في عام 2019 غادرت ريم إلى السعودية للعمل في التلفزيون الرسمي في مهمة استمرت أقل من خمسة أشهر فقط
نحو 52 امرأة على الأقل يقبعن في السجون السعودية وفقا لمنظمات حقوقية

أثار انتخاب المملكة العربية السعودية لرئاسة لجنة المرأة في الأمم المتحدة انتقادات لاذعة، سواء من قبل ناشطين سعوديين، أو من قبل منظمات حقوقية دولية تراقب ملف حقوق الإنسان في البلد الخليجي الغني بالنفط.

والأربعاء، جرى انتخاب سفير السعودية لدى الأمم المتحدة، عبد العزيز الواصل، رئيسا للجنة وضع المرأة، وهي هيئة تابعة للأمم المتحدة تهدف إلى حماية وتعزيز حقوق المرأة في جميع أنحاء العالم.

وتضم اللجنة، التي تأسست عام 1946، 45 عضوا، يتم اختيارهم على أساس الحصص الجغرافية. 

ولا يلزم إجراء عملية تدقيق حتى يتم انتخاب أي بلد لعضوية اللجنة، وليس هناك أيضا أي شرط يستوفي معايير معينة من حقوق النوع الاجتماعي للانضمام.

وكان من المتوقع أن تفوز المملكة العربية السعودية بالرئاسة، التي تستمر عادةً لمدة عامين، باعتبار أنها كانت المرشحة الوحيدة لشغل هذا المنصب، إذ أفادت التقارير أن محاولتها لم تحظ بأي معارضة من الدول الأعضاء الأخرى.

ويرى ناشطون وحقوقيون سعوديون أن الخطوة لن تغير "الواقع السيء" الذي تعيشه النساء في السعودية، ولا يمكن أن تجعل العالم ينسى المضايقات التي يتعرضن لها بسبب آرائهن.

وتقبع 52 امرأة على الأقل في السجون السعودية، من بين 122 امرأة على الأقل تم اعتقالهن منذ 2015، في قضايا مرتبطة بحرية الرأي بحسب تقارير للمنظمة الأوروبية-السعودية لحقوق الإنسان ومقرها برلين.

وتقول الباحثة في مجال حقوق الإنسان بالمنظمة، دعاء دهيني، إن "انتخاب السعودية لعضوية لجنة أممية تعنى بحقوق المرأة يعني تجاهل تام لواقع النساء في الداخل".

وتضيف دهيني، في حديثها لموقع "الحرة" إن "دولة تعتقل النساء بسبب تغريدة أو تعبير عن رأي وتحكم عليهن لعقود بسبب ذلك، هي دولة يجب أن يتم عزلها ومحاسبتها لا انتخابها".

وتساءلت دهيني قائلة "كيف يمكن لدولة تعذب النساء في السجون أن تنتخب لرئاسة لجنة أممية؟".

وشددت على أن "هذه اللجان يجب أن تلعب دورا في مراقبة وتعزيز حقوق المرأة، وترأس السعودية لها يعني تطويق هذا الدور".

ومنذ وصول ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى السلطة في 2017، رُفع الحظر على قيادة المرأة للسيارة، وكذلك القوانين التي تتطلب الفصل بين الجنسين في الأماكن العامة وارتداء العباءة السوداء، وبات بوسع النساء راهنا الخروج من دون غطاء للرأس.

وفي الوقت ذاته، أعيد فتح دور السينما، وسُمح بتنظيم الحفلات الموسيقية مع جماهير مختلطة، وُسمح للنساء بدخول الملاعب الرياضية.

لكن الكثير من الناشطين في مجال حقوق الإنسان يشككون في مدى عمق الإصلاحات فعليا، مشددين أن النساء وقعن في شرك حملة اعتقالات أوسع استهدفت منتقدي الحكومة.

وعلق رئيس قسم الخليج في منظمة "الديمقراطية الآن للعالم العربي" عبد الله العودة على قرار انتخاب السعودية لرئاسة لجنة المرأة بالقول إن هذه الخطوة تدل "على نفوذ المال على حساب القيم والحقوق في العالم".

وأضاف العودة لموقع "الحرة أن السلطات السعودية "تستغل المؤسسات الدولية لتمرير أجنداتها السلطوية وتبييض سمعتها بعد انتهاكات طالت المرأة قبل كل شيء".

وشدد العودة على أن "الناشطات اللائي واجهن التعذيب والصعق الكهربائي والتحرش الجنسي في السجون يشهدن على سجل حقوق المرأة".

كذلك قالت نائبة مدير برنامج المناصرة في منظمة العفو الدولية، شيرين تادرس، في بيان تعليقا على القرار، إن السعودية لديها "سجل سيء عندما يتعلق الأمر بحماية وتعزيز حقوق المرأة". 

وأضافت أن هناك "فجوة واسعة" بين تطلعات لجنة الأمم المتحدة و"الواقع المعاش للنساء والفتيات في المملكة العربية السعودية".

وسلطت تادرس الضوء على سجل السعودية في حماية وتعزيز حقوق المرأة، وشددت على ضرورة أن تُظهر الرياض التزامها بحقوق المرأة، من خلال إجراءات محلية ملموسة، وليس فقط من خلال تأمين أدوار قيادية في لجان دولية.

بدورها قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن "الدولة التي تسجن النساء لمجرد دفاعهن عن حقوقهن ليس من شأنها أن تكون واجهة المنتدى الأعلى للأمم المتحدة لحقوق المرأة والمساواة بين الجنسين".

وقال مدير المنظمة لويس شاربونو، في بيان، إنه "يجب على السلطات السعودية أن تثبت أن هذا التكريم لم يكن غير مستحق على الإطلاق، وأن تفرج فورا عن جميع المدافعين عن حقوق المرأة المحتجزين، وتنهي ولاية الرجل، وتضمن حقوق المرأة الكاملة في المساواة مع الرجل".

ولم يصدر أي رد بعد من الحكومة السعودية على هذه الانتقادات، كما لم ترد السفارة السعودية في واشنطن على طلب أرسله موقع "الحرة" للتعليق.

وكانت وكالة الأنباء السعودية الرسمية كتبت في وقت سابق أن الرئاسة الجديدة للبلاد "أكدت اهتمامها بالتعاون مع المجتمع الدولي لتعزيز حقوق المرأة وتمكينها" وسلطت الضوء على الخطوات التي قطعتها البلاد نحو مزيد من الحرية الاجتماعية والاقتصادية للمرأة.

وسيشغل السفير السعودي عبد العزيز الواصل، مندوب المملكة الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك، منصب رئيس الدورة 69 للجنة وضع المرأة خلال عام 2025. 

وتعهد الواصل في خطاب قبوله بالتعاون مع جميع أعضاء اللجنة لتعزيز المساواة بين الجنسين، مؤكدا التزام المملكة بتمكين المرأة.
 

التطبيع بين السعودية وإسرائيل ظل قيد المفاوضات السرية والعلنية عدة سنوات
الولايات المتحدة قادت جهودا لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل

في خضم الإعلان عن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة و"نهاية" الحرب بين إسرائيل وحماس المستمرة منذ 15 شهرًا، يتوقع أن يتجدد الحديث عن مسار التطبيع بين إسرائيل والسعودية الذي ظل قيد التكهنات والمفاوضات منذ عدة سنوات.

اندلعت الحرب التي أوقعت 46,645 قتيلًا في غزة، في السابع من أكتوبر 2023، إثر هجوم مسلحين من حركة حماس على إسرائيل، حيث قتلوا نحو 1,210 أشخاص واختطفوا 251 آخرين، لا يزال 94 منهم محتجزين في غزة، بينما قُتل أو تُوفي 34 منهم.

بدأت الحرب في وقت كانت واشنطن تسعى جاهدة لتقريب وجهات النظر بين السعودية وإسرائيل بهدف تطبيع العلاقات بينهما.

لذلك، قد يعني التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار فتح الباب أمام "تسوية نهائية" للحرب، مما يُجدد مساعي التقارب بين السعودية وإسرائيل، وفقًا لمراقبين.

وظل هذا التقارب المحتمل في صلب مساعي إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، استكمالًا لجهود الإدارة السابقة بقيادة دونالد ترامب، والتي تكللت في 2020 بتطبيع العلاقات بين إسرائيل وأربع دول عربية وهي الإمارات، والمغرب، والبحرين، والسودان، في إطار ما يعرف بـ "اتفاقيات إبراهيم".

وفي السياق، قال مرشح الرئيس المنتخب دونالد ترامب لوزارة الخارجية ماركو روبيو، اليوم الأربعاء إن هناك فرصة حقيقية لتوسيع نطاق اتفاقات أبراهام لتشمل السعودية.

وفي وقت سابق، قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الثلاثاء، إن اتفاقية تطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، التي تفاوض بشأنها لكنها لم تُنجز، لا تزال أفضل وسيلة لتعزيز السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

وأضاف بلينكن خلال حديثه أمام المجلس الأطلسي أن احتمالية التطبيع بين إسرائيل والسعودية تمثل أفضل فرصة لتحقيق الهدف المنشود منذ فترة طويلة، والمتمثل في دمج إسرائيل بشكل أكبر في المنطقة.

وقال أيضًا إنها إن "أفضل حافز للطرفين لاتخاذ القرارات الصعبة اللازمة لتحقيق تطلعات كل من الإسرائيليين والفلسطينيين بالكامل". وشدد على أن هجمات السابع من أكتوبر "أثرت على مسارات التطبيع".

السلام والتهدئة

تعليقًا على ذلك، قال المحلل السعودي عبد الله الرفاعي إن الرياض "تؤيد أي مسار يحقق السلام والتهدئة"، في إشارة إلى استحسان قيادة بلاده للوصول إلى اتفاق في غزة يحقن الدماء ويحرر الرهائن.

وأكد الرفاعي أن الاتفاق المرتقب "يجب أن يكون ذا مغزى، وليس ناتجًا عن ضغوطات أو مصالح استراتيجية آنية".

وفي إجابته عن سؤال لموقع "الحرة" حول إمكانية أن يفضي الاتفاق المرتقب في غزة إلى عودة مسار التقارب بين إسرائيل والسعودية، قال الرفاعي إن علاقات بلاده "لا تقوم على العداء المطلق لأي دولة كانت، سواء إيران أو إسرائيل".

فرصة كبيرة

من جانبه، قال المحلل الإسرائيلي عكيفا الدار إن "هناك فرصة كبيرة" لعودة مسار التطبيع بين بعض الدول العربية وإسرائيل، "وأبرزها السعودية".

وخلال اتصال مع موقع "الحرة"، لفت الدار إلى أن ترامب من "أشد الطامحين" لتحقيق تقارب تاريخي بين السعودية وإسرائيل.

وأشار إلى أن الولاية الثانية لترامب قد تكون فرصة تاريخية للجانبين لتجاوز العقبات وتحقيق التطبيع المنشود منذ عدة أعوام.

وأضاف أن الرئيس ترامب يطمح إلى نيل جائزة نوبل للسلام، وقال: "سيبذل جهوده لتحقيق هذا التطبيع".

ووفقًا للدار، فإن رغبة ترامب في عودة مسار التطبيع بين إسرائيل والسعودية "تقف وراء استعجاله لإيجاد حل ووعيده بخصوص الرهائن لدى حماس".

شروط سعودية

لكن المحلل السعودي عبد الله الرفاعي أعاد التذكير بضرورة الاستجابة لجملة من الشروط التي كانت الرياض قد وضعتها لتحقيق التقارب مع إسرائيل، وأبرزها السماح بإقامة دولة فلسطينية.

وفي سبتمبر الماضي، شدد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على أن المملكة لن تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل ما لم تقم دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.

بيد أن المحلل الإسرائيلي عكيفا الدار يعتقد أن الرياض ستنتهج النهج ذاته الذي ورد في اتفاقيات إبراهيم، والتي تنص على أن إسرائيل لن تستولي على مزيد من الأراضي الفلسطينية كشرط للتطبيع.

وأوضح أن الرياض "مستعدة أكثر من أي وقت مضى للتطبيع مع إسرائيل" إذا حصلت على ضمانات.

وفي تفصيل رؤيته، قال إن "الضمانات تتمثل في إقامة دولة فلسطينية، لكن في المستقبل، وليس بالضرورة الآن".

يُشار إلى أن أبرز بنود المناقشات بشأن التطبيع بين السعودية وإسرائيل تشمل اتفاقية دفاع أميركية سعودية، ومساعدة للبرنامج النووي المدني السعودي، مقابل اتخاذ إسرائيل خطوات لتحسين ظروف الفلسطينيين.

مباشرة بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023، أصدرت الرياض بيانًا لم تدن فيه الحركة الفلسطينية بشكل مباشر، لكنها دعت إلى "الوقف الفوري للتصعيد بين الجانبين، وحماية المدنيين، وضبط النفس".