قالت وكالة "بلومبيرغ" الأميركية، إن السعودية "تشعر بقلق متزايد بشأن الوضع في اليمن"، حيث صعّد المسلحون الحوثيون المدعومون من إيران أعمالهم العدائية مع إسرائيل، وهددوا بمهاجمة المملكة الغنية بالنفط بسبب مزاعم بأنها "تشن حربا اقتصادية ضدهم".
ونقلت الوكالة عن عدة أشخاص مطلعين على استراتيجية الحكومة السعودية، طلبوا عدم الكشف عن هويتهم بسبب حساسية الأمر، قولهم إن "الرياض تخشى الانجرار إلى صراع مباشر جديد مع الحوثيين".
وسبق أن تدخلت السعودية على رأس تحالف عسكري لمحاربة الحوثيين ودعم الحكومة الشرعية، لمدة 7 سنوات بدءا من عام 2015، حين سيطرت الجماعة المدعومة من إيران في عام 2014، على مناطق شاسعة في شمال البلاد، من بينها العاصمة صنعاء.
وخلف الصراع منذ ذلك الحين، وفق الوكالة الأميركية، نحو 370 ألف قتيل بسبب القتال والمجاعة في اليمن.
وأدى اتفاق وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الأمم المتحدة، والذي دخل حيز التنفيذ في أبريل 2022، إلى انخفاض ملحوظ في الأعمال العدائية. وانتهت الهدنة في أكتوبر من العام الماضي، غير أن القتال لا يزال معلّقا إلى حد كبير.
وبالرغم من ذلك، فإن الحوثيين يشنون منذ نوفمبر الماضي، هجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، قائلين إنهم يستهدفون السفن الموالية إلى إسرائيل أو المتجهة إلى هناك، إلا أن الكثير من السفن التي حاولوا استهدافها لا علاقة لها بإسرائيل.
وارتفعت حدة التوترات في الأيام الأخيرة، بعد أن قتلت طائرة مسيّرة تابعة للحوثيين رجلا في تل أبيب وأصابت 8 مدنيين آخرين، وهو ما ردت عليه إسرائيل بشن غارات جوية على ميناء الحديدة الذي تسيطر عليه الجماعة الموالية لإيران.
وفي غضون ذلك، ادعى زعيم الحوثيين، عبد الملك الحوثي، أن السعودية "تتواطأ مع إسرائيل والولايات المتحدة للحد من هجمات الجماعة على الشحن في البحر الأحمر"، وهدد بإلحاق "خسائر مروعة" بالمملكة و"إفشال رؤية 2030"، وفق "بلومبيرغ".
ونفت وزارة الدفاع السعودية، الأسبوع الماضي، أي علاقة لها بالضربات الإسرائيلية على الحديدة، فيما دعت وزارة الخارجية "جميع الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس".
واتهم الحوثيون، في مايو الماضي، الولايات المتحدة والسعودية بـ"ممارسة ضغوط مالية على النظام المصرفي في مناطقهم"، بعد حظر المصرف المركزي، الذي تسيطر عليه الحكومة اليمنية، المعاملات مع 6 مصارف في صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون، لعدم التزامها بأمر الانتقال إلى عدن.
يذكر أن الحوثيين يديرون مصرفهم المركزي، ويستخدمون أوراق عملات مختلفة بأسعار صرف مختلفة، في مناطق سيطرتهم.
وخرج زعيم الجماعة اليمنية، بوقت سابق من هذا الشهر، في خطاب يهدد فيه السعودية، قائلا: "سننطلق لمقابلة كل خطوة بمثلها.. مطار الرياض بمطار صنعاء .. البنوك بالبنوك .. وهكذا الموانئ بالميناء".
لكن الأسبوع الماضي، أعلنت الأمم المتحدة أن الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، والحوثيين، توصلوا إلى اتفاق لخفض التصعيد فيما يتعلق بالقطاع المصرفي والخطوط الجوية، بعد فترة من التوترات بين الطرفين.
وأبلغ الطرفان المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، هانس غروندبرغ، أنهما اتفقا "على عدة تدابير لخفض التصعيد"، حسب بيان صادر عن غروندبرغ، الذي شكر السعودية على "الدور المهم" في التوسط بالاتفاق.
ونقلت "بلومبيرغ" عن 5 أشخاص على دراية مباشرة بالمناقشات، قولهم إن المسؤولين السعوديين "حاولوا تهدئة الموقف، من خلال حث الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا ومحافظ البنك المركزي، على إعادة النظر في الإجراءات المالية المصممة لإضعاف الحوثيين".
وأضافت المصادر لـ"بلومبيرغ" أن الرياض قالت إنها "قد تقلل من الدعم الاقتصادي والعسكري للإدارة اليمنية، إذا تم تنفيذ التحركات ضد الحوثيين، وأنها (الحكومة اليمنية) ستواجه بمفردها صراعا جديدا محتملا".
وأكد السعوديون في المقابل للحوثيين، أنهم "يفعلون كل ما في وسعهم لوقف تنفيذ الإجراءات"، حسب شخصين مطلعين على الأمر تحدثوا للوكالة الأميركية.
ولم تستجب وزارة الخارجية السعودية لطلبات التعليق من "بلومبيرغ".