كريم مجدي
"هناك حلول كثيرة: الإضراب السياسي الشعبي والعصيان المدني والاعتصام سواء في العاصمة أو بقية المدن،" خيارات ثورية طرحها خالد عمر يوسف، القيادي بقوى إعلان الحرية والتغيير، بعد وصول المفاوضات بين القوى المعارضة وبين المجلس العسكري السوداني إلى طريق مسدود.
وكانت المحادثات بين المجلس العسكري الانتقالي الحاكم في السودان وتحالف الجماعات المعارضة الممثل في قوى إعلان الحرية والتغيير قد أخفقا في إيجاد حل فيما يتعلق بالانتقال السياسي في البلاد، وذلك لليوم الثاني على التوالي.
يوسف أوضح للحرة أن المعارضة تتشاور حاليا بخصوص إعلان إضراب سياسي عام في البلاد يشمل المرافق العامة والمؤسسات، مثل البنوك والمؤسسات الحكومية، ما لم يستجب المجلس العسكري لرغبات الشعب، خاصة وأن البلاد تمر بوضع في غاية الهشاشة.
وأعلن تجمع المهنيين، أحد أبرز فصائل قوى إعلان الحرية والتغيير المعارض، منشورا عبر صفحته الرسمية، ذكر فيه تعثر المفاوضات، بجانب تهديد بالتصعيد بدءا بإعلان وقفات احتجاجية الثلاثاء.
ما هي نقاط الخلاف؟
المحلل السياسي السوداني، يوسف الجلال، أوضح تفاصيل الخلاف للحرة، والذي يتلخص في نقطتين: الأولى هي من يقود المجلس السيادي؟ والثانية هي من يشكل أغلبية هذا المجلس؟
"اتفق الطرفان على تكوين مجلس وزراء من قوى إعلان الحرية والتغيير بصلاحيات واسعة، وتم الاتفاق على تكوين مجلس تشريعي من 300 عضو على أن يكون 67 في المائة منهم من قوى إعلان الحرية والتغيير، والباقي 33 في المائة من القوى الأخرى التي لم تشارك النظام السابق في الحكم،" يقول الجلال لموقع قناة الحرة.
ولفت الجلال إلى تعيين أعضاء المجلس التشريعي بالتشاور مع قوى إعلان الحرية والتغيير والمجلس السيادي الذي يدور الخلاف حوله.
وقال الجلال: "قوى إعلان الحرية والتغيير اقترحت تكوين المجلس السيادي بأغلبية مدنية، على أن تكون الرئاسة الدورية (بالتناوب بين شخصية مدنية وأخرى عسكرية)، أما المجلس العسكري فيطالب بأغلبية عسكرية ورئاسة عسكرية دائمة للمجلس."
وفي حال وصول المفاوضات إلى طريق مسدود، يتوقع الكاتب السوداني لجوء الطرفين إلى تنشيط لجنة الوساطة التي طرحت سابقا تكوين مجلس سيادي بأغلبية مدنية، بجانب تكوين مجلس للأمن والدفاع، بأغلبية عسكرية لإدارة شؤون الأمن والدفاع.
ولجنة الوساطة هي لجنة مكونة من شخصيات وطنية، أبرزها الخبير الإعلامي محجوب محمد صالح ورجل الأعمال أسامة داود والناشط نصر الدين شلقامي بجانب شخصيات أخرى، تتلخص مهمتها في التوسط بين القوى المعارضة والمجلس العسكري الانتقالي.
ويرى الجلال أن قوى إعلان الحرية والتغيير قد تنجح في مسعاها إن أعلنت تنظيم إضراب سياسي من أجل تسليم السلطة للمدنيين، خاصة مع تنشيط النقابات العمالية في الفترة الأخيرة بصورة كبيرة.
وكان إعلان الحرية والتغيير قد هدد بتنظيم إضراب سياسي عام، وإعلان عصيان مدني بمشاركة جهات في القطاعات المهنية والحرفية والخدمية.
من ناحية أخرى، هناك من يشكك في أهلية القوى المدنية الثورية لقيادة البلاد منفردة بدون مشاركة عسكرية، خاصة في ظل التوترات الأمنية التي يمر بها السودان، كما يرى الخبير الأمني والاستراتيجي السوداني، حنفي عبد الله.
"الوضع الأمني هش، لا بد أن يكون لدى القوات المسلحة نوع من السيطرة، هناك مناطق في السودان تحت سيطرة الحركات المسلحة، وهذه الحركات وقعت اتفاقيات يشرف عليها المجلس العسكري"، يقول عبدالله لموقع الحرة.
وأشار عبد الله إلى أن المجالس العسكرية السابقة، سواء في ثورة 1964 وثورة 1985، كانت مكونة من عسكريين فقط، ولذلك يريد المجلس العسكري الانتقالي هذه المرة أن يكون هناك نوع من السيطرة النسبية دون سيطرة كلية، كأن يكون رئيس المجلس السيادي عسكريا.
وفي عام 1985 عمت المظاهرات السودان احتجاجا على ارتفاع الأسعار ومطالبة في نفس الوقت بعزل الرئيس الراحل جعفر النميري في 6 نيسان/أبريل عام 1985 لامتصاص الموجة الثورية، وقد تولى المجلس العسكري قيادة البلاد بقيادة سوار الذهب.
"هناك ملفات أمنية تهدد أمن السودان، مثل وجود حركات مسلحة في جنوب ولاية النيل الأزرق وولاية كردفان، وجنوب جبال مرة بدارفور، وكذلك التوترات على الحدود، ولا زال هناك عدم استقرار على حدود السودان وحدود ليبيا وحدود جمهورية أفريقيا الوسطى"، يضيف عبدالله للحرة.
وقال الخبير الأمني إن عملية جمع السلاح التي يقوم بها الجيش السوداني لم تكتمل بعد في بعض المناطق مثل دارفور، والدليل على ذلك هو المناوشات التي اندلعت في محيط الاعتصام أمام مقر القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية، جراء وجود أسلحة في أيادي بعض المتمردين الذين أتوا من مناطق عمليات إلى أماكن الاعتصامات في الخرطوم.
وكان متظاهرون سودانيون قد نشروا صورا وفيديوهات تتهم عناصر قوات الدعم السريع التي يرأسها نائب رئيس المجلس العسكري محمد حمدان دقلو المعروف بـ "حميدتي"، بإطلاق النار على المحتجين يوم 13 أيار/مايو.
وقد أسفر إطلاق النار عن مقتل ما لا يقل عن أربعة من المحتجين وضابط وإصابة نحو 200 آخرين، فيما تكرر إطلاق النار مرة أخرى بعدها بيومين والذي أسفر عن 14 جريحا.
وكان الفريق أول محمد حمدان دقلو قد أعلن السبت، إلقاء القبض على المتهمين بإطلاق النار على المعتصمين.