سوداني يلوح بعلامة النصر خارج سجن إثر الإفراج عن عناصر من حركة جيش تحرير السودان
سوداني يلوح بعلامة النصر خارج سجن إثر الإفراج عن عناصر من حركة جيش تحرير السودان

خاص بـ"موقع الحرة"/ مصطفى هاشم

عندما أعلن مبعوث الاتحاد الإفريقي محمد حسن ولد لبات عن التوصل إلى اتفاق لحل الأزمة في السودان، لم يوضح التفاصيل.

حديث لبات جاء في مؤتمر صحفي أعقب جلسة التفاوض الثانية بين المجلس العسكري الحاكم وقوى الحرية والتغيير التي تقود الحراك في السودان منذ أشهر للمطالبة بتسليم السلطة للمدنيين.

وقال إنه "تم الاتفاق على تشكيل مجلس سيادة بالتناوب بين الطرفين لمدة ثلاث سنوات أو يزيد قليلا".

​​​فما هي تفاصيل الاتفاق؟

قال لبات: "اتفق الطرفان على إقامة تحقيق دقيق شفاف وطني مستقل في مختلف الأحداث والوقائع العنيفة والمؤسفة التي عاشتها البلاد في الأسابيع الأخيرة".

قوى الحرية والتغيير كانت تطالب بتحقيق دولي مستقل، غير أن المجلس العسكري أعلن رفضه التام لتحقيق دولي.

وأكد لبات أن الطرفين توافقا على إرجاء إقامة المجلس التشريعي والبت النهائي في تشكيله حالما يتم تشكيل المجلس السيادي والحكومة المدنية.

وقال القيادي في قوى الحرية والتغيير شريف محمد رئيس حزب المؤتمر السوداني في ولاية الخرطوم لـ"موقع الحرة" إن الاتفاق يؤجل تشكيل المجلس التشريعي إلى مدة تتراوح ما بين شهر ونصف الشهر إلى ثلاثة أشهر، على أن تثبت حصة قوى الحرية والتغيير كما تم الاتفاق عليه سابقا وهي 67%.

وكان رئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير هو المتحدث باسم قوى الحرية والتغيير في المؤتمر الصحفي الذي عقد مساء الخميس.

أما نقطة الخلاف التي كانت تمثل أكبر معضلة في التوصل إلى اتفاق سابقا وهي تشكيل ونسبة كل طرف في المجلس السيادي، رغم أن صلاحياته تشريفية أكثر من تنفيذية.

ويقول شريف محمد إن الاتفاق ينص على أن يكون تشكيل المجلس من خمسة مدنيين وخمسة عسكريين على أن يكون العضو الـ11 مدنيا يتم اختياره بالتوافق بين المدنيين والعسكريين.

على النقيض، يقول مصدر آخر مطلع على المفاوضات إن الـ11 سيكون مدنيا بخلفية عسكرية (عسكري سابق).

وقال المصدر إن رئاسة المجلس السيادي ستكون دورية، العسكريون سيتولون الفترة الأولى وهي عام ونصف العام، وقد تصل إلى 21 شهرا، بعدها يتولى المدنيون رئاسة المجلس.

وكان المبعوث الإفريقي قد قال "إن مدة الفترة الانتقالية ثلاث سنوات أو تزيد قليلا"، وستكون الستة الأشهر الأولى من الفترة الانتقالية "مخصصة لقضية السلام ووقف الحرب وعقد اتفاق سلام شامل مع الحركات المسلحة"، بحسب مراسل الحرة في الخرطوم.

وحول أسماء أعضاء مجلس السيادة المدنيين، قال شريف محمد إن "هناك لجنة داخل قوى الحرية والتغيير لمراجعة الترشيحات لمجلس السيادة ومجلس الوزراء وأعتقد أنه سيتم الاختيار خلال 48 ساعة".

وأكد المبعوث الإفريقي على اتفاق الطرفين على تشكيل حكومة كفاءات وطنية، "سيكون لها كافة الصلاحيات التنفيذية"، بحسب المصدر.

وقال المبعوث في المؤتمر الصحفي: "اتفق الطرفان على إقامة تحقيق دقيق شفاف وطني مستقل لمختلف الأحداث والوقائع العنيفة والمؤسفة التي عاشتها البلاد في الأسابيع الأخيرة ".

وقال مصدر مطلع على المفاوضات لـ"موقع الحرة" إن لجنة التحقيق المستقلة ستحقق في كل المجازر والجرائم، وسيشكلها مجلس الوزراء الانتقالي وستشمل عضوا من الاتحاد الإفريقي للمراقبة والدعم، "ولكنها لجنة وطنية وترفع تقريرها لرئيس الوزراء".

ملايين السودانيين لجؤوا إلى بلدان مجاورة هربا من الحرب

تتوالى التحذيرات من المنظمات الدولية والإنسانية بشأن تدهور الأوضاع الإنسانية في السودان، وذلك في ظل فشل جهود إنهاء الصراع لأسباب أولها أن المجتمع الدولي قرر أن طرفي النزاع "الجيش السوداني وقوات الرد السريع" لا يملكان "الشرعية" لحكم السودان.

ويقول الدبلوماسي الأميركي السابق ومدير الشؤون الأفريقية الأسبق في مجلس الأمن القومي، كاميرون هدسون، لقناة "الحرة" إن من الأسباب الأخرى، هو أن بعض الدول "لم تكن محايدة" في التعامل مع الملف السوداني.

وأضاف أن "غياب ائتلاف مدني يقدم نفسه على أنه بديل للحكم العسكري في هذا البلد، جعل من الصعب أن تكون هناك رؤية واضحة بشأن طريقة إدارة البلاد في المستقبل".

وأضاف المسؤول الأميركي في حديثه لقناة "الحرة" أن التقارير الأممية حول تدهور الأوضاع "لن تغير من الواقع، فهي لا تجبر المجتمع الدولي على التدخل، أو تضغط على أطراف النزاع لإنهاء هذه المعاناة الإنسانية وحل المشكلة" حسب تعبيره.

وأعلن المجلس النروجي للاجئين قبل أيام أن الأزمة الإنسانية في السودان أسوأ من الأزمات في أوكرانيا وغزة والصومال مجتمع، وأن حياة أربعة وعشرين مليون شخص باتت في خطر شديد.

فحتى نهاية شهر أكتوبر الماضي، تقول لجنة الإنقاذ الدولية أن عدد القتلى جراء الحرب الدائرة منذ أبريل عام 2022 وصل إلى 150 ألف شخص وهو رقم أعلى من رقم 20 ألفا الذي تذكره الأمم المتحدة حاليا للحصيلة في البلاد بأكملها.

لكن عدد القتلى ليس وحده ما يقلق اللجنة التي اشارت في احدث تقاريرها إلى أن عدد النازحين داخليا وصل إلى 10 ملايين شخص وهو أكبر عدد للنازحين في العالم، في حين بلغ عدد اللاجئين إلى دول الجوار أكثر من مليونين.

بيرييلو في زيارة سابقة للسودان - مصدر الصورة: صفحته الرسمية بفيسبوك
بيريلو: الولايات المتحدة تدعم وضع حد للفظائع المرتكبة ضد الشعب السوداني
دعا المبعوث الأميركي الخاص للسودان، توم بيريلو، إنه الولايات المتحدة "تدعم الوقف الفوري للحرب ووضع حد للفظائع المرتكبة ضد الشعب السوداني"، وذلك في أعقاب زيارته الإثنين للسودان ولقائه مسؤولين أبرزه رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان.

ويضيف التقرير كذلك أن 25 مليون شخص من سكان البلاد البالغ عددهم نحو 42 مليون نسمة في حاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية والحماية، في حين يواجه18 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار التقرير إلى أنه من المتوقع أن يقضي أكثر من 222 ألف طفل جوعا في الأشهر المقبلة إذا لم يتم اتخاذ إجراءات سريعة لوقف الحرب، موضحا أن حياة 800 ألف شخص، من النساء والأطفال والرجال والمسنين والأشخاص ذوي الإعاقة، معلقة على المحك مع استمرار القصف في المناطق المكتظة بالسكان.