القاضية نعمات خير
القاضية نعمات خير

أعلن المجلس العسكري السوداني تعيين قاضية المحكمة العليا، نعمات عبدالله، خير رئيسة للقضاء في السودان في المرحلة الانتقالية، وكان يفترض بها أداء اليمين الدستورية الأربعاء. 

وبعد الإعلان عن حل المجلس العسكري مساء الثلاثاء وتكوين مجلس السيادة من أحد عشر عضوا، من المقرر أن يؤدي الفريق أول عبد الفتاح البرهان الذي سيتولى رئاسة مجلس السيادة اليمين الدستورية الأربعاء أمام رئيس القضاء هو وأعضاء المجلس، لكن ذلك لم يحدث.  

فمن هي رئيسة القضاء المرشحة للمرحلة الانتقالية التي من المقرر أن تستمر لأكثر من ثلاث سنوات؟ 

من أشهر القضايا التي حكمت فيها نعمات عبدالله خير، رفضها لطعن وزارة الأوقاف التابعة للرئيس المعزول عمر البشير في 2016 ضد الكنيسة الإنجيلية السودانية، التي شكلت لجنة لإدارتها في 2013، بحسب ما قال عضو ائتلاف المحامين الديمقراطيين في السودان لـ"موقع الحرة". 

​​وتدرجت القاضية نعمات في السلك القضائي وعملت في محكمة الاستئناف والمحكمة الابتدائية.

وتتواجد المرأة في المجال القضائي السوداني، حيث تولت بدرية حسونة نيابة رئاسة القضاء، لكن نعمات عبدالله خير قد تكون أول امرأة على رأس القضاء.

ويقول المحامي سمير شيخ الدين: "في العموم هي شخصية غير نشطة وليست ذات مواقف واضحة، أي شخصية مهنية ليس لها كاريزما، ولا يتوقع منها أن تحدث تغييرا في الممارسات القضائية"، مشيرا إلى أن كثيرا من القضاة منتمون لجماعة الإخوان المسلمين ومحسوبون على نظام البشير المعزول.

وأرسلت مصادر سودانية لـ"موقع الحرة" صورة تظهر فيها نعمات خير وهي تشارك في موكب القضاة إلى ساحة اعتصام القيادة العامة للقوات المسلحة في 25 أبريل 2019. 

ويتكون نادي القضاة من مجموعة قضاة كانوا معارضين للنظام وهم في وظيفتهم وانحازوا للثورة وكونوا هذا الكيان المعارض.

القاضية نعمات خير خلال موكب القضاة إلي ساحة اعتصام القيادة العامة للقوات المسلحة في ٢٥ أبريل 2019

وكان من المقرر أن تؤدي نعمات خير القسم مساء الثلاثاء أمام رئيس رئيس المجلس العسكري الانتقالي عبد الفتاح البرهان، لكن تم تأجيله لصباح الأربعاء، بحسب ما تداولته وسائل إعلام سودانية. 

وبسبب خلافات بين المجلس العسكري المنحل الذي أعلن تعيين نعمات خير الثلاثاء، وبين قوى الحرية والتغيير التي تريد تعيين عبد القادر محمد أحمد رئيسا للقضاء ومحمد الحافظ نائبا عاما، أدى أعضاء المجلس السيادي القسم أمام رئيس مجلس القضاء المكلف يحي أبو شورى الأربعاء. 

الحرب في السودان

تتفاقم آثار الكارثة الإنسانية في جميع أنحاء السودان، دون أن تظهر أي علامات على إمكانية تراجعها، جراء الحرب المستمرة في البلاد منذ نحو عامين.

لا يزال آلاف السودانيين يُقتلون ويُجوعون ويُغتصبون بوتيرة يومية، ويجبر العنف ملايين الأشخاص على ترك منازلهم والنزوح داخليا أو عبر الحدود إلى الدول المجاورة. 

تسبب  الصراع بـ"أسوأ حالة طوارئ إنسانية في العالم" وفق توصيف الأمم المتحدة، إذ تصدر السودان دول العالم في عدد النازحين داخليا بسبب الاقتتال بين الجيش وقوات الدعم السريع، شبه الحكومية.

وتجاوز عدد النازحين قسرا داخل البلاد 9 ملايين شخص، بالإضافة إلى أكثر من 3.8 مليون لاجئ إلى الدول المجاورة، ما يعني أن نحو 13 مليون شخص قد فروا من العنف خلال العامين الماضيين، بحسب تقارير الأمم المتحدة.

وتحذر منظمات دولية، بينها اليونيسيف، من أن الموت يشكل "تهديدا مستمرا" لحياة الأطفال في السودان.

وفي محيط مدينة الفاشر، غربي البلاد، وحدها، يحاصر الموت ما يقرب من 825 ألف طفل، يواجهون قصفا مستمرا ونقصا حادا في أبسط مقومات البقاء على قيد الحياة.

وحذرت هيئة تابعة للأمم المتحدة من انتشار حالات الاغتصاب مع استمرار الحرب التي تفجرت بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه الحكومية منذ سنتين في السودان.

وقالت آنا موتافاتي، المديرة الإقليمية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في شرق وجنوب إفريقيا: "بدأنا نشهد استخداما ممنهجا للاغتصاب والعنف الجنسي كسلاح حرب".

وشددت على أن "ما خفي كان أعظم، فهناك كثيرات لا يبلغن عن هذه الجرائم خوفا من العار وتحميل المسؤولية للضحايا، الذي يُلازم كل امرأة تتعرض للاغتصاب".

وأكد نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، مالك عقار، إن "الحكومة عازمة على تنفيذ كافة الاتفاقيات الخاصة بحماية النساء من العنف الجنسى والقضاء على التمييز، وانفاذ القانون وضمان عدم الإفلات من العقاب لمرتكبي جرائم العنف الجنسي ضد النساء والفتيات والأطفال".

وأشار عقار لدى لقائه، في بورتسودان، مع الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للعنف الجنسي في مناطق النزاعات، براميلا باتن، إلى أن "السودان ومنذ الشرارة الأولى أرسل العديد من التقارير المصورة والموثوقة لعدد من الهيئات والمنظمات الدولية والاقليمية ومنظمات حقوق الإنسان، توضح العنف الذي مارسته قوات الدعم السريع في حق النساء والفتيات والأطفال في السودان إلا أن الاستجابة كانت بطيئة مما فاقم الأوضاع لاسيما في المناطق التي كانت تسيطر عليها".

ونفت الدعم السريع في يوليو الماضي عن الانتهاكات التي تقع أثناء الحرب، إنها ستتخذ تدابير وقائية لمنع انتهاكات حقوق الإنسان.

خطر آخر يهدد المدنيين وعمليات الإغاثة يتمثل في الذخائر غير المنفجرة ومخلفات الحرب. وحذر رئيس برنامج الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام في السودان، صديق راشد، من أن المناطق التي كانت آمنة أصبحت الآن ملوثة بشكل عشوائي بهذه الأسلحة القاتلة، بما فيها الخرطوم وولاية الجزيرة.

وقد تجسدت هذه المخاوف في حوادث مأساوية، حيث لقي مدنيون، بينهم أطفال ونساء، مصرعهم وأصيب آخرون بسبب انفجار هذه الذخائر.

وناشد صديق راشد الأطراف المتحاربة تجنب استخدام الأسلحة في المناطق المأهولة، وتسجيل المناطق الملوثة لتسهيل عملية التطهير، ودعا المجتمع الدولي لتقديم الدعم اللازم لجعل المناطق آمنة قبل عودة المدنيين.

وفي خضم هذه الكارثة الإنسانية المتفاقمة، توجه كليمنتاين نكويتا سلامي، منسقة الأمم المتحدة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية في السودان نداء عاجلا إلى المجتمع الدولي: الناس في وضع يائس.

وقالت: "نناشد المجتمع الدولي ألا ينسى السودان وألا ينسى الرجال والنساء والأطفال في السودان الذين وجدوا أنفسهم في هذا الوضع الصعب للغاية في هذه اللحظة الحرجة".

ووجه المفوض السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، رسالة إلى العالم حول السودان: "يجب أن يكون مرور عامين على هذا الصراع الوحشي الذي لا معنى له بمثابة جرس إنذار للأطراف لإلقاء أسلحتها وألا يستمر السودان في هذا المسار المدمر".