حريق بالقرب من مستشفى في الخرطوم في ظل اشتباكات عنيفة في محيط القيادة العامة للقوات المسلحة وسط العاصمة
حريق بالقرب من مستشفى في الخرطوم في ظل اشتباكات عنيفة في محيط القيادة العامة للقوات المسلحة وسط العاصمة

صباح الاثنين الباكر، فوجئ الأطباء بمستشفى "الشعب"، وسط العاصمة السودانية، الخرطوم، بقصف يطال عنبر رقم 10 المتواجد داخله مرضى الجهاز التنفسي، الذين بحاجة دائمة إلى الأكسجين. 

ورغم أن هذا الاستهداف لم يكن الأول منذ بدء الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع، أكبر قوتين عسكريتين في السودان، فقد أدت هذه الضربة إلى هلع شديد، وحالة من الهرج والمرج، بحسب ما قال مدير المستشفى، النمير جبريل، لموقع "الحرة". 

قبل هذه الضربة، التي أصابت عنبرا كان به مرضى، "كان صهريج المياه الأساسي للمستشفى قد تضرر بشدة من قصف آخر، مما أدى إلى انقطاع المياه، فضلا عن سقوط قذيفة أخرى في ساحة المستشفى أدت إلى حرق عربات، وهشمت الزجاج أمام محطة الأكسجين". 

والأحد، أصيب أحد أفراد أمن المستشفى بطلق ناري في الصدر. وأصيب أحد الموظفين (محاسب)، الاثنين، أيضا بشظايا من مقذوف، بحسب جبريل، مشيرا إلى أن حالة الاثنين الآن مستقرة، بعد علاجهما. 

ويقول جبريل الذي أرسل لنا صورا وفيديو: "بعد أن أصبحت المستشفى والمرضى في خطر شديد، لم يكن أمامنا حل إلا أن نأخذ قرارا اليوم بالإخلاء التام".

وأضاف: "تم إخلاء 50 مريضا، هم كل المرضى لدينا، وحولناهم على مستشفى الخرطوم المتاخمة لنا. 

وفيما يتعلق بملابسات إطلاق النار، قال: "الاشبتاكات والمعركة ضارية في المنطقة التي تقع فيها المستشفى ولا نعرف أن نحدد بالضبط إن كانت قوات الجيش أو الدعم السريع". 

طلقات نارية تخرق زجاج مستشفى الشعب

يقع مستشفى "الشعب" وسط الخرطوم بالقرب من مقر القيادة العامة للقوات المسلحة التي تشهد اشتباكات عنيفة بين الجيش، وقوات الدعم السريع التي تحاول السيطرة على المبنى. 

ولم يكن المستشفى الوحيد الذي تضرر من هذه الاشتباكات العنيفة وتوقف عن العمل، حيث يقع في هذه المنقطة عدد كبير من المستشفيات.

ويقول جبريل: "هذه المنطقة وسط الخرطوم، وفي محيط القيادة العامة للقوات المسلح بها سبع مستشفيات حكومية وسبع مستشفيات أخرى خاصة، وتمثل خدماتها للمواطنين، 30 في المئة من مجموع الخدمة الطبية المقدمة في ولاية الخرطوم". 

وقال "أغلب هذه المستشفيات الآن خارج الخدمة. وعلى سبيل المثال، وقع ضرر كبير بمركز الشهيدة سلمى لغسيل الكلى أمس بعد إصابته بمقذوف، ما أدى إلى توقفه أيضا عن العمل، مع العلم أنه الوحيد وسط الخرطوم الذي يقوم بخدمات غسيل الكلى مجانا للمواطنين". 

وأشار إلى أنه حتى مستشفى الخرطوم التي تم تحويل مرضى مستشفى الشعب إليه "به مشكلات حاليا، الكهرباء مقطوعة، واتخذنا قرارا الآن بضرورة خروج كل المرضى الذين يمكن أن يكملوا علاجهم من البيت، نظرا لأن المستشفى نفسه بات خطرا على حياتهم، وسنبقي على الحالات الحرجة فقط، التي لا يمكنها مغادرة المستشفى". 

وقال إن "سقوط قذائف وإصابة بعض العاملين أدى إلى اضطرار معظم الأطباء والممرضين والعمال للعودة إلى بيوتهم، وقرروا عدم العودة للعمل إلا بعد استقرار الأوضاع". 

وأضاف: "رغم الاشبتاكات وخطورة حدوث مكروه لهم، قرر البضع أخذ هذه المخاطرة، معتبرين أنها أفضل من البقاء محاصرين في المستشفى خائفين على حياتهم ووقوع قذيفة في أي لحظة قد تودي بحياتهم". 

وأضاف: "لم يتبق إلا طبيبين من مستشفى الشعب، وطبيبين في مستشفى الخرطوم، بالإضافة إلى ثمانية من طاقم التمريض". 

ويعتبر جبريل أن "الأزمة الكبرى أن مستشفى الشعب هو الوحيد في السودان الذي يعالج حالات الذبحة الصدرية الشديدة مجانا، وهذا يعني وفاة من لا يستطيع الحصول على العلاج". 

ويعمل استشاري الجراحة، علاء عوض في مستشفى ابن سينا في الخرطوم، كما يعمل أيضا في مستشفى الأربعين بالقرب من مبنى الإذاعة والتلفزيون الذي يشهد أيضا اشتباكات عنيفة. 

وقال في حديثه مع موقع "الحرة": "تعرض مستشفى ابن سينا لضربتين أيضا اليوم، مما أدى إلى حالة من الخوف الشديد وسط الطاقم الطبي، القليل أصلا، وتوقف بعض الخدمات عن العمل، مشيرا إلى أن الأدوات الطبية أيضا باتت شحيحة للغاية". 

جانب من الضرر الذي أصاب مستشفى ابن سينا في الخرطوم خلال الاشتباكات العنيفة بين الجيش وقوات الدعم السريع

لم يتمكن عوض، من الذهاب إلى عمله منذ بدء الاشتباكات السبت الماضي، لكنه يطلع على الوضع في المستشفيات من خلال الزملاء، ومجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي. وأرسل عوض لموقع "الحرة" صورا توضح تعرض المستشفى لأكثر من ضربة.

جانب من الضرر الذي أصاب مستشفى ابن سينا في الخرطوم

وقال إن "المستشفيات تحتاج لأشياء كثيرة حاليا أهمها تغيير الكادر العامل لأنهم أصبحوا منهكين ولا يستطيعون الاستمرار، "المشكلة أن الطاقم الطبي الموجود خارج المستشفى لا يستطيع الوصول إلى عمله بسبب الاشتباكات". 

وحث عوض على ضرورة إمداد المستشفيات، خاصة المتضررة، بالكهرباء والغاز لمولدات الكهرباء، فضلا عن الأدوات الطبية لأن المخزون انتهى. 

ولا يعتقد كل من جبريل وعوض أن طرفي الصراع يقصدان استهداف المستشفيات أو الطاقم الطبي، لكن وقوع بعض المستشفيات في مناطق الاشتباكات هو ما أدى إلى تضررها.

لكن عوض يكشف سبب استهداف المستشفيات وإصابة بعض العاملين فيها، معتبرا أن "أحد طرفي النزاع يستخدم مبانيها". 

وأوضح أن عسكريين صعدوا إلى أسقف بعض المستشفيات، ومنها الشعب التعليمي في الخرطوم، وطالبهم العاملون بالنزول وأخطروا وزير الصحة. 

وأضاف أن قنبلة سقطت أيضا على مستشفى "بشاير"، جنوب الخرطوم. 

ويقول جبريل، الذي يتابع حاليا الحالات في مستشفى الخرطوم: "حتى الآن صوت الذخيرة والضرب شغال، لم تتوقف هذا الأصوات على الإطلاق، ونعمل وسط ظروف صعبة للغاية، ولا نعلم إن كنا سنتمكن من الاستمرار في ظل نقص الأدوات الطبية، وإن كان سيصلنا إمدادات أم لا". 

ونعت نقابة أطباء السودان المركزية طبيبين توفيا إثر إصابتهما بشظايا خلال الاشبتاكات المسلحة الدائرة، "هم ماتا في بيوتهم، فما بالك بمن هم في المستشفيات في محيط مقر قيادة الجيش، حيث لم تتوقف الاشتباكات"، بحسب جبريل. 

والاشتباكات التي امتدت إلى مناطق أخرى في السودان هي الأولى في الخرطوم منذ عقود، ووضعت القوات المسلحة في مواجهة مع قوات الدعم السريع شبه العسكرية. 

ويتولى الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان منصب القائد العام للقوات المسلحة ويقود الفريق أول محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي قوات الدعم السريع، ويشغل الرجلان على الترتيب أعلى منصبين في مجلس السيادة الحاكم، وهما رئيس المجلس ونائب رئيس المجلس.

وينذر الصراع على السلطة بخطر وقوع السودان في براثن حرب أهلية بعد أربع سنوات من الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في انتفاضة، فضلا عن عرقلة الجهود المدعومة دوليا لإطلاق عملية انتقالية نحو الحكم المدني، التي كان مقررا التوقيع على الاتفاق الخاص بها في وقت سابق هذا الشهر.

مهاجرون سودانيون غير شرعيين، في انتظار ترحيلهم من ليبيا – مطار بن غازي 2019
مهاجرون سودانيون غير شرعيين، في انتظار ترحيلهم من ليبيا – مطار بن غازي 2019

في إحدى ليالي أبريل عام 2023، وبينما كان صوت القذائف يمزّق سكون مدينة الفاشر، شمال دارفور، احتضنت تماضر النور البكر، أطفالها.

لديها ثلاثة أطفال، احتضنتهم سوية، في محاولة لتهدئة رعشة الخوف في قلبها.

"الحرب لا ترحم، والجوع بات يهدد حياتهم"، قالت البكر لموقع "الحرة".

حاول زوجها، الذي ظل معها طوال فترة النزوح، البحث عن أي وسيلة للخروج من السودان، بعدما ضاق بهم الحال وأصبحت الفاشر ساحة معركة، لا تصلح للعيش.

لم يكن أمامهما خيار سوى الهرب. 

جمعا ما تبقى لديهما من أموال قليلة، واستعدا لرحلة محفوفة بالمخاطر نحو ليبيا، حيث قيل لهما: هناك فرصة لحياة أكثر أمانا.

بدأت الحرب في السودان منتصف أبريل عام 2023، نتيجة صراع بين القوات المسلحة بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو الملقب بحميدتي.

يعود أصل الخلاف إلى تنافس قديم بين المؤسستين حول السلطة والنفوذ، وتفاقم الخلاف بعد الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير عام 2019.

خلفت الحرب آثارا إنسانية تصفها تقارير دولية بـ"الكارثية"، إذ سقط آلاف الضحايا المدنيين وأجبر الملايين على النزوح داخليا وخارجيا.

رحلة الهروب إلى الكفرة

في شاحنة قديمة مكتظة بالهاربين، انطلقت البكر وزوجها وأطفالهما عبر الصحراء الكبرى في أغسطس من نفس العام.

كان الحرّ لا يُطاق، والماء شحيحا، والخوف من قطاع الطرق والميليشيات، ينهش القلوب.

كلما شعرت البكر باليأس، نظرت إلى عيون أطفالها واستمدّت منهم القوة، فيما كان زوجها يمسك بيدها ليطمئنها بأن "هذه المحنة ستمر".

بعد أيام من المعاناة، وصلوا إلى مدينة الكفرة الليبية، نقطة الدخول الرئيسية من السودان، وتبعد نحو 350 كيلومترا عن أقرب نقطة حدودية سودانية.

خلال عام 2024، تضاعف عدد اللاجئين السودانيين الباحثين عن الأمان في ليبيا، مع وصول ما يقدر بنحو 400 لاجئ إلى البلاد يوميا، وفقا لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

سرعان ما اكتشفت أسرة البكر أن الكفرة تعج بالمُهربين والمسلحين، وأن اللاجئين السودانيين يُعاملون بقسوة. 

بالكاد تمكنوا من العثور على مكان يؤويهم. ناموا في مخزن صغير مشترك مع مجموعة عائلات، هربت أيضا من أماكن أخرى.

في الصباح، بدأوا مع آخرين بمساعدة مهرب، التحرك نحو العاصمة الليبية طرابلس، حيث أوقفهم مسلحون على حواجز عدة.

قالت البكر: "كانوا ينزلوننا ويهينوننا، خاصة في بوابة إجدابيا شرق ليبيا، ويطلبون أموالا إضافية حتى نمر".

دفعوا ما يعادل الـ 100 دولار أميركي لهذه الحواجز، حتى وصلوا إلى طرابلس في الغرب.

خريطة السيطرة في ليبيا

احتجاز أول

وصلت الأسرة والقافلة إلى مقر مفوضية اللاجئين. بالكاد استطاعوا تسجيل أسمائهم، ثم حصلت كل أسرة على مبلغ 500 دينار (حوالي 101 دولار أميركي)، بحسب البكر.

قالت البكر: "هذا المبلغ لا يكفي إيجار بيت لشهر واحد، لذا خصصناه للأكل والشراب".

لم يكن هناك مكان يأوي أسرتها، فباتوا أمام المفوضية مع عشرات من السودانيين الآخرين.

لم يمضِ وقت طويل حتى داهمت قوات الأمن الليبية المنطقة بعد اكتظاظها بالمهاجرين.

اعتُقل عشرات اللاجئين، من بينهم البكر وزوجها وأطفالهما الذين يبلغون من العمر سبعة وثمانية و12 عاما.

اقتيدت الأسرة مع عشرات من الأسر الأخرى إلى سجن أبو سليم.

"أجبرونا على خلع كل ملابسنا أنا وزوجي تماما حتى الأطفال الصغار، بدعوى التفتيش، وعندما جادلناهم ضربونا. لدي علامات على جسمي بسبب ضربهم" قالت البكر.

كانت الليالي في السجن تمر بطيئة ومليئة بالخوف. 

شاهدت البكر رجال الأمن يضربون بعض المحتجزين، وسمعت صرخات نساء تم استجوابهن بطرق مهينة.

حاولت أن تبقى قوية من أجل أطفالها الذين كانوا يبكون من الجوع والبرد.

في السجن، رافقتهم امرأة سودانية مع أطفالها السبعة، أكبرهم فتاة تبلغ من العمر 18 عاما.

كانت السيدة تعاني من مرض السكري، ولم تكن قادرة على تناول الطعام الذي يقدم لهم، وهو عبارة عن خبز أو أرز.

تعيش هذه السيدة الآن مع البكر وعائلتها. تعاني من مرض شديد بسبب ما حدث معها في السجن.

بعد 30 يوما من الاحتجاز والمعاناة، تم إطلاق سراحهم بعد أن تدخلت مفوضية اللاجئين التي منحتهم 900 دينار (190 دولارا أميركيا تقريبا) للبحث عن مأوى.

وبالفعل، اشتركت الأسرة مع عائلات سودانية أخرى لتأجير منزل بثلاث غرف، حوت كل واحدة، سبعة أشخاص.

قالت البكر: "أفضل من أن نبيت في الشارع ويتم اعتقالنا من جديد".

حاول زوجها البحث عن عمل دائم، لكنه لم يفلح. السبب في ذلك، عدم وجود جوازات سفر معهم.

لم يطل بقاؤهم في المنزل المستأجر أكثر من شهر، حتى جاءت قوات الأمن واعتقلتهم من جديد.

تم الاعتقال بناء على شكوى من الجيران الذين قالوا إن "المنزل فيه عدد كبير من السودانيين".

كانت هذه المرة أسوأ من الأولى، حيث أجبرتها قوات الأمن على خلع ملابسها رغم أنها كانت في فترة الحيض.

لم تفلح محاولات التوسل إليهم لإثنائهم عن هذه الإجراءات المهينة، التي تصاحبها تحرشات جنسية، على حد قولها.

داخل الحجز، لم يكن هناك طعام تقريبا. كان الأطفال يمرضون دون أي رعاية طبية.

بعد ستة أيام اتصلت السفارة السودانية وتوسطت لإخراجهم من السجن.

لا تستطيع البكر وأسرتها العودة إلى الفاشر التي تستمر فيها الحرب، حتى أن والدها قتل هناك بقصف قوات الدعم السريع قبل أربعة أشهر. 

صعوبات هائلة

وبينما تشير التقديرات إلى وصول أكثر من 210 ألف سوداني إلى ليبيا منذ بداية الحرب، تتوقع مفوضية اللاجئين أن يصل العدد إلى نحو 450 ألفا مع نهاية العام الجاري.

في أواخر ديسمبر الماضي، قالت عسير المضاعين، رئيسة بعثة مفوضية اللاجئين في ليبيا: "لقد تحمل اللاجئون في ليبيا صعوبات هائلة في رحلتهم إلى هنا. ومع دخولنا عاما جديدا، يجب أن نتحرك بسرعة لمنع المزيد من المعاناة وحماية الأرواح".

أصدرت هيئة مكافحة الهجرة غير الشرعية في ليبيا الشهر الماضي، إنذارا نهائيا للشركات في جميع أنحاء البلاد، وطالبتها بتسوية الوضع الوظيفي لعمالها المغتربين.

"استغلال"

طارق لملوم، وهو باحث في الهجرة غير الشرعية، قال خلال مقابلة مع موقع "الحرة" إن " ليبيا تعيش حالة من الفوضى في ما يتعلق بمعاملة المهاجرين غير النظاميين".

"هناك إعلانات كثيرة عن ضرورة تسوية أوضاعهم، لكن على أرض الواقع، يتورط الكثير من المسؤولين في استغلالهم بشكل غير قانوني"، قال لملوم.

قال أيضا إن "كل من يقوم بأعمال الصيانة والنظافة، حتى في السجون، هم مهاجرون غير نظاميين. حتى في الوزارات، هؤلاء العمال هم من يشغلون الوظائف، لكنهم ليسوا مسجلين بشكل قانوني".

وأشار لملوم إلى أن "هؤلاء المهاجرين، غالبا ما يجدون أنفسهم ضحايا للمتاجرة بالبشر، ويعيشون في ظروف قاسية داخل مراكز الاحتجاز، حيث يتم استغلالهم ماليا من قبل السلطات والمجموعات المسلحة".

في السجون، يتعرض المهاجرون للاحتجاز التعسفي، مع تهديدات مستمرة بأنهم سيظلون رهن الاعتقال إلى أن يدفعوا مبالغ مالية مقابل إطلاق سراحهم، بحسب لملوم.

بعضهم لا يتمكن من الخروج إلا بعد دفع مبالغ تصل إلى 1500 دولار أميركي، وهو ما يزيد من معاناتهم، خاصة في ظل الوضع الاقتصادي المتدهور في ليبيا.

تضاف إلى هذه المأساة، قلة الخيارات الإنسانية المتاحة لتخفيف معاناتهم، ما يعكس بشكل واضح ضعف الدولة الليبية في معالجة أزمة الهجرة بشكل قانوني وإنساني.

وبينما تخشى البكر مغادرة المنزل الذي يبيتون فيه خوفا مما يمكن أن يحدث، جاءت حملة أمنية السبت (2 فبراير) واعتقلت زوجها ومجموعة سودانيين كانوا يقفون في ساحة يتجمع فيها العمال بحثا عن عمل.

لم تعد ترى أي مخرج من هذا الكابوس الذي يزداد تعقيدا مع مرور الوقت، خاصة، أنها ترى أطفالها يكبرون أمامها دون أن يلتحقوا بالمدارس.

أصبحت البكر تحلم باليوم الذي تنتهي فيه هذه الرحلة القاسية، والعودة إلى وطن آمن، حيث لا تُعامل كالغريبة، وحيث يستطيع أطفالها أن يناموا دون خوف.