السعودية
رحبت سلطات كرة القدم بالدولتين المضيفتين لمونديال السيدات بأنباء إلغاء رعاية السعودية للبطولة

قال رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، جياني إنفانتينو، إن "فيفا" ألغى خططا لرعاية هيئة السياحة السعودية "فيزيت سعودي" لكأس العالم للسيدات 2023.

وكان اقتراح رعاية السعودية لهذه التظاهرة الرياضية أثار ردود فعل عنيفة من نجمات كرة ومشجعين بارزين، ومنظمات رياضية في أستراليا ونيوزيلندا، اللتين تستضيفان البطولة. 

وقالت نجمة كرة القدم الأميركية، ميغان رابينو، إنه من غير المناسب لمسابقة تعد النساء المثليات ومزدوجات الميل الجنسي من بين كبار نجومها، أن ترعاها حكومة تحظر مجتمع الميم، وذوي الميول الجنسية المثلية، وتحد من حقوق المرأة و يعامل بها المعارضون بقسوة.

وقال إنفانتينو في مؤتمر صحفي خلال اجتماع للفيفا في رواندا، الخميس، إن صفقة مع وكالة "فيزيت سعودي" قد نوقشت لكنها لم تتحول إلى عقد رعاية. 

لكنه لم يُرجع عدول هيئته عن التعامل مع " Visit Saudi" إلى مخاوف مرتبطة بالحقوق، وقال بدلا من ذلك، إنه سيظل يسعى إلى عقد صفقات تجارية مستقبلية مع الرياض.

وقال "يتكون فيفا من 211 دولة" مضيفا إنه "لا يوجد شيء سيئ" بشأن رعاية أعضاء مثل المملكة العربية السعودية أو الصين أو الولايات المتحدة الأميركية أو البرازيل أو الهند.

ورحبت سلطات كرة القدم بالدولتين المضيفتين لمونديال السيدات بأنباء إلغاء رعاية السعودية للبطولة التي تستمر من 20 يوليو إلى 20 أغسطس المقبل.

وقال الرئيس التنفيذي لاتحاد الكرة الأسترالي، جيمس جونسون،  إن "المساواة والتنوع والشمول هي التزامات عميقة لـ بلاده" ثم تابع "سنواصل العمل الجاد مع فيفا لضمان إنجاح كأس العالم للسيدات في ضوء ذلك".

ولم يرد "فيفا" و لا وكالة "فيزيت سعودي"، الجمعة، على طلبات التعليق التي أرسلتها صحيفة واشنطن بوست التي نشرت الخبر.

الصحيفة الأميركية قالت إن الجدل الذي رافق إعلان إمكانية رعاية السعودية لكأس العالم للسيدات، هو أحدث مثال على اهتمام عالم الكرة بملف حقوق الإنسان حول العالم. 

وسبق وأن تعرض "فيفا" لانتقادات شديدة لمنح قطر حقوق استضافة كأس العالم للرجال العام الماضي على الرغم من ظروف العمل السيئة للعمال المهاجرين في البلاد. 

كما مُنع المشجعون من ارتداء ملابس ذات طابع يوحي لمجتمع الميم في البطولة. 

وقالت جوستين نولان، مديرة المعهد الأسترالي لحقوق الإنسان بجامعة نيو ساوث ويل، إن صفقة "فيزيت سعودي" المقترحة كانت جزءا من اتجاه أوسع يتمثل في "الغسيل الرياضي"، ودليلا على استخدام بعض الحكومات والشركات للرعاية الرياضية لإصلاح صورتها العامة.

ترامب وبن سلمان أثناء حضورهما قمة مجلس التعاون الخليجي في الرياض، 14 مايو 2025. رويترز
ترامب وبن سلمان أثناء حضورهما قمة مجلس التعاون الخليجي في الرياض، 14 مايو 2025. رويترز

قبل أربعة أعوام، وجد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان صعوبة في عقد لقاء مع الرئيس الأميركي آنذاك جو بايدن، الذي قال إنه يريد أن يجعل المملكة منبوذة بعد أن أشارت تقارير إلى أن حاكمها الفعلي أمر بقتل صحفي مقيم في واشنطن.

ولكن الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب أغدق المديح أمس الثلاثاء على الأمير محمد الحاكم الفعلي للسعودية، واصفا إياه بأنه "رجل رائع" و"رجل عظيم"، دون أي إشارة إلى مخاوف متعلقة بحقوق الإنسان في المملكة.

ووسط وميض الكاميرات وتصفيق الحضور في قمة استثمارية في الرياض، حيث بدأ الرئيس الأميركي أول جولة خارجية كبيرة في ولايته الثانية، قال ترامب بحماسة عن الأمير محمد "أنا معجب به كثيرا. أحبه كثيرا".

وإظهار المودة لقائد له تاريخ مثير للجدل يماثل ما كان يفعله ترامب في ولايته الأولى، عندما أقام تحالفا مع الأمير محمد ازداد قوة عبر سنوات من الإطراء المتبادل وعقد الصفقات.

ولا تزال العلاقات راسخة في ما يتعلق بالمصالح المشتركة، إذ يسعى ترامب إلى تحقيق مكاسب اقتصادية كبيرة وإحياء دور الولايات المتحدة في المنطقة، في حين يسعى ولي العهد السعودي إلى كسب تكنولوجيا متقدمة ودعم عسكري وحليف قوي في إطار سعيه لتحديث المملكة وتأكيد ريادتها الإقليمية.

وخلال القمة، وافقت واشنطن على اتفاقية دفاعية بقيمة 142 مليار دولار وتعهدت السعودية بحزمة استثمارات هائلة بقيمة 600 مليار دولار تشمل الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية والطاقة.

وأثارت علاقات ترامب مع ولي العهد السعودي انتقادات من أعضاء بالكونغرس الأميركي ومنظمات لحقوق الإنسان ومحللين معنيين بالسياسة الخارجية لما اعتبروه تفضيل المصالح الاقتصادية على حقوق الإنسان.

وفي حين نفى ولي العهد أي ضلوع له في مقتل الصحفي جمال خاشقجي وأشار إلى إصلاحات مثل تعزيز حقوق المرأة باعتبارها دليلا على التقدم، قال محللون إن هذه التغييرات تقوضها إجراءات صارمة مستمرة ضد المعارضة والحريات السياسية.

ويرتبط ترامب بعلاقات أفضل كثيرا مع الأمير محمد مقارنة بعلاقة سلفه في البيت الأبيض مع ولي العهد السعودي. ومع ذلك، تحول تعامل بايدن مع الأمير محمد إلى علاقات ودية عملية بعد الانتقادات القاسية في البداية.

بايدن اختار إعادة ضبط العلاقات

في عام 2019، توعد الرئيس الديمقراطي بايدن بجعل السعودية "منبوذة" على الساحة العالمية بسبب مقتل خاشقجي وسجلها في مجال حقوق الإنسان.

إلا أن الوقائع الجيوسياسية مثل الارتفاع الهائل في أسعار النفط، ومن أسبابه غزو روسيا لأوكرانيا عام 2022، أبرزت الحاجة إلى التعاون بين واشنطن والرياض.

ودفع ذلك بايدن إلى اتخاذ قرار بإعادة ضبط العلاقات الاستراتيجية، وزار ولي العهد في نهاية المطاف في يوليو تموز 2022.

تبادل الرجلان التحية بقبضة اليد مما أثار انتقادات باعتبارها لفتة ودية مبالغا فيها بالنظر إلى المخاوف المتعلقة بحقوق الإنسان.

لكن مساعديه بالبيت الأبيض قالوا إنها وسيلة لتقليل خطر إصابة بايدن بكوفيد-19.

وتحسنت العلاقات سريعا مع سعي إدارته للتوسط في اتفاق لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل مقابل اتفاقية دفاع أوسع نطاقا مع واشنطن.

إلا أن تلك المساعي أصابها الجمود مع هجوم حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 وحرب إسرائيل اللاحقة على غزة.

وخلال زيارة ترامب أمس الثلاثاء، استقبل ولي العهد الرئيس الأميركي شخصيا واصطحبه في عربة جولف قادها بنفسه قبل مأدبة عشاء رسمية.

وفي لحظة أكدت عمق علاقتهما الشخصية، تعهد ترامب برفع العقوبات الأميركية عن سوريا، في خطوة تمثل تحولا هائلا في الموقف الأميركي قال إنها جاءت بناء على طلب من الأمير محمد بن سلمان.

وقال ترامب "ماذا عساي أن أفعل لولي العهد"، بينما وضع ولي العهد يده على صدره واستهل تصفيقا حارا من الحضور.