جامعة الدول العربية علقت عضوية سوريا في 2011. أرشيفية
طوت الدول العربية طوت صفحة سنوات من المواجهة مع الأسد بالسماح لسوريا بالعودة إلى الجامعة العربية

أعادت الدول العربية رئيس النظام السوري، بشار الأسد، إلى الجامعة العربية بعد إبعاده عنها لفترة طويلة، وتريد منه كبح تجارة المخدرات المزدهرة في سوريا مقابل توطيد العلاقات. ولدمشق مطالبها الخاصة، لكن المضي قدما لن يكون سهلا في ما يبدو.

وطوت الدول العربية، الأحد، صفحة سنوات من المواجهة مع الأسد بالسماح لسوريا بالعودة إلى الجامعة العربية في خطوة محورية نحو إعادة تأهيله إقليميا رغم أن الغرب ما زال ينبذه بعد اندلاع الحرب الأهلية المستمرة منذ سنوات.

لكن القادة العرب يطلبون شيئا في المقابل من أجل إعادة الاندماج، لا سيما وقف إنتاج وتهريب مخدر الكبتاغون الذي يقول الغرب والدول العربية إنه يتم تصديره من سوريا إلى جميع أنحاء المنطقة.

وإلى جانب عودة ملايين اللاجئين الذين فروا من سوريا، أصبحت تجارة الكبتاغون مصدر قلق كبير للزعماء العرب، يساوي قلقهم من ترسيخ إيران لقدمها في الدولة العربية.

وتنفي دمشق تورطها في أي دور في هذه التجارة التي واجه مسؤولون سوريون وأقارب للأسد عقوبات غربية بسببها، وتسعى لاستخدام هذه القضية كورقة ضغط.

وفي اجتماع عقد في أول مايو، قال وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، لنظرائه العرب، إن التقدم في كبح تجارة الكبتاغون يعتمد على الضغط العربي على الولايات المتحدة لتخفيف العقوبات، بحسب ثلاثة مصادر مطلعة على الاجتماع.

وربط عودة اللاجئين بالحصول على التمويل لإعادة إعمار سوريا التي فر منها أكثر من خمسة ملايين إلى الدول المجاورة خلال الحرب التي أودت بحياة مئات الآلاف.

وتحدثت المصادر شريطة عدم نشر أسمائها. وقال أحد هذه المصادر إن الاجتماع في الأردن كان "محتدما إلى حد بعيد" وإن الوزراء العرب شعروا بالانزعاج بسبب لهجة المقداد".

ضربات جوية

أصدر الاجتماع الذي حضره وزراء من مصر والعراق والسعودية والأردن بيانا وافقت فيه سوريا على المساعدة في منع تهريب المخدرات والعمل خلال الشهر المقبل على تحديد هويات منتجيها وناقليها.

وفي ما يبرز القلق العربي الشديد إزاء هذه القضية، قالت مصادر محلية ومخابراتية إن الأردن نفذ ضربات جوية في سوريا، الاثنين، أسفرت عن مقتل مهرب مخدرات سوري، وأصابت مصنعا مرتبطا بجماعة حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران.

ونفى حزب الله، الذي نشر مقاتلين في سوريا لدعم جهود الأسد الحربية، ضلوعه بأي دور في تجارة المخدرات.

ودمرت الحرب الاقتصاد السوري والبنية التحتية والمدن والمصانع.

ولطالما كان الكبتاغون جزءا مربحا من اقتصاد الحرب في سوريا، وتقدر قيمته بمليارات الدولارات سنويا.

وأكد مسؤول أردني كبير أن بلاده أبلغت سوريا بأنها تعد المخدرات تهديدا لأمنها القومي.

A picture taken during a tour origanized by the Jordanian Army shows soldiers patrolling along the border with Syria to prevent…
حرب المخدرات.. "تهديد كبير" لأمن الأردن ومليشيات إيران في دائرة الاتهام
بعد أيام قليلة من تحذيرات العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، من تصعيد عسكري على حدود بلاده، قال المتحدث باسم الجيش الأردني، العقيد مصطفى الحياري، إن "تنظيمات إيرانية تأتمر بأجندات خارجية، تستهدف الأمن الوطني الأردني".

وقال المسؤول إن "الضغط على الحدود هائل وهذه ليست عصابات"، ويعتقد أنها جماعات تحظى بدعم من إيران وتتحصن داخل الدولة.

تعويض مالي؟

وقال مصدر إقليمي مقرب من دمشق ومصدر سوري مقرب من الخليج على دراية بالاتصالات إن السعودية، وهي سوق كبير للكبتاغون، اقترحت تعويض سوريا عن خسارة التجارة في حال توقفها.

وقال المصدر الإقليمي إن السعودية عرضت أربعة مليارات دولار، بناء على تقديرات الرياض لقيمة التجارة.

والأربعاء، نفى مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السعودية، ما تردد عن مناقشات بين المملكة وسوريا حول أي تمويل.

وقال المسؤول إن المملكة لم تعرض تقديم أربعة مليارات دولار لسوريا.

ولم يرد مكتب التواصل الحكومي السعودي على طلبات للتعليق أُرسلت بالبريد الإلكتروني في وقت سابق.

كما لم ترد الحكومة السورية على طلب للتعليق.

وقال دبلوماسي عربي خليجي في المنطقة إنه يتعين على سوريا التوقف عن تصدير المخدرات، وإن دمشق تعلم أن الخليج مستعد للاستثمار إذا كانت هناك مؤشرات على حدوث هذا.

وقال مصدران غربيان مطلعان على اتصالات عربية مع سوريا إن التعويض ضروري لإبعاد الوحدات المسلحة المرتبطة بالدولة عن تجارة الكبتاغون.

وفرضت الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي عقوبات جديدة على دمشق في الأسابيع القليلة الماضية بسبب الكبتاغون. 

ويتهمون تحديدا ماهر الأسد، شقيق بشار ورئيس الفرقة الرابعة في الجيش، بتيسير إنتاج الكبتاغون والاتجار به.

وقالت الولايات المتحدة إنها لن تستأنف العلاقات مع الأسد وستظل عقوباتها سارية.

صورة تعبيرية لمخدر "الميثامفيتامين"
"أبو زهرة" والشبو.. مخدرات مميتة تنتشر في دول عربية وتحذير من "كارثة اجتماعية"
أثار انتشار تعاطي مخدرات "المخلقة" في عدد من الدول العربية، التساؤلات حول تداعيات ذلك على صحة المتعاطين من جانب والتأثيرات التي تخلفها تلك المخدرات على المجتمع من جانب آخر، فيما يحذر خبراء من تداعيات مستقبلية كارثية لذلك الانتشار.

والشهر الماضي، تحدثت مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية، باربرا ليف، للصحفيين عن تحرك شركاء واشنطن الإقليميين لكسر الجليد مع الأسد وحثتهم على الحصول على شيء في المقابل.

وقالت "أود أن أضع إنهاء تجارة الكبتاغون في المقدمة مع القضايا الأخرى".

ومن جانبه قال مهند الحاج علي، من مركز كارنيغي للشرق الأوسط، إن حاجة الأسد الماسة للمساعدات الخارجية ستحدد شكل التعاون في قضيتي اللاجئين والكبتاغون.

لكنه حذر من أن قدرة النظام على الإنجاز محدودة مثل سيادته التي يتم تقاسمها الآن بين عدد من الجهات الفاعلة، بما في ذلك روسيا وإيران والجماعات المسلحة شبه العسكرية المحلية.

توجه الأسد عام 2023 إلى السعودية بعد تعليق عضوية بلده دام 12 عاما
توجه الأسد عام 2023 إلى السعودية بعد تعليق عضوية بلده دام 12 عاما

بعد ساعات من إعلان رحيل الرئيس السوري السابق، بشار الأسد، وسقوط نظامه في سوريا، أصدرت المملكة العربية السعودية، الأحد، أول بيان رسمي بشأن ما جرى من تطورات متلاحقة خلال الساعات الماضية.

وحسب بيان وزارة الخارجية، الذي نشرته وكالة الأنباء الرسمية (واس)، فقد أعربت السعودية عن ارتياحها للخطوات الإيجابية التي تم اتخاذها لتأمين سلامة الشعب السوري، وحقن الدماء والحفاظ على مؤسسات الدولة السورية ومقدراتها.

وأكد البيان وقوف المملكة إلى جانب الشعب السوري وخياراته "في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ سوريا"، ودعا إلى تضافر الجهود للحفاظ على وحدة سوريا وتلاحم شعبها، بما يحميها من الانزلاق نحو الفوضى والانقسام، مؤكدا دعمها لكل ما من شأنه تحقيق أمن سوريا الشقيقة واستقرارها بما يصون سيادتها واستقلالها ووحدة أراضيها.

كما دعت السعودية في البيان المجتمع الدولي للوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق والتعاون معه في كل ما يخدم سوريا ويحقق تطلعات شعبها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، ومساندة سوريا في هذه المرحلة بالغة الأهمية لمساعدتها في تجاوز ويلات ما عانى منه الشعب السوري خلال سنين طويلة راح ضحيتها مئات الألوف من الأبرياء والملايين من النازحين والمهجرين، وعاثت خلالها في سوريا الميليشيات الأجنبية لفرض أجندات خارجية على الشعب السوري.

واعتبر البيان أنه قد آن الأوان لينعم الشعب السوري بالحياة الكريمة التي يستحقها، وأن يساهم بجميع مكوناته في رسم مستقبل زاهر يسوده الأمن والاستقرار والرخاء، وأن تعود لمكانتها وموقعها الطبيعي في العالمين العربي والإسلامي.

وتوجه الأسد عام 2023 إلى السعودية لحضور قمة جامعة الدول العربية بعد تعليق لعضوية بلده دام 12 عاما، والتقى هناك بولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

وكان مسؤول سعودي قال، في وقت سابق الأحد، إن المملكة على اتصال بكل الأطراف في المنطقة بشأن سوريا، وإنها عازمة على بذل كل ما في وسعها لتجنب حدوث فوضى في البلاد في أعقاب الإطاحة بالرئيس بشار الأسد.