تنفس السودانيون الصعداء بعد عودة عدد من مواطنيهم إلى البلاد ضمن مئات كانوا قد توجهوا الإمارات بعقود عمل لصالح شركة أمنية خاصة، قبل أن يتفاجأ أهاليهم بأنهم أرسلوا إلى اليمن وليبيا.
وهذه القضية، التي شغلت الرأي العام السوداني لفترة، لم تخل من لبس وغموض، وطفت إلى السطح بعدما كشف أقرباء لهؤلاء المتعاقدين عن انقطاع التواصل مع أبنائهم فجأة.
والمتعاقدون ذهبوا إلى دولة الإمارات وفق عقود عمل وفرتها لهم وكالات توظيف سودانية للعمل لصالح شركة بلاك شيلد الإماراتية الخاصة، وفق مصادر محلية.
وفي مسعى للكشف عن مصير أبنائهم نظم أهاليهم وناشطون وقفات احتجاجية وحملات على مواقع التواصل لإعادتهم إلى بلادهم.
#عاجل | خارجية #السودان: نتقصى أمر الشباب السوداني مع دولة #الإمارات بعد أن أرسلتهم شركة إماراتية رغما عنهم إلى #ليبيا، ونحرص على سلامتهم pic.twitter.com/2rNk3y9SuS
— شبكة رصد (@RassdNewsN) January 28, 2020
وقال شقيق أحد المتعاقدين في مقطع مصور إن أخاه أرغم بعد تلقي التدريب في الإمارات، على الذهاب إلى ليبيا أو اليمن، مناشدا الحكومة السودانية التدخل العاجل لحل أزمتهم.
شركة أمن إماراتية، تقوم بجلب شباب من السودان ومن دول أخرى، بحجة توظيفهم في حراسة المنشآت داخل الإمارات، لكن هذه الشركة أجبرتهم على الذهاب إلى اليمن وليبيا للقتال هناك. عائلة شاب سوداني فجّرت الفضيحة👇pic.twitter.com/sLnYMBxuhm
— تركي الشلهوب (@TurkiShalhoub) January 25, 2020
غير أن وزير الإعلام السوداني فيصل محمد صالح قال، بعد التواصل مع السلطات الإماراتية، إن الشباب السودانيين "خيروا بين العمل كحراس أمن في الإمارات أو حراسة منشآت نفطية في ليبيا".
كما نفت شركة بلاك شيلد الإماراتية في بيان "نفيا باتا كافة الادعاءات المتعلقة بالخداع او التموية او الاجبار لأي من العاملين لديها بخصوص طبيعة العمل أو موقع العمل أو العاملين لديها".
وتشهد ليبيا صراعات داخلية بين مليشيات متنافسة تتهم بتلقي الدعم من دول خارجية من بينها الإمارات ومصر لصالح قوات المشير خليفة حفتر، وقطر وتركيا لصالح حكومة الوفاق المعترف بها دوليا.
وقالت الأمم المتحدة في تقرير لها، نشر مؤخرا، إن هناك مرتزقة يقاتلون في ليبيا من بينهم قوات تابعة لقوات الدعم السريع السودانية.
وأوضح وزير الإعلام السوداني، في مؤتمر صحفي بالخرطوم الأربعاء، أن بعض الشباب السودانيين آثر طوعا التوجه إلى ليبيا ربما بسبب العائد المادي الكبير الذي عرض عليهم من قبل شركة الأمن الإماراتية، مشيرا إلى أن الحكومة السودانية وجدت استجابة كبيرة من قبل نظيرتها الإماراتية، لإعادة الشباب الراغبين طوعا في العودة إلى بلادهم.
وزير الثقافة والاعلام فيصل محمد صالح كذااااب .#فرض_هيبة_الدولة#مليونية_انقاذ_شبابنا pic.twitter.com/PtRca7HQ6r
— YASIN AHMED (@yasin123ah) January 29, 2020
وقد أفلحت الاحتجاجات الشعبية والجهود الحكومية السودانية بالفعل في عودة نحو 50 من المتعاقدين، حسب مصادر محلية.
لكن الأهالي يقولون إن العدد الأساسي للشباب الذين سافروا للعمل مع شركة بلاك شيلد الإماراتية يقدر بنحو 390 شابا.
ويؤكد ناشطون أن الجهود ستتواصل إلى أن تتم إعادتهم جميعا.
ودعا الناشط السوداني أيمن تابر إلى ضرورة فتح تحقيق لكشف ملابسات ما جرى ومحاسبة الضالعين فيه "خصوصا من قبل شركات التوظيف السودانية، لقد تم استغلال هؤلاء الشباب بسبب ظروفهم الاقتصادية".
ويعاني السودان من ضوائق اقتصادية كبيرة ظل يرزح تحتها طوال ثلاثين عاما هي عمر نظام حكومة الانقاذ بقيادة الرئيس المخلوع عمر البشير.
والشباب هم الشريحة الأكثر تضرررا من سياسات النظام السابق.
وقال الناشط السوداني أيمن تابر "إن الأولى لهولاء الشباب البقاء في بلدهم، لقد كانوا المحرك الرئيسي للثورة، والسودان الجديد بحاجة إليهم".
وتمكنت الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في ديسمبر الماضي بسبب رفع أسعار الخبز، في إسقاط نظام البشير في 11 أبريل.
ويمر السودان بفترة انتقالية من ثلاث سنوات تقودها حكومة مشتركة من العسكر والمدنيين على أن تعقبها انتخابات ديمقراطية.