جانب من العاصمة السعودية الرياض (أرشيفية من فرانس برس)
جانب من العاصمة السعودية الرياض (أرشيفية من فرانس برس)

نفذت السلطات السعودية، الأربعاء، حكم الإعدام بحق مواطنين اثنين، قالت إنهما أقدما على "ارتكاب أفعال مجرمة" تنطوي على "خيانة الوطن" ودعم "الإرهاب".

وقالت وزارة الداخلية السعودية في بيان، إن "سعوديي الجنسية أقدما على ارتكاب أفعالٍ مجرمة تنطوي على خيانة وطنهما، واعتناق منهج إرهابي يستبيحان بموجبه الدماء والأموال والأعراض، ودعم الإرهاب والأعمال الإرهابية".

وأضافت أنهما قاما بـ"إفشاء معلومات سرية، والتخابر مع عناصر إرهابية للقيام بعمليات إرهابية للإخلال بأمن المجتمع واستقراره".

وتابعت أنه "بإحالتهما إلى النيابة العامة، تم توجيه الاتهام إليهما بارتكاب تلك الأفعال المجرمة، وصدر بحقهما من المحكمة المختصة حكم يقضي بثبوت ما نسب إليهما وقتلهما".

وأشارت إلى أن الحكم أصبح "نهائيًا بعد استئنافه ثم تأييده من المحكمة العليا، وتم تنفيذ حكم القتل بالمذكورين اليوم بمنطقة الرياض".

واحتلّت السعودية المرتبة الثالثة على قائمة الدول الأكثر تنفيذا لأحكام الإعدام في العالم، عامي 2022 و2023 بعد الصين وإيران، حسب منظمة العفو الدولية.

ونفذت السعودية 338 حكما بالإعدام في 2024، من بينهم 117 حكما في قضايا المخدرات، وفق حصيلة قياسية أعدتها فرانس برس استنادا إلى بيانات رسمية.

وفي نهاية عام 2022، استأنفت السعودية تطبيق أحكام الإعدام بحق مدانين بجرائم مخدرات في المملكة، مع إعدام 19 شخصا في شهر واحد، بعدما توقّف تنفيذ العقوبة حوالي 3 سنوات.

واعتبرت الأمم المتحدة في 2022، أنّ فرض عقوبة الإعدام على جرائم المخدرات "يتعارض مع القواعد والمعايير الدولية"، داعية السلطات السعودية إلى "اعتماد قرار رسمي بوقف تنفيذ أحكام الإعدام في جرائم المخدرات أو تخفيفها".

وفي أبريل 2023، أطلقت المملكة أكبر حملة ضد المخدرات، شهدت توقيف مروجين ومتعاطين على الطرق العامة عبر البلاد.

وتقول منظمات تدافع عن حقوق الإنسان، إنّ هذه الإعدامات "تقوّض المساعي التي تبذلها المملكة لتلميع صورتها" عبر إقرارها تعديلات اجتماعية واقتصادية ضمن "رؤية 2030" الإصلاحية، التي يقودها ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان.

لكنّ سلطات المملكة الخليجية تؤكد دوما أنّ ذلك يأتي "حرصا على استتباب الأمن وتحقيق العدل".

لوحة إعلانية تروج لاتفاقية سلام مع السعودية
لوحة إعلانية تروج لاتفاقية سلام مع السعودية في تل أبيب

أعادت تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، بشأن إمكانية نقل الفلسطينيين إلى السعودية، ملف التطبيع بين المملكة وإسرائيل إلى الواجهة.

قال نتانياهو في تصريحات تلفزيونية الأحد إن "للسعودية أراض شاسعة يمكنها أن تنقل الفلسطينيين إليها وتُنشئ لهم دولة".

هذه التصريحات، وضعت السعودية التي لمحت في أكثر مرة للتطبيع، بموقف محرج، خاصة في ظل المساعي الأميركية لإضافتها إلى الاتفاقيات "الإبراهيمية".

وبالتالي، يُمكن لمواقف نتانياهو الأخيرة، أن تكون عصا تعرقل عجلة التطبيع بين البلدين التي سارت بشكل جيد في السنوات الأخيرة.

الكاتب والمحلل السياسي السعودي مبارك آل عاتي وصف في مقابلة مع قناة "الحرة" تصريحات نتانياهو بأنها "غير مسؤولة"، واعتبر أنها تعكس حالة من التخبط داخل الحكومة الإسرائيلية.

وأكد المحلل السياسي السعودي أحمد الركبان في مقابلة  مع قناة "الحرة" أيضا، أن المملكة لم تذكر حتى اسم نتانياهو في بيانها الرسمي، ما يعكس موقفها الثابت من اعتبار إسرائيل قوة "احتلال" لا تملك أي شرعية في فلسطين.

وأشار إلى أن "مثل هذه التصريحات الاستفزازية، لن تُقبل بأي حال من الأحوال، وأن السعودية والدول العربية ترفض الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة عبر سياسة العصا والجزرة".

وجاءت التصريحات الإسرائيلية بعد أيام من تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول توجُّه واشنطن للسيطرة على غزة.

في السنوات الأخيرة، تصاعد الحديث عن إمكانية التطبيع بين السعودية وإسرائيل، خاصة بعد اتفاقيات "إبراهيم" التي وقعتها الإمارات والبحرين والسودان والمغرب مع إسرائيل برعاية أميركية.

إلا أن السعودية حافظت على موقفها، بأن أي تطبيع مرهون بتحقيق حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية وفقا لمبادرة السلام العربية لعام 2002، التي تنص على إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 مقابل تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

من جانبه، حاول المستشار السياسي الإسرائيلي ميتشيل باراك التقليل من وقع تصريحات نتانياهو، معتبرا أن الوضع في غزة غير قابل للاستمرار، وأن هناك دورا محتملا لدول مثل السعودية بمساحتها الكبيرة، والأردن ومصر في التعامل مع الأزمة.

وقال خلال مقابلة مع قناة "الحرة" إن "الدولتين الأخيرتين، تحصلان على مساعدات من الولايات المتحدة" في إشارة إلى مصر والأردن.

وحول سبب تصريح نتانياهو في وقت تحاول فيه بلاده إقامة علاقات طبيعية مع السعودية قال باراك: "في الشرق الأوسط، قد تتغير قواعد التفاوض بشكل مفاجئ، ما يثير استياء البعض".

وأضاف أن "فكرة نقل مليوني فلسطيني إلى السعودية ليست واقعية، لكن المملكة لديها قدرات لوجستية هائلة، كما يظهر في موسم الحج، ويمكنها استخدامها لمساعدة غزة، مع احتمال إقامة اللاجئين مؤقتا في مصر أو الأردن".

كان الأمر أقرب من أي وقت مضى أو بالأحرى قاب قوسين أو أدنى قبل هجوم حركة "حماس" في السابع من أكتوبر 2023.

تعطل الأمر لأكثر من 15 شهرا هي المدة التي استمرت فيها الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة.

ويقول الركبان: "لم يكن هناك تقدم في عملية التطبيع الإسرائيلي، خاصة بعد التصعيد الأخير من إسرائيل وحماس، مما أدى إلى إنهاء جميع المحاولات التي قادتها الولايات المتحدة ودول أخرى".

وبعد أن توقفت الحرب جراء اتفاق تم بوساطة قطرية ومصرية وبدعم أميركي، عاد الحديث عن مستقبل التطبيع بين السعودية وإسرائيل.

لكن ما نتج عن الحرب من مقتل نحو 48 ألفا وإصابة أكثر من 100 ألف آخرين معظمهم من النساء والأطفال، وما صاحب ذلك من دمار هائل، يعكر المزاج.

"من الصعب أن تقدم السعودية على التطبيع، إذ إنها تشترط أربعة أمور أساسية: أن تكون القدس عاصمة لفلسطين، عودة المهجّرين الفلسطينيين، إزالة المستوطنات الإسرائيلية، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، في ظل عدم الثقة في التزام إسرائيل بالمعاهدات"، قال الركبان.

وأضاف: "ترى المملكة أن الوقت ليس مناسبا لأي خطوات تطبيعية، حتى لو حاول ترامب تقريب وجهات النظر".

كما أن الطرح الإسرائيلي حول تحميل الدول العربية مسؤولية إعادة إعمار غزة قوبل برفض واسع.

في المقابل قال باراك إن "إسرائيل تدرك أن حل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي بحاجة إلى دعم إقليمي، ولا يمكن تجاهل دور الدول العربية الكبرى مثل السعودية".

"لكن في النهاية، على الفلسطينيين والعرب التعامل مع الواقع الجديد وإيجاد حلول مشتركة للخروج من الأزمات المستمرة" وفقا لقوله.