فيلم "باربي" سمح بعرضه في السعودية
فيلم "باربي" سمح بعرضه في السعودية

قالت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية إن استقبال الجمهور السعودي لفيلم "باربي" يعكس المشهد المتغير في المملكة، التي كانت خالية قبل ثماني سنوات فقط من دور العرض السينمائي.

وتوضح الصحيفة أنه رغم حظره في عدد من دول الشرق الأوسط، سمحت المملكة بعرض الفيلم وتجاهل السعوديون هذه الانتقادات، وتشير إلى تفاعل الشباب مع الفيلم، حيث ارتدوا الأزباء الوردية، ووضعت الفتيات طلاء الأظافر الوردي، لدى توجههم لصالات العرض السينمائي مع افتتاح الفيلم.

وتدور أحداث فيلم "باربي" حول الدمية الشهيرة التي ظهرت لأول مرة قبل أكثر من 60 عاما، وتلعب بطولته مارغوت روبي مع ريان غوسلينغ في دور "كين" العاشق الشهير لباربي. ووجهت انتقادات للفيلم من ناحية "تقويضه المعايير التقليدية للجنسين" حيث يرى البعض أن "كين" في الفيلم تابع لباربي وهو يشير إلى ذلك صراحة في بعض المشاهد.

وتخطت عائدات "باربي" مليار دولار منذ بدء عرضه في 21 يوليو، حسبما أعلنت "وارنر براذرز بيكتشرز"، وهي وحدة تابعة لشركة "وارنر براذرز ديسكفري". 

ويشير تقرير نيويورك تايمز إلى أن المشاهدين في السعودية تفاعلوا مع أسئلة ذكورية في الفيلم مثل: "أنا رجل بلا قوة. هل هذا يجعلني امرأة؟ " وابتهجوا مع سماع مونولوغ عن قيود الأنوثة النمطية، ثم خرجوا من المسارح المظلمة ليفكروا في معنى كل ذلك.

وقال شاب شاهد الفيلم: "رأينا أنفسنا".

وذكر آخر أنه يعتقد أن الفيلم يحتوي على دروس مهمة للرجال والنساء على حد سواء.

وقالت الصحيفة إن كون هذا يحدث في السعودية التي تعتبر "واحدة من أكثر البلدان التي يهيمن عليها الذكور في العالم"، أمر محير للكثيرين في الشرق الأوسط. 

وتشير إلى أنه قبل ثماني سنوات فقط، لم تكن هناك دور عرض سينمائية في السعودية، ناهيك عن عرض أفلام عن "النظام الأبوي"، ومُنعت النساء من قيادة السيارات، وجابت "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" الشوارع، وفرضت الفصل بين الجنسين، وصاحت في وجه النساء لتغطية أجسادهن.

ومنذ صعوده إلى السلطة، تخلص ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، من العديد من هذه القيود، بينما زاد في الوقت نفسه من "القمع السياسي"، و"سجن" رجال الدين المحافظين والنشطاء اليساريين، وفق التقرير.

وتقول نيويورك تايمز إن العديد من السعوديين اعتقدوا أن الفيلم سيتم حظره، أو على الأقل سيتم فرض رقابة شديدة عليه، وعزز هذه التوقعات حظر الكويت المجاورة له.

وسمحت السعودية والإمارات والبحرين بعرض الفيلم الكوميدي الخيالي ابتداء من 10 أغسطس. 

لكن في الكويت، أفادت وكالة الأنباء الكويتية بأن لجنة رقابة الأفلام السينمائية قررت منع "فيلم باربي" لحرصها "على منع كل ما يخدش الآداب العامة أو يحرض على مخالفة النظام العام والعادات والتقاليد".

وفي لبنان، تحرك وزير الثقافة اللبنانين عباس مرتضى، لمنع عرضه قائلا إنه "يروج للشذوذ والتحول الجنسي.. ويتعارض مع القيم الأخلاقية والإيمانية".

وقال تقرير لموقع "ذا هوليوود ريبورتر"، إنه في مشهد متناقض عما كان قبل سنوات، أصبح خليجيون يسافرون إلى السعودية لمشاهدة الأفلام السينمائية في دور العرض، بعد أن كانت حركة السفر هذه في الاتجاه المعاكس لسنوات طويلة.

ونشر التقارير تفاصيل عن أقرب 3 دور عرض سينمائي في مدن المنطقة الشرقية بالسعودية، حيث يمكن الوصول لها بالسيارة من الكويت بسهولة.

وبعد أكثر من عقد وبفضل إلغاء الحظر الذي دام 35 عاما على دور السينما، الذي تم رفعه في أواخر عام 2017، تمتلك السعودية الآن صناعة سينما مزدهرة، وتفتخر بأن لديها شباك التذاكر الأسرع نموا في العالم.

وتستضيف المملكة سنويا مهرجان البحر الأحمر السينمائي، بحضور نخبة من نجوم العالم على السجادة الحمراء في جدة.

التطبيع بين السعودية وإسرائيل ظل قيد المفاوضات السرية والعلنية عدة سنوات
الولايات المتحدة قادت جهودا لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل

في خضم الإعلان عن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة و"نهاية" الحرب بين إسرائيل وحماس المستمرة منذ 15 شهرًا، يتوقع أن يتجدد الحديث عن مسار التطبيع بين إسرائيل والسعودية الذي ظل قيد التكهنات والمفاوضات منذ عدة سنوات.

اندلعت الحرب التي أوقعت 46,645 قتيلًا في غزة، في السابع من أكتوبر 2023، إثر هجوم مسلحين من حركة حماس على إسرائيل، حيث قتلوا نحو 1,210 أشخاص واختطفوا 251 آخرين، لا يزال 94 منهم محتجزين في غزة، بينما قُتل أو تُوفي 34 منهم.

بدأت الحرب في وقت كانت واشنطن تسعى جاهدة لتقريب وجهات النظر بين السعودية وإسرائيل بهدف تطبيع العلاقات بينهما.

لذلك، قد يعني التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار فتح الباب أمام "تسوية نهائية" للحرب، مما يُجدد مساعي التقارب بين السعودية وإسرائيل، وفقًا لمراقبين.

وظل هذا التقارب المحتمل في صلب مساعي إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، استكمالًا لجهود الإدارة السابقة بقيادة دونالد ترامب، والتي تكللت في 2020 بتطبيع العلاقات بين إسرائيل وأربع دول عربية وهي الإمارات، والمغرب، والبحرين، والسودان، في إطار ما يعرف بـ "اتفاقيات إبراهيم".

وفي السياق، قال مرشح الرئيس المنتخب دونالد ترامب لوزارة الخارجية ماركو روبيو، اليوم الأربعاء إن هناك فرصة حقيقية لتوسيع نطاق اتفاقات أبراهام لتشمل السعودية.

وفي وقت سابق، قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الثلاثاء، إن اتفاقية تطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، التي تفاوض بشأنها لكنها لم تُنجز، لا تزال أفضل وسيلة لتعزيز السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

وأضاف بلينكن خلال حديثه أمام المجلس الأطلسي أن احتمالية التطبيع بين إسرائيل والسعودية تمثل أفضل فرصة لتحقيق الهدف المنشود منذ فترة طويلة، والمتمثل في دمج إسرائيل بشكل أكبر في المنطقة.

وقال أيضًا إنها إن "أفضل حافز للطرفين لاتخاذ القرارات الصعبة اللازمة لتحقيق تطلعات كل من الإسرائيليين والفلسطينيين بالكامل". وشدد على أن هجمات السابع من أكتوبر "أثرت على مسارات التطبيع".

السلام والتهدئة

تعليقًا على ذلك، قال المحلل السعودي عبد الله الرفاعي إن الرياض "تؤيد أي مسار يحقق السلام والتهدئة"، في إشارة إلى استحسان قيادة بلاده للوصول إلى اتفاق في غزة يحقن الدماء ويحرر الرهائن.

وأكد الرفاعي أن الاتفاق المرتقب "يجب أن يكون ذا مغزى، وليس ناتجًا عن ضغوطات أو مصالح استراتيجية آنية".

وفي إجابته عن سؤال لموقع "الحرة" حول إمكانية أن يفضي الاتفاق المرتقب في غزة إلى عودة مسار التقارب بين إسرائيل والسعودية، قال الرفاعي إن علاقات بلاده "لا تقوم على العداء المطلق لأي دولة كانت، سواء إيران أو إسرائيل".

فرصة كبيرة

من جانبه، قال المحلل الإسرائيلي عكيفا الدار إن "هناك فرصة كبيرة" لعودة مسار التطبيع بين بعض الدول العربية وإسرائيل، "وأبرزها السعودية".

وخلال اتصال مع موقع "الحرة"، لفت الدار إلى أن ترامب من "أشد الطامحين" لتحقيق تقارب تاريخي بين السعودية وإسرائيل.

وأشار إلى أن الولاية الثانية لترامب قد تكون فرصة تاريخية للجانبين لتجاوز العقبات وتحقيق التطبيع المنشود منذ عدة أعوام.

وأضاف أن الرئيس ترامب يطمح إلى نيل جائزة نوبل للسلام، وقال: "سيبذل جهوده لتحقيق هذا التطبيع".

ووفقًا للدار، فإن رغبة ترامب في عودة مسار التطبيع بين إسرائيل والسعودية "تقف وراء استعجاله لإيجاد حل ووعيده بخصوص الرهائن لدى حماس".

شروط سعودية

لكن المحلل السعودي عبد الله الرفاعي أعاد التذكير بضرورة الاستجابة لجملة من الشروط التي كانت الرياض قد وضعتها لتحقيق التقارب مع إسرائيل، وأبرزها السماح بإقامة دولة فلسطينية.

وفي سبتمبر الماضي، شدد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على أن المملكة لن تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل ما لم تقم دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.

بيد أن المحلل الإسرائيلي عكيفا الدار يعتقد أن الرياض ستنتهج النهج ذاته الذي ورد في اتفاقيات إبراهيم، والتي تنص على أن إسرائيل لن تستولي على مزيد من الأراضي الفلسطينية كشرط للتطبيع.

وأوضح أن الرياض "مستعدة أكثر من أي وقت مضى للتطبيع مع إسرائيل" إذا حصلت على ضمانات.

وفي تفصيل رؤيته، قال إن "الضمانات تتمثل في إقامة دولة فلسطينية، لكن في المستقبل، وليس بالضرورة الآن".

يُشار إلى أن أبرز بنود المناقشات بشأن التطبيع بين السعودية وإسرائيل تشمل اتفاقية دفاع أميركية سعودية، ومساعدة للبرنامج النووي المدني السعودي، مقابل اتخاذ إسرائيل خطوات لتحسين ظروف الفلسطينيين.

مباشرة بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023، أصدرت الرياض بيانًا لم تدن فيه الحركة الفلسطينية بشكل مباشر، لكنها دعت إلى "الوقف الفوري للتصعيد بين الجانبين، وحماية المدنيين، وضبط النفس".