معارك مستمرة في السودان
معارك مستمرة في السودان

أفاد مراسلو الحرة، وراديو سوا، ووكالات، بتجدد الاشتباكات في السودان، على الرغم من اتفاق الجيش و"قوات الدعم السريع" على فتح مسارات آمنة للحالات الإنسانية العاجلة لمدة ثلاث ساعات كل يوم بدءا من الساعة الرابعة عصرا بالتوقيت المحلي.

وقال مراسل راديو سوا إن اشتباكات وقعت وسط العاصمة، الخرطوم، وأشار مراسل الحرة إلى أن اشتباكات اندلعت بالقرب من مقر قيادة القوات المسلحة في الخرطوم.

وشوهدت أعمدة الدخان تتصاعد في عدد من مناطق الخرطوم مع استمرار المعارك، وفق مراسل الحرة.

وقال شاهد لرويترز في وسط العاصمة السودانية إن إطلاق النار هدأ، لكن لايزال من الممكن سماع دوي إطلاق نار، كما شوهدت أعمدة من الدخان.

وأكدت وكالة أسوشيتد برس استمرار أعمال العنف، إذ سمع تبادل الأعيرة النارية حتى ساعة متأخرة، وكذلك إطلاق نار من أسلحة ثقيلة وسط الخرطوم.

وأفاد سكان بوقوع اشتباكات عند مقر الجيش قبيل غروب الشمس. 

وقالت أماني سيد (38 عاما) وهي من سكان الخرطوم لأسوشيتد برس: "وقعت انفجارات عنيفة وإطلاق نار على مدار الساعة... المعارك هنا (في العاصمة) لم تتوقف أبدا".

وأكد الجيش و"قوات الدعم السريع" أنهما يسيطران على مواقع استراتيجية في الخرطوم وأماكن أخرى، لكن لا يمكن التحقق من ادعاءاتهما بشكل مستقل.

رويترز: للجيش اليد العليا 

ونقلت رويترز، عن شهود، القول إن الجيش السوداني أصبح له اليد العليا على ما يبدو، الأحد، في الصراع بعد أن استهدف الجيش قواعد "الدعم السريع" بضربات جوية.

وقال شهود وسكان لرويترز إن الجيش شن ضربات جوية على ثكنات وقواعد تابعة للقوات، بعضها في مدينة أم درمان، وتمكن من تدمير معظم منشآتها.

وأضافوا أن الجيش استعاد السيطرة على جزء كبير من القصر الرئاسي بالخرطوم، بعد أن أعلن كل جانب السيطرة عليه، إلى جانب منشآت مهمة أخرى في المدينة.

وقال شهود إن عناصر من "الدعم السريع" لاتزال داخل مطار الخرطوم الدولي، الذي يحاصره الجيش ويحجم عن توجيه ضربات تجنبا لوقوع أضرار جسيمة.

وبدأت الاشتباكات، السبت، بين وحدات موالية لرئيس مجلس السيادة، القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن، عبد الفتاح البرهان، و"قوات الدعم السريع" بقيادة نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول، محمد حمدان دقلو، المعروف باسم "حميدتي".

وهذه أول مواجهة بين الجنرالين منذ أن اشترك البرهان وحميدتي في الإطاحة بالرئيس السابق، عمر البشير، عام 2019. ووقعت الاشتباكات الأخيرة بسبب خلاف بشأن دمج "قوات الدعم السريع" في الجيش في إطار مرحلة انتقالية تمهد للحكم المدني.

غضب أممي

في سياق متصل، دعت الأمم المتحدة إلى "ضرورة تقديم المسؤولين عن ما يجري في السودان إلى العدالة دون تأخير"، بعد مقتل ثلاثة موظفين تابعين لها في السودان.

وأشارت المنظمة  إلى أن مبانيها وغيرها من المباني الإنسانية تعرضت للقذائف والنهب في عدة مواقع في دارفور.

وعبر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن "قلق عميق" إزاء استمرار الاشتباكات وسقوط مدنيين، ودعا الأطارف المتحاربة إلى "ضرورة احترام القانون الدولي"، بما في ذلك الالتزام بضمان سلامة وأمن جميع موظفي الأمم المتحدة والأفراد المرتبطين بها ومبانيهم وأصولهم.

الحرب في السودان

تتفاقم آثار الكارثة الإنسانية في جميع أنحاء السودان، دون أن تظهر أي علامات على إمكانية تراجعها، جراء الحرب المستمرة في البلاد منذ نحو عامين.

لا يزال آلاف السودانيين يُقتلون ويُجوعون ويُغتصبون بوتيرة يومية، ويجبر العنف ملايين الأشخاص على ترك منازلهم والنزوح داخليا أو عبر الحدود إلى الدول المجاورة. 

تسبب  الصراع بـ"أسوأ حالة طوارئ إنسانية في العالم" وفق توصيف الأمم المتحدة، إذ تصدر السودان دول العالم في عدد النازحين داخليا بسبب الاقتتال بين الجيش وقوات الدعم السريع، شبه الحكومية.

وتجاوز عدد النازحين قسرا داخل البلاد 9 ملايين شخص، بالإضافة إلى أكثر من 3.8 مليون لاجئ إلى الدول المجاورة، ما يعني أن نحو 13 مليون شخص قد فروا من العنف خلال العامين الماضيين، بحسب تقارير الأمم المتحدة.

وتحذر منظمات دولية، بينها اليونيسيف، من أن الموت يشكل "تهديدا مستمرا" لحياة الأطفال في السودان.

وفي محيط مدينة الفاشر، غربي البلاد، وحدها، يحاصر الموت ما يقرب من 825 ألف طفل، يواجهون قصفا مستمرا ونقصا حادا في أبسط مقومات البقاء على قيد الحياة.

وحذرت هيئة تابعة للأمم المتحدة من انتشار حالات الاغتصاب مع استمرار الحرب التي تفجرت بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه الحكومية منذ سنتين في السودان.

وقالت آنا موتافاتي، المديرة الإقليمية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في شرق وجنوب إفريقيا: "بدأنا نشهد استخداما ممنهجا للاغتصاب والعنف الجنسي كسلاح حرب".

وشددت على أن "ما خفي كان أعظم، فهناك كثيرات لا يبلغن عن هذه الجرائم خوفا من العار وتحميل المسؤولية للضحايا، الذي يُلازم كل امرأة تتعرض للاغتصاب".

وأكد نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، مالك عقار، إن "الحكومة عازمة على تنفيذ كافة الاتفاقيات الخاصة بحماية النساء من العنف الجنسى والقضاء على التمييز، وانفاذ القانون وضمان عدم الإفلات من العقاب لمرتكبي جرائم العنف الجنسي ضد النساء والفتيات والأطفال".

وأشار عقار لدى لقائه، في بورتسودان، مع الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للعنف الجنسي في مناطق النزاعات، براميلا باتن، إلى أن "السودان ومنذ الشرارة الأولى أرسل العديد من التقارير المصورة والموثوقة لعدد من الهيئات والمنظمات الدولية والاقليمية ومنظمات حقوق الإنسان، توضح العنف الذي مارسته قوات الدعم السريع في حق النساء والفتيات والأطفال في السودان إلا أن الاستجابة كانت بطيئة مما فاقم الأوضاع لاسيما في المناطق التي كانت تسيطر عليها".

ونفت الدعم السريع في يوليو الماضي عن الانتهاكات التي تقع أثناء الحرب، إنها ستتخذ تدابير وقائية لمنع انتهاكات حقوق الإنسان.

خطر آخر يهدد المدنيين وعمليات الإغاثة يتمثل في الذخائر غير المنفجرة ومخلفات الحرب. وحذر رئيس برنامج الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام في السودان، صديق راشد، من أن المناطق التي كانت آمنة أصبحت الآن ملوثة بشكل عشوائي بهذه الأسلحة القاتلة، بما فيها الخرطوم وولاية الجزيرة.

وقد تجسدت هذه المخاوف في حوادث مأساوية، حيث لقي مدنيون، بينهم أطفال ونساء، مصرعهم وأصيب آخرون بسبب انفجار هذه الذخائر.

وناشد صديق راشد الأطراف المتحاربة تجنب استخدام الأسلحة في المناطق المأهولة، وتسجيل المناطق الملوثة لتسهيل عملية التطهير، ودعا المجتمع الدولي لتقديم الدعم اللازم لجعل المناطق آمنة قبل عودة المدنيين.

وفي خضم هذه الكارثة الإنسانية المتفاقمة، توجه كليمنتاين نكويتا سلامي، منسقة الأمم المتحدة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية في السودان نداء عاجلا إلى المجتمع الدولي: الناس في وضع يائس.

وقالت: "نناشد المجتمع الدولي ألا ينسى السودان وألا ينسى الرجال والنساء والأطفال في السودان الذين وجدوا أنفسهم في هذا الوضع الصعب للغاية في هذه اللحظة الحرجة".

ووجه المفوض السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، رسالة إلى العالم حول السودان: "يجب أن يكون مرور عامين على هذا الصراع الوحشي الذي لا معنى له بمثابة جرس إنذار للأطراف لإلقاء أسلحتها وألا يستمر السودان في هذا المسار المدمر".