البرهان وحميدتي تبادلا الاتهامات بشأن من بدأ باستخدام العنف
السبت استيقظ 45 مليون سوداني، على أصوات الأسلحة الثقيلة والانفجارات في الخرطوم وعدة مدن أخرى

تبادل قائد الجيش السوداني، الفريق أول، عبدالفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع، شبه العسكرية، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، الاتهامات بشأن أعمال العنف التي اندلعت، السبت، في السودان، وخلفت حتى الآن، ثلاثة قتلى في صفوف المدنيين.

وتمسك كل من الرجلين، في حديث لشبكة الجزيرة، بمواقفهما  ما يوحي بأن الأزمة قد لا ترى الحل في الساعات القادمة.

وقال حميدتي ""لن نتوقف إلا بعد السيطر ة على كل مواقع الجيش (..) لا أستطيع أن أحدد متى ينتهي القتال فالحرب كر وفر".

من جهته، قال البرهان للشبكة القطرية إنه "فوجئ في التاسعة صباحا" بحصار مقر قيادته من قبل قوات حميدتي حليفه السابق الذي يصفه اليوم بأنه "يقود ميليشيا مدعومة من الخارج".

وقال "قوات الدعم السريع هي من هاجمت مقرات الجيش" مشيرا إلى أنها "تحرشت بالجيش في منطقة المدينة الرياضية جنوبي العاصمة، حيث انطلقت أولى الاشتباكات في الصباح.

وبينما أكدت قوات الدعم السريع سيطرتها على على القصر الجمهوري ومطار الخرطوم، قال البرهان إن "القصر الجمهوري تحت السيطرة".

في المقابل قال حميدتي إن "قواته تسيطر على قصر الضيافة والقصر الجمهوري والقيادة العامة للجيش وجميع المطارات" وفق ما نقلت عنه شبكة الجزيرة.

وأضاف حميديتي (48 سنة) الذي وصف غريمه الحالي وحليفه السابق بـ"المجرم" أن "قوات الدعم السريع ليس لديها عداء مع الجيش".

ورد تحرك قواته لما وصفه بـ"الحصار والاعتداء" عليهم من قبل الجيش برئاسة البرهان "الذي ينفذ مؤامرة لأنصار الرئيس المخلوع عمر البشير" وفق قوله.

إلى ذلك، قال حميدتي إن  "100 ضابط وآلاف الجنود من الجيش"، حسب تقديره، سلموا أنفسهم لقوات الدعم السريع، السبت.

يذكر أن الاشتباكات التي ندد بها المجتمع الدولي، خلفت حتى الآن ثلاثة قتلى من المدنيين، وفق ما أعلنت عنه نقابة الأطباء في بيان على فيسبوك.

يذكر أن قوات الدعم السريع الموالية لدقلو، انتشرت في الخرطوم والمدن الرئيسية، منذ الـ 13 من إبريل الجاري.

والسبت استيقظ 45 مليون سوداني، على أصوات الأسلحة الثقيلة والانفجارات في الخرطوم وعدة مدن أخرى.

وبحسب وكالة فرانس برس، تدور المواجهات الآن بين الفريقين حول مبنى وسائل الإعلام التابعة للدولة بهدف السيطرة عليها، فيما انقطع إرسال التلفزيون بعد أن ظل ضعيفا لبعض الوقت.

الحرب في السودان

تتفاقم آثار الكارثة الإنسانية في جميع أنحاء السودان، دون أن تظهر أي علامات على إمكانية تراجعها، جراء الحرب المستمرة في البلاد منذ نحو عامين.

لا يزال آلاف السودانيين يُقتلون ويُجوعون ويُغتصبون بوتيرة يومية، ويجبر العنف ملايين الأشخاص على ترك منازلهم والنزوح داخليا أو عبر الحدود إلى الدول المجاورة. 

تسبب  الصراع بـ"أسوأ حالة طوارئ إنسانية في العالم" وفق توصيف الأمم المتحدة، إذ تصدر السودان دول العالم في عدد النازحين داخليا بسبب الاقتتال بين الجيش وقوات الدعم السريع، شبه الحكومية.

وتجاوز عدد النازحين قسرا داخل البلاد 9 ملايين شخص، بالإضافة إلى أكثر من 3.8 مليون لاجئ إلى الدول المجاورة، ما يعني أن نحو 13 مليون شخص قد فروا من العنف خلال العامين الماضيين، بحسب تقارير الأمم المتحدة.

وتحذر منظمات دولية، بينها اليونيسيف، من أن الموت يشكل "تهديدا مستمرا" لحياة الأطفال في السودان.

وفي محيط مدينة الفاشر، غربي البلاد، وحدها، يحاصر الموت ما يقرب من 825 ألف طفل، يواجهون قصفا مستمرا ونقصا حادا في أبسط مقومات البقاء على قيد الحياة.

وحذرت هيئة تابعة للأمم المتحدة من انتشار حالات الاغتصاب مع استمرار الحرب التي تفجرت بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه الحكومية منذ سنتين في السودان.

وقالت آنا موتافاتي، المديرة الإقليمية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في شرق وجنوب إفريقيا: "بدأنا نشهد استخداما ممنهجا للاغتصاب والعنف الجنسي كسلاح حرب".

وشددت على أن "ما خفي كان أعظم، فهناك كثيرات لا يبلغن عن هذه الجرائم خوفا من العار وتحميل المسؤولية للضحايا، الذي يُلازم كل امرأة تتعرض للاغتصاب".

وأكد نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، مالك عقار، إن "الحكومة عازمة على تنفيذ كافة الاتفاقيات الخاصة بحماية النساء من العنف الجنسى والقضاء على التمييز، وانفاذ القانون وضمان عدم الإفلات من العقاب لمرتكبي جرائم العنف الجنسي ضد النساء والفتيات والأطفال".

وأشار عقار لدى لقائه، في بورتسودان، مع الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للعنف الجنسي في مناطق النزاعات، براميلا باتن، إلى أن "السودان ومنذ الشرارة الأولى أرسل العديد من التقارير المصورة والموثوقة لعدد من الهيئات والمنظمات الدولية والاقليمية ومنظمات حقوق الإنسان، توضح العنف الذي مارسته قوات الدعم السريع في حق النساء والفتيات والأطفال في السودان إلا أن الاستجابة كانت بطيئة مما فاقم الأوضاع لاسيما في المناطق التي كانت تسيطر عليها".

ونفت الدعم السريع في يوليو الماضي عن الانتهاكات التي تقع أثناء الحرب، إنها ستتخذ تدابير وقائية لمنع انتهاكات حقوق الإنسان.

خطر آخر يهدد المدنيين وعمليات الإغاثة يتمثل في الذخائر غير المنفجرة ومخلفات الحرب. وحذر رئيس برنامج الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام في السودان، صديق راشد، من أن المناطق التي كانت آمنة أصبحت الآن ملوثة بشكل عشوائي بهذه الأسلحة القاتلة، بما فيها الخرطوم وولاية الجزيرة.

وقد تجسدت هذه المخاوف في حوادث مأساوية، حيث لقي مدنيون، بينهم أطفال ونساء، مصرعهم وأصيب آخرون بسبب انفجار هذه الذخائر.

وناشد صديق راشد الأطراف المتحاربة تجنب استخدام الأسلحة في المناطق المأهولة، وتسجيل المناطق الملوثة لتسهيل عملية التطهير، ودعا المجتمع الدولي لتقديم الدعم اللازم لجعل المناطق آمنة قبل عودة المدنيين.

وفي خضم هذه الكارثة الإنسانية المتفاقمة، توجه كليمنتاين نكويتا سلامي، منسقة الأمم المتحدة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية في السودان نداء عاجلا إلى المجتمع الدولي: الناس في وضع يائس.

وقالت: "نناشد المجتمع الدولي ألا ينسى السودان وألا ينسى الرجال والنساء والأطفال في السودان الذين وجدوا أنفسهم في هذا الوضع الصعب للغاية في هذه اللحظة الحرجة".

ووجه المفوض السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، رسالة إلى العالم حول السودان: "يجب أن يكون مرور عامين على هذا الصراع الوحشي الذي لا معنى له بمثابة جرس إنذار للأطراف لإلقاء أسلحتها وألا يستمر السودان في هذا المسار المدمر".