"الجيش السوداني يتهم قوات الدعم السريع بمهاجمة عدة قواعد تابعة له"
"الجيش السوداني يتهم قوات الدعم السريع بمهاجمة عدة قواعد تابعة له"

سمع دوي انفجارات واطلاق نار في مناطق مختلفة من العاصمة السودانية الخرطوم، فيما تشهد البلاد خلافات بين الجيش وقوات الدعم السريع المسلحة.

وقال شهود إن مواجهات ودوي انفجارات واطلاق نيران سمع بالقرب من قاعدة تتمركز فيها قوات الدعم السريع في جنوب الخرطوم. وسمع إطلاق نار بالقرب من مطار الخرطوم وفي شمال العاصمة السودانية.

تصاعدت التوترات بين الجيش وقوات الدعم السريع الأمنية، في الأشهر الأخيرة، ما أدى إلى تأخير توقيع اتفاق مدعوم دوليًا مع الأحزاب السياسية لإحياء التحول الديمقراطي في البلاد.

واتهمت قوات الدعم السريع، في بيان أصدرته صباح السبت، الجيش بمهاجمة قواتها في إحدى قواعدها بجنوب الخرطوم. وأضافت أن الجيش استخدم أسلحة خفيفة وثقيلة في الهجوم.

من جهته، اتهم الجيش السوداني قوات الدعم السريع بمهاجمة عدة قواعد تابعة له.

وقال الناطق باسم الجيش العميد نبيل عبد الله لوكالة فرانس برس "هاجم مقاتلون من قوات الدعم السريع عدة معسكرات للجيش في الخرطوم ومناطق متفرقة في السودان" مضيفا "الاشتباكات مستمرة والجيش يؤدي واجبه في حماية البلاد".

وأظهرت مشاهد وثقتها مقاطع فيديو متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي حجم الاشتباكات، التي قالت رويترز إن استمرارها يمكن أن يؤدي إلى صراع طويل الأمد.

 

تنبع التوترات الحالية بين الجيش والقوات شبه العسكرية من الخلاف حول كيفية دمج قوات الدعم السريع ، بقيادة الجنرال القوي محمد حمدان دقلو، في الجيش وما هي السلطة التي يجب أن تشرف على العملية. الاندماج هو شرط أساسي لاتفاق السودان الانتقالي غير الموقع، بحسب أسوشيتد برس.

 

 

وأفاد مراسل "الحرة" في الخرطوم عن "إطلاق نار كثيف بالقرب من محيط القيادة العامة في الخرطوم"، وبأن هناك "دبابات تغلق الطرق المؤدية إلى القصر الجمهوري".

وأيضا أكد المراسل "فرار مدنيين من المنطقة القريبة من القيادة العامة في الخرطوم وتوقف حركة المرور في الشوارع المجاورة".

وذكرت وسائل إعلام محلية أن هناك "انتشار آليات عسكرية مختلفة في الخرطوم".

ونقلت مواقع التواصل الاجتماعي في السودان خبر إيقاف الرحلات الجوية وإنزال الركاب من الطائرات في الخرطوم.

وفي وقت سابق، قال وسطاء في بيانين، الجمعة، وفي ساعة مبكرة، السبت، إن قائد الجيش السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع شبه العسكرية الفريق أول محمد حمدان دقلو مستعدان لاتخاذ خطوات لتهدئة التوتر بين قواتهما.

وبرز الخلاف بين القوات الخميس عندما قال الجيش إن التحركات الأحدث لقوات الدعم السريع حدثت دون تنسيق وبشكل غير قانوني.

وقال وسطاء أمس الجمعة وفي ساعة مبكرة من اليوم السبت إن قائد الجيش السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع شبه العسكرية الفريق أول محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي مستعدان لاتخاذ خطوات للحيلولة دون تصاعد الموقف.

 

وأدى الخلاف بين الجيش وقوات الدعم السريع إلى تأخير التوقيع النهائي على اتفاق مع الأحزاب السياسية وتشكيل حكومة مدنية.

وقالت مصادر مقربة للبرهان ودقلو يوم الجمعة إنهما ما زالا على خلاف حول من سيتقلد منصب القائد العام للجيش خلال فترة الاندماج التي ستمتد عدة سنوات. وتقول قوات الدعم السريع إن القائد ينبغي أن يكون الرئيس المدني للدولة وهو ما يرفضه الجيش.

الحرب في السودان

تتفاقم آثار الكارثة الإنسانية في جميع أنحاء السودان، دون أن تظهر أي علامات على إمكانية تراجعها، جراء الحرب المستمرة في البلاد منذ نحو عامين.

لا يزال آلاف السودانيين يُقتلون ويُجوعون ويُغتصبون بوتيرة يومية، ويجبر العنف ملايين الأشخاص على ترك منازلهم والنزوح داخليا أو عبر الحدود إلى الدول المجاورة. 

تسبب  الصراع بـ"أسوأ حالة طوارئ إنسانية في العالم" وفق توصيف الأمم المتحدة، إذ تصدر السودان دول العالم في عدد النازحين داخليا بسبب الاقتتال بين الجيش وقوات الدعم السريع، شبه الحكومية.

وتجاوز عدد النازحين قسرا داخل البلاد 9 ملايين شخص، بالإضافة إلى أكثر من 3.8 مليون لاجئ إلى الدول المجاورة، ما يعني أن نحو 13 مليون شخص قد فروا من العنف خلال العامين الماضيين، بحسب تقارير الأمم المتحدة.

وتحذر منظمات دولية، بينها اليونيسيف، من أن الموت يشكل "تهديدا مستمرا" لحياة الأطفال في السودان.

وفي محيط مدينة الفاشر، غربي البلاد، وحدها، يحاصر الموت ما يقرب من 825 ألف طفل، يواجهون قصفا مستمرا ونقصا حادا في أبسط مقومات البقاء على قيد الحياة.

وحذرت هيئة تابعة للأمم المتحدة من انتشار حالات الاغتصاب مع استمرار الحرب التي تفجرت بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه الحكومية منذ سنتين في السودان.

وقالت آنا موتافاتي، المديرة الإقليمية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في شرق وجنوب إفريقيا: "بدأنا نشهد استخداما ممنهجا للاغتصاب والعنف الجنسي كسلاح حرب".

وشددت على أن "ما خفي كان أعظم، فهناك كثيرات لا يبلغن عن هذه الجرائم خوفا من العار وتحميل المسؤولية للضحايا، الذي يُلازم كل امرأة تتعرض للاغتصاب".

وأكد نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، مالك عقار، إن "الحكومة عازمة على تنفيذ كافة الاتفاقيات الخاصة بحماية النساء من العنف الجنسى والقضاء على التمييز، وانفاذ القانون وضمان عدم الإفلات من العقاب لمرتكبي جرائم العنف الجنسي ضد النساء والفتيات والأطفال".

وأشار عقار لدى لقائه، في بورتسودان، مع الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للعنف الجنسي في مناطق النزاعات، براميلا باتن، إلى أن "السودان ومنذ الشرارة الأولى أرسل العديد من التقارير المصورة والموثوقة لعدد من الهيئات والمنظمات الدولية والاقليمية ومنظمات حقوق الإنسان، توضح العنف الذي مارسته قوات الدعم السريع في حق النساء والفتيات والأطفال في السودان إلا أن الاستجابة كانت بطيئة مما فاقم الأوضاع لاسيما في المناطق التي كانت تسيطر عليها".

ونفت الدعم السريع في يوليو الماضي عن الانتهاكات التي تقع أثناء الحرب، إنها ستتخذ تدابير وقائية لمنع انتهاكات حقوق الإنسان.

خطر آخر يهدد المدنيين وعمليات الإغاثة يتمثل في الذخائر غير المنفجرة ومخلفات الحرب. وحذر رئيس برنامج الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام في السودان، صديق راشد، من أن المناطق التي كانت آمنة أصبحت الآن ملوثة بشكل عشوائي بهذه الأسلحة القاتلة، بما فيها الخرطوم وولاية الجزيرة.

وقد تجسدت هذه المخاوف في حوادث مأساوية، حيث لقي مدنيون، بينهم أطفال ونساء، مصرعهم وأصيب آخرون بسبب انفجار هذه الذخائر.

وناشد صديق راشد الأطراف المتحاربة تجنب استخدام الأسلحة في المناطق المأهولة، وتسجيل المناطق الملوثة لتسهيل عملية التطهير، ودعا المجتمع الدولي لتقديم الدعم اللازم لجعل المناطق آمنة قبل عودة المدنيين.

وفي خضم هذه الكارثة الإنسانية المتفاقمة، توجه كليمنتاين نكويتا سلامي، منسقة الأمم المتحدة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية في السودان نداء عاجلا إلى المجتمع الدولي: الناس في وضع يائس.

وقالت: "نناشد المجتمع الدولي ألا ينسى السودان وألا ينسى الرجال والنساء والأطفال في السودان الذين وجدوا أنفسهم في هذا الوضع الصعب للغاية في هذه اللحظة الحرجة".

ووجه المفوض السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، رسالة إلى العالم حول السودان: "يجب أن يكون مرور عامين على هذا الصراع الوحشي الذي لا معنى له بمثابة جرس إنذار للأطراف لإلقاء أسلحتها وألا يستمر السودان في هذا المسار المدمر".