ولي العهد السعودي خلال استقباله وزير الخارجية الأميركي بمدينة العلا
ولي العهد السعودي خلال استقباله وزير الخارجية الأميركي بمدينة العلا

تأمل الإدارة الأميركية في وضع خطة تؤسس لتسوية مستدامة في الشرق الأوسط بعد الحرب، حسبما ذكرت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية.

ووفقا لتحليل نشرته المجلة الأميركية بقلم الكاتب، مايكل هيرش، فإنه من المتوقع أن تلعب السعودية "دورا مهما" في تلك الخطة.

ووفقا لفورين بوليسي، فإن "الرئيس الأميركي، جو بايدن، يريد من الرياض أن تستأنف المحادثات بشأن الاعتراف بإسرائيل، مقابل ضبط النفس الإسرائيلي في غزة والضفة الغربية، والتعهد باستيعاب المصالح الفلسطينية، بما في ذلك إقامة دولة فلسطينية في نهاية المطاف، أو على الأقل درجة ما من السيادة".

وقبل الحرب التي اندلعت في 7 أكتوبر الماضي، كانت إدارة بايدن عمل على صفقة كبيرة بالشرق الأوسط، تتمثل في إبرام اتفاقية تطبيع، تعترف بموجبها السعودية بإسرائيل.

وفي سبتمبر، قال ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، في مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز" الأميركية، إن تطبيع السعودية مع إسرائيل "يقترب كل يوم أكثر فأكثر"، فيما أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، من منبر الأمم المتحدة، أن بلاده على "عتبة" إقامة علاقات مع المملكة الخليجية.

ويعتقد المسؤولون الأميركيون، أن الرياض تسير في ذات الاتجاه. وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية في أواخر ديسمبر: "تشير محادثاتنا مع السعوديين خلال الأسابيع الأخيرة فقط، إلى أنهم ما زالوا يريدون المضي قدماً في التطبيع".

وفي تصريحات خلال مؤتمر صحفي مشترك في الدوحة مع نظيره القطري، الأحد، قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إنه حقق "بعض النجاح" في التغلب على المقاومة العربية الأولية لمناقشة سيناريوهات "اليوم التالي" لقطاع غزة.

وأضاف: "شركاؤنا على استعداد لإجراء هذه المحادثات الصعبة ولاتخاذ قرارات صعبة"، مضيفا: "نحن جميعا نشعر بأن لدينا مصلحة في صياغة طريق إلى الأمام".

والإثنين، أعلن وزير الخارجية الأميركي أنه ناقش في السعودية، مسألة التطبيع مع إسرائيل، وتنسيق الجهود لمرحلة ما بعد الحرب في غزة.

وقال بلينكن قبيل صعوده إلى الطائرة للتوجه إلى إسرائيل، إنه في ما يتعلق بالتطبيع "تحدثنا عن ذلك في الواقع في كل محطة (من الجولة) بما في ذلك بالطبع هنا في السعودية".

وأضاف: "هناك اهتمام واضح هنا بالسعي إلى ذلك.. لكن الأمر سيتطلب إنهاء النزاع في غزة.. وإيجاد مسار عملي لقيام دولة فلسطين".

جاء ذلك في إطار الجولة التي يقوم بها بلينكن في المنطقة، ويسعى من خلالها لمنع تحول الحرب الراهنة إلى صراع إقليمي.

وبحسب "فورين بوليسي"، فإن كل تلك الجهود "لا تزال في مرحلة البداية"، ولن يتم المضي قدما خلال أي وقت قريب في  ظل مواجهة "مقاومة مستمرة من قِبل حكومة نتانياهو اليمينية المتشددة، لأي شيء يشبه الدولة الفلسطينية".

"تحالف عربي"

وأشارت المجلة الأميركية إلى أنه "في إسرائيل، يُلقى باللوم على نطاق واسع على نتانياهو" فيما يتعلق بهجمات السابع من أكتوبر التي شنتها حماس، "بسبب دعمه" للحركة على حساب السلطة الفلسطينية لسنوات"، مؤكدة أن "دعمه (نتانياهو) يتراجع". 

لكن هجمات حماس أدت أيضا إلى "تحويل الرأي العام الإسرائيلي إلى أقصى اليمين، مما يجعل الاحتمال الفوري لإجراء أي مفاوضات بشأن الدولتين مستحيلا"، كما ذكرت المجلة.

وقال دينيس روس، المفاوض الأميركي في ملفات الشرق الأوسط منذ فترة طويلة، والذي زار إسرائيل في نهاية ديسمبر الماضي: "لا يستطيع الجسم السياسي في إسرائيل استيعاب ذلك في الوقت الحالي". 

في الواقع، تشير الدلائل إلى أن "نتانياهو المحاصر سياسيا يرى أن معارضته لخطط بايدن هي المفتاح لإبقاء نفسه في منصبه - وربما خارج السجن"، بحسب "فورين بوليسي".

ووفقا لوسائل إعلام إسرائيلية، كان نتانياهو يقول لأعضاء حزب الليكود إنه "وحده القادر على منع إنشاء دولة فلسطينية في غزة والضفة الغربية بعد الحرب". 

ويدعم الرأي العام داخل إسرائيل بشكل متزايد فكرة نتانياهو القائلة إن "أية درجة من السيادة تُمنح لأي كيان فلسطيني ستعني هجمات مستقبلية على إسرائيل، وإن الحديث عن مثل هذه النتيجة الآن لن يؤدي إلا إلى تحقيق النصر لحماس".

لكن بايدن، بدوره، يريد أن يضغط بقوة أكبر في عام انتخابي يعاني فيه من انخفاض معدلات تأييده، خاصة أنه وإدارته تعرضا لانتقادات شديدة داخل الحزب الديمقراطي، لدعمهما الحملة العسكرية التي تشنها إسرائيل، طبقا لتحليل المجلة.

وفي أكتوبر الماضي، قال بايدن إن جزءا من أهداف هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر الحالي، كان "لإحباط جهود إسرائيل لتطبيع العلاقات مع السعودية".

وقال نمرود نوفيك، المستشار الكبير السابق لرئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل، شيمون بيريز، والذي يعمل حاليا كزميل في منتدى السياسة الإسرائيلية، إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، "يبدو الآن ضمن تحالف عربي واسع متحد في شروطه، إن لم يكن يقوده، للمساهمة في استراتيجية اليوم التالي التي تنتهجها واشنطن". 

ولا تعترف السعودية بإسرائيل، ولم تنضم لمعاهدة إبراهيم التي أقامت بموجبها الإمارات والبحرين علاقات دبلوماسية مع إسرائيل عام 2020 بوساطة الولايات المتحدة.

وقال روس، المفاوض الأميركي الذي كان لاعبا رئيسيا في تنفيذ اتفاقيات أوسلو قبل 3 عقود، إن الصدمة الوطنية التي حدثت في 7 أكتوبر من شأنها أن تجبر الإسرائيليين في النهاية على الدخول في نقاش لم يسبق لهم أن خاضوه من قبل حول مصير الفلسطينيين.

وتابع: "سيكون هناك حساب سياسي هنا، وأيضا نقاش حول ماهية علاقتهم بالفلسطينيين.. الآن يبدو الأمر كما لو أن بلدا بأكمله يمر باضطراب ما بعد الصدمة. إنهم بحاجة إلى حل كل شيء".

دونالد ترامب مستقبلا الأمير محمد بن سلمان في البيت الأبيض عام 2018
دونالد ترامب مستقبلا الأمير محمد بن سلمان في البيت الأبيض عام 2018

أعرب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عن رغبة بلاده في توسيع استثماراتها وعلاقاتها التجارية مع الولايات المتحدة في السنوات الأربع المقبلة بمبلغ 600 مليار دولار.

جاء ذلك في اتصال هاتفي أجراه بن سلمان مساء الأربعاء مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إذ ذكرت وكالة الأنباء السعودية أن ولي العهد السعودي توقع أن تزداد قيمة هذه الاستثمارات "في حال أتيحت فرص إضافية".

وفي الاتصال الهاتفي، هنأ بن سلمان الرئيس ترامب بمناسبة أدائه اليمين الدستورية، وبحث معه سبل التعاون بين الرياض وواشنطن لإحلال السلام والأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، إلى جانب تعزيز التعاون الثنائي لمحاربة الإرهاب.

كما تناول الاتصال بحث تعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، حيث أشار بن سلمان إلى قدرة الإدارة الأميركية الجديدة على خلق ازدهار اقتصادي "غير مسبوق" تسعى السعودية للاستفادة من فرصها المتاحة للشراكة والاستثمار.

وتحدث ولي العهد السعودي عن رغبة الرياض في توسيع استثماراتها وعلاقاتها التجارية مع الولايات المتحدة في الأربع سنوات المقبلة بمبلغ 600 مليار دولار، مرشحة للارتفاع حال أتيحت فرص إضافية.

وأضافت الوكالة أن الرئيس ترامب عبر عن شكره على التهنئة، مؤكدًا حرصه على العمل مع قيادة المملكة العربية السعودية على كل ما من شأنه خدمة مصالحهما المشتركة.

يذكر أن الرئيس ترامب تحدث عن زيارته الخارجية المحتملة الأولى، الاثنين، بعد تنصيبه رسميا رئيسا للولايات المتحدة، مشيرا إلى أنها قد تكون للمملكة العربية السعودية.

ترامب، أوضح أن أولى رحلاته كانت إلى السعودية في فترة رئاسته الأولى (2017-2021) "لأنهم وافقوا على شراء ما قيمته 450 مليار دولار" من المنتجات الأميركية، وأضاف "إذا أرادت المملكة العربية السعودية شراء ما قيمته 450 أو500 مليار أخرى، فأعتقد أنني غالبا سأذهب هناك".