عدد قليل من المصريين يتواجد بين صفوف القادة المتطرفين
عدد قليل من المصريين يتواجد بين صفوف القادة المتطرفين

ينظر الكثير من الأميركيين إلى السعودية على أنها الدولة الأكثر ارتباطا بهجمات 11 سبتمبر، بسبب جنسية زعيم القاعدة أسامة بن لادن، غير أن ذلك يحجب دور الكثير من المصريين في الهجمات التي هزت الولايات المتحدة الأميركية.

وينقل تقرير من "مجلس العلاقات الخارجية" وهو معهد أبحاث أميركي مقره نيويورك، أن بن لادن سعودي الجنسية وينحدر من أبرز العائلات في البلاد، كما أن من بين الشبان التسعة عشر الذين نفذوا الهجمات، كان خمسة عشر منهم من السعودية، وهو ما يربط الرياض أكثر بالهجمات.

ويشير التقرير إلى أن ذلك يحجب دور المتشددين المصريين في الهجمات وفي التطرف العابر للحدود، وفي مقدمتهم أيمن الظواهري، قائد تنظيم القاعدة الحالي والذي لايزال على قيد الحياة.

وإضافة إلى محمد عطا، المنحدر من الجيزة، والذي قاد الفرق الأربعة التي ارتكبت هجمات 11 سبتمبر، هناك أيضا قائمة طويلة من المصريين الذين لعبوا أدوارا كقادة ومخططين ولوجستيين ومفكرين في تنظيم "القاعدة".

وتضم القائمة سيف العدل، وهو عقيد مصري مطلوب لدوره في تفجير القاعدة للسفارة الأميركية في نيروبي عام 1998، ولايزال على قيد الحياة.

وعبد الله أحمد عبد الله، الذي كان قائد عمليات القاعدة في شرق أفريقيا، وقتل في عام 2020 في عملية أمرت بها الولايات المتحدة على يد عملاء إسرائيليين.

وعبد الله أبو اليزيد، الذي نقل الأموال للقاعدة وكان حلقة الوصل بين الحركة وطالبان، وقتل في غارة أميركية في 2020.

أما عمر عبد الرحمن، زعيم الجماعة الإسلامية، فكان وراء الهجوم الأول على مركز التجارة العالمي في عام 1993، وتوفي في السجن في 2017.

وكان أبو أيوب المصري، زعيم تنظيم القاعدة في العراق بين عامي 2006 و 2010، وقتل في عام 2010 في غارة مشتركة شنتها القوات العراقية والأميركية.

وتضم القائمة أيضا محمد حسن خليل الحكيم، وكان رئيس قسم الدعاية في القاعدة، وقتل في عام 2008 في غارة جوية أميركية.

إضافة إلى محمد عاطف، الذي خدم في سلاح الجو المصري وأصبح رئيسا للعمليات العسكرية للقاعدة بعد وفاة مصري آخر، هو أبو عبيدة البنشيري، في التسعينيات، وقتل في عام 2001 في غارة جوية أميركية.

ويقول التقرير إن هؤلاء كانوا من أحفاد جيل سابق من الإسلاميين المصريين الذين انشقوا عن قيادة الإخوان المسلمين في الستينيات وتبنوا رسائل سيد قطب، والذي نادى بضرورة تعويض قوانين الإنسان بقوانين الله بالوعظ والإقناع والعنف.

واستغلت المجموعة القوية من المصريين في التنظيم درايتها التنظيمية والخبرة المالية والخبرة العسكرية لشن جهاد عنيف ضد من اعتبروا غير مسلمين ورعاتهم وخاصة الولايات المتحدة.

ويقول التقرير إن هناك تيارين فكريين مختلفين حول سبب إنتاج مصر لهذا العدد الكبير من المتطرفين. الأول يفترض أن السبب هو القمع، الذي كان بدرجات متفاوتة سمة مشتركة في السياسة المصرية منذ حكم جمال عبد الناصر (أوائل الخمسينيات والسبعينية).

والثاني يربط التطرف بأيديولوجية محددة، لا سيما رؤية قطب لإقامة المجتمع الإسلامي. ومن الإنصاف القول إن الجمع بين الاثنين في مصر أنتج جيلا من بعض المتطرفين الأكثر شهرة، بحسب التقرير.

ويرى تقرير المجلس أن النهج الحالي للسطات المصرية في مواجهة التطرف، تجاه تنظيم "ولاية سيناء" يتبع نفس النهج الذي اتبع من السلطات في التسعينيات.

ويخلص التقرير إلى أنه لا شك أن هناك عنصرا أيديولوجيا يستهوي أعضاء الجماعة، لكن قمع السكان في شمال سيناء يلعب أيضا دورا في التجنيد.

وبخلاف الظواهري، لا يوجد حاليا سوى عدد قليل من المصريين بين صفوف القادة المتطرفين. ولكن البوادر تشير إلى المزيد.

ويشرف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بحسب التقرير، على بيئة من "القمع العميق"، فقد أغلق مساحة المعارضة السياسية. فالسجون المصرية، التي كانت مناطق للتطرف في الماضي، مكتظة بمعارضي النظام، بحسب التقرير.

وبحسب التقرير، رغم أن جماعة الإخوان المسلمين تعد هدفا أساسيا لأجهزة الأمن، ولكن هناك عشرات الآلاف من السجناء السياسيين من مشارب مختلفة. ونظرا لمزيج العنف والإكراه الذي تمارسه الدولة، إضافة إلى استمرار الأيديولوجيات المتطرفة، هناك إمكانية لظهور صيغ جديدة من الأفكار والجماعات المتطرفة في مصر.

مقتل الظواهري يكشف قدرة الاستخبارات الأميركية على رصد النشاط الإرهابي في أفغانستان
مقتل الظواهري يكشف قدرة الاستخبارات الأميركية على رصد النشاط الإرهابي في أفغانستان

عدت مجلة "تايم"مقتل زعيم تنظيم القاعدة الإرهابي، أيمن الظواهري، في كابل إنجازا كبيرا لأجهزة الاستخبارات الأميركية ودليل واضح على مدى نفوذها رغم مرور عام على خروج قوات التحالف الدولي من أفغانستان.

ولكن المجلة نقلت عن خبراء في مكافحة الإرهاب أن العملية أظهرت أن التنظيم الإرهابي لا يزال يتمتع بمكانة خاصة لدى حركة طالبان مما يثير الكثير من القلق والترقب.

ونفت طالبان، الخميس، معرفتها بأن الظواهري كان في كابل، في حين أوضح الخبراء للمجلة أن تواجد الظواهري مع عائلته في العاصمة يكشف إلى أي مدى قد منحت طالبان تنظيم القاعدة رخصة للعمل داخل البلاد، وأنها وضعت قادة منها متعاطفين ومتعاونين مع الجماعة الإرهابية في مناصب حكومية عالية.

وكان مستشار الأمن القومي في الإدارة الأميركية، جيف سولفان قد كشف لشبكة "إن بي سي نيوز" عن اعتقاده بأن هناك "أعضاء بارزين في شبكة حقاني ينتمون إلى طالبان يعرفون أن الظواهري كان في كابلل".

ولعب الظواهري دورًا رئيسيًا في التخطيط لهجمات 11 سبتمبر 2001 ، بالإضافة إلى مشاركته في التخطيط للتفجيرات التي استهدفت سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا في العام  1998، وقد تولى زعامة تنظيم القاعدة بعد مصرع المؤسس، أسامة بن لادن، في العام 2011. 

وقال مسؤولون في إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، إن الظواهري كان مسؤولا عن قيادة تلك الجماعة الإرهابية حتى لحظة مقتله.

وأوضح مايكل آلن، الذي شغل  منصب مدير موظفي لجنة المخابرات بمجلس النواب الأميركي من 2011 إلى 2013 إن ظروف عملية التخلص من الظواهري تعيد إلى الأذهان الخط الحازم الذي اتخذته إدارة  الرئيس الأميركي آنذاك، جورج بوش، تجاه البلدان التي سمحت للإرهابيين بالدخول إلى حدودها في أعقاب هجوم 11 سبتمبر. 

وأضاف آلن: "كانت عقيدة بوش تتمحور فيما إذا كنت تؤوي إرهابياً، فسوف نعاملك كما لو كنت إرهابياً.. والظواهري لم يكن يكن إرهابيا عاديا، فقد كان متورطا في هجمات سبتمبر، والاعتداء على سفارات أميركية".

وكان وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكين، قد أكد  في بيان يوم الاثنين أن حركة طالبان "من خلال استضافة وإيواء" زعيم القاعدة في كابول قد خرقت شروط اتفاق الدوحة الذي وقعته في فبراير 2020 مع إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب. 

وكان ترامب قد تعهد بموجب ذلك الاتفاق بإنهاء الوجود العسكري الأميركي في أفغانستان خلال العام 2021، مقابل عدم سماح حركة طالبان باستخدام الجماعات المتطرفة لأراضيها بغية شن هجمات إرهابية  تهدد المصالح الأميركية والغربية.

وأوضح بلينكين أن "طالبان قد انتهكت بشكل صارخ اتفاق الدوحة ولم تحترم تأكيداتها للعالم بأنها لن تسمح باستخدام الأراضي الأفغانية من قبل الإرهابيين لتهديد أمن الدول الأخرى".

طالبان تنفي

وقال مسؤول في طالبان، الخميس، إن الحركة تحقق في "إدعاءات" أميركية بأن زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري قُتل في غارة بطائرة مسيرة في كابل، مؤكدا أنها لم تكن على علم بوجوده في المدينة. 

وذكر مسؤولون أميركيون أن واشنطن قتلت الظواهري بصاروخ أطلقته طائرة مسيرة بينما كان يقف في شرفة مخبأه في كابل يوم الأحد الماضي، في أكبر ضربة للتنظيم منذ مقتل أسامة بن لادن بالرصاص قبل أكثر من عقد.

وقال سهيل شاهين، ممثل طالبان المُعين لدى الأمم المتحدة ومقره الدوحة، للصحفيين في رسالة: "لم تكن الحكومة أو القيادة على علم بهذه المزاعم"، وأضاف "التحقيق جار الآن لمعرفة مدى صحة الإدعاءات"، مشيراً إلى أنه سيتم نشر نتائج التحقيق علناً.

والتزم قادة طالبان الصمت إلى حد كبير بشأن غارة يوم الأحد ولم يؤكدوا وجود أو مقتل الظواهري في كابل، وقالت ثلاثة مصادر في الحركة إن كبار قادة طالبان أجروا مناقشات مطولة بشأن كيفية الرد على الضربة الأمريكية.

وقال شاهين إن إمارة أفغانستان الإسلامية، الاسم الذي تستخدمه طالبان للبلاد وحكومتها، ملتزمة بالاتفاق الموقع في العاصمة القطرية الدوحة، بينما قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن طالبان "انتهكت بشكل صارخ الاتفاق باستضافة الظواهري وإيوائه".

لكن بروس هوفمان، الخبير في مكافحة الإرهاب والأمن الداخلي في "مجلس العلاقات الخارجية" المختص بدراسة الإرهاب وتطور تنظيم القاعدة على مدى عقود، قال إن الظواهري "كان يتلقى معاملة كبار الشخصيات كابل وأنه يمكن للمرء أن يتخيل نوع المعاملة التي يتلقاها مسؤولو ومقاتلو القاعدة الآخرون".

ونبه هوفمان إلى أنه كان قد جرى إطلاق سراح 36 من كبار قادة القاعدة من السجن عندما وصلت طالبان إلى سدة الحكم في منتصف أغسطس من العام الماضي، مشيرا إلى أن وزير الداخلية في الحكومة المؤقتة، سراج الدين حقاني، يعد حليفا مقربا منذ فترة طويلة للتنظيم الإرهابي.

ولفت هوفمان إلى أن حلفاء آخرين للقاعدة من حركة طالبان قد جرى تعيينهم  مسؤولين عن أجهزة المخابرات وخدمات اللاجئين في البلاد وأعطوا مناصب إدارية مهمة في مختلف مقاطعات أفغانستان.

تحذيرات.. ومخاوف

ويحذر خبراء مكافحة الإرهاب من أن دعم طالبان للقاعدة قد يتجاوز مجرد تمكين قادتهم، إذ يقول الباحث البارز في معهد الدفاع عن الديمقراطيات، بيل روجيو، إن الحركة الأصولية قد تسمح مرة أخرى للقاعدة بإقامة معسكرات تدريب في البلاد، وأن أفغانستان قد تصبح منطلقا لتخطيط وتنفيذ هجمات إرهابية،بالإضافة إلى إدارة فروعها في اليمن وسوريا وجميع أنحاء أفريقيا.

وزاد روجيو: "مقتل الظواهري في كابول يكشف إلى أي مدى يعتقد تنظيم القاعدة أن أفغانستان قد أصبحت آمنة بما يكفي لقادتها لتجميع صفوفهم هناك وأنهم بإمكانهم أن يحصلوا على قسط من الراحة هناك".

ويرى روجيو أنه وحتى قبل أن تستعيد طالبان السيطرة على كابول في الصيف الماضي، فإنه قد كان هناك أدلة على أنها سمحت سابقًا للقاعدة بتدريب مقاتلين في مناطق أفغانستان الخاضعة لسيطرتها.

وأوضح أنه في العام 215، "وبينما كانت قوات التحالف الدولي تتواجد داخل البلاد، فقد سمحت الحركة الأصولية لذلك التنظيم الإرهابي بإقامة معسكرات تدريب في مقاطعة قندهار".

وقال روجيو، نقلاً عن وثائق وزارة الخارجية الأميركية، إن الجيش الأميركي قد أغار على المعسكر في أكتوبر من ذلك العام، مما أسفر عن مقتل العشرات من المتدربين في القاعدة.

ووصف الظروف في أفغانستان بأنها ناضجة لإنشاء معسكرات تدريب مماثلة، مضيفا: "لدى الجماعة الإرهابية الآن الوقت والمساحة لإعادة التنظيم والتجمع واستئناف الهجمات ضد الغرب".

وقدر تقرير صادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 15 يوليو أن القاعدة لديها "ملاذ آمن" في أفغانستان، وأن لديها طموحات "ليتم الاعتراف بها مرة أخرى كزعيمة للتنظيمات الأصولية" في باقي أصقاع الكرة الأرضية..

وقال التقرير إن الجماعة، "لا يُنظر إليها على أنها تشكل تهديدًا دوليًا فوريًا من ملاذها الآمن في أفغانستان لأنها تفتقر إلى القدرة التشغيلية الخارجية ولا ترغب حاليًا في التسبب في أي مصاعب أو إحراج دولي لطالبان".

من جانب آخر، أوضح مسؤولو البيت الأبيض أن بايدن أرسل إشارة قاتلة بمقتل الظواهري، ويجب ألا يشعر قادة القاعدة بالأمان في العمل في أفغانستان.

وفي هذا الصدد قال المتحدث باسم الإدارة الأميركية، جون كيربي، أمس الثلاثاء:  "أعتقد أنه إذا كنتم سوف تسألون بعض أعضاء القاعدة  عن مدى شعورهم بالأمان في أفغانستان في الوقت الحالي فسوف يجيبون أنها ليست ملاذا آمنا".