بوتين وبن سلمان
من المرجح أن تضر زيادة المملكة في إنتاج النفط، خاصة إذا اقترنت بانخفاض الأسعار، بالاقتصاد الروسي. (أرشيفية-تعبيرية)

ذكرت مجلة "نيوزويك" أن السعودية تستعد لزيادة إنتاج النفط فيما اعتبرته "ضربة" للرئيس الروسي فلاديمير بوتين وتمويل آلة الحرب الروسية على أوكرانيا.

وأوضحت المجلة أن المملكة تستعد للتخلي عن هدف سعر النفط الخام البالغ 100 دولار للبرميل مع تحركها لزيادة الإنتاج، ما يشير إلى قبولها لانخفاض الأسعار، وفقًا لصحيفة "فاينانشال تايمز".

كوشنر أشرف على أول زيارة لترامب إلى السعودية
مولته السعودية بملياري دولار ولم يحقق أي أرباح.. مخاوف من صندوق كوشنر
ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن شركة الأسهم الخاصة التي يديرها جاريد كوشنر، صهر الرئيس السابق دونالد ترامب، حصلت على ما لا يقل عن 112 مليون دولار كرسوم منذ عام 2021 من السعودية ومستثمرين أجانب آخرين، رغم أنها لم تعيد أي أرباح إلى الحكومات التي تمول الشركة إلى حد كبير حتى يوليو.

ووفقا للمجلة، يأتي هذا القرار رغم تخفيضات الإنتاج السابقة من قبل أعضاء أوبك +، والتي سعت إلى إبقاء الأسعار مرتفعة. وانخفضت أسعار خام برنت إلى ما دون 70 دولارًا في وقت سابق من سبتمبر الجاري، وهو أدنى مستوى منذ ديسمبر 2021.

وأشارت إلى أنه رغم ذلك، يخطط المسؤولون لزيادة الإنتاج اعتبارًا من 1 ديسمبر، ما قد يؤدي إلى تمديد فترة انخفاض الأسعار. وهذا يمثل تحولًا عن تركيز السعودية السابق على استقرار الأسعار.

وترى المجلة أنه من المرجح أن تضر زيادة المملكة في إنتاج النفط، خاصة إذا اقترنت بانخفاض الأسعار، بالاقتصاد الروسي، إذ تعتمد روسيا بشكل كبير على عائدات النفط لتمويل اقتصادها ومشاركاتها العسكرية في أوكرانيا.

وقال خبراء لـ"نيوزويك" إن خطوة السعودية من شأنها أن "تضغط" على ميزانية روسيا مع استمرارها في غزو أوكرانيا

الناشط السعودي محمد الغامدي حكم عليه بالإعدام العام الماضي
بعد إلغاء إعدامه.. السجن 30 عاما لمدرس متقاعد "انتقد الفساد" في السعودية
قضت محكمة سعودية بالسجن 30 عاما بحق مواطن ندّد بالفساد وانتهاكات لحقوق الإنسان في المملكة على وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك بعد أقل من شهرين على إلغاء حكم سابق بإعدامه، على ما أفاد شقيقه وكالة فرانس برس، الثلاثاء.

وقالت رئيسة منتدى أوكرانيا في "تشاتام هاوس"، أوريسيا لوتسيفيتش، لمجلة "نيوزويك": "يظل النفط والغاز أحد المصادر الرئيسية لإيرادات ميزانية روسيا.

وأضافت: "حتى الآن، رغم سقف أسعار النفط الذي فرضه الاتحاد الأوروبي، تمكنت روسيا من زيادة تلك المصادر للإيرادات، وهو أمر أساسي لتمويل حربها في أوكرانيا. كما أن انخفاض أسعار النفط، إذا كان كبيرا، من شأنه أن يضيف ضغوطا إضافية على الميزانية الروسية".

وتابعت أن "العقوبات تجعل الوصول إلى الأجزاء أكثر تكلفة بالنسبة لروسيا، لذا فإن الحد من الدخل من النفط سيضع ضغوطًا على النظام".

ومع زيادة السعودية للإمدادات، ذكرت المجلة أن ذلك سيتبعه انخفاضا في أسعار النفط العالمية، ما يضغط على روسيا، خاصة في ظل العقوبات والصراع المستمر في أوكرانيا. 

وأوضحت أنه قد يضعف الاستقرار الاقتصادي في روسيا بسبب انخفاض العائدات من النفط، والتي تمول القطاعات الحكومية الرئيسية، بما في ذلك الجهود العسكرية. وقد تؤدي المنافسة المتزايدة في أسواق النفط إلى تآكل حصة روسيا في السوق، ما يشكل تحديًا لمرونتها المالية.

ووفقا للمجلة، تواجه السعودية ضغوطًا متزايدة على استراتيجيتها في سوق النفط مع ارتفاع العرض من المنتجين من خارج أوبك مثل الولايات المتحدة وضعف الطلب في الصين.

وانخفضت الأسعار بنحو 6 في المئة حتى الآن هذا العام وسط زيادة الإمدادات من منتجين آخرين، وخاصة الولايات المتحدة، بالإضافة إلى ضعف نمو الطلب في الصين، بحسب وكالة "رويترز".

ووافق تحالف أوبك+ في وقت سابق من الشهر على تأجيل زيادة كانت مقررة لإنتاج النفط في أكتوبر لشهرين بعد أن وصلت أسعار الخام إلى أدنى مستوياتها في تسعة أشهر، وقال إنه قد تتوقف مؤقتا عن الزيادة أو تتراجع عنها إذا لزم الأمر.

وذكرت "فاينانشال تايمز" أن التحالف ملتزم بزيادة الإنتاج كما هو مقرر في أول ديسمبر حتى ولو أدى ذلك إلى انخفاض أسعار النفط لفترة أطول.

وهبط خام برنت بنحو 2.6 في المئة إلى 71.57 دولار بحلول الساعة 0745 بتوقيت غرينتش بعد تقرير الصحيفة.

ولم يرد مركز التواصل الحكومي في السعودية على طلب للتعليق حتى الآن.

وذكرت الصحيفة أن السعودية رأت أنها غير مستعدة لمواصلة التنازل عن حصتها في السوق لمنتجي نفط آخرين وتعتقد أن لديها خيارات تمويل تشمل احتياطيات العملة الأجنبية والديون وتكفي لتحمل انخفاض أسعار الخام لفترة.

وتتحمل المملكة، أكبر مُصدر للنفط في العالم، حصة كبيرة من تخفيضات أوبك+ للإنتاج من خلال خفض إنتاجها بنحو مليوني برميل يوميا منذ أواخر عام 2022.

ويخفض أعضاء أوبك+ حاليا الإنتاج بإجمالي 5.86 مليون برميل يوميا، أي ما يعادل حوالي 5.7 بالمئة من الطلب العالمي على النفط.

لكن السعودية زادت الإنتاج من قبل للحفاظ عن حصتها في السوق.

وخاضت السعودية وروسيا حرب أسعار في عام 2020 وأغرقتا الأسواق العالمية بالنفط بعد أن رفضت موسكو دعم قرار أوبك زيادة خفض الإنتاج للتعامل مع تداعيات جائحة كوفيد-19.

وحجبت الرياض في عام 2014 دعوات من بعض أعضاء أوبك لخفض الإنتاج لوقف انخفاض أسعار النفط مما مهد الطريق لمعركة على حصة في السوق بين أوبك والدول المنتجة من خارج المنظمة وسط طفرة في إنتاج النفط الصخري الأميركي.

وقالت أوبك والسعودية مرارا إنهما لا تستهدفان سعرا معينا للنفط وتتخذان القرارات بناء على أساسيات السوق ولتحقيق التوازن بين العرض والطلب.

ترامب وبن سلمان أثناء حضورهما قمة مجلس التعاون الخليجي في الرياض، 14 مايو 2025. رويترز
ترامب وبن سلمان أثناء حضورهما قمة مجلس التعاون الخليجي في الرياض، 14 مايو 2025. رويترز

قبل أربعة أعوام، وجد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان صعوبة في عقد لقاء مع الرئيس الأميركي آنذاك جو بايدن، الذي قال إنه يريد أن يجعل المملكة منبوذة بعد أن أشارت تقارير إلى أن حاكمها الفعلي أمر بقتل صحفي مقيم في واشنطن.

ولكن الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب أغدق المديح أمس الثلاثاء على الأمير محمد الحاكم الفعلي للسعودية، واصفا إياه بأنه "رجل رائع" و"رجل عظيم"، دون أي إشارة إلى مخاوف متعلقة بحقوق الإنسان في المملكة.

ووسط وميض الكاميرات وتصفيق الحضور في قمة استثمارية في الرياض، حيث بدأ الرئيس الأميركي أول جولة خارجية كبيرة في ولايته الثانية، قال ترامب بحماسة عن الأمير محمد "أنا معجب به كثيرا. أحبه كثيرا".

وإظهار المودة لقائد له تاريخ مثير للجدل يماثل ما كان يفعله ترامب في ولايته الأولى، عندما أقام تحالفا مع الأمير محمد ازداد قوة عبر سنوات من الإطراء المتبادل وعقد الصفقات.

ولا تزال العلاقات راسخة في ما يتعلق بالمصالح المشتركة، إذ يسعى ترامب إلى تحقيق مكاسب اقتصادية كبيرة وإحياء دور الولايات المتحدة في المنطقة، في حين يسعى ولي العهد السعودي إلى كسب تكنولوجيا متقدمة ودعم عسكري وحليف قوي في إطار سعيه لتحديث المملكة وتأكيد ريادتها الإقليمية.

وخلال القمة، وافقت واشنطن على اتفاقية دفاعية بقيمة 142 مليار دولار وتعهدت السعودية بحزمة استثمارات هائلة بقيمة 600 مليار دولار تشمل الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية والطاقة.

وأثارت علاقات ترامب مع ولي العهد السعودي انتقادات من أعضاء بالكونغرس الأميركي ومنظمات لحقوق الإنسان ومحللين معنيين بالسياسة الخارجية لما اعتبروه تفضيل المصالح الاقتصادية على حقوق الإنسان.

وفي حين نفى ولي العهد أي ضلوع له في مقتل الصحفي جمال خاشقجي وأشار إلى إصلاحات مثل تعزيز حقوق المرأة باعتبارها دليلا على التقدم، قال محللون إن هذه التغييرات تقوضها إجراءات صارمة مستمرة ضد المعارضة والحريات السياسية.

ويرتبط ترامب بعلاقات أفضل كثيرا مع الأمير محمد مقارنة بعلاقة سلفه في البيت الأبيض مع ولي العهد السعودي. ومع ذلك، تحول تعامل بايدن مع الأمير محمد إلى علاقات ودية عملية بعد الانتقادات القاسية في البداية.

بايدن اختار إعادة ضبط العلاقات

في عام 2019، توعد الرئيس الديمقراطي بايدن بجعل السعودية "منبوذة" على الساحة العالمية بسبب مقتل خاشقجي وسجلها في مجال حقوق الإنسان.

إلا أن الوقائع الجيوسياسية مثل الارتفاع الهائل في أسعار النفط، ومن أسبابه غزو روسيا لأوكرانيا عام 2022، أبرزت الحاجة إلى التعاون بين واشنطن والرياض.

ودفع ذلك بايدن إلى اتخاذ قرار بإعادة ضبط العلاقات الاستراتيجية، وزار ولي العهد في نهاية المطاف في يوليو تموز 2022.

تبادل الرجلان التحية بقبضة اليد مما أثار انتقادات باعتبارها لفتة ودية مبالغا فيها بالنظر إلى المخاوف المتعلقة بحقوق الإنسان.

لكن مساعديه بالبيت الأبيض قالوا إنها وسيلة لتقليل خطر إصابة بايدن بكوفيد-19.

وتحسنت العلاقات سريعا مع سعي إدارته للتوسط في اتفاق لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل مقابل اتفاقية دفاع أوسع نطاقا مع واشنطن.

إلا أن تلك المساعي أصابها الجمود مع هجوم حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 وحرب إسرائيل اللاحقة على غزة.

وخلال زيارة ترامب أمس الثلاثاء، استقبل ولي العهد الرئيس الأميركي شخصيا واصطحبه في عربة جولف قادها بنفسه قبل مأدبة عشاء رسمية.

وفي لحظة أكدت عمق علاقتهما الشخصية، تعهد ترامب برفع العقوبات الأميركية عن سوريا، في خطوة تمثل تحولا هائلا في الموقف الأميركي قال إنها جاءت بناء على طلب من الأمير محمد بن سلمان.

وقال ترامب "ماذا عساي أن أفعل لولي العهد"، بينما وضع ولي العهد يده على صدره واستهل تصفيقا حارا من الحضور.