دنيا أبو طالب
أبو طالب أول سعودية تتأهل للأولمبياد عبر التصفيات

بدأت الفتاة، دنيا أبو طالب، رياضة التايكوندو مع الصبيان في ظل عدم السماح للنساء في المملكة بممارسة الرياضة آنذاك، لكن بطلة آسيا وأول سعودية على الإطلاق تتأهل للأولمبياد عبر التصفيات تحلم راهنا بالحصول على ذهبية أولمبية في باريس.

وإذا حققت الفتاة المحجبة السمراء هدفها، ستكون أول رياضية سعودية تحرز ميدالية على الإطلاق في الاولمبياد، بل ستبصم على الذهبية الأولى لبلادها.

لكن مشوار الفتاة صاحبة الابتسامة الواسعة التي تحظى حاليا بدعم واهتمام حكومي كبيرين وتنتشر صورها على اللافتات في الشوارع، بدأ مع الصبيان، في ظل عدم السماح للسعوديات بممارسة الرياضة حتى سنوات قليلة مضت.

وقالت ابنة السابعة والعشرين عاما لوكالة فرانس برس بعد أن انتهت من حصة تدريبية مسائية في أبها جنوب غربي المملكة: "بدأت التايكوندو حين كنت في الثامنة من عمري ولم يكن هناك دعم مثل الآن".

واسترجعت البدايات الصعبة بابتسامة كبيرة "كنت دائما العب مع الصبيان في مركز أولاد أصلا دون بنات، وكنت ألبس ايسكاب (غطاء للرأس) لأغطي شعري حتى لا أظهر انني بنت".

أبو طالب (وسط الصورة) عاشت بدايات صعبة

وقالت الفتاة المتحدرة من مدينة جدة الساحلية بتحدٍ إن معاركة الرجال "ميزتني وجعلتني قوية، فأنا أحب التحدي".

ولعقود كانت المملكة الخليجية الثرية مغلقة اجتماعيا ولا تسمح للنساء بممارسة الرياضة. وجاءت أول مشاركة لرياضية سعودية في الأولمبياد عبر لاعبة الجودو، وجدان شهرخاني، خلال دورة لندن 2012 عبر دعوة خاصة، لكنها خسرت بعد 82 ثانية فقط، فيما حلت سارة عطار أخيرة في تصفياتها ضمن سباق 800 م.

ومنذ أن اصبح الأمير محمد بن سلمان وليا للعهد في 2017، خففت السعودية من حدة القيود المفروضة على النساء، فسمحت لهم بقيادة السيارات وشجعتهن على العمل في مختلف القطاعات.

ورفعت السلطات حظرا على دخول النساء لملاعب كرة القدم وأطلقت دوري كرة القدم للنساء ومنتخبا وطنيا. واستفادت أبو طالب من هذه الإصلاحات الاجتماعية، فنالت دعما كبيرا من الاتحاد المحلي للعبة.

أبوطالب (يمين الصورة) حائزة على إجازة جامعية في الحقوق

وانطلقت اللاعبة الحائزة على إجازة في الحقوق والتي لم تمارس مهنة المحاماة بعد، لتحصد أول ذهبية على الإطلاق للاعبات السعوديات في البطولة العربية بالإمارات خلال فبراير عام 2020.

ورغم إخفاقها في التأهل لأولمبياد طوكيو صيف 2021، تمكنت من تحقيق برونزية وزن 53 كلغ في بطولة آسيا 2022، وبرونزية وزن 49 كلغ ببطولة العالم في المكسيك في العام ذاته.

وفي مارس الفائت، باتت أبو طالب أول سعودية على الإطلاق تتأهل للأولمبياد عبر التصفيات، قبل أن تتوج بذهبية بطولة آسيا 2024، الأولى للتايكوندو السعودي على الإطلاق. وهذه نتائج سمحت لها بالصعود إلى المركز الرابع عالميا في وزن -53 كلغ.

وقرب لافتة كبير تحمل صورتها داخل صالة التايكوندو في أبها، قالت أبو طالب: "منذ البداية كنت أحلم أن أكون بطلة للعالم وأشارك في الاولمبياد وأفوز بالذهب".

وتاريخيا، اكتفى الرياضيون السعوديون بأربع ميداليات أولمبية: فضيتان وبرونزيتان، وكلّهم للرجال.

"قاتل أو مقتول" 

والسعودية طامحة أن تصبح قوة رياضية عالمية، فاستقطبت نجوم كرة قدم عالميين يتقدمهم البرتغالي، كريستيانو رونالدو، والبرازيلي نيمار.

وهي الوحيدة المرشحة لاستضافة مونديال 2034 لكرة القدم، مع استضافتها كأس آسيا 2027 ودورة الالعاب الآسيوية 2034. كما تعد استضافة الأولمبياد "مبتغاها"، على ما أفاد وزير الرياضة السعودي، الأمير عبدالعزيز بن تركي آل سعود، وكالة فرانس برس في 2022.

ورغم ممارستها لعبة فردية غير شعبية، نالت أبو طالب اهتماما حكوميا كبيرا يتوافق مع الاهتمام بالنساء أخيرا في المملكة.

وفي هذا الصدد، استقطبت السعودية المدرب الروسي، قربان بوغداييف، الذي قاد التونسي محمد الجندوبي، لفضية أولمبياد طوكيو، للإشراف عليها منذ نهاية سنة 2021.

أبوطالب مع مدربها الروسي

وقال بوغداييف: "المرة الأولى التي رأيت فيها دنيا كان مستواها منخفضا، ولكني رأيتها متحمسة للتطور وتحقيق إنجاز"، وبالطبع لم يكن يتوقع حينها تأهلها للأولمبياد.

وأشاد بأنها "تتدرب بقوة وتؤمن بنفسها دائما وتثق بما يمكنها فعله".

وبداية يونيو، نظّم الاتحاد السعودي للتايكوندو دورة تدريبية في أبها استمرت 10 أيام وضمت 24 لاعبا من 6 دول بينهم لاعبان تأهلا للأولمبياد من الغابون وفلسطين.

ولنحو ساعتين، أدت أبو طالب تدريبات للياقة وأخرى قتالية، مرتدية خوذة رأس زرقاء ووسادة ركل متفادية برشاقة لافتة ضربات لاعبة روسية وأخرى من أوزبكستان.

وقال رئيس اتحاد التايكوندو السعودي، شداد العمري، إن "إعداد بطل أولمبي يحتاج سنوات طويلة وهو مشروع دولة"، مشيرا إلى أن أبو طالب تطورت خلال فترة قصيرة من "لاعبة غير مصنفة للاعبة قرب قمة التصنيف".

وبالنسبة لمدربها الروسي فإن أهم شيء قبل الأولمبياد هو "إعداد الصحة الذهنية والنفسية والسيطرة على الضغوطات"، مشيدا بـ"القوة الذهنية" للاعبته.

وتدرك أبو طالب تماما هذه الضغوطات، لكنها تصمم  "أنا مرتاحة" و"كل تركيزي في التدريب". وقالت: "كأول امرأة سعودية تتأهل للأولمبياد وصلت لمرحلة قاتل أو مقتول، ووصلت إلى مكان يجب أن أحقق فيه إنجازا".

وتابعت بإصرار: "أدرك أن كل آمال السعوديين عليّ ... هذا شيء يُحفّز لكن يضغط على اللاعب. أعتقد أنني بإذن الله سأحقق شيئا كبيرا".

إيران توعدت بالرد على أي هجوم إسرائيلي - صورة أرشيفية.
إيران توعدت بالرد على أي هجوم إسرائيلي - صورة أرشيفية.

يقف الشرق الأوسط على حافة اندلاع حرب إقليمية قد يشعلها فتيل القتال بين إسرائيل وإيران، وسط مخاوف من انجرار دول أخرى في المنطقة إلى دوامة التصعيد، إلا أن الموقف الذي أعلنته دول خليجية، شكّل محورا مهما وسط التطورات المتلاحقة.

وقبل أيام، أطلقت إيران نحو 200 صاروخ على إسرائيل، "ردا" على مقتل الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، في غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت، الأسبوع الماضي، ومقتل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في طهران، أواخر يوليو الماضي، بضربة نسبت إلى إسرائيل.

وما كان لافتا من المواقف الدولية المتوالية، غداة تهديد إسرائيل بالرد على الهجوم الإيراني الأخير، هو موقف دول الخليج العربية المجاورة لإيران، التي شددت على "حيادها" في الصراع بين العدوين اللدودين.

وقال مصدران لرويترز، الخميس، إن دول الخليج "سعت إلى طمأنة طهران بشأن حيادها" في الصراع بين إيران وإسرائيل، خلال اجتماعات في العاصمة القطرية الدوحة، هذا الأسبوع، وسط مخاوف من أن تصعيدا أوسع نطاقا للعنف قد يهدد منشآت النفط.

وأضاف المصدران أن وزراء من دول الخليج وإيران شاركوا في اجتماع للدول الآسيوية بقطر، ركزوا في مباحثاتهم على خفض التصعيد.

رسالة لإيران

وفي أبعاد وانعكاسات الموقف الخليجي بالحياد، يرى الخبير العسكري، إسماعيل أبو أيوب، أنه "رسالة لإيران" بأن دول الخليج "لن تنخرط بأي شكل من الأشكال في هذا الصراع لو حدث"، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن "أجواء بعض الدول الخليجية ستكون ممرا إجباريا للطائرات والصواريخ بين طرفي الصراع".

ولدى سؤاله عن إمكانية إغلاق المجال الجوي أمام الطائرات ومنع عبور الصواريخ، قال: "سيُغلق ربما بالنسبة للطيران المدني، أما بالنسبة للطيران الحربي والصواريخ سواء من إيران أو إسرائيل، فإنها ستُعتبر أهدافا معادية (لدول الخليج)".

وتحدث الرئيس الأميركي، جو بايدن، الخميس، عن "نقاشات" جارية بشأن ضربات إسرائيلية محتملة ضد قطاع النفط الإيراني، بعد الهجوم الصاروخي الذي شنته طهران على إسرائيل.

وردا على سؤال "هل توافق على توجيه إسرائيل ضربات على منشآت نفطية إيرانية؟" أجاب الرئيس الأميركي: "نجري نقاشات بهذا الشأن. أعتقد أنه سيكون.." دون أن ينهي جملته، وذلك خلال تصريحات مقتضبة لصحفيين في البيت الأبيض.

وكان بايدن قد عبّر، الأربعاء، عن معارضته شن ضربات إسرائيلية على منشآت نووية إيرانية، قائلا ردا على سؤال عن دعمه المحتمل لمثل هذا التحرك من جانب إسرائيل: "الجواب هو لا".

وتابع: "نحن السبعة متفقون على أن للإسرائيليين الحق في الرد، لكن يجب أن يردوا بشكل متناسب"، في إشارة إلى قادة مجموعة السبع.

خطوة تكتيكية

من جانبه، يرى الخبير العسكري، اللواء السيد الجابري، أن الموقف الخليجي بالحياد هو "خطوة تكتيكية وليست استراتيجية".

وقال في حديثه لموقع "الحرة"، إن "هذه "الخطوة التكتيكية هي محاولة لإقناع جميع الأطراف، بأن دول الخليج تقف على الحياد، أملا في وجود حلول سلمية، وعدم تطور المعركة إلى حرب إقليمية شاملة".

وأضاف أن "أكثر الدول التي يمكن أن تتضرر من الحرب الإقليمية الشاملة، هي دول المنطقة، وخاصة دول الخليج".

ويمكن أن تستهدف إسرائيل قطاع النفط الإيراني، مما يلحق الضرر باقتصادها، ومن الممكن أن يدفع مثل هذا الهجوم أيضا إيران إلى "ضرب منشآت لإنتاج النفط في السعودية وغيرها من دول الخليج"، وفقا لرويترز.

وأشار الجابري إلى أن "هذه الخطوة بالحياد قد يكون الهدف منها حماية دول الخليج من التورط في أي موقف عسكري، ليس له داع".

واستطرد: "في رأيي الشخصي، العلاقة الأميركية الإيرانية الإسرائيلية هي علاقة استراتيجية، وهناك تفاهمات بينهم، وأكثر من يصاب بالضرر من ذلك هي دول الخليج"، مشيرا إلى وجود "نوع من العداء بين الإمارات وإيران (خاصة بشأن الجزر الثلاث)، وإلى مسعى صيني لتحسين العلاقات بين طهران والرياض بعد توترها خلال السنوات الماضية على خلفية أحداث عديدة مثل حرب اليمن".

لكن الجابري اعتبر أن "الصراع الآن بين إيران وإسرائيل هو صراع شكلي وليس حقيقي، رغم كل ما نسمعه من عبارات مطاطة بشأن الرد وعدم الرد".

وفي رأي مطابق لأبو أيوب، قال الجابري: "لن يستطيع أحد منع الصواريخ" من العبور في المجال الجوي، أما بالنسبة للطائرات "فطالما أعلنت دول الخليج الحياد، فمن حقها أن تمنع طائرات الدول المتحاربة من التحليق في المجال الجوي التابع لها".

"مشاركة أميركا"

وعن إمكانية مشاركة قوات أميركية في أي ضربات على إيران، عبر استخدام القواعد المنتشرة في المنطقة، يقول أبو أيوب: "في حال مشاركة أميركا في الهجوم المتوقع على إيران، لن تكون دول الخليج بمنأى عن الصراع، لأن كل دول الخليج فيها قواعد عسكرية أميركية، وربما تكون هذه القواعد أهدافا لضربات عكسية من إيران، وفي هذه الحالة إن وقعت، فستنخرط دول الخليج في الصراع مرغمة عنها".

واعتبر أنه في حال "انخراط أميركا بالرد على إيران، فإنه من المؤكد أنه سيكون الفتيل الذي يشعل حربا بين ضفتي الخليج".

بدوره، يؤكد الجابري أن "الدول المضيفة "لا تتدخل في الشؤون الداخلية للقواعد، طبقا لشروط التعاقد، ولا تستطيع فعل شيء، إلا في حالة اعتداء على دول صديقة يوجد معها معاهدات دفاع مشترك".

وأوضح: "لا توجد اتفاقيات دفاع مشترك ما بين دول الخليج وإيران، وبينها وبين إسرائيل"، وبالتالي لا يمكن لهذه الدول منع أو وقف هجمات من القواعد على إيران، و"لن يستطيع أحد التحكم في مسار العمليات العسكرية من هذه القواعد".

وشنت إيران أكبر هجوم لها على الإطلاق على إسرائيل، الثلاثاء، فيما قالت إنه رد على اغتيال إسرائيل لكبار قادة حركة حماس وحزب الله وكذلك العمليات في غزة ولبنان.

وقالت طهران إن هجومها انتهى، ما لم تحدث استفزازات أخرى، لكن إسرائيل توعدت بالرد بقوة.

ونقل موقع "أكسيوس" الأميركي مسؤولين إسرائيليين، الأربعاء، إن إسرائيل "قد تستهدف منشآت لإنتاج النفط داخل إيران" ردا على ذلك.

وقال مصدر لرويترز، إن "التهدئة العاجلة" تصدرت جدول الأعمال في جميع المناقشات التي جرت بين إيران ودول خليجية في قطر.

ولم ترد وزارات الخارجية في قطر وإيران والإمارات والكويت بعد على طلبات للتعليق من رويترز، وكذلك مكتب الاتصالات الحكومي السعودي.

ولم تهدد إيران بمهاجمة منشآت نفط خليجية، لكنها حذرت من أن أي تدخل مباشر من قبل "داعمي إسرائيل" ضد طهران من شأنه أن يدفع إيران إلى شن "هجوم قوي" على "قواعدهم ومصالحهم" في المنطقة.

وقال علي الشهابي، المحلل السياسي السعودي المقرب من الديوان الملكي، لرويترز: "تعتقد دول الخليج أنه من غير المرجح أن تضرب إيران منشآتها النفطية، لكن الجانب الإيراني يلمح إلى أنه قد يفعل ذلك من خلال مصادر غير رسمية. إنها أداة يمتلكها الإيرانيون ضد الولايات المتحدة والاقتصاد العالمي".

وشهدت السنوات القليلة الماضية تقاربا سياسيا بين الرياض، أكبر مصدري النفط، وبين طهران، مما ساعد في تخفيف التوتر في المنطقة، لكن العلاقات لا تزال معقدة بينهما.

وتتوخى السعودية الحذر من ضربة إيرانية لمنشآتها النفطية منذ هجوم عام 2019 على مصفاتها الرئيسية في بقيق، أدى إلى توقف أكثر من 5 بالمئة من إمدادات النفط العالمية لفترة وجيزة. ونفت إيران ضلوعها في ذلك الهجوم، حسب رويترز.

وقال الشهابي، في إشارة إلى مجلس التعاون الخليجي الذي يضم الإمارات والبحرين والسعودية وسلطنة عمان وقطر والكويت، "رسالة مجلس التعاون الخليجي للإيرانيين هي 'الرجاء خفض التصعيد'".

وحذر الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، من مغبة "الصمت" في مواجهة "الحروب التي تشعلها" إسرائيل.

وقال خلال قمة حوار التعاون الآسيوي في الدوحة، الخميس، إن "أي نوع من الهجوم العسكري أو العمل الإرهابي أو تجاوز لخطوطنا الحمراء، سيقابل برد حاسم من قواتنا المسلحة".