قضية الاعتداء على المدمرة الأميركية بقيت حجر عثرة أمام رفع اسم السودان من لائحة الدول الراعية للإرهاب
قضية الاعتداء على المدمرة الأميركية بقيت حجر عثرة أمام رفع اسم السودان من لائحة الدول الراعية للإرهاب

ميشال غندور – واشنطن

تعليقاً على إعلان وزارة العدل السودانية عن التوصل إلى تسوية أمام القضاء الأميركي بين الحكومة السودانية وأهالي ضحايا الهجوم الإرهابي على المدمرة كول في عام 2000،  أكد مسؤول في الخارجية الأميركية أن تعويض ضحايا الإرهاب يبقى أولوية بالنسبة لحكومة الولايات المتحدة الأميركية.

وقال في تصريحات خاصة للحرة "نواصل الانخراط مع السودان من أجل حل بعض المطالب المتعلقة بالإرهاب".

وأضاف" أن الولايات المتحدة تجري مفاوضات مع الحكومة السودانية منذ فبراير من العام الماضي في إطار جهد لإيجاد حل للمطالب المتعلقة بتفجيرات عام 1998 في شرق أفريقيا".

وعبر المسؤول الأميركي عن اعتقاده بأنه تم تحقيق تقدم في هذا المجال. وأشار إلى أن هذه المحادثات ما زالت مستمرة.

وأعرب عن تقدير الولايات المتحدة للالتزام الذي أبداه السودان في العمل على معالجة هذه القضية، بما في ذلك التوصل إلى تسوية خاصة مع ضحايا الهجوم الذي استهدف المدمرة كول عام 2000.

وكشف أن الولايات المتحدة تبقى منخرطة في محادثات نشطة مع السودان بشأن الجوانب الأخرى للعلاقات الثنائية بما في ذلك السياسة والمتطلبات القانونية للنظر في شطب السودان عن لائحة الدول الداعمة للإرهاب.

وكانت وزارة العدل السودانية، قد أكدت اكتمال اجراءات التسوية لكافة قضايا المدمرة كول، بما يسمح بشطب هذه القضايا نهائياً من قبل المحاكم في الولايات المتحدة.

وشددت الوزارة، فى بيان صحفي أصدرته الثلاثاء، على أن السودان لم يكن ضالعاً في الهجوم على المدمرة كول أو في أي أعمال إرهابية أخرى، وقد تم النص صراحة على هذا التأكيد في اتفاقية التسوية.

وأكد البيان أن هذه التسوية جاءت فقط من أجل المصلحة الاستراتيجية للدولة السودانية وفي إطار الجهود الكلية الحثيثة للحكومة الانتقالية في معالجة وتسوية دعاوى الإرهاب التاريخية ضد السودان، حتى تتمكن من إزالة اسمه من القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب.

 

القتال في السودان يتواصل بين قوات الجيش وقوات الدعم السريع
القتال في السودان يتواصل بين قوات الجيش وقوات الدعم السريع

"وصل العرب وشرعوا في قتل الناس".. بدأ تحقيق مشترك أجرته مجموعة من وسائل الإعلام الدولية، بهذه العبارة لرصد تفاصيل "مجزرة" الثالث من يونيو عام 2023، التي كانت إحدى حلقات الفظائع بدوافع عرقية في الحرب السودانية بين قوات الجيش والدعم السريع.

وأجرى التحقيق كل من شبكة "سكاي نيوز" البريطانية ومنظمة "لايتهاوس ريبورتس" وصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية و"لوموند" الفرنسية.

وأشار التحقيق إلى أن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها استعراض "أدلة مرئية" تظهر أن مسلحين مرتبطين بقوات الدعم السريع "متورطون بشكل مباشر في عمليات القتل خارج نطاق القانون للمدنيين العزل".

بدأ الهجوم الذي راح ضحيته أكثر من 70 شخصًا بعد الفجر بقليل، وكان سكان مدينة كتم التي تبعد 120 كيلومتر غربي مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور، إما نائمين أو انتهوا من صلاة الفجر، حينما سمعوا طلقات الرصاص بوضوح وسط هدوء الصباح الباكر.

ونقل التحقيق أن الهجوم استمر لمدة 9 ساعات تقريبا، وفيه "نزل رجال عرب مسلحون في المدينة، وقتلوا مدنيين عزّل واحتفلوا بوحشيتهم".

كما شمل شهادات لسكان قالوا إنهم "شاهدوا المسلحين يتحركون من باب إلى باب لمطاردة الرجال المدنيين في الأحياء غير العربية بالمدينة، فيما استولوا على ثكنات الجيش بالمدينة".

وأوضح التحقيق أن تلك المذبحة "قادها عناصر قوات الدعم السريع، الذين على مدار الـ16 شهرا الماضية، منذ بدء القتال مع الجيش، غالبا ما اتسم تقدمها العسكري في منطقة دارفور بالعنف العرقي الجماعي".

"قتل في الشوارع"

نشر التحقيق شهادات لسكان، لكنه استخدم أسماء مستعارة حماية لهم.

وتحدثت أمينة، وهي أم شابة، عن رعب ما رأته خلال الهجوم حينها، قائلة: "وصل العرب وبدأوا في قتل الناس بالشوارع، وحينما دخلوا المنازل أخذوا كل شيء وأحرقوا ما تبقى".

كما قال ناجون إن منفذي الهجوم "استخدموا عبارات عنصرية ضد السكان، خلال عمليات النهب والقتل".

وقال شاهد عيان آخر، يدعى أحمد: "لم يدخلوا أي بيوت للعرب في الحي. يذهبون فقط إلى منازل السود، ويقتحمونها ويستولون على كل شيء".

وواصلت أمينة حديثها: "ارتدوا ملابس مدنية، وليس الزي الرسمي ليتمكنوا من التخفي، لكنهم جميعا كانوا من قوات الدعم السريع".

وأضافت أنهم "استخدموا الدراجات النارية والجمال والسيارات لمهاجمة المدينة".

وحصل معدو التحقيق على مقاطع فيديو مسربة لعمليات تحتفي بقتل المدنيين في مخيم كساب للنازحين، شمالي مدينة كتم مباشرة، وهو "مخيم يضم مجتمعات غير عربية تتعرض للاضطهاد على مدار عقدين من الصراع في دارفور".

"هجوم كساب"

ووفق تقرير سابق لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فقد قتل 54 شخصا في مخيم كساب فقط، في مطلع يونيو 2023.

وقال أحد المقيمين في المخيم منذ مدة طويلة، إن القيادي بالدعم السريع، علي رزق الله، "استعان بقافلة من 17 مركبة قتالية ونفذ هجوما على المخيم". وأوضح التحقيق نقلا عن شهادات، أنه وصف السكان "بالعبيد" الذين "دخلوا إلى جحورهم كالفئران" أثناء ركضهم للاحتماء من الهجوم.

من جانبها، أكدت بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في السودان، الجمعة، أن طرفي الصراع "ارتكبا انتهاكات قد ترقى إلى جرائم حرب"، مشددة على ضرورة أن ترسل القوى العالمية قوات حفظ سلام، وتوسيع حظر الأسلحة لحماية المدنيين.

وذكر التقرير الصادر عن البعثة، مستندا إلى 182 مقابلة مع ناجين وأسرهم وشهود، أن الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية "مسؤولان عن هجمات على مدنيين، ونفذا عمليات اغتصاب وتعذيب واعتقال قسري"، وفق رويترز.

وسبق أن نفى الجانبان اتهامات من الولايات المتحدة وجماعات حقوقية بارتكاب انتهاكات، ويتبادلان الاتهامات بالوقوف وراءها. ولم يرد أي من الجانبين بعد على طلب رويترز للتعليق، كما لم يصدرا بيانا للرد على التقرير.

ودعت البعثة إلى توسيع نطاق حظر قائم للأسلحة تفرضه الأمم المتحدة، يسري حاليا فقط على إقليم دارفور غربي البلاد. وقد وردت تقارير عن مقتل الآلاف في الإقليم لدوافع عرقية.

واندلعت الحرب في الخرطوم في أبريل العام الماضي، ثم امتدت إلى 14 ولاية من أصل 18.

واشتعل الصراع حينما تحولت المنافسة بين الجيش وقوات الدعم السريع إلى حرب مفتوحة. وكان الطرفان يتشاركان السلطة سابقا.

وتقول منظمات إغاثة، إن المدنيين في السودان يواجهون مجاعة متفاقمة والأمراض والنزوح الجماعي، بسبب الحرب المستمرة منذ 17 شهرا.

وقال وسطاء بقيادة الولايات المتحدة، الشهر الماضي، إنهم حصلوا على ضمانات من كلا الطرفين في محادثات بسويسرا، لتحسين آليات توصيل المساعدات الإنسانية، لكن غياب الجيش السوداني عن المناقشات عرقل إحراز تقدم.

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارين جان بيير، للصحفيين، الجمعة: "سنواصل الضغط على جميع الأطراف للتوصل إلى تسوية، من خلال التفاوض تسمح للشعب السوداني برسم مستقبله السياسي"، مؤكدة إدانة إدارة الرئيس جو بايدن للعنف.

وهذا هو أول تقرير تصدره البعثة المكونة من 3 أعضاء، منذ أن شكلها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في أكتوبر 2023.