تستمر المصرية نورا فؤاد، الذي أعدم زوجها في السعودية قبل خمس سنوات بالمطالبة بجثمانه لتتمكن من دفنه وزيارة قبره، مؤكدة قناعتها بأنه تعرض لـ"محاكمة ظالمة".
وأعدمت السعودية السائق المصري معمر القذافي في يناير 2020 بعدما دين بتهريب المخدرات إلى المملكة، وهي جريمة عقوبتها الإعدام في المملكة الخليجية.
وقد أعدمت السعودية 129 أجنبيا في العام 2024 وفقا تعداد لوكالة فرانس برس.
لكنّ زوجته نورا، الأم لثلاثة أبناء، قالت لوكالة فرانس برس عبر الهاتف "زوجي تعرض لفخ واضح من مهربي مخدرات. هو رجل صالح وصحيفته الجنائية في مصر نظيفة".
وكان القذافي ينقل شحنة خضراوات بين محافظة الدقهلية في دلتا النيل ومدينة تبوك في شمال السعودية حين أوقف في أغسطس 2017، ولم تتمكن فؤاد من التواصل معه إلا بعد شهر كما لم تزره مطلقا في السجن لعدم حصولها على تأشيرة.
وتابعت بحسرة في مقابلة عبر الهاتف "لم نتمكن من توكيل محام له لأننا فقراء ليس لدينا أموال كافية"، ما جعله يعتمد حصرا على محام وكلته المحكمة.
وهو ما يتوافق مع ملاحظات جوي شيا الباحثة في منظمة هيومن رايتس ووتش عن إعدامات الأجانب في السعودية.
وقالت شيا لفرانس برس "لا يمكننا أن نقول بشكل عام أن الجميع لم يحصل على محامٍ قط، لكن في 99% من الحالات التي وثقناها لا تتوافر إمكانية الوصول إلى المحامين".
وتابعت "وفي الحالات التي تتوافر فيها إمكانية الوصول إلى المحامين، يتم تعيين محامين لا يبدو أنهم يعملون نيابة عن المتهمين بالفعل".

وحذّر الخبيران الأمميان موريس تيدبول-بينز، وأليس جيل إدواردز في بيان في ديسمبر الماضي من أنّ "إعدام المواطنين الأجانب يتزايد من دون إشعار مسبق للمحكوم عليهم بالعقوبة، أو أسرهم أو ممثّليهم القانونيين".
وهو ما حدث بالضبط مع فؤاد التي لم تحظ أبدا بفرصة توديع زوجها، مما يضاعف من حنقها.
وقالت، وهي تحاول حبس دموعها "لم يتم إبلاغنا قبل إعدامه أو بعده. عرفنا من خلال زملائه ثم تأكدنا من الخبر في الإعلام".
واسترجعت بحزن "ذهبت إلى السفارة السعودية بالقاهرة لطلب استرداد جثمانه ومتعلقاته ولم يفدني أحد".
بعد 6 أشهر حصلت على شهادة وفاته وجواز سفره ووصيته، لكن من دون جثته. وتساءلت بغضب "هل نحن كلاب لتتم معاملتنا هكذا"؟
ولم ترد السلطات السعودية على أسئلة فرانس برس بشأن ضمانات محاكمة الأجانب، أو سبب عدم تسليم جثامينهم لذويهم بعد إعدامهم.
واحتلّت السعودية المرتبة الثالثة على قائمة الدول الأكثر تنفيذا لأحكام الإعدام في العالم في عامي 2022 و2023 بعد الصين وإيران، بحسب منظمة العفو الدولية.
وأعدمت السعودية 338 شخصا في 2024 في عدد قياسي. وفي 2025، أعدمت 56 شخصا من بينهم 22 أجنبيا.

ويسلط إعدام القذافي الضوء على إعدام الأجانب في قضايا المخدرات خصوصا، في المملكة الخليجية الثرية، حيث يتحدث حقوقيون عن ضعف الأدلة ضد المتهمين.
وأعدمت السعودية في 2024 عددا قياسيا من الأجانب بلغ 129 أجنبيا، بينهم 85 في قضايا مخدرات.
وفي العام 2023، كما في 2022، بلغ عدد عمليات إعدام الأجانب 34 فقط، ما دفع خبيرين في مجال حقوق الإنسان في الأمم المتحدة في ديسمبر الفائت للتنديد بتزايد إعدام الأجانب في السعودية.
وشدّد المقرران الأمميان إدواردز وتيدبول بينز في بيانهما على أنّ "المواطنين الأجانب غالبا ما يكونون في وضع ضعيف ويحتاجون لاتخاذ تدابير محددة لضمان وصولهم إلى الضمانات القانونية منذ لحظة إلقاء القبض عليهم ... بما في ذلك الحصول على المساعدة القنصلية".
لكنّ متابعة محاكمات الأجانب في السعودية تشكل معضلة حتى بالنسبة للدبلوماسيين الأجانب.
وقال دبلوماسي أجنبي يعمل في الرياض، فضل عدم ذكر اسمه لوكالة فرانس برس "لا نحصل بالضرورة على المعلومات من السلطات السعودية. وأحيانا نحصل عليها في وقت متأخر جدا للتصرف".
وتتعارض الزيادة الكبيرة في أعداد الإعدامات مع تصريحات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي قال في مقابلة مع مجلة "ذي أتلانتيك" في 2022، إنّ المملكة تخلّصت من عقوبة الإعدام باستثناء حالات القتل أو عندما يهدّد شخص ما حياة الكثير من الأشخاص.
كذلك، تأتي الزيادة الكبيرة في إعدام الأجانب مع الارتفاع الحاد في عمليات الإعدام المرتبطة بقضايا المخدرات التي استأنفتها الرياض في نهاية 2022 بعد توقف استمر قرابة ثلاثة سنوات.
وأعرب المقرران الأمميان إدواردز وتيدبول بينز عن قلقهما كون الأجانب يشكلون "نحو 75% من جميع عمليات الإعدام في جرائم المخدرات في 2024".
وقالا إن "المحاكمات تبدو بعيدة كل البعد عن المعايير الدولية للعدالة والإجراءات القانونية الواجبة".
لكنّ دبلوماسيا عربيا عمل على الملف بشكل مباشر فضل عدم ذكر اسمه لحساسية الأمر قال "لا اعتقد أنّ هناك تمييزا عاما ضد الأجانب خصوصا في قضايا المخدرات"، مشيرا إلى انه تابع "قضايا حكم فيها بالإعدام على سعوديين مع تبرئة أجانب".