الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني سابقا) ووزير الخارجية أسعد الشيباني- أ ف ب
الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني سابقا) ووزير الخارجية أسعد الشيباني- أ ف ب

بطائرة تابعة للديوان الملكي السعودي، وصل رئيس الإدارة الانتقالية السورية أحمد الشرع (المعروف سابقا بأبو محمد الجولاني) إلى الرياض، الأحد، برفقة وزير خارجيته أسعد الشيباني.

وقبل أن يلتقي بولي العهد السعودي محمد بن سلمان، كان في استقبال الشرع مسؤولون وأمراء.

وقالت رئاسة الجمهورية العربية السورية عبر حسابها الرسمي على تلغرام، إن الشرع والوفد المرافق له وصلوا إلى قصر اليمامة في العاصمة الرياض للقاء محمد بن سلمان.

وعلى مواقع التواصل، تبادل عشرات السعوديين صور الوفد السوري خلال رحلته من دمشق حتى وصوله، مرفقة بعبارات ترحيب وسعادة.

بعضهم اعتبر أن السعودية هي "البلد الثاني" للشرع. وقال آخر "خرج منها طفلاً بحلم أن يصبح طبيباً وعاد إليها رئيساً لسوريا".

زيارة السعودية هي الأولى خارجيا للشرع منذ الإطاحة بالرئيس السابق للنظام السوري بشار الأسد في 8 ديسمبر 2024.

ونشرت صفحات إعلامية وأخرى لمؤثرين سعوديين في مواقع التواصل، لحظات إقلاع الطائرة السعودية التي حملت الشرع والشيباني للمملكة.

وكتب الأكاديمي السعودي طارق الأحمري على حسابه في "إكس" أن زيارة الشرع تعدّ بروتوكولياً أول زيارة رئاسية سورية رسمية بدعوة من السعودية منذ عام 2006.

وقال إنه وبحسب البروتوكول الرسمي يتم استقبال رؤساء الدول من قِبل أمير المنطقة التي ستهبط فيها طائراتهم.

ولاقى وصول الشرع في طائرة سعودية ترحيباً كبيراً بين السعوديين عبر مواقع التواصل، معربين عن فخرهم ببلدهم الذي يسّر هذه الرحلة "التاريخية".

من بينهم الكاتبة إحسان الفقيه، كتبت "الرئيس السوري أحمد الشرع قال (وُلِدتُّ في الرياض وأعتز بذلك وأشعر بالهوى تجاه المملكة... ومشتاق للعودة إليها)، واليوم طائرة سعودية خاصة تنقله مع وزير الخارجية للرياض".

وكتب السعودي حسام تعليقاً على فيديو الشرع وهو يتناول أول فنجان قهوة عربية في الرياض "يا فخامة الرئيس.. تقهوى وآمن أنت في دار إخوان نورة".

وأضاف "رحل منها طفلا على خطوطها الجوية وعاد إليها رئيساً على طائرتها الملكية".

كذلك، كتب سفير مركز "الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية" فايز المالكي "أهلا أحمد الشرع في بلاد الشرع".

ووسط إعراب العديد من السعوديين عن فخرهم بحكومتهم التي يسرت رحلة الوفد الرئاسي السوري واعتبروه "دليل تقدير واحترام" وأيضاً رغبة في حماية الشرع، علق سوريون على الأمر بالشكر والامتنان.

من بينهم المحلل السياسي محمود الطرن. كتب على حسابه على إكس "نحن الشعب السوري، نتوجه بخالص الشكر لأشقائنا في المملكة على كرم الضيافة وحسن الاستقبال، الذي بدأ قبل وصول رئيس بلادنا لأرض الرياض".

ورغم أن العديد من السوريين أبدى اعتراضه على إعلان الشرع نفسه "رئيساً"، مبدين مخاوفهم من أن يصبح المؤقت دائماً "دون انتخابات ديمقراطية"، رأى فيه آخرون "رجلاً دبلوماسياً" يحاول إخراج البلاد من عزلتها، ورفع العقوبات الاقتصادية عنها.

من جهة أخرى، تطرق بعض السعوديين وغيرهم من دول عربية، إلى مفارقة في تاريخ الشرع، الذي كان مرتبطاً بتنظيمي القاعدة وداعش، واليوم بات "رئيساً يُستقبل في دولة تحارب التنظيمات التكفيرية أساساً".

وقال المتحدث الرسمي باسم منظمة "سند" الحقوقية، فهد الغويدي، في منشور على إكس "بالأمس القريب كان شخصية إرهابية روّعت العالم وسفكت الدماء. اليوم فخامة الرئيس السوري أحمد الشرع".

وأضاف أن "تبدّل المواقف أمر طبيعي في السياسة لكن ماهو غير طبيعي أن تعتبر الحكومة السعودية كل من يمتلك ذاكرة إرهابياً!! نحن فقط نمتلك ذاكرة لن نسمح بمصادرتها من قبل أي أحد".

و"سند"، هي منظمة تعمل في الدفاع عن الحقوق السياسية والمدنية والوقوف ضدّ الاعتقالات التعسفية داخل السعودية.

لوحة إعلانية تروج لاتفاقية سلام مع السعودية
لوحة إعلانية تروج لاتفاقية سلام مع السعودية في تل أبيب

أعادت تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، بشأن إمكانية نقل الفلسطينيين إلى السعودية، ملف التطبيع بين المملكة وإسرائيل إلى الواجهة.

قال نتانياهو في تصريحات تلفزيونية الأحد إن "للسعودية أراض شاسعة يمكنها أن تنقل الفلسطينيين إليها وتُنشئ لهم دولة".

هذه التصريحات، وضعت السعودية التي لمحت في أكثر مرة للتطبيع، بموقف محرج، خاصة في ظل المساعي الأميركية لإضافتها إلى الاتفاقيات "الإبراهيمية".

وبالتالي، يُمكن لمواقف نتانياهو الأخيرة، أن تكون عصا تعرقل عجلة التطبيع بين البلدين التي سارت بشكل جيد في السنوات الأخيرة.

الكاتب والمحلل السياسي السعودي مبارك آل عاتي وصف في مقابلة مع قناة "الحرة" تصريحات نتانياهو بأنها "غير مسؤولة"، واعتبر أنها تعكس حالة من التخبط داخل الحكومة الإسرائيلية.

وأكد المحلل السياسي السعودي أحمد الركبان في مقابلة  مع قناة "الحرة" أيضا، أن المملكة لم تذكر حتى اسم نتانياهو في بيانها الرسمي، ما يعكس موقفها الثابت من اعتبار إسرائيل قوة "احتلال" لا تملك أي شرعية في فلسطين.

وأشار إلى أن "مثل هذه التصريحات الاستفزازية، لن تُقبل بأي حال من الأحوال، وأن السعودية والدول العربية ترفض الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة عبر سياسة العصا والجزرة".

وجاءت التصريحات الإسرائيلية بعد أيام من تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول توجُّه واشنطن للسيطرة على غزة.

في السنوات الأخيرة، تصاعد الحديث عن إمكانية التطبيع بين السعودية وإسرائيل، خاصة بعد اتفاقيات "إبراهيم" التي وقعتها الإمارات والبحرين والسودان والمغرب مع إسرائيل برعاية أميركية.

إلا أن السعودية حافظت على موقفها، بأن أي تطبيع مرهون بتحقيق حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية وفقا لمبادرة السلام العربية لعام 2002، التي تنص على إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 مقابل تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

من جانبه، حاول المستشار السياسي الإسرائيلي ميتشيل باراك التقليل من وقع تصريحات نتانياهو، معتبرا أن الوضع في غزة غير قابل للاستمرار، وأن هناك دورا محتملا لدول مثل السعودية بمساحتها الكبيرة، والأردن ومصر في التعامل مع الأزمة.

وقال خلال مقابلة مع قناة "الحرة" إن "الدولتين الأخيرتين، تحصلان على مساعدات من الولايات المتحدة" في إشارة إلى مصر والأردن.

وحول سبب تصريح نتانياهو في وقت تحاول فيه بلاده إقامة علاقات طبيعية مع السعودية قال باراك: "في الشرق الأوسط، قد تتغير قواعد التفاوض بشكل مفاجئ، ما يثير استياء البعض".

وأضاف أن "فكرة نقل مليوني فلسطيني إلى السعودية ليست واقعية، لكن المملكة لديها قدرات لوجستية هائلة، كما يظهر في موسم الحج، ويمكنها استخدامها لمساعدة غزة، مع احتمال إقامة اللاجئين مؤقتا في مصر أو الأردن".

كان الأمر أقرب من أي وقت مضى أو بالأحرى قاب قوسين أو أدنى قبل هجوم حركة "حماس" في السابع من أكتوبر 2023.

تعطل الأمر لأكثر من 15 شهرا هي المدة التي استمرت فيها الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة.

ويقول الركبان: "لم يكن هناك تقدم في عملية التطبيع الإسرائيلي، خاصة بعد التصعيد الأخير من إسرائيل وحماس، مما أدى إلى إنهاء جميع المحاولات التي قادتها الولايات المتحدة ودول أخرى".

وبعد أن توقفت الحرب جراء اتفاق تم بوساطة قطرية ومصرية وبدعم أميركي، عاد الحديث عن مستقبل التطبيع بين السعودية وإسرائيل.

لكن ما نتج عن الحرب من مقتل نحو 48 ألفا وإصابة أكثر من 100 ألف آخرين معظمهم من النساء والأطفال، وما صاحب ذلك من دمار هائل، يعكر المزاج.

"من الصعب أن تقدم السعودية على التطبيع، إذ إنها تشترط أربعة أمور أساسية: أن تكون القدس عاصمة لفلسطين، عودة المهجّرين الفلسطينيين، إزالة المستوطنات الإسرائيلية، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، في ظل عدم الثقة في التزام إسرائيل بالمعاهدات"، قال الركبان.

وأضاف: "ترى المملكة أن الوقت ليس مناسبا لأي خطوات تطبيعية، حتى لو حاول ترامب تقريب وجهات النظر".

كما أن الطرح الإسرائيلي حول تحميل الدول العربية مسؤولية إعادة إعمار غزة قوبل برفض واسع.

في المقابل قال باراك إن "إسرائيل تدرك أن حل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي بحاجة إلى دعم إقليمي، ولا يمكن تجاهل دور الدول العربية الكبرى مثل السعودية".

"لكن في النهاية، على الفلسطينيين والعرب التعامل مع الواقع الجديد وإيجاد حلول مشتركة للخروج من الأزمات المستمرة" وفقا لقوله.