محمد بن سلمان "أغلق الصنابير"
محمد بن سلمان أطلق رؤية المملكة 2030 لتنويع مصادر الدخل

يعكس قرار خفض إنتاج النفط من قبل السعودية وحلفائها في تحالف "أوبك بلس" استعداد ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، لتنفيذ سياسة وطنية بمجال الطاقة، تهدف لتمويل التحول الاقتصادي بالمملكة، حسبما ذكر تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال".

وقالت الصحيفة الأميركية إن خفض إنتاج النفط، الأحد، يمثل أوضح إشارة حتى الآن على أن السعوديين سيفعلون كل ما يلزم لإبقاء أسعار النفط عند المستويات التي تفيدهم.

وتعهدت عدة دول مصدرة للنفط في تحالف "أوبك بلس" بخفض طوعي للإنتاج ابتداء من الشهر المقبل. 

وسيخفض القرار أكثر من مليون برميل يوميا من حصص الإنتاج في السعودية وروسيا والعراق والإمارات والكويت والجزائر وعمان وكازاخستان.

وقد قفزت أسعار النفط على أثر ذلك أكثر من 6 بالمئة، الاثنين، ليقترب سعر برميل برنت بحر الشمال من 84 دولارا، وبرميل غرب تكساس الوسيط من 80 دولارا، بحسب وكالة رويترز.

وبحسب تقرير "وول ستريت جورنال"، فإن السعودية تجاهلت مخاوف الولايات المتحدة بشأن خفض إنتاج النفط للمرة الثانية في أقل من 6 أشهر، على الرغم من التداعيات الكبيرة المحتملة على العلاقات الثنائية بين البلدين.

ويطبق الأمير محمد بن سلمان ما يصفه محللون بسياسة اقتصادية تعرف بـ  "السعودية أولا" بهدف إعطاء الأولوية للمصالح الوطنية.

وأخبر الأمير محمد مساعديه أواخر العام الماضي أنه لم يعد مهتما بإرضاء الولايات المتحدة، قائلا إنه يريد مقابلا لأي شيء يقدمه لواشنطن، وفقا لما نقلت الصحيفة عن أشخاص مطلعين على المحادثة.

وسعت الولايات المتحدة إلى خفض عائدات روسيا - أحد أكبر منتجي النفط والغاز في العالم - من خلال العقوبات وفرض حد أقصى للأسعار، لكن تحركات "أوبك بلس" بقيادة الرياض وموسكو ساعدت في دعم أسعار النفط الخام خلال معظم عام 2022.

وكان خام برنت - المعيار الدولي لأسعار النفط - يتجه نحو الانخفاض منذ أواخر العام الماضي بسبب مخاوف من الركود العالمي، حيث اقترب من 70 دولارا للبرميل الشهر الماضي.

ومع وصول الأسعار إلى 100 دولار للبرميل العام الماضي في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، عجلت السعودية - أكبر مصدر للنفط الخام في العالم - من تلك الجهود التي يمولها إلى حد كبير صندوق الثروة السيادي الذي يرأسه ولي العهد.

وفي الأشهر الأخيرة، حذر مستشارون اقتصاديون سعوديون كبار صانعي السياسة من أن المملكة بحاجة إلى أسعار نفط مرتفعة خلال السنوات الخمس المقبلة لمواصلة إنفاق مليارات الدولارات على المشاريع التي اجتذبت حتى الآن استثمارات ضئيلة من الخارج.

"ليس مفاجئا"

ويقول المسؤولون وغيرهم من الأشخاص المطلعين على سياسة النفط السعودية إن تحرك الرياض لم يكن مفاجئا، حيث إنها بحاجة إلى الحفاظ على أسعار أعلى لدفع تكاليف مشاريع التنمية الضخمة في الداخل.

ومن بين تلك المشاريع الهائلة منتجع على البحر الأحمر بحجم دولة مثل بلجيكا، ومدينة نيوم المستقبلية والتي تبلغ تكلفتها 500 مليار دولار، وهي أكبر 33 مرة من نيويورك.

وفي هذا الصدد، قال خبير اقتصاد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "غولدمان ساكس"، فاروق سوسة، إن السعودية لديها استعداد أقل مما كانت عليه تاريخيا بدعم مصالح الولايات المتحدة على حساب مصالحها الاقتصادية.

وتابع: "يتعين على السعوديين الحذر من سيناريوهات" الركود العالمي والآثار المترتبة على الطلب على الطاقة، والتي قد تدفع أسعار النفط إلى ما دون المتوسط السنوي البالغ 80 دولارا للبرميل وبالتالي حدوث عجز في الميزانية.

قبل الإعلان عن التخفيض السابق لإنتاج النفط في أكتوبر، قال مسؤولون سعوديون إنهم يعتقدون أن البيانات الاقتصادية تشير إلى أن ميزانية الحكومة تتطلب 90 إلى 100 دولار لبرميل النفط، وهو فوق نطاق 75 إلى 80 دولارا الذي كانت المملكة تستهدفه.

ولكن مسؤولين قالوا إن ولي العهد السعودي انزعج من تحليل اقتصادي لوزير الطاقة، الأمير عبدالعزيز بن سلمان، حذر فيه من أن سعر النفط قد ينخفض إلى ما دون 50 دولارا للبرميل، مما يعرض خطط الإنفاق الضخمة للخطر.

وكانت السعودية أطلقت عام 2016 خطة تعرف باسم "رؤية المملكة 2030" لتنويع الاقتصاد المرتهن على النفط على مدى عقود ماضية.

وفي أكتوبر، قال الأمير عبدالعزيز بن سلمان خلال مؤتمر بالرياض "ما زلت أسمع هل أنت معنا أم ضدنا؟"، متسائلا: عن إمكانية سماع "نحن من أجل السعودية وشعبها؟".

محمد بن أحمد بن عيد آل هزاع الغامدي اعتقل في فبراير 2018 وفق منظمة سند
محمد بن أحمد بن عيد آل هزاع الغامدي اعتقل في فبراير 2018 وفق منظمة سند | Source: منظمة سند

قالت منظمة "سند" الحقوقية، الاثنين، إنه تم اعتقال رسام كاريكاتير سعودي قبل أكثر من 6 سنوات، قبل أن يتم الحكم عليه بالسجن 23 عاما، بعدما كان الحكم الأصلي هو السجن 6 سنوات، في اتهامات من بينها "التعاطف مع دولة قطر، بصفتها دولة مناهضة ومخالفة لسياسة السعودية"، أثناء فترة المقاطعة التي بدأت في يونيو 2017.

وقالت المنظمة، التي تتخذ من لندن مقرا لها، إنها حصلت على وثائق حصرية تكشف لأول مرة اعتقال السلطات السعودية للمعلم ورسام الكاريكاتير السعودي، محمد بن أحمد بن عيد آل هزاع الغامدي (48 عاما)، في فبراير 2018، على خلفية عمله رسام كاريكاتير في صحيفة "لوسيل: القطرية، رغم توقفه عن العمل فيها قبل فترة وجيزة من اعتقاله.

وكان آل هزاع رساما كاريكاتيريا مستقلا قبل اعتقاله، وعمل لصالح لوسيل أثناء فترة مقاطعة السعودية ودول أخرى لقطر.

وأصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة عليه حكما بالسجن لمدة 6 سنوات ومنعه من السفر مدة مماثلة، وهو الحكم الذي أكمله في فبراير من هذا العام، وفق موقع "ميدل إيست آي" الذي نقل هذه المعلومات عن "سند".

ومع ذلك، أعيد فتح القضية في ديسمبر 2023، وصدر حكم بسجنه لمدة 23 عاما غير قابلة للاستئناف.

وهو يقضي حاليا العقوبة في سجن ذهبان في جدة، وفق تقرير لـ"سند".

ولم يتسن لموقع الحرة التحقق من صحة هذه المعلومات من مصدر مستقل. ولم يصدر بيان رسمي من السلطات السعودية بهذا الشأن على الفور.

وعن تفاصيل الاعتقال والسجن، قالت مصادر لـ"سند" إن السلطات السعودية عينت مخبراً أمنياً لمراقبة آل هزاع، في الفترة التي سبقت اعتقاله، مشيرة إلى أنه بينما كان في رحلة جوية من الباحة إلى جدة لحضور زفاف أحد معارفه، جلس بجانبه أحد العناصر الأمنية بلباس مدني في رحلتي الذهاب والعودة.

وبعد عودته إلى الباحة، وأثناء وجوده في مقهى مع أحد أصدقائه، داهمت قوات الأمن بقيادة نفس العنصر الأمني المكان، حيث تم اعتقاله بطريقة "عنيفة ومهينة".

ثم داهمت القوات منزله حيث كانت زوجته الحامل متواجدة، "وتم تفتيش المنزل دون مراعاة لحالتها الصحية الحساسة، وتمت مصادرة جميع أجهزته ورسوماته، والعبث بمرسمه الخاص في المنزل، وقد تعرض أحد أطفاله عقب اقتحام المنزل إلى انهيار نفسي شديد".

ووجه الادعاء العام لآل هزاع تهم عدة، بينها "التعاطف مع دولة قطر بصفتها دولة مناهضة ومخالفة لسياسة السعودية"، وذلك عبر رسومات كاريكاتيرية، قال الإدعاء إنها بلغت 100 رسم.

واتهم أيضا بتصريح على تويتر يفيد بأن قطر لا تستحق المقاطعة.

وشملت التهم تواصله مع "جهات معادية" للمملكة بناءً على مراسلات مع موظفين في صحيفة لوسيل، بالإضافة إلى متابعة حسابات معارضة للنظام السعودي على منصة "إكس"، وأخرى تابعة لشخصيات عربية بارزة، وتأييد أفكار إرهابية عبر منشورات قام بكتابتها.

ووجه الادعاء له أيضا تهمة الإساءة للحكومة السعودية من خلال رسوم كاريكاتير أيضا.

وفي معرض دفاع آل هزاع عن نفسه، أوضح أنه كان يعمل في صحيفة لوسيل قبل بدء المقاطعة ولم يستمر في العمل عقب القرار إلا فترة وجيزة.

ونفى أن الرسومات الـ100 التي قدمها الادعاء فيها أي إساءة إلى السعودية، وأكد أن معظمها يتعلق بالشأن الداخلي القطري، ولا علاقة لها بالسعودية ولا تسيء إليها، وهي مجمل ما رسمه خلال عمله مع الصحيفة، وليس ما رسم بعد المقاطعة.

وقالت "سند" إنه "تعرض للتعذيب والإكراه على توقيع اعترافات تحت التعذيب، وفي السجن، تم إخفاؤه قسريا لعدة أشهر، وقطع تواصله مع عائلته بالكامل عقب اعتقاله، والتضييق عليهم في الزيارات بعد صدور الحكم، وانقطاع تواصله فترات متلاحقة".

وتشير المنظمة إلى أنه يعاني منذ اعتقاله من مرض السكري ومشاكل في الأعصاب والظهر وغيرها من المشاكل الصحية، وشهدت حالته الصحية "تدهوراً كبيراً بسبب الإهمال الطبي المتعمد، رغم حاجته الماسة للعلاج".

وكانت محكمة سعودية قد قضت بإعدام السعودي محمد الغامدي، في يوليو 2023 بسبب انتقاده للسلطات على منصة "إكس"، علما بأن إجمالي عدد متابعي حسابه يبلغ 10 أشخاص فقط، وبسبب متابعته حسابات ناقدة للحكومة على يوتيوب، وفق منظمات.

السلطات السعودية أصدرت حكما بالإعدام على محمد الغامدي بسبب انتقاداته على مواقع التواصل الاجتماعي
"كان ينفس عن نفسه".. من هو محمد الغامدي الذي أصدرت السعودية حكما بإعدامه؟
قبل وقت قليل من اعتقاله، من قبل السلطات السعودية، في فبراير 2022، اشترى محمد الغامدي (55 عاما)، هاتفا ورقما جديدين، وأنشأ حسابا على موقع "أكس" الذي كان يعرف بـ"تويتر" سابقا، تحت اسم وهمي، "ظنا منه بأنهم لن يصلوا إليه"، بحسب شقيقه سعيد، في حديثه مع موقع "الحرة". 

 

وتنتقد منظمات حقوقية أوضاع حقوق الإنسان في المملكة. وقالت منظمة العفو الدولية إنه منذ تولي ولي العهد، محمد بن سلمان، السلطة، "شهد وضع حقوق الإنسان تدهورا متسارعا، وتنفق السلطات بقيادة محمد بن سلمان، مليارات الدولارات على حملة ترميم للصورة من أجل تلميع سمعة السعودية على المسرح العالمي".

لكن في جلسة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، في يناير الماضي، قالت رئيسة هيئة حقوق الإنسان السعودية، هلا التويجري، إن المملكة حققت "إصلاحات وتطورات تاريخية ونوعية في مختلف مجالات حقوق الإنسان في إطار رؤية المملكة 2030"، مشيرة إلى تحقيق أكثر من 100 إصلاح عموما، وهذه الإصلاحات "لم تتوقف حتى في أشد الظروف التي شغلت العالم مثل جائحة كورونا".

وأوضح الوفد السعودي أن المملكة ألغت الجلد كعقوبة، وألغت إعدام القاصرين، وأكدت استقلالية القضاء، وقال إن العمال المهاجرين يتمتعون الآن بحماية أفضل بموجب القانون.

حملة وتقرير "مسرب".. أين تتجه حقوق الإنسان في السعودية؟
أطلقت منظمة العفو الدولية حملة جديدة قالت إنها تهدف إلى الإفراج عن المسجونين أو المحكوم عليهم بالإعدام في السعودية بسبب حرية التعبير، وتزامنت هذه الحملة مع تقرير للمنظمة أشار إلى "مشروع مسرب" لمسودة نظام للعقوبات هو الأول من نوعه في السعودية.