إيمان خليف (يسار) قالت إنها تعرضت لمؤامرة
إيمان خليف (يسار) قالت إنها تعرضت لمؤامرة

أثار استبعاد الجزائرية، إيمان خليف، من بطولة العالم للملاكمة للسيدات التابعة للاتحاد الدولي للملاكمة (IBA) لعدم استيفاء "معايير الأهلية" تساؤلات عما إذا كانت اللاعبة، البالغة 23 عاما، قد تعرضت "للتمييز ضدها" .

وفي حين رفض بيان المنظمة الدولية الخوض في تفاصيل قرار الاستبعاد من المباراة النهائية بالبطولة المقامة في نيودلهي، تحدث الاتحاد الجزائري للملاكمة عن "أسباب صحية" وراء القرار، في حين قالت اللاعبة نفسها في فيديو "القول إني أملك صفات وقدرات لا تؤهلني لمنازلة السيدات غير منطقي. أنا لم أخلق نفسي. هذه خليقة الله".

وقالت وسائل إعلام جزائرية إن السبب "ارتفاع مستوى هرمون التستوستيرون" للاعبة.

ويرتبط التستوستيرون عموما في الرياضة بزيادة القوة البدنية والعضلات ومستويات الطاقة، وتنظمه المؤسسات المعنية بالألعاب خاصة القتالية. 

وكانت الجزائرية على موعد في النهائي مع الصينية، يانغ لي، لكنها فوجئت بقرار استبعادها لتحل مكانها، التايلاندية، جانجيم سوانافينغ، التي كانت قد خسرت أمام خليف في نصف النهائي.

وبرر الاتحاد الدولي قراره لوكالة فرانس برس بـ"عدم استيفاء معايير الأهلية"، وقال إنه يتمسك "بقواعده ولوائحه بالإضافة إلى الخصوصية الشخصية والطبية للرياضيين، وبالتالي لا يمكن لـ'أي بي أيه' أن يكشف عن (تفاصيل) هذا الخرق لمعايير الأهلية".

وحاول موقع الحرة التواصل مع الاتحاد الدولي للعبة للحصول على تعليق بشأن المعايير الطبية، لكن لم يحصل على رد حتى كتابة التقرير.

وتحدث الموقع مع مسؤولين رياضيين وناشطين عن المعايير التي تضعها المؤسسات الريضاية الدولية في ما يتعلق بممارسة الألعاب العنيفة للمرأة، وما إذا كان لهيا تأثير على حقوقها الجسدية.

وتقول رويترز إن بطلة العالم في الملاكمة التايوانية لين يو-تينغ كانت قد خسرت ميداليتها البرونزية بعد أن فشلت أيضا في تلبية معايير أهلية المنظمة الدولية. وحصلت البلغارية سفيتلانا كامينوفا ستانيفا، التي خسرت أمام لين على الميدالية بدلا منها.

وفي 2012، أثيرت شكوك بشأن الملاكمة التايلاندية، أوسانكورن كوكيتجيم، بعد أن أظهر فحص الدم أن مستويات هرمون التستوستيرون كان ثلاث أضعاف مستوى المرأة الطبيعية.

وأثيرت قضية الهرمونات في 2009 عندما فازت العداء الجنوب أفريقية، كاستر سيمينيا، بسباق 800 متر في وقت قياسي في بطولة العالم في برلين. ومنعت اللاعبة بعد ذلك من المنافسة وخضعت لفحص "جندري". وتمت الموافقة على استمراراها في المنافسة في 2010، ولكن بشرط أخذ أدوية لخفض مستويات هرمون التستوستيرون، وفق تقرير لرابطة المحامين لدولية.

وأدخل الاتحاد الدولي لألعاب القوى (IAAF) لوائح بعد ذلك تطلبت من الرياضيات ممن لديهن زيادة في مستوى هرمونات الذكورة أخذ أدوية تقلل النسبة إلى أقل من 10 نانومولات لكل لتر. 

وتضع هيئات أخرى للعبة الملاكمة، مثل الولايات المتحدة، قواعد بالنسبة لمستويات التستوستيرون الطبيعية التي تجعل الرياضي مناسبا للعب مع أقرانه.

وفي يوليو 2015، رفع اتحاد ألعاب القوى في الهند دعوى قضائية نيابة عن العداءة، دوتي شاند، التي واجهت نفس مشكلة العداءة الجنوب أفريقية، وانتهت بتعليق محكمة التحكيم الرياضية الدولية (CAS)  لوائح اتحاد ألعاب القوى من أجل الحصول على المزيد من الأدلة، التي توضح تفوق أنثى لديها زيادة في هرمونات الذكورة على الرياضيات الأخريات.

الدكتورة سيلفيا كامبوريسي، أخصائية أخلاقيات علم الأحياء والمحاضرة في كلية كينغز لندن قالت في تصريحات سابقة إنها غير مقتنعة بأن المزيد من الأبحاث ستحل هذه المشكلة المثيرة للجدل.

وقالت : "إذا وضعنا حدا لهرمون التستوستيرون (الذي يحدث بشكل طبيعي)، فإن ذلك يمثل مشكلة لأنه لا يوجد حد معين للرجال، وبهذا المعنى فهو تمييزي وغير عادل".

ورغم الجدل بشأن اللوائح الدولية، قال رئيس اتحاد المصري للملاكمة، عبد العزيز غنيم، في تصريح لموقع الحرة إن النواحي الطبية هي التي تحكم المسألة، مشيرا إلى أن الاتحاد الدولي للعبة يضع قواعد طبية، تماما كما يضع قواعده التحكيمية أو الفنية وغيرها.

ويرى شوقي عمران، عضو مجلس اتحاد المصارعة المصري السابق، في حديث لموقع الحرة أن الرياضيات اللواتي يمارسن رياضيات عنيفة سواء الملاكمة أو المصارعة، ترتفع لديهن نسبة هرمون الذكورة مقارنة بغيرهن من النساء.

ويقول إن الاتحاد الجزائري يعلم أن الاتحاد الدولي يضع حدودا معينة للهرمونات، ويفترض أن الأول أجرى تحليلاته للاعبة قبل البطولة لتجنب حدوث ما حدث قبل المباراة النهائية، لكنه يؤكد على حق الاتحاد في الدفاع عن حق لاعبته بأقصى قدر ممكن.

ويؤمن عمران بأن الرياضة لها معايير تطبق على الجميع، سواء الرجل أو المرأة، وأنه يجب على الاتحادات الوطنية العلم بها.

ومن جانبه، يرى رئيس اتحاد ألعاب القوى السابق في مصر، وليد عط الله، أن الملاكمة مثلها مثل أي رياضة تحدد قواعد المشاركة، ويرى أن ارتفاع مستويات هرمون الذكورة يؤثر على القدرة التنافسية.

ويشير في حديثه مع موقع الحرة إلى أنه إلى جانب التحاليل العادية لمعرفة مستوى الهرمونات، يتم عادة خلال البطولات الفحص الجسدي، الذي قد يبين في بعض وجود أعضاء تناسلية غير أنثوية، وفي حالات أخرى، قد يبدو الشكل أقرب للذكورة لكن لديها أعضاء تناسلية أنثوية.

وشاع الحديث في السنوات الأخيرة عن استخدام ما يسمى العلاج ببدائل التستوستيرون (TRT) في الرياضات القتالية بين مؤيدين ومعارضين لذلك.

إيمان خليف استبعدت من خوض نهائي كأس العالم

وفي 2014 حظرت لجنة الرياضة في ولاية نيفادا الأميركية هذا العلاج الهرموني في الرياضة، ونظر إلى ذلك القرار باعتباره سيضع نموذجا تحتذي به ولايات أخرى.

ويشير عطا الله إلى أن تعاطي هرمونات الذكورة كمنشطات تسبب مشكلات في شكل الجسم وقد تسبب العقم. وتنظم هذه المسألة الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات التي تأخذ عشوائية للكشف عن المنشطات. 

ويوضح أيضا أن ممارسة رياضات معينة لسنوات قد تؤثر على شكل الجسم وقد تسبب عيوبا خلقية.

الناشطة النسوية المصرية، مي صالح، قالت لموقع الحرة إننا نولد بهرمونات مشتركة ذكورية وأنثوية، وتكون بالطبع الهرمونات الذكورية أعلى في الذكر والأنثوية أعلى في الأنثى، لكن في بعض الأحيان، يكون لدى الشخص هيئة تشبه هيئة الجنس الآخر.

"وهذا شيء طبيعي أن يحدث"، تقول صالح،، "لكن أحيانا يتعرض الشخص للتنمر بسبب هذه التغيرات البيولوجية في الجسم، وللأسف تميل المجتمعات لوصم أي شخص مختلف عن القالب الرسمي للشكل".

وترى أن هذا يسبب "إشكالية" لأنه يحدث "تعسف" سواء في العمل أو عند ممارسة الرياضة.

و"تتفهم بعض الشيء" موقف الهيئة التي قررت استبعاد خليف لأن الملاكمة لعبة ثنائية وليس جماعية، وقد يكون لذلك تأثير على المتنافسات الأخريات، ويسبب "ضغطا" عليهن، لكنها ترى أن التدريبات والتهيئة الجسدية للاعبات تهيئ أجسامهن لتحمل أي ضغط.

لذلك فقرار استبعادها "تعسفي وتمييزي ضدها ومن حقها الشعور بالظلم والأسى"، وتشير إلى أنه يجب "وضع الفحوص والمعايير"، لكن لا يجب اتخاذ إجراء باستبعادها من البطولة.

من جانبه، يرى الناشط الحقوقي اللبناني، المدير التنفيذي لجمعية "حلم"، طارق زيدان، أن هذه القضية معقدة، ويشير إلى أن خليف لم تعلن أبدا، أنها من "مجمع الميم" أو أنها تتعاطى هرمونات ذكورية من أجل العبور الجنسي، وقد تكون نسبة الهرمونات الذكرية لديها "طبيعية" (حتى لو صح الحديث عن أنها مرتفعة) وليست نتيجة أخذ هرمونات لتحسين أدائها وهو ما يجعل "القرار تمييزي".

ويضيف في تصريحاته لموقع الحرة أنها "ليست المرة الأولى التي نسمع فيها عن تمييز ضد النساء اللواتي لديهن أجسام غير نمطية، سواء من ناحية التوازن الجيني أو الإفرازات الهرومنية، أو حتى بمجرد شكل الجسم، "وهؤلاء يتم تهميشهن وإقصاؤهن من ممارسة الرياضة التي ليس فقط تحبها ولكنها مصدر رزقها".

ويضيف: "هذا يفضح ازدواجية المعايير ويطرح سؤالا هو: من له الحق في أن يقول أن هذه امرأة أم لا؟، وما هي المعايير؟، وهل الجميع يتفق على هذه المعايير؟ وهل المعايير تعكس التعددية التي توجد بأجسام النساء والرجال".

ويقول إن عالم الرياضة " أسس على هذه الثنائية بين الذكر والأنثى، وهناك إقصاء تاريخي ليس فقط للعابرين والعابرات، بل حتى الأجسام غير النمطية يتم تهميشها ومنعها من ممارسة الرياضة".

ويضيف أن "المشكلة الأكبر: كيف ينظر عالم الرياضة التنافسية إلى الإنسانية ويقسمها بين رجال ونساء"؟ 

ويرى أن هذا الوضع "يجبرنا على أيجاد هيكلية أخرى، لتحديد من يكون لهم الحق ممارسة الرياضة بشكل تنافسي، ومن ليس لهم الحق، ومعرفة الفرق بين الأجسام الطبيعية والأجسام التي تتعطى أي أنوع من الأدوية؟"

ويقول إنه في الوضع الحالي يتم وضع الأشخاص الذين تفرز أجسامهم هرمونات غير نمطية في نفس خانة الأشخاص "الغشاشين" وهناك "فارق كبير"، إذ أنه يتم اتهام الفرقة الأولى بالغش بدلا من الأخذ في الاعتبار أن أجسامهم مختلفة.

ولذلك "يجب وضع معايير جديدة للنظر في من يجب أن يتنافس بناء على "الكفاءة الرياضية وليس الهوية الجندرية أو الخصائص الجنسية أو حتى الميول الجنسية".

ويقول إنه لا توجد معلومات واضحة بشأن ما إذا كانت خليف قد استعملت هرمونات ذكورية أو معلومات بشأن مستوى الهرمونات لديها، لكن "وحتى نرى معلومات جديدة، هذه حالة جديدة من التمييز والتهميش ضد الأشخاص غير النمطيين حول العالم كله، خاصة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"، يقول زيدان.

عاشور خلال مباراة سابقة للفراعنة - رويترز
عاشور خلال مباراة سابقة للفراعنة - رويترز

بعد أيام من "دراما" مباراة القمة الملغاة بين الزمالك والأهلي، شهدت الساحة الكروية في مصر جدلا جديدا يرتبط هذه المرة بالمنتخب الوطني الذي يستعد لأداء مباراتين هامتين بتصفيات مونديال 2026.

وأثار قرار المدير الفني لمنتخب مصر، حسام حسن، باستبعاد لاعب وسط الأهلي، إمام عاشور، جدلا صاخبا، وتساؤلات، وحتى اتهامات، تناولت القرار الذي بدا مفاجئا لكثيرين باعتبار المستوى المميز الذي قدمه عاشور في الفترة الأخيرة إلى درجة أن كثيرين يعتبرون أنه أفضل لاعب بالدوري المصري هذا الموسم.

وبينما لم يعلق حسن، أو تؤأمه إبراهيم، مدير منتخب "الفراعنة" على الاستبعاد، تسابق محللون وراح مشجعون عاديون يسبرون أغوار القرار الذي تحول إلى قضية جديدة تشغل الأوساط الكروية في مصر.

ويقدم عاشور، 27 عاما، أداء استثنائيا مع الأهلي هذا الموسم، وهو يتصدر ترتيب هدافي الدوري برصيد 9 أهداف.

لكن قرار الاستبعاد لا يبدو لأسباب فنية، بحسب تحليل طارق السيد نجم المنتخب المصري السابق.

وتساءل السيد في تصريحات تلفزيونية: "هل استبعاد إمام عاشور فني؟ يارب يبقى فنيا، لكني وجهة نظري إن الاستبعاد مش فني (ليس فنيا)".

هشام يكن، مدافع "الفراعنة" السابقة، اعتبر في تصريحات لقناة "صدى البلد" إن قرار استبعاد عاشور "انضباطي"، مشيرا إلى أن حسام حسن يعمل "بشكل صحيح" لفرض الانضباط وغرس الانتماء لمنتخب الفراعنة وهو الأهم من أي فريق في مصر.

الناقدان الرياضيان محمد القوصي وأحمد الخضري اعتبرا أن مفاجأة غياب عاشور لها أسباب قديمة بينها "حديث" عاشور عن إصابته ثم مغادرته معسكر سابق للمنتخب، قبل أن يلتحق في اليوم التالي مباشرة بتدريبات فريقه الأهلي، وهو ما أثار حفيظة حسن.

تفسيرات الغياب ذهبت بعيدا إلى حد حديث مواقع مصرية عن تصرفات غير محسوبة من لاعب الأهلي مثل قوله إنه "نيجيري" خلال استضافته بأحد اللقاءات التلفزيونية، أو حتى صور ساخرة ينشرها على حساباته على مواقع التواصل لا يتقبلها حسام حسن الذي يعمل لفرض الالتزام بصفوف الفراعنة.

عدم اختيار عاشور في الفترة الحالية اعتبره البعض "خطوة محسوبة" من المدير الفني للمنتخب المصري قبل مواجهتين "سهلتين نظريا" أمام إثيوبيا وسيراليون، وهو ما يعني أن حسام حسن يريد أن يعاقب اللاعب دون تأثر فريقه أيضا، فيما ستكون عودة عاشور للمنتخب المصري حتمية خلال الفترة المقبلة، قبل خوض الفراعنة نهائيات كأس أفريقيا في المغرب بنهاية العام.

التعليقات على مواقع التواصل ذهبت بعيدا كالعادة، وغالبا حسب انتماءات المشاركين، حيث رأى البعض أن حسن "لا يحب" عاشور، بينما تحدث آخرون عن قرار جاء في وقته، ورأى فريق ثالث أن المسألة كلها تهدف إلى "الإلهاء" عن أزمة انسحاب الأهلي من مواجهة القمة أمام الزمالك في الدوري المصري الأسبوع الماضي.

ويواجه "الفراعنة" إثيوبيا وسيراليون يومي 21 و25 في الجولتين الخامسة والسادسة من تصفيات أفريقيا المؤهلة لكأس العالم 2026 التي تقام في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.

وتتصدر مصر المجموعة الأولى في التصفيات برصيد 10 نقاط، وبفارق 4 نقاط عن غينيا بيساو، صاحبة المركز الثاني.