المسلمون والعرب في أميركا عانوا من صدمة ثلاثة بعد أحداث 11 سبتمبر
المسلمون والعرب في أميركا عانوا من صدمة ثلاثة بعد أحداث 11 سبتمبر

بعد عشرين عاما، لا تزال  منى عامر، طالبة دراسات عليا في توليدو بولاية أوهايو آنذاك، تذكر لحظة تلقيها خبر  هجمات 11 سبتمبر، وهي في المحاضرة مع زملائها وأستاذها، وكيف اجتمعوا حول تليفزيون لمتابعة الأخبار.

وتقول عامر لموقع صوت أميركا: "أتذكر الشعور بالصدمة والخوف والارتباك واليأس من مشاهدة الأبراج التي تتساقط على الأرض". وأضافت: "عندما بدأت القنوات الإخبارية في التكهن بالخلفية الإسلامية والعربية لمنفذي الحادث، شعرت بالانفصال عن أي شخص آخر. وأدركت على الفور أن حياتي ستتغير بعد ذلك".

كانت هجمات 11 سبتمبر سلسلة من أربعة أحداث، تمكن فيها 19 إرهابي من تنظيم القاعدة من خطف 4 طائرات ركاب، ومهاجمة برجي التجارة العالمي في نيويورك، ومقر البنتاغون، أما الطائرة الرابعة تحطمت في حقل بالقرب من شانكسفيل، بنسلفانيا، قبل مهاجمة مبنى الكابيتول على الأرجح. وأسفرت الحوادث عن مقتل ما يقرب من 3000 شخص. 

 صدمة ثلاثية

بصفتها امرأة مسلمة ترتدي الحجاب، تقول عامر إنها عانت من التمييز قبل 11 سبتمبر، مثل رفض البعض تأجير شقة لها. وأكدت أنها بعد الحادث شعرت بنظرات الناس التي لا هوادة فيها إليها في كل مكان ذهبت إليه، لدرجة أنها فكرت في ترك مشروعها البحثي.

تقول: "كنت أدرس الصحة العقلية للأمريكيين العرب في ذلك الوقت، ونصحتني أستاذتي بالكلية تعليق بحثي مؤقتًا حتى لا أجتذب مراقبة السلطات". وتابعت "بعد أن عدت لاحقًا إلى البحث ونشرت بعض النتائج في وسائل الإعلام، تلقيت رسائل بريد إلكتروني مروعة، بما في ذلك تهديدات بالقتل".

كانت عامر من بين العديد من الأميركيين العرب والمسلمين الذين أصيبوا بصدمة ثلاثية من الهجمات الإرهابية، كما تقول وهيبة أبو راس، الأستاذة في كلية الخدمة الاجتماعية بجامعة أديلفي في جاردن سيتي، نيويورك.

وأوضحت أبو راس: "أولاً، تأثروا بالصدمة نفسها، لأنه كان هجومًا مروعًا. ثانياً، لقد أصيبوا بصدمة جراء الهجمات ورد الفعل العنيف الذي تلقوه من نظرائهم ... الشعب الأميركي. وثالثًا، من خلال السياسات التي وضعتها الحكومة التي فحصت حقًا العرب الأميركيين".

استهدفت سياسات ومبادرات "مكافحة الإرهاب" للحكومة الأميركية التي تم إطلاقها بعد الهجمات الإرهابية العرب والمسلمين في الولايات المتحدة. ومن بين 20 سياسة ومبادرة تم تنفيذها في الأشهر الـ 12 الأولى بعد 11 سبتمبر، استهدفت 15 سياسة ومبادرة صراحة العرب والمسلمين.

على سبيل المثال، في نوفمبر 2001، قالت وزارة العدل إنها تخطط لإجراء مقابلات مع 5000 شخص من دول عربية وإسلامية كانوا في الولايات المتحدة بتأشيرات مهاجرين غير شرعيين. وسيتم استجواب هؤلاء الأشخاص حول علاقتهم بالحادث الإرهابي. وفي يونيو 2002، طُلب من جميع الرجال المسلمين والعرب التسجيل لأخذ بصمات أصابعهم. 

في هذه الأثناء، وضعت شرطة نيويورك الشركات والمطاعم والمنظمات المجتمعية المملوكة لمسلمين تحت المراقبة. امتد برنامج التجسس، الذي استمر من عام 2002 حتى عام 2014، إلى ولاية بنسلفانيا وكونيتيكت ونيوجيرزي وخارجها. واعترفت شرطة نيويورك لاحقًا بأن البرنامج لم يؤد إلى أي خيوط أو اعتقالات.

الشعور بالكراهية

كما واجه العرب والمسلمون في الولايات المتحدة زيادة في جرائم الكراهية. كانت الفترة التي تلت 11 سبتمبر هي أسوأ فترة لجرائم الكراهية ضد العرب والمسلمين، وفقًا لبريان ليفين، مدير مركز دراسة الكراهية والتطرف في جامعة ولاية كاليفورنيا.

ويقول ليفين: "لقد شهدت جرائم الكراهية ضد المسلمين تصاعدًا لم نشهده من قبل. ارتفعت من 30 حادث في العام قبل 11 سبتمبر إلى 481 في عام 2001، أغلبهم في الأسابيع الأولى بعد الحادث".

وتقول عامر إن الدراسات التي أجريت في أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر أظهرت أن النظر بعين الشك من قبل بعض المواطنين والحكومة كان له تأثير نفسي عميق على المسلمين الأميركين والعرب والعرب.

وتابعت عامر، التي  تعمل الآن أستاذًا في علم النفس الإكلينيكي والمجتمعي بالجامعة الأمريكية بالقاهرة: "كان لدى المسلمين في الولايات المتحدة معدلات أعلى من الاكتئاب والقلق والخوف". 

وأفاد الأميركيون العرب أنهم شعروا بمزيد من الحزن والاكتئاب والقلق والشعور بعدم الأمان. 

إرث 11 سبتمبر

وأكدت عامر أن الهجمات أثارت موجة من التفكير في الهوية الدينية للأميركيين المسلميين. وقالت: "بدأ الناس في التفكير ماذا يقول ديني؟ وما هي أهمية ديني بالنسبة لي؟ وهل أريد أن أمثل ديني؟".

وأظهرت تقارير في وسائل الإعلام أن بعض النساء المسلمات بدأن يخلعن حجابهن. ومن ناحية أخرى، ذهب العديد من المسلمين في الاتجاه الآخر من حيث محاولة تمثيل دينهم، والمشاركة بشكل أكبر في الحوار بين الأديان .

وقد يكون هذا هو الإرث الإيجابي لأحداث 11 سبتمبر للأميركيين العرب والمسلمين. بمجرد أن شعروا بالشك فيهم، أدركوا الحاجة إلى بناء تحالفات مع المجتمعات الأخرى.

تقول أبو راس: "إنهم يريدون حقاً محاربة الخوف، ومن أجل محاربة خوفهم، عليهم أن يحشدوا أنفسهم والآخرين لدعمهم. رأيت مجموعة جديدة ومتعلمة وواعية من المسلمين الذين يحاولون استخدام العمل التطوعي. كانوا أكثر حماسًا ورغبة في الانخراط في الحياة المدنية الأميركية بشكل عام، والمشاركة في أنشطة المجتمع".

لقد أدرك العرب والمسلمون في الولايات المتحدة أنهم إذا أرادوا الحصول على دعم من الأميركيين الآخرين للدفاع عن حقوقهم المدنية، فإنهم بحاجة إلى بناء علاقات أقوى مع الآخرين.

مقتل الظواهري يكشف قدرة الاستخبارات الأميركية على رصد النشاط الإرهابي في أفغانستان
مقتل الظواهري يكشف قدرة الاستخبارات الأميركية على رصد النشاط الإرهابي في أفغانستان

عدت مجلة "تايم"مقتل زعيم تنظيم القاعدة الإرهابي، أيمن الظواهري، في كابل إنجازا كبيرا لأجهزة الاستخبارات الأميركية ودليل واضح على مدى نفوذها رغم مرور عام على خروج قوات التحالف الدولي من أفغانستان.

ولكن المجلة نقلت عن خبراء في مكافحة الإرهاب أن العملية أظهرت أن التنظيم الإرهابي لا يزال يتمتع بمكانة خاصة لدى حركة طالبان مما يثير الكثير من القلق والترقب.

ونفت طالبان، الخميس، معرفتها بأن الظواهري كان في كابل، في حين أوضح الخبراء للمجلة أن تواجد الظواهري مع عائلته في العاصمة يكشف إلى أي مدى قد منحت طالبان تنظيم القاعدة رخصة للعمل داخل البلاد، وأنها وضعت قادة منها متعاطفين ومتعاونين مع الجماعة الإرهابية في مناصب حكومية عالية.

وكان مستشار الأمن القومي في الإدارة الأميركية، جيف سولفان قد كشف لشبكة "إن بي سي نيوز" عن اعتقاده بأن هناك "أعضاء بارزين في شبكة حقاني ينتمون إلى طالبان يعرفون أن الظواهري كان في كابلل".

ولعب الظواهري دورًا رئيسيًا في التخطيط لهجمات 11 سبتمبر 2001 ، بالإضافة إلى مشاركته في التخطيط للتفجيرات التي استهدفت سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا في العام  1998، وقد تولى زعامة تنظيم القاعدة بعد مصرع المؤسس، أسامة بن لادن، في العام 2011. 

وقال مسؤولون في إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، إن الظواهري كان مسؤولا عن قيادة تلك الجماعة الإرهابية حتى لحظة مقتله.

وأوضح مايكل آلن، الذي شغل  منصب مدير موظفي لجنة المخابرات بمجلس النواب الأميركي من 2011 إلى 2013 إن ظروف عملية التخلص من الظواهري تعيد إلى الأذهان الخط الحازم الذي اتخذته إدارة  الرئيس الأميركي آنذاك، جورج بوش، تجاه البلدان التي سمحت للإرهابيين بالدخول إلى حدودها في أعقاب هجوم 11 سبتمبر. 

وأضاف آلن: "كانت عقيدة بوش تتمحور فيما إذا كنت تؤوي إرهابياً، فسوف نعاملك كما لو كنت إرهابياً.. والظواهري لم يكن يكن إرهابيا عاديا، فقد كان متورطا في هجمات سبتمبر، والاعتداء على سفارات أميركية".

وكان وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكين، قد أكد  في بيان يوم الاثنين أن حركة طالبان "من خلال استضافة وإيواء" زعيم القاعدة في كابول قد خرقت شروط اتفاق الدوحة الذي وقعته في فبراير 2020 مع إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب. 

وكان ترامب قد تعهد بموجب ذلك الاتفاق بإنهاء الوجود العسكري الأميركي في أفغانستان خلال العام 2021، مقابل عدم سماح حركة طالبان باستخدام الجماعات المتطرفة لأراضيها بغية شن هجمات إرهابية  تهدد المصالح الأميركية والغربية.

وأوضح بلينكين أن "طالبان قد انتهكت بشكل صارخ اتفاق الدوحة ولم تحترم تأكيداتها للعالم بأنها لن تسمح باستخدام الأراضي الأفغانية من قبل الإرهابيين لتهديد أمن الدول الأخرى".

طالبان تنفي

وقال مسؤول في طالبان، الخميس، إن الحركة تحقق في "إدعاءات" أميركية بأن زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري قُتل في غارة بطائرة مسيرة في كابل، مؤكدا أنها لم تكن على علم بوجوده في المدينة. 

وذكر مسؤولون أميركيون أن واشنطن قتلت الظواهري بصاروخ أطلقته طائرة مسيرة بينما كان يقف في شرفة مخبأه في كابل يوم الأحد الماضي، في أكبر ضربة للتنظيم منذ مقتل أسامة بن لادن بالرصاص قبل أكثر من عقد.

وقال سهيل شاهين، ممثل طالبان المُعين لدى الأمم المتحدة ومقره الدوحة، للصحفيين في رسالة: "لم تكن الحكومة أو القيادة على علم بهذه المزاعم"، وأضاف "التحقيق جار الآن لمعرفة مدى صحة الإدعاءات"، مشيراً إلى أنه سيتم نشر نتائج التحقيق علناً.

والتزم قادة طالبان الصمت إلى حد كبير بشأن غارة يوم الأحد ولم يؤكدوا وجود أو مقتل الظواهري في كابل، وقالت ثلاثة مصادر في الحركة إن كبار قادة طالبان أجروا مناقشات مطولة بشأن كيفية الرد على الضربة الأمريكية.

وقال شاهين إن إمارة أفغانستان الإسلامية، الاسم الذي تستخدمه طالبان للبلاد وحكومتها، ملتزمة بالاتفاق الموقع في العاصمة القطرية الدوحة، بينما قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن طالبان "انتهكت بشكل صارخ الاتفاق باستضافة الظواهري وإيوائه".

لكن بروس هوفمان، الخبير في مكافحة الإرهاب والأمن الداخلي في "مجلس العلاقات الخارجية" المختص بدراسة الإرهاب وتطور تنظيم القاعدة على مدى عقود، قال إن الظواهري "كان يتلقى معاملة كبار الشخصيات كابل وأنه يمكن للمرء أن يتخيل نوع المعاملة التي يتلقاها مسؤولو ومقاتلو القاعدة الآخرون".

ونبه هوفمان إلى أنه كان قد جرى إطلاق سراح 36 من كبار قادة القاعدة من السجن عندما وصلت طالبان إلى سدة الحكم في منتصف أغسطس من العام الماضي، مشيرا إلى أن وزير الداخلية في الحكومة المؤقتة، سراج الدين حقاني، يعد حليفا مقربا منذ فترة طويلة للتنظيم الإرهابي.

ولفت هوفمان إلى أن حلفاء آخرين للقاعدة من حركة طالبان قد جرى تعيينهم  مسؤولين عن أجهزة المخابرات وخدمات اللاجئين في البلاد وأعطوا مناصب إدارية مهمة في مختلف مقاطعات أفغانستان.

تحذيرات.. ومخاوف

ويحذر خبراء مكافحة الإرهاب من أن دعم طالبان للقاعدة قد يتجاوز مجرد تمكين قادتهم، إذ يقول الباحث البارز في معهد الدفاع عن الديمقراطيات، بيل روجيو، إن الحركة الأصولية قد تسمح مرة أخرى للقاعدة بإقامة معسكرات تدريب في البلاد، وأن أفغانستان قد تصبح منطلقا لتخطيط وتنفيذ هجمات إرهابية،بالإضافة إلى إدارة فروعها في اليمن وسوريا وجميع أنحاء أفريقيا.

وزاد روجيو: "مقتل الظواهري في كابول يكشف إلى أي مدى يعتقد تنظيم القاعدة أن أفغانستان قد أصبحت آمنة بما يكفي لقادتها لتجميع صفوفهم هناك وأنهم بإمكانهم أن يحصلوا على قسط من الراحة هناك".

ويرى روجيو أنه وحتى قبل أن تستعيد طالبان السيطرة على كابول في الصيف الماضي، فإنه قد كان هناك أدلة على أنها سمحت سابقًا للقاعدة بتدريب مقاتلين في مناطق أفغانستان الخاضعة لسيطرتها.

وأوضح أنه في العام 215، "وبينما كانت قوات التحالف الدولي تتواجد داخل البلاد، فقد سمحت الحركة الأصولية لذلك التنظيم الإرهابي بإقامة معسكرات تدريب في مقاطعة قندهار".

وقال روجيو، نقلاً عن وثائق وزارة الخارجية الأميركية، إن الجيش الأميركي قد أغار على المعسكر في أكتوبر من ذلك العام، مما أسفر عن مقتل العشرات من المتدربين في القاعدة.

ووصف الظروف في أفغانستان بأنها ناضجة لإنشاء معسكرات تدريب مماثلة، مضيفا: "لدى الجماعة الإرهابية الآن الوقت والمساحة لإعادة التنظيم والتجمع واستئناف الهجمات ضد الغرب".

وقدر تقرير صادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 15 يوليو أن القاعدة لديها "ملاذ آمن" في أفغانستان، وأن لديها طموحات "ليتم الاعتراف بها مرة أخرى كزعيمة للتنظيمات الأصولية" في باقي أصقاع الكرة الأرضية..

وقال التقرير إن الجماعة، "لا يُنظر إليها على أنها تشكل تهديدًا دوليًا فوريًا من ملاذها الآمن في أفغانستان لأنها تفتقر إلى القدرة التشغيلية الخارجية ولا ترغب حاليًا في التسبب في أي مصاعب أو إحراج دولي لطالبان".

من جانب آخر، أوضح مسؤولو البيت الأبيض أن بايدن أرسل إشارة قاتلة بمقتل الظواهري، ويجب ألا يشعر قادة القاعدة بالأمان في العمل في أفغانستان.

وفي هذا الصدد قال المتحدث باسم الإدارة الأميركية، جون كيربي، أمس الثلاثاء:  "أعتقد أنه إذا كنتم سوف تسألون بعض أعضاء القاعدة  عن مدى شعورهم بالأمان في أفغانستان في الوقت الحالي فسوف يجيبون أنها ليست ملاذا آمنا".