احتجاجات عارمة شهدتها دول في الشرق الأوسط منذ 2018
احتجاجات عارمة شهدتها دول في الشرق الأوسط منذ 2018

قال تجمع المهنيين السودانيين، الأحد، إن دم المتظاهر المقتول في مدينة السوكي "لا دية له إلا الاقتصاص ممن يظنون أنهم محصنون ضد العدالة والمحاسبة" 

وحذر التجمع بيانا عبر صفحته بفيسبوك من تبعات ما يحصل في السوكي في ولاية سنار وأن المدينة تواجه "أحداثا دامية وربما تتحول لمجزرة حقيقية" 

وأضاف البيان: "العنف المفرط في السوكي تقوم به ميليشيات مجرمة وغير مسؤولة وجرمها سيوثق لحين تقديمهم للعدالة.

​​وحمل التجمع مسؤولية ما يحصل للسلطات في ولاية سنار والسلطات المركزية في الخرطوم، محذرا "كل من تسول له نفسه من استخدام القتل والعنف في مواجهة المواطنين العُزَّل، فالجرائم ضد الإنسانية لا تسقط وستطال العدالة". 

وأعلنت لجنة أطباء السودان في وقت سابق الأحد، مقتل متظاهر في ولاية سنار على يد قوات الدعم السريع في احتجاجات جديدة اندلعت الأحد ضد المجلس العسكري الحاكم.

​​وقالت اللجنة في بيان مقتضب: " ارتقت روح الشهيد أنور حسن إدريس بمدينة السوكي بولاية سنار، بعد إصابته برصاصة في الرأس من قبل مليشيات الجنجويد".

وأكدت اللجنة أن عددا من المحتجين، الذين خرجوا في مسيرة أصيبوا "منهم حالات خطرة تم نقلها إلى مستشفى سنار".

ونُظمت المسيرة في مدينة السوكي الواقعة على بعد 340 كيلومترا جنوب شرقي الخرطوم احتجاجا على عنف قوات الدعم السريع.

وخرجت قوات الدعم السريع، وهي قوات شبه عسكرية، من رحم ميليشيات عربية اتُهمت بارتكاب أعمال وحشية في ولاية دارفور بغرب السودان. ونفى قائد القوات، وهو أيضا نائب رئيس المجلس العسكري، هذه المزاعم.

​​وبعد يوم من نزول عشرات آلاف السودانيين إلى شوارع عدة مدن في أنحاء البلاد السبت لإحياء ذكرى مرور 40 يوما على فض قوات الأمن اعتصام المحتجين في العاصمة الخرطوم، انطلقت الأحد عدة مواكب تطالب بمحاسبة المتورطين في قتل العشرات من المحتجين، كما نظم محتجون وقفات تضامنية مع ضحايا الاغتصاب أثناء فض الاعتصام. 

وقتل 128 شخصا منذ فض الاعتصام في الثالث من يونيو، بحسب لجنة أطباء السودان، بينما تتحدث السلطات عن مقتل 61 شخصا.

الأمم المتحدة وصفت الوضع في السودان ب "اليائس"
الأمم المتحدة وصفت الوضع في السودان ب "اليائس"

أدى عام ونصف من الحرب في السودان إلى كارثة إنسانية في واحدة من أكبر دول أفريقيا.

ويقول تقرير للإذاعة الوطنية العامة "إن بي آر" الأميركية إن هذه الحرب أدت إلى مقتل نحو 150 شخص، وفقًا لبعض التقديرات. كما شردت المعارك 12 مليون شخص، وفقًا للأمم المتحدة، التي تصفها بأنها "أكبر أزمة نزوح في العالم، في ظل انهيار الخدمات الطبية في معظم أنحاء السودان.

مراسل "إن بي آر" أجرى جولة مؤخرا في إحدى مستشفيات منطقة أم درمان، قرب العاصمة الخرطوم، ونقل المشاكل التي تواجهها المستشفيات والكوادر الطبية.

ينقل التقرير عن الدكتور جمال محمد، 52 عاما، أن الحرب أجبرته على ترك منزله في العاصمة السودانية، لتهرب عائلته لاحقا إلى مصر بينما نزح هو إلى أم درمان ليعمل في مستشفى النعمان في تلك المنطقة.

ومثل جميع الكوادر الطبية هناك، يقول محمد أنه لم يستلم راتبا منذ بداية الحرب، بل يحصل فقط على مساعدات صغيرة.

وفقًا لمحمد، تعرض مستشفى النعمان للقصف خمس مرات على الأقل ويقول إن المستشفى كان مستهدفًا بشكل متعمد، مما يُعد جريمة حرب، بحسب تعبيره.

في اليوم الذي سبق وصول فريق "إن بي آر"، تعرض المستشفى للقصف من قبل قوات الدعم السريع، وأثناء وجود الفريق الصحفي هناك، تعرضت المنطقة المحيطة للقصف بشكل متكرر أيضًا.

يستقبل المستشفى يوميا جثثا لضحايا مجهولي الهوية، ويعالج العديد من حالات الإصابة ضمن الإمكانيات المتوفرة.

التقرير نشر مجموعة من الصور لهؤلاء الضحايا الذين تعرضوا إلى اعتداءات من قبل الأطراف المتصارعة أو أصيبوا جراء المعارك الدائرة، هذه الصور نقلت أيضا الحال الصعب الذي تمر به المستشفيات في السودان في ظل قلة المساعدات وأدوية العلاج، فضلا عن الاكتظاظ وقلة الكادر الطبي.

ممرات مستشفى النعمان في أم درمان أصبحت مليئة بالمصابين وجثث الضحايا، في حين ساد الحزن على أوجه عائلات الضحايا التي تنتظر في الردهات لمعرفة مصير أحبائها.

يضيف التقرير أنه كانت هناك العشرات من المراكز الطبية في أم درمان قبل الحرب، ولكن معظمها اضطرت إلى الإغلاق بسبب نقص الإمدادات أو الكوادر أو التمويل، أو لأنها تعرضت للتدمير بسبب القتال. 

والآن، لا تتواجد سوى سبعة مراكز في تلك المنطقة، ويعتبر مستشفى النعمان واحدًا من أكبر  تلك المراكز التي لا تزال تعمل.

وحذّر المفوّض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، في مقابلة مع وكالة فرانس برس، في سبتمبر الماضي، من أنّ الوضع في السودان "يائس" والمجتمع الدولي "لا يلاحظ ذلك".

وقال غراندي إنّ "هذه الأزمة الخطيرة للغاية، أزمة حقوق الإنسان وأزمة الاحتياجات الإنسانية، تمرّ دون أن يلحظها أحد تقريبا في مجتمعنا الدولي" المنشغل بأزمات أخرى، من أوكرانيا إلى غزة.

وأوضح أنّه منذ بدء الحرب في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع في أبريل عام 2023 "نزح أكثر من 10 ملايين شخص من ديارهم"، بينهم أكثر من مليوني سوداني لجأوا إلى دول أخرى.