محمد بن أحمد بن عيد آل هزاع الغامدي اعتقل في فبراير 2018 وفق منظمة سند
محمد بن أحمد بن عيد آل هزاع الغامدي اعتقل في فبراير 2018 وفق منظمة سند | Source: منظمة سند

قالت منظمة "سند" الحقوقية، الاثنين، إنه تم اعتقال رسام كاريكاتير سعودي قبل أكثر من 6 سنوات، قبل أن يتم الحكم عليه بالسجن 23 عاما، بعدما كان الحكم الأصلي هو السجن 6 سنوات، في اتهامات من بينها "التعاطف مع دولة قطر، بصفتها دولة مناهضة ومخالفة لسياسة السعودية"، أثناء فترة المقاطعة التي بدأت في يونيو 2017.

وقالت المنظمة، التي تتخذ من لندن مقرا لها، إنها حصلت على وثائق حصرية تكشف لأول مرة اعتقال السلطات السعودية للمعلم ورسام الكاريكاتير السعودي، محمد بن أحمد بن عيد آل هزاع الغامدي (48 عاما)، في فبراير 2018، على خلفية عمله رسام كاريكاتير في صحيفة "لوسيل: القطرية، رغم توقفه عن العمل فيها قبل فترة وجيزة من اعتقاله.

وكان آل هزاع رساما كاريكاتيريا مستقلا قبل اعتقاله، وعمل لصالح لوسيل أثناء فترة مقاطعة السعودية ودول أخرى لقطر.

وأصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة عليه حكما بالسجن لمدة 6 سنوات ومنعه من السفر مدة مماثلة، وهو الحكم الذي أكمله في فبراير من هذا العام، وفق موقع "ميدل إيست آي" الذي نقل هذه المعلومات عن "سند".

ومع ذلك، أعيد فتح القضية في ديسمبر 2023، وصدر حكم بسجنه لمدة 23 عاما غير قابلة للاستئناف.

وهو يقضي حاليا العقوبة في سجن ذهبان في جدة، وفق تقرير لـ"سند".

ولم يتسن لموقع الحرة التحقق من صحة هذه المعلومات من مصدر مستقل. ولم يصدر بيان رسمي من السلطات السعودية بهذا الشأن على الفور.

وعن تفاصيل الاعتقال والسجن، قالت مصادر لـ"سند" إن السلطات السعودية عينت مخبراً أمنياً لمراقبة آل هزاع، في الفترة التي سبقت اعتقاله، مشيرة إلى أنه بينما كان في رحلة جوية من الباحة إلى جدة لحضور زفاف أحد معارفه، جلس بجانبه أحد العناصر الأمنية بلباس مدني في رحلتي الذهاب والعودة.

وبعد عودته إلى الباحة، وأثناء وجوده في مقهى مع أحد أصدقائه، داهمت قوات الأمن بقيادة نفس العنصر الأمني المكان، حيث تم اعتقاله بطريقة "عنيفة ومهينة".

ثم داهمت القوات منزله حيث كانت زوجته الحامل متواجدة، "وتم تفتيش المنزل دون مراعاة لحالتها الصحية الحساسة، وتمت مصادرة جميع أجهزته ورسوماته، والعبث بمرسمه الخاص في المنزل، وقد تعرض أحد أطفاله عقب اقتحام المنزل إلى انهيار نفسي شديد".

ووجه الادعاء العام لآل هزاع تهم عدة، بينها "التعاطف مع دولة قطر بصفتها دولة مناهضة ومخالفة لسياسة السعودية"، وذلك عبر رسومات كاريكاتيرية، قال الإدعاء إنها بلغت 100 رسم.

واتهم أيضا بتصريح على تويتر يفيد بأن قطر لا تستحق المقاطعة.

وشملت التهم تواصله مع "جهات معادية" للمملكة بناءً على مراسلات مع موظفين في صحيفة لوسيل، بالإضافة إلى متابعة حسابات معارضة للنظام السعودي على منصة "إكس"، وأخرى تابعة لشخصيات عربية بارزة، وتأييد أفكار إرهابية عبر منشورات قام بكتابتها.

ووجه الادعاء له أيضا تهمة الإساءة للحكومة السعودية من خلال رسوم كاريكاتير أيضا.

وفي معرض دفاع آل هزاع عن نفسه، أوضح أنه كان يعمل في صحيفة لوسيل قبل بدء المقاطعة ولم يستمر في العمل عقب القرار إلا فترة وجيزة.

ونفى أن الرسومات الـ100 التي قدمها الادعاء فيها أي إساءة إلى السعودية، وأكد أن معظمها يتعلق بالشأن الداخلي القطري، ولا علاقة لها بالسعودية ولا تسيء إليها، وهي مجمل ما رسمه خلال عمله مع الصحيفة، وليس ما رسم بعد المقاطعة.

وقالت "سند" إنه "تعرض للتعذيب والإكراه على توقيع اعترافات تحت التعذيب، وفي السجن، تم إخفاؤه قسريا لعدة أشهر، وقطع تواصله مع عائلته بالكامل عقب اعتقاله، والتضييق عليهم في الزيارات بعد صدور الحكم، وانقطاع تواصله فترات متلاحقة".

وتشير المنظمة إلى أنه يعاني منذ اعتقاله من مرض السكري ومشاكل في الأعصاب والظهر وغيرها من المشاكل الصحية، وشهدت حالته الصحية "تدهوراً كبيراً بسبب الإهمال الطبي المتعمد، رغم حاجته الماسة للعلاج".

وكانت محكمة سعودية قد قضت بإعدام السعودي محمد الغامدي، في يوليو 2023 بسبب انتقاده للسلطات على منصة "إكس"، علما بأن إجمالي عدد متابعي حسابه يبلغ 10 أشخاص فقط، وبسبب متابعته حسابات ناقدة للحكومة على يوتيوب، وفق منظمات.

السلطات السعودية أصدرت حكما بالإعدام على محمد الغامدي بسبب انتقاداته على مواقع التواصل الاجتماعي
"كان ينفس عن نفسه".. من هو محمد الغامدي الذي أصدرت السعودية حكما بإعدامه؟
قبل وقت قليل من اعتقاله، من قبل السلطات السعودية، في فبراير 2022، اشترى محمد الغامدي (55 عاما)، هاتفا ورقما جديدين، وأنشأ حسابا على موقع "أكس" الذي كان يعرف بـ"تويتر" سابقا، تحت اسم وهمي، "ظنا منه بأنهم لن يصلوا إليه"، بحسب شقيقه سعيد، في حديثه مع موقع "الحرة". 

 

وتنتقد منظمات حقوقية أوضاع حقوق الإنسان في المملكة. وقالت منظمة العفو الدولية إنه منذ تولي ولي العهد، محمد بن سلمان، السلطة، "شهد وضع حقوق الإنسان تدهورا متسارعا، وتنفق السلطات بقيادة محمد بن سلمان، مليارات الدولارات على حملة ترميم للصورة من أجل تلميع سمعة السعودية على المسرح العالمي".

لكن في جلسة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، في يناير الماضي، قالت رئيسة هيئة حقوق الإنسان السعودية، هلا التويجري، إن المملكة حققت "إصلاحات وتطورات تاريخية ونوعية في مختلف مجالات حقوق الإنسان في إطار رؤية المملكة 2030"، مشيرة إلى تحقيق أكثر من 100 إصلاح عموما، وهذه الإصلاحات "لم تتوقف حتى في أشد الظروف التي شغلت العالم مثل جائحة كورونا".

وأوضح الوفد السعودي أن المملكة ألغت الجلد كعقوبة، وألغت إعدام القاصرين، وأكدت استقلالية القضاء، وقال إن العمال المهاجرين يتمتعون الآن بحماية أفضل بموجب القانون.

السعودية تتعرض لانتقادات متكررة لاستخدامها المفرط لعقوبة الإعدام
حملة وتقرير "مسرب".. أين تتجه حقوق الإنسان في السعودية؟
أطلقت منظمة العفو الدولية حملة جديدة قالت إنها تهدف إلى الإفراج عن المسجونين أو المحكوم عليهم بالإعدام في السعودية بسبب حرية التعبير، وتزامنت هذه الحملة مع تقرير للمنظمة أشار إلى "مشروع مسرب" لمسودة نظام للعقوبات هو الأول من نوعه في السعودية.

ترامب وبن سلمان أثناء حضورهما قمة مجلس التعاون الخليجي في الرياض، 14 مايو 2025. رويترز
ترامب وبن سلمان أثناء حضورهما قمة مجلس التعاون الخليجي في الرياض، 14 مايو 2025. رويترز

قبل أربعة أعوام، وجد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان صعوبة في عقد لقاء مع الرئيس الأميركي آنذاك جو بايدن، الذي قال إنه يريد أن يجعل المملكة منبوذة بعد أن أشارت تقارير إلى أن حاكمها الفعلي أمر بقتل صحفي مقيم في واشنطن.

ولكن الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب أغدق المديح أمس الثلاثاء على الأمير محمد الحاكم الفعلي للسعودية، واصفا إياه بأنه "رجل رائع" و"رجل عظيم"، دون أي إشارة إلى مخاوف متعلقة بحقوق الإنسان في المملكة.

ووسط وميض الكاميرات وتصفيق الحضور في قمة استثمارية في الرياض، حيث بدأ الرئيس الأميركي أول جولة خارجية كبيرة في ولايته الثانية، قال ترامب بحماسة عن الأمير محمد "أنا معجب به كثيرا. أحبه كثيرا".

وإظهار المودة لقائد له تاريخ مثير للجدل يماثل ما كان يفعله ترامب في ولايته الأولى، عندما أقام تحالفا مع الأمير محمد ازداد قوة عبر سنوات من الإطراء المتبادل وعقد الصفقات.

ولا تزال العلاقات راسخة في ما يتعلق بالمصالح المشتركة، إذ يسعى ترامب إلى تحقيق مكاسب اقتصادية كبيرة وإحياء دور الولايات المتحدة في المنطقة، في حين يسعى ولي العهد السعودي إلى كسب تكنولوجيا متقدمة ودعم عسكري وحليف قوي في إطار سعيه لتحديث المملكة وتأكيد ريادتها الإقليمية.

وخلال القمة، وافقت واشنطن على اتفاقية دفاعية بقيمة 142 مليار دولار وتعهدت السعودية بحزمة استثمارات هائلة بقيمة 600 مليار دولار تشمل الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية والطاقة.

وأثارت علاقات ترامب مع ولي العهد السعودي انتقادات من أعضاء بالكونغرس الأميركي ومنظمات لحقوق الإنسان ومحللين معنيين بالسياسة الخارجية لما اعتبروه تفضيل المصالح الاقتصادية على حقوق الإنسان.

وفي حين نفى ولي العهد أي ضلوع له في مقتل الصحفي جمال خاشقجي وأشار إلى إصلاحات مثل تعزيز حقوق المرأة باعتبارها دليلا على التقدم، قال محللون إن هذه التغييرات تقوضها إجراءات صارمة مستمرة ضد المعارضة والحريات السياسية.

ويرتبط ترامب بعلاقات أفضل كثيرا مع الأمير محمد مقارنة بعلاقة سلفه في البيت الأبيض مع ولي العهد السعودي. ومع ذلك، تحول تعامل بايدن مع الأمير محمد إلى علاقات ودية عملية بعد الانتقادات القاسية في البداية.

بايدن اختار إعادة ضبط العلاقات

في عام 2019، توعد الرئيس الديمقراطي بايدن بجعل السعودية "منبوذة" على الساحة العالمية بسبب مقتل خاشقجي وسجلها في مجال حقوق الإنسان.

إلا أن الوقائع الجيوسياسية مثل الارتفاع الهائل في أسعار النفط، ومن أسبابه غزو روسيا لأوكرانيا عام 2022، أبرزت الحاجة إلى التعاون بين واشنطن والرياض.

ودفع ذلك بايدن إلى اتخاذ قرار بإعادة ضبط العلاقات الاستراتيجية، وزار ولي العهد في نهاية المطاف في يوليو تموز 2022.

تبادل الرجلان التحية بقبضة اليد مما أثار انتقادات باعتبارها لفتة ودية مبالغا فيها بالنظر إلى المخاوف المتعلقة بحقوق الإنسان.

لكن مساعديه بالبيت الأبيض قالوا إنها وسيلة لتقليل خطر إصابة بايدن بكوفيد-19.

وتحسنت العلاقات سريعا مع سعي إدارته للتوسط في اتفاق لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل مقابل اتفاقية دفاع أوسع نطاقا مع واشنطن.

إلا أن تلك المساعي أصابها الجمود مع هجوم حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 وحرب إسرائيل اللاحقة على غزة.

وخلال زيارة ترامب أمس الثلاثاء، استقبل ولي العهد الرئيس الأميركي شخصيا واصطحبه في عربة جولف قادها بنفسه قبل مأدبة عشاء رسمية.

وفي لحظة أكدت عمق علاقتهما الشخصية، تعهد ترامب برفع العقوبات الأميركية عن سوريا، في خطوة تمثل تحولا هائلا في الموقف الأميركي قال إنها جاءت بناء على طلب من الأمير محمد بن سلمان.

وقال ترامب "ماذا عساي أن أفعل لولي العهد"، بينما وضع ولي العهد يده على صدره واستهل تصفيقا حارا من الحضور.