متظاهر يحمل علم السودان خلال اعتصام امام مقر القيادة العامة في 30 أيار/مايو
متظاهر يحمل علم السودان خلال اعتصام امام مقر القيادة العامة في 30 أيار/مايو

حذر مسؤول رفيع في الخارجية الأميركية المجلس العسكري الحاكم في السودان من التصدي بعنف للمظاهرات التي تحشد لها المعارضة في 30 يونيو الجاري. 

ودعا قادة الاحتجاج إلى تظاهرات حاشدة في 30 يونيو ضد المجلس العسكري الحاكم.

وقال المسؤول في لقاء مع عدد محدود من الصحفيين ومن بينهم مراسل "الحرة" إنه "ستكون هناك مظاهرة سلمية في السودان في 30 يونيو والرسالة المهمة هي أنه لا تقع أعمال عنف. هناك حق للتجمع ورجاء من دون عنف لأنه سيكون أسوأ شيء قد يحصل".

وأضاف "لم يكن هناك أي سبب للعنف في 3 يونيو، ولن يكن هناك أي سبب للعنف في 30 يونيو".

وحديث المسؤول الأميركي الرفيع تأكيد لما كشفت عنه ممثلة عن الخارجية الأميركية في جلسة استماع للكونغرس الثلاثاء حول الأزمة في السودان، من أن الولايات المتحدة "أرسلت رسالة قوية للمسؤولين في المجلس العسكري حول مظاهرات 30 يونيو".

وحول المهلة التي وضعها الاتحاد الإفريقي للسودان لتحقيق العملية الانتقالية وتسليم السلطة للمدنيين والتي ستنتهي في 30 يونيو، قال "المهلة وضعها الاتحاد ونحن نلعب دور الداعم وسننخرط مع الاتحاد حول كيفية التعامل مع هذه المهلة"، مشيرا إلى أن العقوبات هي إحدى الأدوات المطروحة على الطاولة "سندرسها وسنفرضها في المكان المناسب".

وقال المسؤول إن "كل الدول التي تحدثنا معها ومن بينها السعودية والإمارات تريد عملية انتقالية في السودان بقيادة مدنية"، مؤكدا ضرورة إجراء تحقيق مستقل ويتمتع بالمصداقية "يحدد بوضوح مرتكبي عمليات القتل والاغتصاب في 3 يونيو في السودان للتأكيد أن هؤلاء لا يتمتعون بالحصانة".

​​​مقترح جديد

وأعلنت حركة الاحتجاج في السودان الخميس أنّها تلقّت من الوسيطين الأثيوبي والإفريقي مقترحاً جديداً بشأن الفترة الانتقالية، وسط استمرار المواجهة بين المجلس العسكري الحاكم والمحتجين الذين يطالبونه بتسليم السلطة للمدنيين.

ويُفترض أن تحدّد المفاوضات بين المحتجين والمجلس الذي يحكم السودان منذ عزل الرئيس عمر البشير، طبيعة الفترة الانتقالية بعد 30 عاماً من الحكم الاستبدادي.

وقد توقفت المفاوضات في مايو، في وقت تؤدّي فيه إثيوبيا دور الوساطة لإحيائها. وطلب المجلس العسكري من أديس أبابا مراجعة مقترحها الأولي وصياغة "وثيقة مشتركة" مع الاتحاد الإفريقي.

وأعلن "تحالف الحرية والتغيير" المنظّم للاحتجاجات الخميس تلقّيه "مسودة اتفاقية" جديدة قدّمتها الوساطة الإثيوبية-الإفريقية.

​​​​وقال التحالف في بيان "نراجع حاليا الاقتراح قبل اتخاذ قرار بشأنه"، فيما لم يصدر موقف عن المجلس العسكري حول الموضوع.

ويتضمّن المقترح الجديد تشكيل هيئة انتقالية من ثمانية مدنيين وسبعة عسكريين تحكم البلاد لمدة ثلاث سنوات.

وسيكون "تحالف الحرية والتغيير" ممثّلاً على الأرجح بسبعة من أصل المدنيين الثمانية، في حين أنّ الشخصية الثامنة سيختارها الطرفان معاً.

وسيرأس الهيئة الانتقالية أحد العسكريين في النصف الأول من الفترة الانتقالية أي خلال الـ18 شهراً الأولى، على أن يحلّ مكانه أحد المدنيين في النصف الثاني، وفق الوثيقة.

وتختلف الوثيقة الجديدة إلى حدّ كبير عن سابقتها، إذ إنّها لم تعد تشير إلى أنّ حصة "تحالف الحرية والتغيير" في المجلس التشريعي ستبلغ نسبتها 67 بالمئة. وسيكون المجلس التشريعي بمثابة برلمان انتقالي.

وكان طرَفا التفاوض وافقا على هذه النسبة قبل توقّف المفاوضات في 20 مايو، غير أنّ المجلس العسكري انتقد هذه النسبة في الأسابيع الأخيرة داعياً إلى إعادة النظر بها.

وبمجرد قبول المقترح الجديد وتوقيعه، سيعمل الجانبان على "استئناف المفاوضات" ووضع اللمسات الأخيرة على "المسائل المعلّقة، خصوصاً تشكيل المجلس التشريعي"، بحسب ما يوضح نصّ الاقتراح الإثيوبي - الإفريقي.

الأمم المتحدة وصفت الوضع في السودان ب "اليائس"
الأمم المتحدة وصفت الوضع في السودان ب "اليائس"

أدى عام ونصف من الحرب في السودان إلى كارثة إنسانية في واحدة من أكبر دول أفريقيا.

ويقول تقرير للإذاعة الوطنية العامة "إن بي آر" الأميركية إن هذه الحرب أدت إلى مقتل نحو 150 شخص، وفقًا لبعض التقديرات. كما شردت المعارك 12 مليون شخص، وفقًا للأمم المتحدة، التي تصفها بأنها "أكبر أزمة نزوح في العالم، في ظل انهيار الخدمات الطبية في معظم أنحاء السودان.

مراسل "إن بي آر" أجرى جولة مؤخرا في إحدى مستشفيات منطقة أم درمان، قرب العاصمة الخرطوم، ونقل المشاكل التي تواجهها المستشفيات والكوادر الطبية.

ينقل التقرير عن الدكتور جمال محمد، 52 عاما، أن الحرب أجبرته على ترك منزله في العاصمة السودانية، لتهرب عائلته لاحقا إلى مصر بينما نزح هو إلى أم درمان ليعمل في مستشفى النعمان في تلك المنطقة.

ومثل جميع الكوادر الطبية هناك، يقول محمد أنه لم يستلم راتبا منذ بداية الحرب، بل يحصل فقط على مساعدات صغيرة.

وفقًا لمحمد، تعرض مستشفى النعمان للقصف خمس مرات على الأقل ويقول إن المستشفى كان مستهدفًا بشكل متعمد، مما يُعد جريمة حرب، بحسب تعبيره.

في اليوم الذي سبق وصول فريق "إن بي آر"، تعرض المستشفى للقصف من قبل قوات الدعم السريع، وأثناء وجود الفريق الصحفي هناك، تعرضت المنطقة المحيطة للقصف بشكل متكرر أيضًا.

يستقبل المستشفى يوميا جثثا لضحايا مجهولي الهوية، ويعالج العديد من حالات الإصابة ضمن الإمكانيات المتوفرة.

التقرير نشر مجموعة من الصور لهؤلاء الضحايا الذين تعرضوا إلى اعتداءات من قبل الأطراف المتصارعة أو أصيبوا جراء المعارك الدائرة، هذه الصور نقلت أيضا الحال الصعب الذي تمر به المستشفيات في السودان في ظل قلة المساعدات وأدوية العلاج، فضلا عن الاكتظاظ وقلة الكادر الطبي.

ممرات مستشفى النعمان في أم درمان أصبحت مليئة بالمصابين وجثث الضحايا، في حين ساد الحزن على أوجه عائلات الضحايا التي تنتظر في الردهات لمعرفة مصير أحبائها.

يضيف التقرير أنه كانت هناك العشرات من المراكز الطبية في أم درمان قبل الحرب، ولكن معظمها اضطرت إلى الإغلاق بسبب نقص الإمدادات أو الكوادر أو التمويل، أو لأنها تعرضت للتدمير بسبب القتال. 

والآن، لا تتواجد سوى سبعة مراكز في تلك المنطقة، ويعتبر مستشفى النعمان واحدًا من أكبر  تلك المراكز التي لا تزال تعمل.

وحذّر المفوّض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، في مقابلة مع وكالة فرانس برس، في سبتمبر الماضي، من أنّ الوضع في السودان "يائس" والمجتمع الدولي "لا يلاحظ ذلك".

وقال غراندي إنّ "هذه الأزمة الخطيرة للغاية، أزمة حقوق الإنسان وأزمة الاحتياجات الإنسانية، تمرّ دون أن يلحظها أحد تقريبا في مجتمعنا الدولي" المنشغل بأزمات أخرى، من أوكرانيا إلى غزة.

وأوضح أنّه منذ بدء الحرب في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع في أبريل عام 2023 "نزح أكثر من 10 ملايين شخص من ديارهم"، بينهم أكثر من مليوني سوداني لجأوا إلى دول أخرى.