البنك الدولي أشاد بالإصلاحات التي أدخلتها السعودية لنظام التقاعد
البنك الدولي أشاد بالإصلاحات التي أدخلتها السعودية لنظام التقاعد

أعلنت السعودية مؤخرا إدخال إصلاحات شاملة على نظام التقاعد لموظفي الخدمة المدنية والقطاع الخاص بالمملكة، في خطوة أشاد بها البنك الدولي.

وفي وقت سابق من شهر يوليو، أعلنت التأمينات الاجتماعية السعودية عن إصلاحات شاملة في نظام التقاعد بالمملكة من خلال استحداث 3 فئات للموظفين، الأولى يشملها النظام الجديد، والثانية أدخل عليها بعض التعديلات، والفئة الثالثة لن يتغير وضعها.

واعتبر البنك الدولي في تقرير، الاثنين، تلك الإصلاحات الجديدة بـ"نموذج يحتذى به في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا".

وبحسب الإصلاحات الجديدة، فإن الموظفين الجدد الذين لم يسبق لهم الاشتراك في التأمينات الاجتماعية سيطبق عليهم نظاما جديدا، بما في ذلك رفع سن التقاعد للرجل والمرأة على حد سواء إلى 65 عاما (سابقا 58 عاما للرجل، و55 للمرأة).

وبهذا، ستكون السعودية الدولة الخليجية الأعلى سنا في تقاعد مواطنيها من العمل مقارنة بالكويت، على سبيل المثال، التي يبلغ فيها سن التقاعد 55 عاما للرجل و50 للمرأة، وهي الدولة الأقل.

أما الفئة الثانية، فهي مخصصة لمن هم أقل من 50 عاما (هجرية) ولديهم اشتراكات في التأمينات أقل من 20 عاما بالخدمة، إذ ستطبق عليهم تعديلات تدريجية ليكون السن النظامي للتقاعد ما بين 58 و65 عاما، فيما ستكون مدة الاشتراك المطلوبة للتقاعد المبكر هي من 25 إلى 30 سنة بالخدمة.

ولن يتغير الوضع السابق بالنسبة للمشتركين الذين بلغت أعمارهم 50 سنة (هجرية) فأكثر أو لديهم 20 سنة خدمة فأكثر.

ووصف البنك الدولي تلك الإصلاحات بـ "الخطوة الكبيرة" نحو تحديث نظام معاشات يهدف إلى "تعزيز حماية الدخل خلال الشيخوخة والمساواة بين الجنسين".

وقال البنك الدولي في تقرير نشر، الاثنين، إن "ارتفاع متوسط أعمار السكان الناتج عن زيادة متوسط العمر المتوقع وانخفاض معدلات الخصوبة، إلى جانب التغيرات في طبيعة العمل وتآكل أنظمة الدعم الأسري غير الرسمية والتقليدية، خلقت تحديات كبيرة لأنظمة المعاشات حول العالم".

وأضاف أن العديد من البلدان "تواجه ضغوطا لتحقيق الاستدامة المالية ومخاوف بشأن كفاية المعاشات في المستقبل، بما في ذلك في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا".

وتابع: "عادة ما يكون إصلاح المعاشات أمرا صعبا بسبب تحديات الاقتصاد السياسي، ولهذا فإن هذا الإصلاح الشامل في السعودية يعتبر اختراقا حقيقيا. ويضع معيارا جديدا للمنطقة بمعالجة قضايا حيوية، مثل سن التقاعد وإجازة الأمومة وتغطية التأمين الاجتماعي".

ولطالما انتقد البنك الدولي، الذي يتخذ من واشنطن العاصمة مقرا له، أنظمة التقاعد في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وطالبها بضرورة إجراء إصلاحات لمعالجة التحديات التي تواجهها.

والعام الماضي، حدد تقرير للبنك الدولي أولويات الإصلاح لجعل أنظمة الحماية الاجتماعية في المنطقة أكثر شمولا وكفاءة، ومن ذلك بناء أنظمة لتقديم خدمات الحماية الاجتماعية، تكفل مواجهة الصدمات، وتوسيع نطاق الدعم للدخل والفرص المتاحة للفقراء، وزيادة التأمينات الاجتماعية للعمالة في القطاع غير الرسمي، وإعادة تصميم أنظمة معاشات التقاعد لتساند مفهوم الشيخوخة النشطة".

وفيما يتعلق بإجازة الأمومة للنساء، يقدم القانون السعودي الجديد إصلاحا بحيث يتم تمويلها من خلال التأمين الاجتماعي بدلا من أن يكون ذلك على عاتق أرباب العمل مباشرة. 

ويضمن هذا التغيير، بحسب البنك الدولي، أن كلا من الرجال والنساء يساهمون في تمويل إجازة الأمومة، مما يخفف العبء المالي عن أرباب العمل. 

وقال تقرير البنك إن "هذا الإصلاح لا يعزز الإصلاح المساواة بين الجنسين في مكان العمل فحسب، بل إنه أيضا يشجع على زيادة المشاركة النسائية في القوى العاملة".

وأشار التقرير إلى أن "هذه المساواة تعتبر ضرورية لإنشاء نظام عادل وشامل، حيث يمكن لكلا الجنسين الاشتراك والاستفادة بالتساوي من الضمان الاجتماعي".

كما أن الإصلاح، بحسب تقرير البنك الدولي، يزيد من فترة الاشتراك المطلوبة للتقاعد المبكر ويهدف إلى تشجيع المشاركة الأطول في القوى العاملة.

العاصمة السعودية تنظم مجموعة هائلة من الفعاليات الترفيهية سنويا ضمن "موسم الرياض"
العاصمة السعودية تنظم مجموعة هائلة من الفعاليات الترفيهية سنويا ضمن موسم الرياض (AFP)

بعد عقود من الانغلاق، تعمل السعودية صاحبة أكبر اقتصاد في العالم العربي وأكبر مصدّر للنفط الخام في العالم، على تحقيق أهداف "رؤية 2030" الساعية إلى أن تحوّلها مركزا للأعمال والسياحة والرياضة.

هذا التحوّل الكبير والجذري شكّل مادة خصبة لترويج منشورات غرائبيّة لاقت رغم عدم صحتها رواجا واسعا وصدّقها الكثيرون.

ويعزوا الخبراء ذلك إلى كونها تثير العاطفة الدينية في ظل قلق من التحولات الاجتماعية الكبرى في "مهد الإسلام" أو الاعتراض على سياسات الرياض.

من رفع "أصنام" خلال عروض أزياء إلى وضع فنانة على خصرها سيفا قيل إنه يُشبه سيف الإمام علي بن أبي طالب، وصولا إلى الرقص على مجسّم يشبه الكعبة وغناء آيات من القرآن، لا تكاد صور ومقاطع فيديوهات يقول ناشروها إنها التقطت من موسم الرياض الأخير تفارق مواقع التواصل الاجتماعي، في ما وُصف بأنه "عودة للوثنيّة" بعد أكثر من 1400 عام من زوالها وانتشار الإسلام ومؤشر على "الانحلال الأخلاقي في بلاد الحرمين".

ويأتي ظهور هذه المنشورات في ظل إقامة أنشطة وحفلات وعروض، من بينها عرض لملابس البحر في مايو، وهي فعاليات كانت تُعدّ ضربا من الخيال قبل سنوات قليلة.

في هذا السياق، بدأت الأخبار المضللة ذات الصلة بالظهور وحققت بشكل عام تفاعلا واسعا على مواقع التواصل.

ويعلّق الخبير في مركز مالكوم كير-كارنيغي للشرق الأوسط هشام الغنّام على الانتشار الواسع لهذه الأخبار بالقول: "تنطوي هذه الأخبار المزيفة على عناصر دينية أو ثقافية حساسة، فهي على الأغلب تثير استجابات عاطفية قوية".

ويضيف الغنّام الذي يُشرف على مركز البحوث الأمنية وبرامج الأمن الوطني في جامعة نايف في الرياض، أن ذلك يأتي في ظل "غياب التفكير النقدي" لدى الكثيرين من مستخدمي مواقع التواصل، وخصوصا مع استخدام الذكاء الاصطناعي.

ويسعى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في إطار خطته الإصلاحية "رؤية 2030"، إلى إدخال تغييرات اجتماعية وتنويع مصادر دخل بلاده، وتحويل المملكة إلى مركز أعمال ورياضة وسياحة.

فمنذ إطلاق تأشيرة السياحة العامة للمرة الأولى عام 2019، أطلقت المملكة تغييرات مجتمعية، إذ خففت من حدة القيود المفروضة على النساء وأقامت فعاليات ترفيهية كثيرة، بعدما كانت ولوقت طويل تفرض قواعد صارمة جدا على النساء، بينها حظر القيادة وفرض ارتداء العباءة والحجاب.

ولقيت هذه التغييرات ترحيبا، وأيضا انتقادات ولا سيما في الأوساط المحافظة في المنطقة العربية.

في هذا السياق، انتشرت بالتزامن مع موسم الرياض 2024 الكثير من المنشورات المضللة التي تناولت الحدث، فنّدت عددا منها خدمة تقصي صحة الأخبار في وكالة فرانس برس في سلسلة تقارير.

حصدت صورة مئات المشاركات والتعليقات قيل إنها لأصنام وُضعت على منصة لعرض الأزياء في السعودية، في ما وُصف بأنه "عودة للوثنية" بعد أكثر من 1400 عام من زوالها وانتشار الإسلام.

لكن التفتيش عنها كشف أنها مركّبة، إذ عمد مستخدمو مواقع التواصل إلى إضافة التماثيل عليها للإشارة إلى أنها فعلا التقطت في الرياض.

وتعود هذه التماثيل إلى الحضارة السومرية ومملكة إشنونة التاريخية وإلى مجموعة يُطلق عليها اسم "المواي" في جزيرة الفصح في المحيط الهادئ.

في هذا الصدد، تقول الأستاذة في كلية الإعلام في الجامعة اللبنانية مهى زراقط لوكالة فرانس برس إن هذه المنشورات تلقى رواجا بين المستخدمين لأنها تخاطب مشاعر المسلمين و"تُشعرهم بأن الأرض المقدسة التي انطلقت منها رسالة النبيّ، تُدنّس".

أما عن دوافع الناشرين، فترى زراقط أن "الهدف الأساسي، كما يبدو، سياسي بالدرجة الأولى (...) هناك طرف لا تعجبه السياسة الجديدة التي تنتهجها السعودية حاليا، ويحاول محاربتها".

لم تسلم الحفلات الغنائية الأخيرة في المملكة الخليجية من ناشري الأخبار المضللة، فقد ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بمقاطع فيديو وصور اعتبرها البعض مؤشرا على "الانحلال الأخلاقي في بلاد الحرمين".

فهذا الفيديو الذي قيل إنه يصوّر مغنية بثياب خادشة للحياء ترقص على مجسم للكعبة في الرياض، لا شأن له بالسعودية لا من قريب ولا من بعيد، وهو في الحقيقة يصوّر حفلة لمغنية البوب الأميركية تايلور سويفت أقامتها في العاصمة الأرجنتينية بوينس إيريس قبل نحو عام.

وفي السياق نفسه، انتشر فيديو قيل إنه يُصوّر اقتحام فتاة سعودية المسرح خلال حفل للمغني الإسباني إنريكي إغليسياس في الرياض.

إلا أن البحث أظهر أن المغني الإسباني لم يُقم أيَ حفل في السعودية في الأيام الماضية، أما الفيديو المتداول فهو مصوّر في أذربيجان قبل سنوات.

لطالما كانت السياحة في السعودية مقتصرة لعقود على السياحة الدينية المرتبطة بالحج والعمرة في مكة المكرمة والمدينة المنورة، إلا أنها في السنوات الأخيرة شهدت حفلات غنائية لفنانين عالميين وعروض أزياء لكبار المصممين وغيرها من النشاطات السياحية والفنية.

في هذا السياق، انتشر مقطع آخر قيل إنه يُظهر حفلة غنائية في الرياض تُغنّى فيها آيات من القرآن على موسيقى غربية صاخبة.

إلا أن الصوت المسموع مركّب على فيديو لعرض موسيقي لفرقة أميركية في الولايات المتحدة عام 2014.

وفي حفل ضخم ضمن موسم الرياض 2024 حضرته شخصيات من عالمي السينما والموسيقى من أنحاء العالم، وأحياه نجوم مثل سيلين ديون وجنيفر لوبيز وكاميلا كابيلو ونانسي عجرم وعمرو دياب، احتفل مصمم الأزياء العالمي اللبناني إيلي صعب بمسيرة عمرها 45 عاما وضع خلالها الموضة العربية على قائمة الخريطة العالمية.

وضجت مواقع التواصل بمشاهد من الحفل الذي تضمن عروضا ترفيهية وموسيقية مباشرة على الهواء، أشادت بالعمل الفني للمصمم اللبناني، فيما تداول آخرون مشاهد مضللة ادعوا أنها من الحفل.

فقد انتشرت صور قيل إنها تُظهر المغنية الأميركيّة جنيفر لوبيز وهي تضع حول خصرها سيفا ذا رأسين يشبه سيف عليّ بن أبي طالب بحسب ما وصفه التراث الإسلامي.

إلا أن ما قيل غير صحيح فالفنانة الظاهرة في الصور هي المغنية التشيلية من أصل فلسطيني إليانا خلال حفل لها في نيويورك قبل أسابيع.

يرى الغنام أن الطوق يكتمل "حين تأتي الأخبار من مصادر يثق بها المستخدم أو توافق موقفه الأيديولوجي والثقافي، ما يدفعه إلى تصديق المعلومات من دون التحقق من صحتها".

وترى زراقط أن "المتلّقي يصدّق هذه الأخبار لأنها تؤكد أفكاره المسبقة أو آراءه السياسية غير الراضية عن التغييرات الحاصلة في السعودية، فيرى في انتشار مثل هذه الأخبار تأكيدا لوجهة نظره، فيصدّقها وقد يصبح مشاركا في نشرها بل ورافضا تصحيحها".

ويختم الغنام قائلا "في البيئات التي تحظى فيها الأديان والتراث الثقافي بتقدير عميق مثل المجتمعات العربية والشرقية، فإن أي أخبار تشير إلى عدم احترام الدين أو تدنيسه تلقى صدى قويا".