شهدت العقود الثلاثة الماضية في السودان سلسلة من المحطات الهامة تخللها إنهاء حقبة الرئيس، عمر البشير، الذي وصل إلى السلطة بانقلاب، لكن رغم نهاية تلك الفترة، استمرت الصراعات على السلطة، حتى وصلت إلى حد الاشتباكات المسلحة بين قائدين في الجيش.
ففي عام 1989، قاد البشير انقلابا ضد الحكومة المنتخبة ديمقراطيا برئاسة، الصادق المهدي. ودعمته حينها الجبهة الإسلامية القومية بقيادة، حسن الترابي، الذي توفي في 2016.
وتحت تأثير الترابي، قاد البشير السودان نحو حكم إسلامي أكثر تشددا. واستضاف في التسعينيات زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، ثم عاد وطرده بطلب من الولايات المتحدة.
وفي 1993، أدرجت الولايات المتحدة السودان على قائمة "الدول الراعية للإرهاب". وبعد أربع سنوات فرضت على الخرطوم حظرا تجاريا على خلفية اتهامات عدة من بينها انتهاكات لحقوق الإنسان، ثم رفعته في 2017.
وأدت حملة الحكومة عام 2003 للقضاء على تمرد في منطقة دارفور إلى تعرض البشير لمزيد من الانتقادات. وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي توقيف بحقه في 2009 و2010 لاتهامه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في الإقليم.
ورغم ذلك، أعيد انتخاب البشير مرتين رئيسا للسودان في انتخابات قاطعتها المعارضة.
واستقل جنوب السودان في 2011 بعد أن فاجأ البشير أشد منتقديه بتوقيعه اتفاق سلام أنهى نزاعا كان قائما بين الشمال والجنوب منذ أكثر من عقدين.
ومنذ عام 2011، واجه البشير حركة تمرد بقيادة الجيش الشعبي لتحرير السودان- شمال في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق.
وفي 19 ديسمبر 2018 احتج المئات في مدينة عطبرة الشمالية على ارتفاع أسعار الخبز، لكن سرعان ما انتشرت المظاهرات المدفوعة بأزمة اقتصادية في الخرطوم ومدن أخرى.
ولم تكن المرة الأولى التي يشهد فيها السودان تظاهرات ضد البشير، فقد اندلعت تحركات احتجاجية ضدّه في سبتمبر 2013 وفي يناير 2017، لكن التظاهرات الأخيرة كانت أكبر تحد واجهه.
وفي السادس من أبريل 2019 نظم مئات الآلاف من المتظاهرين اعتصاما أمام مقر الجيش في الخرطوم. وبعد خمسة أيام، أطاح الجيش به واحتجزه منهيا بذلك حكمه.
وترأس الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان المجلس العسكري الانتقالي، بعدما تنازل الفريق أول ركن عوض ابن عوف عن رئاسته، بعد أقل من 24 ساعة في السلطة.
في الثالث من يونيو من ذلك العام، داهمت قوات الأمن اعتصاما أمام مقر الجيش. وقال مسعفون على صلة بالمعارضة إن أكثر من 100 شخص قتلوا في المداهمة.
وفي 17 أغسطس 2019، وقعت قوى مدنية مؤيدة للانتفاضة، اتفاقا لتقاسم السلطة مع الجيش خلال فترة انتقالية تفضي إلى انتخابات، وتم تعيين عبد الله حمدوك، الاقتصادي، المسؤول السابق في الأمم المتحدة، على رأس الحكومة في وقت لاحق.
وفي 31 أغسطس 2020، توصلت السلطات الانتقالية إلى اتفاق سلام مع بعض الجماعات المتمردة من إقليم دارفور وفي المناطق الجنوبية في جنوب كردفان والنيل الأزرق.
وفي 23 أكتوبر 2020، انضم السودان إلى دول عربية أخرى في تطبيع العلاقات مع إسرائيل. وبعد أقل من شهرين، رفعت الولايات المتحدة اسم السودان من قائمتها للدول الراعية للإرهاب.
وفي 20 يونيو 2021، نال السودان الموافقة على إعفائه من 56 مليار دولار من الديون الخارجية بعد إجراء إصلاحات اقتصادية تحت إشراف صندوق النقد الدولي.
وفي 25 أكتوبر 2021، أعلن البرهان حل مجلسي السيادة والوزراء والمؤسسات الانتقالية وكذلك أعلن حالة الطوارئ وتعليق العمل بمواد من الوثيقة الدستورية. واعتقلت قوات الأمن حمدوك والعديد من القيادات المدنية في مداهمات قبل الفجر، وذلك بعد أسابيع من تبادل الاتهامات بين القوى المدنية والعسكرية ومحاولة انقلاب فاشلة.
وفي 21 نوفمبر 2021، بعد خروج مسيرات حاشدة احتجاجا على تحركات الجيش ضد السلطة، أعلن القادة العسكريون وحمدوك عن اتفاق لإعادة تعيين الأخير رئيسا للوزراء، لكنه استقال بعد أقل من شهرين مع استمرار الاحتجاجات.
وفي الخامس من ديسمبر 2022، وقعت قوى مدنية على اتفاق إطاري مع الجيش لبدء عملية جديدة للانتقال السياسي مدتها عامان، وتعيين حكومة مدنية.
وفي الخامس من أبريل الجاري، تأجل توقيع الاتفاق النهائي للمرحلة الانتقالية للمرة الثانية وسط خلافات بشأن ما إذا كان سيخضع الجيش لإشراف مدني، وخطط دمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة.
وفي 15 أبريل اندلعت اشتباكات بين الجيش السوداني و"قوات الدعم السريع" في الخرطوم ومدن أخرى نتيجة خلافات بين الحليفين السابقين اللذين شاركا في إطاحة البشير، قائد الجيش السوداني، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، نتيجة صراع على السلطة.
وتبادل الطرفان المزاعم بالسيطرة على مواقع عسكرية واستراتيجية هامة في الخرطوم.
وفي 17 أبريل، أعلن البرهان حل "قوات الدعم السريع" ووصفها بالمجموعة المتمردة، فيما أكد قائد قوات الدعم السريع مواصلة القتال ضد "الإسلاميين الراديكاليين".