مركز الملك عبدالله المالي في الرياض
مركز الملك عبدالله المالي في الرياض

تشهد العاصمة السعودية الرياض، موجة احتفالات "قص الشريط" لشركات متعددة الجنسية، أُعطيت مهلة نهائية حتى الأول من يناير المقبل لتفتح مقرّات إقليمية لها في المملكة الخليجية، وإلا فإنها ستخسر فرصة التقدم لمشاريع حكومية.

ويُنظر على نطاق واسع إلى "برنامج المقرّات الإقليمية" السعودي الذي أُعلن عنه في فبراير 2021، على أنه "محاولة لمنافسة دبي في دولة الإمارات المجاورة، والتي تُعتبر مقرّا مفضلًا للشركات العالمية العاملة في منطقة الشرق الأوسط".

ورغم شكاوى بعض المسؤولين التنفيذيين من عدم وضوح تفاصيل البرنامج السعودي، فإن وزارة الاستثمار السعودية أفادت في ردّ مكتوب على أسئلة وكالة "فرانس برس"، بأن الموعد النهائي لنقل مقرات هذه الشركات "لا يزال في الأول من يناير".

وأضافت: "الشركات متعددة الجنسيات التي تشكل جزءًا من برنامج المقرات الإقليمية، ستكون في وضع جيد يمكّنها من تقديم عروض لمشاريع تموّلها الحكومة السعودية".

وتابعت: "فقط الشركات متعددة الجنسيات التي لديها مقرات إقليمية في المملكة ستكون مؤهّلة للمناقصات والعقود التي تطرحها الجهات الحكومية".

وبحسب الوزارة، فقد "مُنح حتى الآن 162 ترخيصًا لشركات لتقيم مقراتها الإقليمية في المملكة، في قطاعات تشمل الأدوية وتكنولوجيا المعلومات والبناء، إضافة إلى أن "الكثير من (التراخيص) الأخرى قيد المعالجة".

ويقول محللون إن "السؤال الكبير" هو ما إذا كانت الشركات تقوم فقط بـ"واجب فتح مكتب في الرياض للحفاظ على إمكانية الوصول إلى الأموال السعودية، أم أنها تتبنى فعليًا رؤية الحكومة لتحويل المملكة إلى مركز منطقة الشرق الأوسط؟"، حسب فرانس برس.

ويرى الباحث في معهد "بايكر" للسياسات العامة التابع لجامعة رايس الأميركية، كريستيان أولريخسن، أن البرنامج هو "اختبار مبكر لمدى استعداد الشركات الأجنبية للامتثال للمبادرات السعودية والمشاركة فيها، أو ما إذا كانت ستسعى إلى حلول بديلة تجعلها تحتفظ بأغلبية الموظفين في الإمارات، وتنتدب عددًا قليلاً منهم إلى السعودية".

وأضاف أولريخسن أن ذلك "ينبغي أن يقدّم أيضًا مؤشرات على ما إذا كانت مشاريع سعودية كبيرة ستنجح، مثل شركة الطيران الجديدة وكذلك المطار الجديد اللذين تم الإعلان عنهما هذا العام، ناهيك عن مشاريع ضخمة كمدينة نيوم المستقبلية العملاقة التي تبلغ كلفتها 500 مليار دولار".

"تخطينا العقبات"

وتُعرّف الرياض المقر الإقليمي لشركة ما بأنه "مكتب يقدّم الدعم والإدارة والتوجيه الاستراتيجي لفروعها والشركات التابعة لها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"، بحسب وزارة الاستثمار.

وافتتحت "مجموعة فنادق إنتركونتيننتال"، مكتبًا جديدًا لها في الطابق 12 من ناطحة سحاب في المركز المالي في الرياض، يعمل فيه 25 موظفًا في أقسام مختلفة، تشمل إدارة الإيرادات والمبيعات والتسويق والتصميم والهندسة.

وقال رئيس منطقة الهند والشرق الأوسط وأفريقيا لدى المجموعة، هيثم مطر، خلال حفل افتتاح المكتب في الرياض في أكتوبر، إن "المجموعة لديها وجود في المملكة منذ نحو 50 عامًا وتقدم بشكل نشط عروضًا لتولي مشاريع حكومية بما في ذلك تلك التي تُقام على ساحل البحر الأحمر، وتعتزم افتتاح 20 فندقًا في كل أنحاء المملكة بين 2024 و2025".

لكنّه أكد لفرانس برس أن الشركة "لديها أيضًا مكاتب في دبي وفي دول أخرى في المنطقة، والعمل سيتواصل في هذه المكاتب".

أما بالنسبة لعملية إنشاء مقر إقليمي في السعودية، فقد أقرّ بوجود "بعض الثغرات التي ينبغي حلّها".

وقال: "لقد استغرقنا بعض الوقت وتخطينا العقبات للحصول على ترخيصنا لهذا المكتب. ومع ذلك، فنحن هنا الآن وهذا أمر رائع ونحن سعداء ومتفائلون بشأن ذلك".

ولفت إلى أن "كل هذا جديد على السعودية.. لذا علينا أن نكون مدركين لذلك. هناك الكثير من التجارب والأخطاء، والكثير من الإتقان لبعض العمليات، وأحيانًا تحتوي بعض الآليات على الكثير من الخطوات المعقدة".

أهداف "طموحة"

وروجت وزارة الاستثمار للمنافع التي تتمتع بها الشركات التي تفتح مقار إقليمية لها في السعودية، وبينها ميزة التقدم بطلب للحصول على تأشيرة عمل مدّتها غير محدودة، والإعفاء لمدة 10 سنوات من حصص أو "كوتا" توظيف مواطنين سعوديين.

لكنها لم تحدد نوع الإعفاء الضريبي الذي قد تحصل عليه الشركات، وهو مسألة رئيسية بالنسبة للمدراء التنفيذيين.

ورغم ذلك، قال الرئيس التنفيذي لشركة الهندسة والبناء الفرنسية "إيجيس غروب" لوران جيرمان، لفرانس برس، إنه "ليس نادمًا على إنشاء مقرّ إقليمي لشركته في المملكة العام الماضي". و"نصح" الشركات الفرنسية الأخرى بفعل ذلك.

وأضاف: "لقد وصلنا إلى وضع الآن بات فيه أكبر قدر من الأنشطة في الشرق الأوسط (تحصل) في السعودية، وربما يكون الأمر كذلك على مدى السنوات العشر المقبلة".

وأكد جيرمان أنه "لا ينظر إلى برنامج المقرات الإقليمية في سياق التنافس بين الرياض ودبي، بل باعتباره رؤية أوسع لتحقيق أهداف الاستثمار الأجنبي الطموحة للغاية".

وقال: "إن السعوديين يتخذون كل الإجراءات الممكنة لزيادة الجذب إلى المملكة".

جانب من مدينة الرياض
جانب من مدينة الرياض (صورة تعبيرية)

تتنافس السعودية وإيطاليا وكوريا الجنوبية في باريس، الثلاثاء، على حق استضافة معرض "إكسبو 2030" العالمي، وهو حدث يقام كل 5 سنوات ويجذب ملايين الزوار واستثمارات بمليارات الدولارات.

وسعت وفود الدول الثلاث على مدى الأشهر القليلة الماضية، للفوز بأصوات الدول الأعضاء في المكتب الدولي للمعارض، البالغ عددها 182.

وتتنافس العاصمة السعودية، الرياض، مع نظيرتها الإيطالية روما، ومدينة بوسان الواقعة جنوب شرقي كوريا الجنوبية.

وركزت روما بشدة على حقوق الإنسان والديمقراطية في سعيها لاستضافة المعرض. وقال رئيس بلدية روما، روبرتو جوالتيري، في مؤتمر الأسبوع الماضي: "روما هي المدينة الأكثر مصداقية لمعرض يهدف إلى التنمية المستدامة الموضوعية ويحترم حقوق الإنسان والتنوع والحوار والشمول والنساء ومجتمع الميم والنقابات".

منافسة شرسة

ويُنظر إلى الرياض على نطاق واسع، على أنها المرشح الأوفر حظا، وفق وكالة رويترز.

وسيكون فوز السعودية تتويجا لرؤية 2030 الطموحة لولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي يهدف إلى إبعادها عن الاعتماد على النفط.

وحصلت الرياض على دعم فرنسي في الجولة الأولى من التصويت، حيث قال مستشارون لماكرون إن ذلك جاء مقابل مساعدة السعودية لباريس في قضايا أخرى، تقع في قلب الأولويات الدبلوماسية الفرنسية.

وقال مسؤول أوروبي إن الأمر "يتعلق بلبنان" دون أن يذكر تفاصيل، لكن مستشار ماكرون قال إن "الالتزام يقتصر على الجولة الأولى من التصويت".

وسيكون من الضروري إجراء أكثر من تصويت إذا لم تحصل أي دولة على الأغلبية في الاقتراع الأول.

وفي الوقت نفسه، تسير الحملات على قدم وساق في باريس، فقد قام الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول بمحاولة أخيرة خلال رحلة إلى فرنسا، قائلا إن المعرض "سيكون فرصة لبلاده لرد الجميل للعالم"، بعد الاستفادة من المساعدات الدولية في أعقاب الحرب الكورية بين 1950 و1953.

وشاركت رئيسة الوزراء الإيطالية، جيورجا ميلوني، شخصيا في محاولة إقناع الزعماء الدوليين بدعم عرض روما، لتمنح العرض دعمها السياسي الكامل.

ومع ذلك، من غير المقرر أن تتوجه إلى باريس، الثلاثاء، وهي علامة بالنسبة للبعض على أنها تعتقد بأن إيطاليا ستخسر السباق على الأرجح.

وتتطلع روما إلى استخدام المعرض كوسيلة لجذب الاستثمار، مثلما فعلت ميلانو عندما استضافت معرض "إكسبو 2015" بنجاح.

وكان ذلك هو آخر معرض إكسبو يُنظم في أوروبا. وتقول روما إن "من العدل" أن تستضيفه القارة مرة أخرى عام 2030، بالنظر إلى أن دبي نظمته في 2020، في حين ستنظمه  مدينة أوساكا باليابان في 2025.