السعودية رفعت الحظر على دور السينما في عام 2018
السعودية رفعت الحظر على دور السينما في عام 2018 (صورة تعبيرية - أرشيف)

أفادت وكالة "بلومبيرغ" الأميركية بأن السعودية تعمل على استقطاب الأجانب ذوي الخبرة، من بينهم صناع الأفلام في هوليوود، لرعاية المواهب المحلية.

وقدمت السعودية حوافز سخية لجذب هوليوود وصناع الأفلام الدوليين الآخرين، بما في ذلك خصم نقدي بنسبة 40 بالمئة. كما أطلقت الصندوق السعودي للأفلام بقيمة 100 مليون دولار في فبراير الماضي، لتعزيز التعاون مع الاستوديوهات العالمية، وفقا لـ"بلومبيرغ".

وكان ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، رفع الحظر على دور السينما عام 2018 كخطوة أولى لتحريك صناعة السينما في البلاد ومحاولة تحويلها إلى مركز سينمائي في الشرق الأوسط.

وبحسب "بلومبيرغ"، تأمل السعودية في ترسيخ جذور صناعتها الخاصة، بما يعكس قيمها وتقاليدها ويساعد في تعزيز المجتمع، حيث يمكن للمواطنين متابعة شغفهم الإبداعي.

وأضافت أن نجاح المملكة والتحدي الأكبر الذي تواجهه الآن، يعتمد على قدرتها على استقطاب الأجانب ذوي الخبرة القادرين على رعاية المواهب المحلية وإظهار كيفية توسيع الصناعة، مشيرة إلى الاستوديو السينمائي الحديث الذي شيدته السعودية على مشارف العلا شمال غربي البلاد، والمقرر افتتاحه خلال وقت لاحق من هذا العام.

ونقلت "بلومبيرغ" عن ستيوارت ساذرلاند، الرئيس التنفيذي لشركة "سلتيك أرابيا"، التي شاركت في الإنتاج السعودي لفيلم "قندهار" لعام 2023، قوله: "تركز الدولة على بناء قاعدة من صانعي الأفلام المحليين، لكن يجب تعزيز ذلك من خلال وجود صناعة دولية قوية تأتي للتصوير هناك".

وأضاف: "نقل المعرفة مهم بشكل لا يُحصى".

وفيلم "قندهار"، الذي أنتجته شركة "Thunder Road Films" ومقرها كاليفورنيا، هو واحد من عدد قليل من الإنتاجات الهوليودية الكبرى التي تم تصويرها في السعودية خلال السنوات الأخيرة.

ومع ذلك، يتعين على فرق الإنتاج الأجنبية أيضا أن تتنقل بين القيود الثقافية والسياسية في السعودية، والتي تتعارض أحيانا مع جهود ولي العهد لفتح البلاد اجتماعيا بشكل أكبر، وفق "بلومبيرغ"، إذ يجب أن توافق السلطات على نصوص الأفلام.

وفي وقت سابق من هذا العام، حكم على المنتج عبدالعزيز المزيني، وهو مواطن أميركي من أصل سعودي بالسجن لمدة 13 عاما والمنع من السفر بعد إدانته بتهم تتعلق بالتطرف.

وكان المزيني يرأس استوديو للرسوم المتحركة في البلاد، ولديه اتفاقية لمدة 5 سنوات مع منصة "نتفلكس"، حيث صدم الحكم العديد من المراقبين؛ لأنه المزيني أشيد به في وقت سابق باعتباره أحد النجوم الصاعدة بصناعة الترفيه المحلية، وفقا لـ"بلومبيرغ".

وكانت هوليوود تقترب بحذر من السعودية في السنوات القليلة الماضية، حيث استخدمت المناظر الطبيعية الخلابة بشكل كبير في أفلام مثل "قندهار" و"Cherry"، وهو فيلم أصلي لشركة آبل بطولة توم هولاند في دور محارب قديم، والذي تم تصويره في العلا وأصدر عام 2021.

لكن لم يتم إكمال كافة مشاهد هذين الفيلمين في السعودية وأطر إلى التصوير في أماكن أخرى، وهي تفاصيل تأمل المملكة في التغلب عليها مع زيادة البنية التحتية المحلية والخبرة، وفقا لـ"بلومبيرغ".

ونقلت الوكالة عن المدير التنفيذي بالإنابة لمؤسسة "فيلم العلا"، زيد شاكر، قوله إن صناعة السينما السعودية "على أعتاب تحول كبير، مدفوعا بالاستثمارات الاستراتيجية في البنية التحتية وتنمية المواهب والتعاون الدولي".

وأضاف: "بالنسبة لهوليوود وغيرها من المشاريع الدولية، فإن إنشاء روابط مع السعودية من شأنه أن يؤدي إلى مشاريع أكثر إثارة للاهتمام على المستوى الإبداعي، كما سيوفر عرضا لمنطقتنا على المسرح العالمي".

ترامب وبن سلمان أثناء حضورهما قمة مجلس التعاون الخليجي في الرياض، 14 مايو 2025. رويترز
ترامب وبن سلمان أثناء حضورهما قمة مجلس التعاون الخليجي في الرياض، 14 مايو 2025. رويترز

قبل أربعة أعوام، وجد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان صعوبة في عقد لقاء مع الرئيس الأميركي آنذاك جو بايدن، الذي قال إنه يريد أن يجعل المملكة منبوذة بعد أن أشارت تقارير إلى أن حاكمها الفعلي أمر بقتل صحفي مقيم في واشنطن.

ولكن الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب أغدق المديح أمس الثلاثاء على الأمير محمد الحاكم الفعلي للسعودية، واصفا إياه بأنه "رجل رائع" و"رجل عظيم"، دون أي إشارة إلى مخاوف متعلقة بحقوق الإنسان في المملكة.

ووسط وميض الكاميرات وتصفيق الحضور في قمة استثمارية في الرياض، حيث بدأ الرئيس الأميركي أول جولة خارجية كبيرة في ولايته الثانية، قال ترامب بحماسة عن الأمير محمد "أنا معجب به كثيرا. أحبه كثيرا".

وإظهار المودة لقائد له تاريخ مثير للجدل يماثل ما كان يفعله ترامب في ولايته الأولى، عندما أقام تحالفا مع الأمير محمد ازداد قوة عبر سنوات من الإطراء المتبادل وعقد الصفقات.

ولا تزال العلاقات راسخة في ما يتعلق بالمصالح المشتركة، إذ يسعى ترامب إلى تحقيق مكاسب اقتصادية كبيرة وإحياء دور الولايات المتحدة في المنطقة، في حين يسعى ولي العهد السعودي إلى كسب تكنولوجيا متقدمة ودعم عسكري وحليف قوي في إطار سعيه لتحديث المملكة وتأكيد ريادتها الإقليمية.

وخلال القمة، وافقت واشنطن على اتفاقية دفاعية بقيمة 142 مليار دولار وتعهدت السعودية بحزمة استثمارات هائلة بقيمة 600 مليار دولار تشمل الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية والطاقة.

وأثارت علاقات ترامب مع ولي العهد السعودي انتقادات من أعضاء بالكونغرس الأميركي ومنظمات لحقوق الإنسان ومحللين معنيين بالسياسة الخارجية لما اعتبروه تفضيل المصالح الاقتصادية على حقوق الإنسان.

وفي حين نفى ولي العهد أي ضلوع له في مقتل الصحفي جمال خاشقجي وأشار إلى إصلاحات مثل تعزيز حقوق المرأة باعتبارها دليلا على التقدم، قال محللون إن هذه التغييرات تقوضها إجراءات صارمة مستمرة ضد المعارضة والحريات السياسية.

ويرتبط ترامب بعلاقات أفضل كثيرا مع الأمير محمد مقارنة بعلاقة سلفه في البيت الأبيض مع ولي العهد السعودي. ومع ذلك، تحول تعامل بايدن مع الأمير محمد إلى علاقات ودية عملية بعد الانتقادات القاسية في البداية.

بايدن اختار إعادة ضبط العلاقات

في عام 2019، توعد الرئيس الديمقراطي بايدن بجعل السعودية "منبوذة" على الساحة العالمية بسبب مقتل خاشقجي وسجلها في مجال حقوق الإنسان.

إلا أن الوقائع الجيوسياسية مثل الارتفاع الهائل في أسعار النفط، ومن أسبابه غزو روسيا لأوكرانيا عام 2022، أبرزت الحاجة إلى التعاون بين واشنطن والرياض.

ودفع ذلك بايدن إلى اتخاذ قرار بإعادة ضبط العلاقات الاستراتيجية، وزار ولي العهد في نهاية المطاف في يوليو تموز 2022.

تبادل الرجلان التحية بقبضة اليد مما أثار انتقادات باعتبارها لفتة ودية مبالغا فيها بالنظر إلى المخاوف المتعلقة بحقوق الإنسان.

لكن مساعديه بالبيت الأبيض قالوا إنها وسيلة لتقليل خطر إصابة بايدن بكوفيد-19.

وتحسنت العلاقات سريعا مع سعي إدارته للتوسط في اتفاق لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل مقابل اتفاقية دفاع أوسع نطاقا مع واشنطن.

إلا أن تلك المساعي أصابها الجمود مع هجوم حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 وحرب إسرائيل اللاحقة على غزة.

وخلال زيارة ترامب أمس الثلاثاء، استقبل ولي العهد الرئيس الأميركي شخصيا واصطحبه في عربة جولف قادها بنفسه قبل مأدبة عشاء رسمية.

وفي لحظة أكدت عمق علاقتهما الشخصية، تعهد ترامب برفع العقوبات الأميركية عن سوريا، في خطوة تمثل تحولا هائلا في الموقف الأميركي قال إنها جاءت بناء على طلب من الأمير محمد بن سلمان.

وقال ترامب "ماذا عساي أن أفعل لولي العهد"، بينما وضع ولي العهد يده على صدره واستهل تصفيقا حارا من الحضور.