بن لادن كان قد أخبر والدته عشية الهجمات بأنه قد لا يتواصل معها لفترة.
بن لادن كان قد أخبر والدته عشية الهجمات بأنه قد لا يتواصل معها لفترة.

نشرت مجلة "نيوزويك" الأميركية، الجمعة، تقريرا يكشف عن تفاصيل مثيرة للذعر شهدتها الأيام الأخيرة السابقة لتنفيذ تنظيم القاعدة اعتداءه الدامي على أهداف أميركية، في 11 سبتمبر 2001، ما أدى إلى مقتل 2977 شخص، في مواقع مختلفة من الولايات المتحدة.

واتُهم الزعيم السابق لتنظيم القاعدة الإرهابي، أسامة بن لادن، بالتخطيط لتلك الهجمات، ليبقى مُطاردا من قبل واشنطن لسنوات، حتى تمكنت من قتله في نهاية الأمر.

وظهر بين أبرز التفاصيل التي نشرتها المجلة أن بن لادن كان قد اتصل بوالدته التي كانت متواجدة في سوريا، يوم 10 سبتمبر 2001، ليخبرها أنه قد لا يتمكن من التواصل معها لفترة من الوقت، لأن "شيئا كبيرا" كان على وشك أن يحصل.

ووفقا للمجلة، فقد أخطرت السلطات الأمنية الأميركية الرئيس السابق، جورج دبليو بوش، بشأن هجمات محتملة كان بن لادن يخطط لشنها في الولايات المتحدة، في يوم 6 أغسطس 2001.

وجاء في التفاصيل أن أحد خاطفي الطائرات، مروان الشحي، كان قد دفع، في 8 أغسطس، رسوما لممارسة مهارات الطيران في مركز "كمبر" للطيران، في ولاية فلوريدا.

وفي 10 أغسطس، استقل الخاطف الذي هاجم مبنى البنتاغون لاحقا، هاني حنجور، رحلة جوية بهدف استكشاف منطقة العاصمة واشنطن من الجو.

وفي 11 أغسطس، تواصل أحد مدربي الطيران في ولاية مينيسوتا مع مكتب التحقيقات الفيدرالية "FBI"، لإبلاغهم عن اشتباهه بأحد أعضاء فرقة الاختطاف، وهو زكريا موسوي، الذي كان طالبا في أكاديمية للطيران، وتم احتجازه لاحقا.

وفي 12 أغسطس، استقل كبير المخططين للهجمات، محمد عطا، رحلة حملته إلى مدينة لاس فيغاس، لمناقشة هدف الهجمات مع طيارين آخرين.

وفي 16 أغسطس، حذرت إدارة الطيران الفيدرالية من إرهابيين قد يستخدمون أسلحة لاختطاف طائرة.

وفي يوم 17 أغسطس، حلّق الخاطف، زياد جراح، بجولة فحص للأنظمة المحمولة جوا في مدرسة طيران في فلوريدا.

وفي 18 أغسطس، بات مكتب التحقيقات الفيدرالية يعتقد بأن موسوي وشريكه في السكن هما جزء من مخطط أكبر حجما لجماعة متطرفة.

وفي 21 أغسطس، تمكن مكتب التحقيقات الفيدرالية من تحديد هوية عنصرين يتبعان لعمليات القاعدة، وأنهما لا يزالان على الأراضي الأميركية، هما خالد المحضار ونواف الحازمي.

وفي 22 أغسطس، أخبرت السلطات العملاء الفيدراليين في مينيسوتا بأنهم كانوا يبالغون في ردة فعلهم حيال موسوي.

وفي 23 أغسطس، طلب مكتب التحقيقات الفيدرالية إدراج المحضار والحازمي على لوائح مراقبة الخارجية الأميركية.

وفي 24 أغسطس، حذّرت المخابرات الأردنية من أن العضو في تنظيم القاعدة، أبو زبيدة، كان يخطط لشن اعتداءات في داخل الولايات المتحدة.

وفي 25 أغسطس، اشترى عطا تذاكر لرحلات من المخطط أن تقلع في صباح 11 سبتمبر.

وفي 3 من سبتمبر، توجه الشحي إلى أحد متاجر "وولمارت" في فلوريدا، وابتاع أغراضا من الممكن أن يصنع بها شيئا يشبه في شكله القنبلة.

وفي 4 سبتمبر، شهد البيت الأبيض اجتماعا، لأول مرة، لمناقشة السياسات المخصصة للتعامل مع الإرهاب، وتنظيم القاعدة.

وفي 5 سبتمبر، أرسل مكتب التحقيقات الفيدرالية تقريرا وإيجازات إلى سلطة الطيران الفيدرالية المحلية في مينيابوليس، محذرا من تهديدات محتملة لاختطاف طائرات تعود لشركات كبيرة.

وفي 8 سبتمبر، حذرت وكالة الأمن القومي من هجمات إرهابية وشيكة محتملة.

وفي 10 سبتمبر، اتصل بن لادن بوالدته، علياء، ليخبرها بأنه قد لا يتمكن من رؤيتها لفترة من الزمن، بسبب "شيء كبير" كان على وشك أن يحصل.

وفي 11 سبتمبر استفاق الأميركيون والعالم على الاعتداء الإرهاب الأضخم على الأراضي الأميركية والذي خلف نحو 3 آلاف قتيل.

 

مقتل الظواهري يكشف قدرة الاستخبارات الأميركية على رصد النشاط الإرهابي في أفغانستان
مقتل الظواهري يكشف قدرة الاستخبارات الأميركية على رصد النشاط الإرهابي في أفغانستان

عدت مجلة "تايم"مقتل زعيم تنظيم القاعدة الإرهابي، أيمن الظواهري، في كابل إنجازا كبيرا لأجهزة الاستخبارات الأميركية ودليل واضح على مدى نفوذها رغم مرور عام على خروج قوات التحالف الدولي من أفغانستان.

ولكن المجلة نقلت عن خبراء في مكافحة الإرهاب أن العملية أظهرت أن التنظيم الإرهابي لا يزال يتمتع بمكانة خاصة لدى حركة طالبان مما يثير الكثير من القلق والترقب.

ونفت طالبان، الخميس، معرفتها بأن الظواهري كان في كابل، في حين أوضح الخبراء للمجلة أن تواجد الظواهري مع عائلته في العاصمة يكشف إلى أي مدى قد منحت طالبان تنظيم القاعدة رخصة للعمل داخل البلاد، وأنها وضعت قادة منها متعاطفين ومتعاونين مع الجماعة الإرهابية في مناصب حكومية عالية.

وكان مستشار الأمن القومي في الإدارة الأميركية، جيف سولفان قد كشف لشبكة "إن بي سي نيوز" عن اعتقاده بأن هناك "أعضاء بارزين في شبكة حقاني ينتمون إلى طالبان يعرفون أن الظواهري كان في كابلل".

ولعب الظواهري دورًا رئيسيًا في التخطيط لهجمات 11 سبتمبر 2001 ، بالإضافة إلى مشاركته في التخطيط للتفجيرات التي استهدفت سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا في العام  1998، وقد تولى زعامة تنظيم القاعدة بعد مصرع المؤسس، أسامة بن لادن، في العام 2011. 

وقال مسؤولون في إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، إن الظواهري كان مسؤولا عن قيادة تلك الجماعة الإرهابية حتى لحظة مقتله.

وأوضح مايكل آلن، الذي شغل  منصب مدير موظفي لجنة المخابرات بمجلس النواب الأميركي من 2011 إلى 2013 إن ظروف عملية التخلص من الظواهري تعيد إلى الأذهان الخط الحازم الذي اتخذته إدارة  الرئيس الأميركي آنذاك، جورج بوش، تجاه البلدان التي سمحت للإرهابيين بالدخول إلى حدودها في أعقاب هجوم 11 سبتمبر. 

وأضاف آلن: "كانت عقيدة بوش تتمحور فيما إذا كنت تؤوي إرهابياً، فسوف نعاملك كما لو كنت إرهابياً.. والظواهري لم يكن يكن إرهابيا عاديا، فقد كان متورطا في هجمات سبتمبر، والاعتداء على سفارات أميركية".

وكان وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكين، قد أكد  في بيان يوم الاثنين أن حركة طالبان "من خلال استضافة وإيواء" زعيم القاعدة في كابول قد خرقت شروط اتفاق الدوحة الذي وقعته في فبراير 2020 مع إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب. 

وكان ترامب قد تعهد بموجب ذلك الاتفاق بإنهاء الوجود العسكري الأميركي في أفغانستان خلال العام 2021، مقابل عدم سماح حركة طالبان باستخدام الجماعات المتطرفة لأراضيها بغية شن هجمات إرهابية  تهدد المصالح الأميركية والغربية.

وأوضح بلينكين أن "طالبان قد انتهكت بشكل صارخ اتفاق الدوحة ولم تحترم تأكيداتها للعالم بأنها لن تسمح باستخدام الأراضي الأفغانية من قبل الإرهابيين لتهديد أمن الدول الأخرى".

طالبان تنفي

وقال مسؤول في طالبان، الخميس، إن الحركة تحقق في "إدعاءات" أميركية بأن زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري قُتل في غارة بطائرة مسيرة في كابل، مؤكدا أنها لم تكن على علم بوجوده في المدينة. 

وذكر مسؤولون أميركيون أن واشنطن قتلت الظواهري بصاروخ أطلقته طائرة مسيرة بينما كان يقف في شرفة مخبأه في كابل يوم الأحد الماضي، في أكبر ضربة للتنظيم منذ مقتل أسامة بن لادن بالرصاص قبل أكثر من عقد.

وقال سهيل شاهين، ممثل طالبان المُعين لدى الأمم المتحدة ومقره الدوحة، للصحفيين في رسالة: "لم تكن الحكومة أو القيادة على علم بهذه المزاعم"، وأضاف "التحقيق جار الآن لمعرفة مدى صحة الإدعاءات"، مشيراً إلى أنه سيتم نشر نتائج التحقيق علناً.

والتزم قادة طالبان الصمت إلى حد كبير بشأن غارة يوم الأحد ولم يؤكدوا وجود أو مقتل الظواهري في كابل، وقالت ثلاثة مصادر في الحركة إن كبار قادة طالبان أجروا مناقشات مطولة بشأن كيفية الرد على الضربة الأمريكية.

وقال شاهين إن إمارة أفغانستان الإسلامية، الاسم الذي تستخدمه طالبان للبلاد وحكومتها، ملتزمة بالاتفاق الموقع في العاصمة القطرية الدوحة، بينما قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن طالبان "انتهكت بشكل صارخ الاتفاق باستضافة الظواهري وإيوائه".

لكن بروس هوفمان، الخبير في مكافحة الإرهاب والأمن الداخلي في "مجلس العلاقات الخارجية" المختص بدراسة الإرهاب وتطور تنظيم القاعدة على مدى عقود، قال إن الظواهري "كان يتلقى معاملة كبار الشخصيات كابل وأنه يمكن للمرء أن يتخيل نوع المعاملة التي يتلقاها مسؤولو ومقاتلو القاعدة الآخرون".

ونبه هوفمان إلى أنه كان قد جرى إطلاق سراح 36 من كبار قادة القاعدة من السجن عندما وصلت طالبان إلى سدة الحكم في منتصف أغسطس من العام الماضي، مشيرا إلى أن وزير الداخلية في الحكومة المؤقتة، سراج الدين حقاني، يعد حليفا مقربا منذ فترة طويلة للتنظيم الإرهابي.

ولفت هوفمان إلى أن حلفاء آخرين للقاعدة من حركة طالبان قد جرى تعيينهم  مسؤولين عن أجهزة المخابرات وخدمات اللاجئين في البلاد وأعطوا مناصب إدارية مهمة في مختلف مقاطعات أفغانستان.

تحذيرات.. ومخاوف

ويحذر خبراء مكافحة الإرهاب من أن دعم طالبان للقاعدة قد يتجاوز مجرد تمكين قادتهم، إذ يقول الباحث البارز في معهد الدفاع عن الديمقراطيات، بيل روجيو، إن الحركة الأصولية قد تسمح مرة أخرى للقاعدة بإقامة معسكرات تدريب في البلاد، وأن أفغانستان قد تصبح منطلقا لتخطيط وتنفيذ هجمات إرهابية،بالإضافة إلى إدارة فروعها في اليمن وسوريا وجميع أنحاء أفريقيا.

وزاد روجيو: "مقتل الظواهري في كابول يكشف إلى أي مدى يعتقد تنظيم القاعدة أن أفغانستان قد أصبحت آمنة بما يكفي لقادتها لتجميع صفوفهم هناك وأنهم بإمكانهم أن يحصلوا على قسط من الراحة هناك".

ويرى روجيو أنه وحتى قبل أن تستعيد طالبان السيطرة على كابول في الصيف الماضي، فإنه قد كان هناك أدلة على أنها سمحت سابقًا للقاعدة بتدريب مقاتلين في مناطق أفغانستان الخاضعة لسيطرتها.

وأوضح أنه في العام 215، "وبينما كانت قوات التحالف الدولي تتواجد داخل البلاد، فقد سمحت الحركة الأصولية لذلك التنظيم الإرهابي بإقامة معسكرات تدريب في مقاطعة قندهار".

وقال روجيو، نقلاً عن وثائق وزارة الخارجية الأميركية، إن الجيش الأميركي قد أغار على المعسكر في أكتوبر من ذلك العام، مما أسفر عن مقتل العشرات من المتدربين في القاعدة.

ووصف الظروف في أفغانستان بأنها ناضجة لإنشاء معسكرات تدريب مماثلة، مضيفا: "لدى الجماعة الإرهابية الآن الوقت والمساحة لإعادة التنظيم والتجمع واستئناف الهجمات ضد الغرب".

وقدر تقرير صادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 15 يوليو أن القاعدة لديها "ملاذ آمن" في أفغانستان، وأن لديها طموحات "ليتم الاعتراف بها مرة أخرى كزعيمة للتنظيمات الأصولية" في باقي أصقاع الكرة الأرضية..

وقال التقرير إن الجماعة، "لا يُنظر إليها على أنها تشكل تهديدًا دوليًا فوريًا من ملاذها الآمن في أفغانستان لأنها تفتقر إلى القدرة التشغيلية الخارجية ولا ترغب حاليًا في التسبب في أي مصاعب أو إحراج دولي لطالبان".

من جانب آخر، أوضح مسؤولو البيت الأبيض أن بايدن أرسل إشارة قاتلة بمقتل الظواهري، ويجب ألا يشعر قادة القاعدة بالأمان في العمل في أفغانستان.

وفي هذا الصدد قال المتحدث باسم الإدارة الأميركية، جون كيربي، أمس الثلاثاء:  "أعتقد أنه إذا كنتم سوف تسألون بعض أعضاء القاعدة  عن مدى شعورهم بالأمان في أفغانستان في الوقت الحالي فسوف يجيبون أنها ليست ملاذا آمنا".