المفاوضات بشأن سد النهضة وصلت إلى طريق مسدود
المفاوضات بشأن سد النهضة وصلت إلى طريق مسدود

بدأت وزارة الري والموارد المائية، السودانية، في تنبيه المزارعين والرعاة ومحطات مياه الشرب والمواطنين بأنه من المرجح انخفاض منسوب المياه خلال الأشهر القادمة، موضحة الآثار السلبية للملء الثاني لسد النهضة الإثيوبي. 

وفي خطوة أحادية، فاجأت إثيوبيا، مصر والسودان بملء سد النهضة بـ4.9 مليار متر مكعب من المياه العام الماضي، في حين تعتزم مباشرة المرحلة الثانية في يوليو القادم لتملأه حتى أكثر من 18 مليار متر مكعب من مجموع طاقته الاستيعابية البالغة 74 مليار متر مكعب، "بصرف النظر عن التوصل إلى اتفاق مع السودان ومصر من عدمه"، بحسب ما أعلن الجانب الإثيوبي.

تزايد التوتر حول سد النهضة
إثيوبيا تستعد لـ"الملء الثاني" لسد النهضة.. وتحذيرات مصرية من "عواقب سلبية"
تزايدت التوترات بين مصر والسودان من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر، على خلفية تعثر المفاوضات حول سد النهضة، والتوتر الحدودي الذي نشب مؤخرا بين أديس والخرطوم حول منطقة الفشقة، ناهيك عن الحرب الاهلية التي شهدتها منطقة تيغراي.

وأكدت وزارة الري السودانية في بيان نقلته وكالة الأنباء الرسمية "سونا"، ضرورة أن يتخذ جميع المعنيين بالأمر الاحتياطات اللازمه لتجاوز آثار الملء والتشغيل خلال الفتره من أبريل حتى سبتمبر 2021.

وقال وكيل وزارة الرى والموارد المائية، ضوالبيت عبدالرحمن، إن الوزارة تنبه المزارعين والرعاة ومحطات مياه الشرب ومشروعات الري وكل مستخدمي المياه والمواطنين عامة في مناطق النيل الأزرق (من الدمازين الى الخرطوم)، من احتمالية انخفاض كميات المياه الواردة من النيل الأزرق خلال الفترة من شهر أبريل حتى نهاية سبتمبر"، مشيرا إلى أنه ستثل الكمية الواردة لمحطات مياه الشرب. 

وأضاف أن "قطاع النيل الأبيض من الجبلين إلى جبل أولياء، سيتأثر أيضا بملء سد النهضة نسبة لتعديل نظم تشغيل خزان جبل أولياء، وسيؤدي ذلك لتقليص مساحات الجروف والمراعي نسبة لعدم التفريغ الكامل للبحيرة"، مشيرا إلى أنه ستزيد فترة المناسيب العالية للبحيره بالنسبة لمحطات مياه الشرب. 

سد النهضة الإثيوبي ومسار نهر النيل

وأكد أن قطاع النيل الرئيسي من الخرطوم إلى عطبرة، سيتعرض لنفس التأثيرات وستقل كميات المياه وتنخفض المناسيب. 

وأشار إلى أن مهندسي الوزارة بإدارتي الخزانات ومياه النيل يعملون للتحسب لكل السيناريوهات المحتملة جراء الملء الأحادي لسد النهضة وذلك للحد من الآثار السالبة المتوقعة ويشمل ذلك تعديلات في نظم تفريغ وملء خزانى الروصيرص وجبل الاولياء.

وكان مدير خزان الروصيرص السوداني، حامد محمد علي، قد قال، في تصريحات للوكالة الشهر الماضي، إن "غياب المعلومات والبيانات وعدم التوصل إلى اتفاق ملزم لملء وتشغيل سد النهضة بسبب رفض الجانب الإثيوبي سيؤثر تأثيرا سلبيا كبيرا على تشغيل خزان الروصيرص".

ويعتمد خزان الروصيرص في تشغيله على إيراد النهر الطبيعي "والآن سيعتمد على كميات النهر الواردة من سد النهضة، وبالتالي غياب اتفاق ملزم ومرضي لجميع الجهات سيشكل خطورة كبيرة"، بحسب علي.

ويبعد سد النهضة عن الحدود السودانية حوالي 15 كلم وحوالي 100 كلم عن سد الروصيرص أكبر سدود السودان والذي تبلغ سعته التخزينية أقل من 10 في المئة من سعة سد النهضة. 

وأشار علي إلى أهمية خزان الروصيرص الإنتاجية والاقتصادية للسودان التي تتمثل في ري المشاريع الزراعية على امتداد النيل الأزرق والنيل الرئيسي وإنتاج الطاقة الكهربائية بالإضافة إلى الثروة السمكية وزراعة الجروف عند انحسار المياه في بحيرة الخزان في فترة الصيف، كما يوفر الخزان العديد من الوظائف ويساهم في تنمية منطقة جنوب النيل الأزرق.

وأكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، السبت، في أول زيارة له الى الخرطوم منذ الإطاحة بالرئيس عمر البشير، الاتفاق مع السودان على "رفض سياسة فرض الأمر الواقع" و"الإجراءات الأحادية" فيما يتعلق بسد النهضة الإثيوبي على نهر النيل.

وشدّد السيسي على ضرورة التوصل الى اتفاق قبل موسم فيضان نهر النيل الأزرق القادم، وهو التاريخ الذي حددته إثيوبيا لتنفيذ المرحلة الثانية من ملء السد.

ومنذ العام 2011، تتفاوض مصر والسودان وإثيوبيا للوصول إلى اتّفاق حول ملء سدّ النهضة الذي بنته أديس أبابا وتخشى القاهرة والخرطوم آثاره عليهما. وأخفقت الدول الثلاث في التوصل الى اتفاق.

ويشكل نهر النيل، أطول أنهار العالم، شريان حياة للدول العشر التي يجري من خلالها ويوفر لها مياه الشرب والكهرباء.

ويوفر النيل الأزرق الذي يلتقي مع النيل الأبيض في العاصمة السودانية، الجزء الأكبر من مياه النيل التي تتدفق عبر شمال السودان ومصر إلى البحر الأبيض المتوسط .

وتوترت العلاقات مؤخرا بين إثيوبيا والسودان على خلفية اشتباكات في منطقة الفشقة الزراعية على حدود الدولتين التي يدعي السودان ملكيتها ويزرعها إثيوبيون. ويتبادل الطرفان اتهامات بالقيام بأعمال عنف داخل حدود الآخر.

في المقابل، تتجه العلاقات حاليا بين الخرطوم والقاهرة إلى تعزيز التعاون.

ووقّع الأسبوع الماضي رئيسا أركان الجيش في السودان ومصر في الخرطوم اتفاقية للتعاون العسكري لم يكشف عن تفاصيلها.

الأمم المتحدة تحاول الوصول إلى 8.4 مليون شخص بحلول نهاية العام للتغلب على الجوع
الأمم المتحدة تحاول الوصول إلى 8.4 مليون شخص بحلول نهاية العام للتغلب على الجوع

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن ما وصفه بـ "المزيج القاتل" من الجوع والنزوح وتفشي الأمراض، يخلق ما سماه بعاصفة مثالية لـ "خسارة كارثية" في الأرواح بالسودان.

وأفاد المكتب في آخر تحديث أصدره الخميس، بأن برنامج الأغذية العالمي يعمل على مدار الساعة للوصول إلى 8.4 مليون شخص بحلول نهاية العام للتغلب على الجوع في البلاد، مشيرا إلى أن البرنامج ساعد في عام 2024 وحتى الآن أكثر من 5 ملايين شخص، بمن فيهم 1.2 مليون في منطقة دارفور.

يأتي هذا في الوقت الذي تواصل فيه منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة "يونيسف" نقل إمدادات التغذية المنقذة للحياة لعلاج حوالي 215 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد في السودان. ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن "يونيسف" وشركاءها قدموا لحوالي 6.6 مليون طفل في السودان وأسرهم مياه شرب آمنة هذا العام، في وقت تتفاقم فيه حالات تفشي الأمراض، بما في ذلك الكوليرا.

صورة أرشيفية لسيدة مع طفلها بمخيم زمزم للنازحين، بالقرب من الفاشر شمالي دارفور
وسط المعارك والأمراض.. أطفال "يموتون جوعا" في بلدة سودانية
مع استمرار المعارك العنيفة بين قوات الدعم السريع وبين الجيش السوداني، فر عشرات الآلاف من عاصمة شمال دارفور، الفاشر المحاصرة والممزقة بالحرب، نحو بلدة صغيرة على بعد نحو 70 كيلومترا، حيث بدأت معاناة أخرى جراء نقص الطعام وعدم وجود رعاية صحية.

وأوضح مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية أن الأطفال يشكلون حوالي نصف الأشخاص الذين فروا من ديارهم ويفوق عددهم 10 ملايين، منذ اندلاع الصراع في السودان العام الماضي. في وقت عبر مليونان من هؤلاء النازحين إلى البلدان المجاورة، حيث تقدم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الدعم العاجل لهم.

وأفاد المكتب بأن مفوضية اللاجئين تقدم خدمات الحماية الأساسية وتساعد في نقل الأعداد الهائلة من الوافدين الجدد بعيدا عن المناطق الحدودية إلى أماكن أكثر أمانا في بلدان اللجوء، منبها إلى أن هذه الجهود يعرقلها نقص التمويل والفيضانات وانعدام الأمن.

وتقول الأمم المتحدة إنه تم تمويل خطة هذا العام التي تبلغ 1.5 مليار دولار لدعم الاستجابة الإقليمية للاجئين في سبع دول مجاورة، بأقل من ربع المبلغ، إذ لم يتم جمع سوى 347 مليون دولار فقط. وفي الوقت ذاته، تم تمويل الاستجابة داخل السودان بأقل من النصف، حيث تلقت خطة الاستجابة الإنسانية للسودان لعام 2024 نحو 1.3 مليار دولار فقط من 2.7 مليار دولار لازمة للوصول إلى حوالي 14.7 مليون شخص في البلاد حتى نهاية العام.

وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك في المؤتمر الصحفي اليومي الذي عُقِد في مقر المنظمة في نيويورك الخميس، إن أكثر من 113 شاحنة مساعدات دخلت السودان من تشاد عبر معبر أدري منذ إعادة فتحه من قبل السلطات السودانية الشهر الماضي.

وأضاف أن خمس شاحنات أخرى عبرت المعبر مساء الأربعاء، مضيفا أن الإمدادات عن طريق أدري عبرت إلى أكثر من ربع مليون شخص في السودان، وتشمل هذه الإمدادات الغذاء والتغذية والمأوى والمستلزمات الطبية وغيرها من المواد التي تشتد الحاجة إليها.

وفي تطور منفصل، كشف دوجاريك عن حدث وزاري رفيع المستوى سيعقد في 25 من شهر سبتمبر الحالي، بشأن الأزمة المتصاعدة في السودان والمنطقة. وأوضح أن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين يستضيفان هذا الحدث إلى جانب مصر والسعودية والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي.

وتقول الأمم المتحدة إن نحو 25 مليون شخص، أي نصف سكان السودان، يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، وإن المجاعة تلوح في الأفق، كما نزح نحو 10 ملايين شخص. وانتقل أكثر من 2.2 مليون شخص من هؤلاء إلى بلدان أخرى.