قبل ساعات من حل نفسه، أعلن المجلس العسكري السوداني الثلاثاء تعيين قاضية المحكمة العليا نعمات عبد الله خير رئيسة للقضاء في السودان في المرحلة الانتقالية، بالتوافق مع قوى الحرية والتغيير، لكن الأخيرة لم تعلن ذلك.
كان من المقرر أن تؤدي نعمات خير القسم مساء الثلاثاء أمام رئيس المجلس العسكري الانتقالي المنحل حاليا عبد الفتاح البرهان، لكن تم تأجيله لصباح الأربعاء، ثم تأدية أعضاء مجلس السيادة للقسم أمامها، لكن ذلك لم يحدث.
وبسبب خلافات بين المجلس العسكري المنحل الذي أعلن تعيين نعمات خير الثلاثاء، وبين قوى الحرية والتغيير التي تريد تعيين عبد القادر محمد أحمد رئيسا للقضاء ومحمد الحافظ نائبا عاما، أدى أعضاء المجلس السيادي القسم أمام رئيس مجلس القضاء المكلف عباس علي بابكر الأربعاء.
وكشف سابقا المحامي في ائتلاف المحامين الديمقراطيين المنضوي تحت تجمع المهنيين أحد أبرز مكونات قوى الحرية والتغيير، في حوار مع "موقع الحرة" عن تحركات على مستوى القضاة والمحامين وتنظيم مسيرات للاحتجاج على قرار تعيين نعمات عبدالله خير رئيسة للقاء والتمسك بمرشح قوى الحرية والتغيير مولانا عبد القادر محمد أحمد.

وكان نادي القضاة قد أعلن اختياره لعبد القادر أيضا وإصراره عليه، مصدرا بيانا بعد أنباء رفض المجلس العسكري له.
وذكر البيان أن "إصرار النادي على اختيار مرشحه عبد القادر محمد أحمد، لم يكن نتاج آراء فردية أو قلةٍ من القضاة، بل كان نابعاً عن تصويتٍ حقيقي حينما طُرح الأمر على كافة أعضاء النادي، (...) إننا بهذا نعلن في نادي القضاة أننا كنا ولا زلنا، وسنظل على الدوام، نتمسك بمن اخترناه واصطفيناه رئيساً للقضاء، ونؤكد على أهمية عدم تجاوز هذا المطلب المشروع".
وكان تجمع القضاء السابقين قد أصدر بيانا قبل الإعلان عن تعيين نعمات، مؤكدا تمسكه بترشيح عبد القادر رئيسا للقضاء حيث قال: "يحتفظ تجمع القضاة السابقين وشرفاء المهنة بالحق في اللجوء لكافة الوسائل السلمية في حال الرفض والاصرار على الإتيان برئيس قضاء مؤدلج وطيع يسمح بإفلات من أجرموا في حق هذا البلاد من المساءلة والعقاب والمحاكمات العادلة، والشوارع لا تخون".
وكانت نقطة حصانة أعضاء المجلس العسكري المنحل محل خلاف كبير مع قوى الحرية والتأخير، مما أجل التوافق على وثيقة الإعلان الدستوري قبل أن يتم حذفها بعد مفاوضات بوساطة أفريقية وإثيوبية.
واتهم تجمع القضاة السابقين المجلس العسكري المنحل بأنه "يتخوف من تعيين رئيس قضاء يتمتع بالاستقامة والنزاهة، (...) وأن تحفظ المجلس العسكري على هذا الاختيار بمثابة تأكيد على أن "الدولة العميقة التي أطاحت باستقلال القضاء لا زالت تعمل وبقوة من أجل اختطاف ووأد ثورة ديسمبر المجيدة".
كما صدر بيان مشترك للجنة أطباء السودان المركزية ونقابة أطباء السودان الشرعية ولجنة الاستشاريين الأخصائيين ذكروا فيه أن "اعتراض المجلس العسكري على شخص مولانا عبد القادر محمد أحمد الذي توافقت عليه قوى اعلان الحرية والتغيير يعد انتكاساً خطيراً على خيارات الثورة".
يعد انتكاساً خطيراً على خيارات الثورة.نؤكد في مكتب الأطباء الموحد إن تعيين قاضٍ عادل على رأس القضاء هو من اهم مكتسبات الثورة وأساس التغيير والمحاسبة وبناء الدولة الجديدة إن لم يكن أهمها على الاطلاق، وندعو قوى إعلان الحرية والتغيير وجموع الشعب السوداني#تحديات_الفتره_الانتقاليه
— لجنة أطباء السودان المركزية - CCSD (@Sd_Doctors) August 19, 2019
ونظم عشرات الآلاف من السودانيين المظاهرات المطالبة بالقصاص وتحقيق العدالة لمقتل وإصابة العشرات لا سيما أثناء فض اعتصام القيادة العامة للقوات المسلحة في 3 يونيو الماضي.
وأثناء تلاوة أعضاء المجلس السيادي القسم كان العشرات خارج محكمة جنايات أم درمان وسط، يطالبون بالقصاص، حيث رفعوا صور بعض الضحايا الذين قضوا في المظاهرات.
ويقول المحامي سمير شيخ الدين لـ"موقع الحرة" إن "الشارع السوداني ينتظر أن يحدث تغييرا في الممارسات القضائية بعد الثورة الشعبية وهو مالا ينتظر أن تقدم عليه نعمات خير بخلاف عبد القادر الذي له مواقف مشهودة ضد ممارسات النظام السابق وتغوله في القضاء".
وأضاف: "الشارع جميعه متمسك بمولانا عبد القادر محمد أحمد لرئاسة القضاء وقد دعت بعض المجموعات لتسيير مواكب مليونية لإجبار المجلس على تعيين عبد القادر
وهذا لا يقدح في مواقف وشخصية مولانا نعمات، بل نرى أن المرحلة تحتاج لرئيس قضاء بمواصفات محددة من القوة والشكيمة والكاريزما لمحابهة أطنان الفساد والتغيير
وكل تلك الصفات والقدرات تتوفر في شخصية مولانا عبد القادر وهي مسألة وجوب عدم تقديم الصالح في وجود الأصلح".
وقال عضو المجلس السيادي في السودان، محمد الفكي سليمان، في تصريحات عقب نهاية أول اجتماع مغلق لأعضاء المجلس السيادي الأربعاء بالخرطوم: "بخصوص رئيس القضاء والنائب العام، تم التداول حولهما حاليا، ولأن وجهات النظر فيها تباين حول الإسمين المطروحين، تم إرجاؤها على أن تحسم خلال الساعات القليلة القادمة بالتوافق كما درج الفريق على العمل بتناغم كامل في هذه القضية الحساسة"، وذلك بحسب صحيفة سودان تريبيون.