحال يؤكد أن العلاقات السعودية الإماراتية في أفضل حالاتها".

ويضيف آل عاتي في حديث لموقع "الحرة" أنه "قد يحصل تباين في وجهات النظر بين البلدين في بعض الملفات وهو أمر طبيعي، لكن تبقى هناك خطوط مرعية لمصالح البلدين والمنطقة".

ويتابع أن "التنسيق العالي المستدام بين الإمارات والسعودية مستمر ومكّن من خلق جبهة خليجية موحدة تجاه المواقف السياسية في المنطقة والعالم".

وينفي المحلل السعودي وجود "خلاف عميق بين البلدين"، مبينا أن "الحالة بينهما يمكن وصفها بأنها حالة تنافس اقتصادي تصب في مصلحة شعوب المنطقة".

ويعول آل عاتي على ما وصفه "النضج السياسي في الرياض وأبوظبي من أجل احتواء أي تباين أو اختلافات في وجهات النظر، من أجل ضمان عدم تحولها لخلاف أو نزاع أو صراع في المستقبل".
 

تم القبض على أنس الرويلي في الرياض
تم القبض على أنس الرويلي في الرياض | Source: X

عبر نشطاء سعوديون عن إدانتهم لاعتقال السلطات السعودية شخصا نشر صورا على مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن نفسه وتوجهه الجنسي دون "أذية أحد".

وأعلنت السلطات السعودية توقيف مواطن بتهمة نشر محتوى خادش للحياء، وهو الأمر الذي قوبل باستنكار حقوقي من ناشطين بمجال حقوق مجتمع الميم عين.

وقالت إدارة التحريات والبحث الجنائي بشرطة منطقة الرياض، الأحد، إنه تم إلقاء القبض على مواطن نشر محتوى ذات دلالات جنسية وخادشة للحياء وسلوكيات منافية للآداب العامة على مواقع التواصل الاجتماعي.

في المقابل، قال المتحدث باسم منظمة ألوان المعنية بحقوق مجتمع الميم عين في الخليج، طارق بن عزيز، إن الشخص المعتقل هو "شاب صغير" ويدعى أنس الرويلي.

وأوضح أنه تم اعتقاله "لمجرد أنه كان يعبر عن نفسه بحرية دون أن يؤذي أحدا، رغم أنه لم يعلن نفسه رسميا وعلنا كواحد من أفراد مجتمع الميم عين".

وأضاف "اختلافه الجندري تم تهويله وتصويره على أنه دلالات جنسية وخدش للحياء ومخالفة لسلوكيات الآداب العامة"، وتابع "أنس مسالم جدا محب للحياة ولوطنه السعودية".

وتابع "سوف يتعرض لمواقف سيئة في السجن قد تؤثر على بقية حياته ويحتك بشخصيات كارثية أخلاقيا فقط لأنه مختلف".

وأشار إلى أن "القوانين في السعودية لا تحمي حرية التعبير ولا حقوق المختلفين ولا حرياتهم الفردية، ما يزال الاضطهاد والتمييز وتغذية الكراهية ضد المثليين والترانس يتم برعاية أجهزة الدولة".

بدوره، قال الناشط السعودي، المقيم في بريطانيا، عبد الرحمن، لموقع "الحرة": "لا بد من فرض عقوبات على المملكة التي تسن قوانين وتصدر قرارات تعزز التمييز والكراهية ضد أفراد مجتمع الميم العين".

وأضاف "‏هؤلاء السعوديين مسالمين لا يهددون أمن المملكة ولا يرتكبون أي جريمة تستحق السجن"، على حد تعبيره.

في المقابل، حاول موقع "الحرة" الحصول على تعليق من مكتب التواصل الحكومي، إلا أنه لم يستحصل على رد حتى تاريخ نشر هذا الخبر. 

وعن مصير توقيفه، أشار بن عزيز إلى أن الموقوف ليس لديه محام حتى الآن، والنيابة سوف تحدد لائحة الاتهام ولكنها عادة لن تكون بعيدة عن أسباب إلقاء القبض (...) وحسب اعتقادي سوف تكون محاكمته تحت نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية وفق الفقرة الأولى من المادة السادسة".

العقوبات

ووفقا للمادة السادسة من نظام مكافحة جرائم المعلوماتية، يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تزيد على ثلاثة ملايين ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل شخص يرتكب أيا من الجرائم المعلوماتية الآتية:

إنتاج ما من شأنه المساس بالنظام العام، أو القيم الدينية، أو الآداب العامة، أو حرمة الحياة الخاصة، أو إعداده ، أو إرساله، أو تخزينه عن طريق الشبكة المعلوماتية، أو أحد أجهزة الحاسب الآلي.

إنشاء موقع على الشبكة المعلوماتية، أو أحد أجهزة الحاسب الآلي أو نشره، للاتجار في الجنس البشري، أو تسهيل التعامل به.

إنشاء المواد والبيانات المتعلقة بالشبكات الإباحية، أو أنشطة الميسر المخلة بالآداب العامة أو نشرها أو ترويجها.

وليس لدى السعودية قوانين مكتوبة تتعلق بالتوجه الجنسي أو الهوية الجنسية، لكن القضاة يستخدمون مبادئ الشريعة الإسلامية غير المدونة لمعاقبة الأشخاص المشتبه في ارتكابهم علاقات جنسية خارج إطار الزواج، بما في ذلك الزنا، أو ممارسة الجنس خارج نطاق الزواج أو ممارسة الجنس المثلي، أو غيرها من الأفعال "غير الأخلاقية".

كما يستخدم القضاة والمدعون العامون أحكاما غامضة في قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية في البلاد، والتي تجرم النشاط عبر الإنترنت الذي يمس "النظام العام والقيم الدينية والأخلاق العامة والخصوصية" لأي نشاط داعم لمجتمع الميم  عين عبر الإنترنت، بحسب تقرير لموقع "أوت" المهتم بقضايا مجتمع الميم عين.

وعبرت منظمة ألوان في بيان عن إدانتها لاعتقال أنس ولـ"الاستمرار باعتقال المختلفين جنسانيا وأفراد الميم عين في السعودية" ودعت "الحكومة للإفراج عن هؤلاء الأبرياء".

وتشهد السعودية بقيادة ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للبلاد، انفتاحا اجتماعيا بعد عقود من الإغلاق والقيود المشددة، فأعيد افتتاح دور السينما، وباتت الحفلات الغنائية مسموحة، ووُضع حد لحظر الاختلاط بين الرجال والنساء.

لكن هذا الانفتاح لم يطل الأقليات الجنسية التي لا تزال تعجز عن التعبير عن هوياتها الجنسية علانية، بحسب وكالة فرانس برس.