السودانيون يطالبون بالحكم المدني - صورة تعبيرية. أرشيف
السودان: اجتماع بين الموقعين على الاتفاق الإطاري لمتابعة سير العملية السياسية (أرشيفية)

انعقد في الخرطوم اجتماع، مساء الأربعاء، ضم القوى المدنية والعسكرية الموقعة على الاتفاق السياسي الإطاري، وذلك لمناقشة سير العملية السياسية في السودان وما أنجز فيها حتى الآن، وفق ما نقله مراسل الحرة. 

وتضمن الاجتماع رئيس مجلس السيادة والقائد العام للقوات المسلحة السودانية، عبد الفتاح البرهان، ونائب رئيس مجلس السيادة وقائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، والقوى المدنية الموقعة على الاتفاق السياسي الإطاري، بحضور سفراء وممثلي الآلية الثلاثية والرباعية والاتحاد الأوروبي.

وتوصلت الأطراف خلال الاجتماع إلى توافق على أسس ومبادئ الإصلاح الأمني والعسكري، والتأكيد على تجاوز ما تبقى من نقاشات فنية في هذه القضية الجوهرية.

كما اتفقت الأطراف الموقعة على الاتفاق السياسي الإطاري والآلية الثلاثية على الانتهاء من عقد مؤتمري العدالة والعدالة الانتقالية والإصلاح الأمني والعسكري قبل بداية شهر رمضان، على أن تتم بعده الدعوة لانعقاد آلية سياسية تبدأ عملها بصورة عاجلة لصياغة مسودة الاتفاق السياسي النهائي.

وذكر بيان أصدره الناطق الرسمي باسم الآلية السياسية، خالد عمر، أن الأطراف الموقعة كلفت اللجنة التنسيقية المشتركة مع الآلية الثلاثية بصياغة جدول زمني للمهام المتبقية، التي تشمل استكمال النقاش في القضايا المتبقية، وتحديد ميعاد توقيت الاتفاق النهائي، وتشكيل هياكل السلطة المدنية الانتقالية التي تنشأ على أساسه، وإجازة هذا الجدول في الأيام القليلة القادمة.

وانطلقت فى العاصمة السودانية الخرطوم تظاهرات، الثلاثاء، شارك فيها المئات احتجاجا على استمرار وجود العسكريين فى السلطة، والمطالبة بحكم مدتى وتوفير الخدمات الضرورية.

وأعلنت تنسيقيات لجان المقاومة فى الخرطوم، أن التظاهرات  تتوجه نحو القصر الجمهوري للتأكيد على تمسك المتظاهرين بمطالبهم. 

وفي ديسمبر، اتفق قادة عسكريون سودانيون وفصائل مدنية على المكون الأول لعملية سياسية من مرحلتين لإنهاء الاضطرابات السياسية التي تعم البلاد منذ أن قاد البرهان، انقلابا عسكريا في أكتوبر 2021.

الحرب في السودان

تتفاقم آثار الكارثة الإنسانية في جميع أنحاء السودان، دون أن تظهر أي علامات على إمكانية تراجعها، جراء الحرب المستمرة في البلاد منذ نحو عامين.

لا يزال آلاف السودانيين يُقتلون ويُجوعون ويُغتصبون بوتيرة يومية، ويجبر العنف ملايين الأشخاص على ترك منازلهم والنزوح داخليا أو عبر الحدود إلى الدول المجاورة. 

تسبب  الصراع بـ"أسوأ حالة طوارئ إنسانية في العالم" وفق توصيف الأمم المتحدة، إذ تصدر السودان دول العالم في عدد النازحين داخليا بسبب الاقتتال بين الجيش وقوات الدعم السريع، شبه الحكومية.

وتجاوز عدد النازحين قسرا داخل البلاد 9 ملايين شخص، بالإضافة إلى أكثر من 3.8 مليون لاجئ إلى الدول المجاورة، ما يعني أن نحو 13 مليون شخص قد فروا من العنف خلال العامين الماضيين، بحسب تقارير الأمم المتحدة.

وتحذر منظمات دولية، بينها اليونيسيف، من أن الموت يشكل "تهديدا مستمرا" لحياة الأطفال في السودان.

وفي محيط مدينة الفاشر، غربي البلاد، وحدها، يحاصر الموت ما يقرب من 825 ألف طفل، يواجهون قصفا مستمرا ونقصا حادا في أبسط مقومات البقاء على قيد الحياة.

وحذرت هيئة تابعة للأمم المتحدة من انتشار حالات الاغتصاب مع استمرار الحرب التي تفجرت بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه الحكومية منذ سنتين في السودان.

وقالت آنا موتافاتي، المديرة الإقليمية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في شرق وجنوب إفريقيا: "بدأنا نشهد استخداما ممنهجا للاغتصاب والعنف الجنسي كسلاح حرب".

وشددت على أن "ما خفي كان أعظم، فهناك كثيرات لا يبلغن عن هذه الجرائم خوفا من العار وتحميل المسؤولية للضحايا، الذي يُلازم كل امرأة تتعرض للاغتصاب".

وأكد نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، مالك عقار، إن "الحكومة عازمة على تنفيذ كافة الاتفاقيات الخاصة بحماية النساء من العنف الجنسى والقضاء على التمييز، وانفاذ القانون وضمان عدم الإفلات من العقاب لمرتكبي جرائم العنف الجنسي ضد النساء والفتيات والأطفال".

وأشار عقار لدى لقائه، في بورتسودان، مع الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للعنف الجنسي في مناطق النزاعات، براميلا باتن، إلى أن "السودان ومنذ الشرارة الأولى أرسل العديد من التقارير المصورة والموثوقة لعدد من الهيئات والمنظمات الدولية والاقليمية ومنظمات حقوق الإنسان، توضح العنف الذي مارسته قوات الدعم السريع في حق النساء والفتيات والأطفال في السودان إلا أن الاستجابة كانت بطيئة مما فاقم الأوضاع لاسيما في المناطق التي كانت تسيطر عليها".

ونفت الدعم السريع في يوليو الماضي عن الانتهاكات التي تقع أثناء الحرب، إنها ستتخذ تدابير وقائية لمنع انتهاكات حقوق الإنسان.

خطر آخر يهدد المدنيين وعمليات الإغاثة يتمثل في الذخائر غير المنفجرة ومخلفات الحرب. وحذر رئيس برنامج الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام في السودان، صديق راشد، من أن المناطق التي كانت آمنة أصبحت الآن ملوثة بشكل عشوائي بهذه الأسلحة القاتلة، بما فيها الخرطوم وولاية الجزيرة.

وقد تجسدت هذه المخاوف في حوادث مأساوية، حيث لقي مدنيون، بينهم أطفال ونساء، مصرعهم وأصيب آخرون بسبب انفجار هذه الذخائر.

وناشد صديق راشد الأطراف المتحاربة تجنب استخدام الأسلحة في المناطق المأهولة، وتسجيل المناطق الملوثة لتسهيل عملية التطهير، ودعا المجتمع الدولي لتقديم الدعم اللازم لجعل المناطق آمنة قبل عودة المدنيين.

وفي خضم هذه الكارثة الإنسانية المتفاقمة، توجه كليمنتاين نكويتا سلامي، منسقة الأمم المتحدة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية في السودان نداء عاجلا إلى المجتمع الدولي: الناس في وضع يائس.

وقالت: "نناشد المجتمع الدولي ألا ينسى السودان وألا ينسى الرجال والنساء والأطفال في السودان الذين وجدوا أنفسهم في هذا الوضع الصعب للغاية في هذه اللحظة الحرجة".

ووجه المفوض السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، رسالة إلى العالم حول السودان: "يجب أن يكون مرور عامين على هذا الصراع الوحشي الذي لا معنى له بمثابة جرس إنذار للأطراف لإلقاء أسلحتها وألا يستمر السودان في هذا المسار المدمر".