السودان ينتج الذهب بكميات كبيرة من مناجم تنتشر في أراضيه
السودان ينتج الذهب بكميات كبيرة من مناجم تنتشر في أراضيه

منذ إطاحة الديكتاتور السوداني السابق، عمر البشير، في 2019، تمكن السودان من العودة ولو بشكل متقطع إلى الساحة الدولية، كما أنه أصبح من جديد في قلب منافسة بين القوى المختلفة في الشرق الأوسط، وأيضا الولايات المتحدة وروسيا، وفقا لمحللين تحدث معهم موقع "الحرة".

ولا يستبعد كثير من المراقبين بأن التنافس الخارجي قد يكون له دور في "صراع الجنرالات" المحتدم في البلاد، والذي راح ضحيته حتى الآن نحو 200 شخص بينما أصيب مئات آخرون.

واندلع القتال منذ ثلاثة أيام بين قوات الدعم السريع، وهي قوة شبه عسكرية يقودها الفريق محمد دقلو، نائب رئيس مجلس السيادة السوداني وقوات الجيش التي يقودها الفريق عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة.

كميات معدة للتهريب من الذهب صادرتها قوات الدعم السريع في 2019.. أرشيف

ميليشيا فاغنر

في يوليو من العام الماضي قالت مجلة فورين بوليسي إن صفقة روسية لبناء ميناء العسكري على البحر الأحمر "أحبطت في الوقت الحالي"، بسبب عدم تمكن "القريب من روسيا" الفريق دقلو من تمرير الصفقة.

ويشير التقرير إلى أن الفريق البرهان أحبط مساعي بناء الميناء لتجنب "استعداء الغرب وحلفائه الرئيسيين الآخرين في المنطقة، بما في ذلك مصر".

وربما تكون هذه نقطة تصاعد الخلاف بين التيارين الرئيسين داخل السودان.

وتقول المحللة وزميلة معهد واشنطن، أنا بوشفسكايا، إن موسكو كانت مهتمة بالسودان منذ سنوات، وبالتحديد بالسواحل السودانية على البحر الأحمر.

وتضيف لموقع "الحرة" أن الميليشيا الروسية فاغنر تواجدت بشكل فعال في السودان، بشكل أساس لحماية المصالح الروسية، وأهمها -بالإضافة إلى الميناء – عمليات التنقيب عن الذهب في السودان والقارة الأفريقية.

وبينما ارتبط اسم الميليشيا الروسية سيئة الصيت مؤخرا بالمعارك في أوكرانيا، لكن قبل الحرب كانت الأنباء تنقل بشكل متواتر أخبارا عن عمليات غامضة للميليشيا في كثير من الدول الأفريقية، من بينها السودان.

كما اشترت جميع الذهب السوداني المصدر بشكل قانوني في النصف الأول من عام 2022، بقيمة حوالي 1.32 مليار ، وفقا للبنك المركزي السوداني.

ميليشيا فاغنر تمتلك مصالح في السودان

وتقول صحيفة وول ستريت جورنل  إن المسؤولين الأميركيين يشعرون بالقلق من التوصل إلى اتفاق بين الجنرال دقلو ومجموعة فاغنر شبه العسكرية الروسية.

وتضيف أنه في الأشهر الأخيرة، شجعت الولايات المتحدة مصر على الضغط على الجنرال البرهان لطرد المجموعة، وفقا لمسؤولين أمنيين غربيين حاليين وسابقين تحدثوا للصحيفة.

ونقلت الصحيفة عن كاميرون هدسون ، كبير الموظفين السابق للمبعوث الأميركي الخاص للسودان قوله "إن استيلاء فاغنر على السودان سيربط وجود فاغنر من البحر الأحمر بدول وسط أفريقيا غير الساحلية"، مضيفا أن "السودان سيكون جوهرة التاج في أفريقيا، ولهذا فإن واشنطن قلقة من أن فاغنر تستخدم السودان لتمويل حرب روسيا في أوكرانيا".

وتقول الصحيفة إن قوات الجنرال دقلو توفر الأمن لشركة مروي جولد، وهي شركة تعدين يسيطر عليها فاغنر ومالك المجموعة شبه العسكرية، يفغيني بريغوجين، التي أصبحت لاعبا رئيسيا في صناعة الذهب في السودان.

قوات الجيش السوداني داخل قاعدة للدعم السريع

وفي فبراير فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على شركة مروي جولد، قائلا إنها صدرت الذهب السوداني إلى روسيا، كما أنها واحدة من مجموعة من كيانات فاغنر التي يزعم أنها مولت التعذيب والإعدام خارج نطاق القضاء والقتل في أوكرانيا وأفريقيا.

وبحسب بوشفسكايا فإن روسيا أصبحت بحاجة بشكل متزايد إلى التمويل بعد أن أثبتت الحرب على أوكرانيا إنها مكلفة للغاية على موسكو، وقد تطول لفترة غير معروفة.

مع هذا فإنها تقول إن "الدور الروسي وموقف الكرملين مما يجري حاليا في السودان غير واضح، ولا يبدو حتى الآن أن روسيا قد اختارت جانبا في الصراع".

وتضيف "الخرطوم مستورد كبير للأسلحة الروسية، وهناك مصالح مثل الميناء وعمليات الذهب، ولهذا فإن أهم شيء بالنسبة لروسيا الآن هو ضمان مصالحها".

وربما تضيف حالة عدم اليقين بشأن الطرف الذي قد يخرج منتصرا  من الصراع الحالي مزيدا من التعقيد لموسكو لاختيار طرف للمراهنة عليه.

الموقف الأميركي

وحذر محللون من أن الفشل في إنهاء القتال بسرعة واستئناف المحادثات مع القادة المدنيين قد يؤدي إلى انزلاق السودان مرة أخرى إلى حرب أهلية. وقد يزيد ذلك من زعزعة استقرار المنطقة التي تعاني من تمرد في الصومال وحيث دخلت الأطراف المتحاربة في إثيوبيا مؤخرا في اتفاق سلام بعد معارك دامية.

ووفقا لزميل معهد هدسون، ريتشارد وايتز، فإن واشنطن مهتمة بشكل كبير بعودة السلطة إلى المدنيين في البلاد.

ويقول لموقع "الحرة" إنه من غير الواضح ما إذا كانت واشنطن تفضل العمل مع أحد طرفي الصراع أكثر من الطرف الآخر.

وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إنه تشاور مع نظرائه في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وهما دولتان لهما مصالح اقتصادية وسياسية كبيرة في البلاد.

وحتى الآن تبدو البيانات الأميركية بشأن الصراع داعمة للتوصل إلى حل، بدون اتهام أحد الأطراف أو دعم آخر.

وأشارت بيانات وزير الخارجية بلينكن، ومنسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأميركي، جون كيربي، والسفير الأميركي في السودان، جون غودفري، إلى "خطورة تصاعد القتال داخل المكون العسكري"، ودعت كلها إلى الوقف الفوري للقتال.

ويقول المحلل وايتز لموقع "الحرة" إنه "ليس أمام واشنطن الكثير لتفعله، كما إنها لا تمتلك النفوذ الكافي لفرض وقف القتال".

وحتى في حالة العقوبات، كما يقول وايتز فإن "الموضوع سيأخذ وقتا طويلا حتى تبدأ العقوبات بالتأثير الحقيقي على ما يجري".

التحالفات الإقليمية

ويقول تقرير لصحيفة وول ستريت جورنل  إن ما يعقد حل الصراع هو مجموعة من التحالفات التي صاغها الجنرالان برهان ودقلو في السنوات الأخيرة.

وأضاف أن الجنرال دقلو أرسل أفراد قوات الدعم السريع للقتال كجزء من تحالف مدعوم من السعودية والإمارات في اليمن منذ عام 2015.

من ناحية أخرى، فإن الجنرال برهان حليف وثيق للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والسيسي هو حليف وثيق للإمارات والسعودية.

ويقول تقرير وول ستريت جورنل إن دول الخليج عمقت مشاركتها في السودان منذ الإطاحة بالبشير، واشترت مساحات شاسعة من الأراضي لإنتاج المحاصيل الغذائية والأعلاف الحيوانية مثل البرسيم، وهو أمر بالغ الأهمية لتربية الماشية.

وفي العام الماضي، وافقت الإمارات العربية المتحدة على استثمار بقيمة 6 مليارات دولار في السودان يتضمن بناء ميناء جديد على البحر الأحمر.

ونقلت وكالة رويترز عن مصدرين أمنيين مصريين، الاثنين، قولهما إن مصر والإمارات تعملان على اقتراح وقف لإطلاق النار في السودان مع استمرار الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية لليوم الثالث على التوالي.

وأضاف المصدران في تصريح لرويترز أن الاقتراح لم يسفر عن نتائج.

وتتهم قوات الدعم السريع قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، بتمكين "النفوذ المصري" في السودان ورعاية "قاعدة عسكرية مصرية في مطار مروي السوداني".

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قال، الاثنين، إن القوات المصرية في السودان كانت هناك فقط للمشاركة في تدريبات مع القوات السودانية ولا تدعم أي طرف.

دخان يتصاعد إثر اشتباكات بالعاصمة السودانية الخرطوم (رويترز)
دخان يتصاعد إثر اشتباكات بالعاصمة السودانية الخرطوم (رويترز)

إما "حكومة تصريف أعمال" أو "حكومة حرب".. هكذا وصف قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، الحكومة الجديدة التي يعتزم تشكيلها، إلا أن طبيعة هذه الحكومة ومن قد يشاركون فيها لا تزال غير واضحة، خاصة في ظل استمرار القتال الذي أفضى إلى مكاسب عسكرية للجيش خلال الأسابيع الأخيرة.

وقال البرهان إن هذه الحكومة ستضم "كفاءات وطنية مستقلة"، وحدد مهمتين رئيسيتين لها، الأولى تتمثل في "وضع أسس لاستكمال المرحلة الانتقالية والإعداد للانتخابات"، والثانية تتعلق بـ"المساعدة في إنجاز العمليات العسكرية المتبقية وتطهير البلاد من المتمردين"، في إشارة إلى قوات الدعم السريع.

وأكد قائد الجيش في كلمة ألقاها في مدينة بورتسودان، أن تشكيل الحكومة سيسبقه وضع "وثيقة دستورية"، متعهدا بـ"عدم التدخل في صلاحيات رئيس الوزراء المرتقب".

أما فيما يخص التفاوض مع قوات الدعم السريع، فقد اشترط "انسحابها من الخرطوم وغرب كردفان ودارفور، وتجمعها في مراكز محددة قبل أي مفاوضات".

ويشهد السودان منذ أبريل 2023 حربا مدمرة بين البرهان وحليفه السابق محمد حمدان دقلو، قائد قوات الدعم السريع، حيث استعاد الجيش مؤخراً مساحات واسعة من العاصمة الخرطوم ومحيطها.

واستعاد الجيش، خلال الأسابيع الأخيرة، مساحات واسعة من العاصمة الخرطوم ومحيطها، سيطرت عليها قوات الدعم السريع لحوالي عامين.

وأثار إعلان البرهان ردود فعل متباينة في الأوساط السودانية، حيث انقسم كثيرون بين "متفائل" بإمكانية إحداث تغيير حقيقي في المشهد السياسي للبلاد التي مزقتها الحرب، و"متشكك" في جدية هذه الخطوة وأهدافها الحقيقية.

المحلل السياسي محمد محي الدين، يرى أن إعلان تشكيل حكومة انتقالية برئاسة مدنية "يأتي في سياق مهم، حيث يواجه السودان ضغوطاً داخلية وخارجية تتعلق بمخاوف من استغلال العسكريين للحرب الحالية للسيطرة على السلطة".

ويوضح في تصريح لموقع "الحرة"، أن إعلان اختيار رئيس وزراء مدني من التكنوقراط يمثل "مؤشراً إيجابياً يؤكد التزام القوات المسلحة بمسار الانتقال نحو الديمقراطية، وذلك من خلال تفويض إدارة الشأن العام لحكومة مدنية".

ويشير المحلل إلى أن أهمية هذه الخطوة تكمن في "نفي الجيش أي شبهات حول استغلال الحرب لتمكين طرف معين أو تعزيز سيطرة العسكريين على السلطة"، معتبرا أن هذا "يصب في اتجاه تحقيق تطلعات الشعب السوداني نحو تحول ديمقراطي يفضي إلى انتخابات عامة، بعد انتهاء الفترة الانتقالية".

وقال البرهان إنه ستكون هناك "تعديلات على الدستور المؤقت للبلاد"، مضيفا أنه "بعد إجازة الوثيقة الدستورية سيتم اختيار رئيس وزراء ليقوم بمهامه في إدارة الجهاز التنفيذي للدولة دون أي تدخل".

ودعا البرهان أعضاء تحالف (تقدم) المدني، إلى "الابتعاد عن قوات الدعم السريع"، موضحا أنهم سيكونون "محل ترحيب مرة أخرى إذا فعلوا ذلك".

عضوة الهيئة القيادية بتنسيقية "تقدم"، عبلة كرار، تقول إن المبادرة السياسية المطروحة "تغفل واقع الحرب الدائرة في السودان، والتي لم تنته بعد"، حيث لا تزال العديد من المناطق تقع تحت وطأتها.

وتؤكد كرار في تصريح للحرة، أنه "لا يمكن في ظل هذه الظروف الحديث عن تشكيل حكومات أو استقرار"، معتبرة أن "الأجدى أن يذهب طرفا الصراع أولا نحو التفاوض لإنهاء النزاع، ثم يتم إطلاق عملية سياسية تشمل الجميع، دون أي إقصاء".

وبعد تراجع الجيش لفترة طويلة في الحرب أمام قوات الدعم السريع، تمكّن في الأسابيع القليلة الماضية من إحراز تقدم في العاصمة الخرطوم على عدة محاور، واقترب من القصر الرئاسي ذي الدلالة الرمزية المهمة والواقع على ضفة النيل.

وتراجعت قوات الدعم السريع، التي قالت إنها "ستدعم تشكيل إدارة مدنية"، بعد أن تفوّق عليها الجيش بقدراته الجوية الواسعة وقواته البرية المدعومة بمسلحين متحالفين معه.

وتسيطر قوات الدعم السريع على معظم غربي السودان، وتكثف حملتها لتعزيز سيطرتها على دارفور بالاستيلاء على مدينة الفاشر. واستبعد البرهان في كلمته، وقف إطلاق النار، خلال شهر رمضان، ما لم توقف قوات الدعم السريع حملتها.

في هذا السياق تقول كرار، إن شكل العملية السياسية المعلن عنها "لم يتشكل على الطرق الصحيحة، بأن يكون نتاج مشاورات بين مختلف الأطراف وأيضا وفقا لتراتبية".

وقالت إن  المبادرة جاءت في "الوقت الخطأ"، إذ أن المساعي في التوقيت الراهن يجب أن "تُوجه نحو إسكات صوت البنادق ووقف إطلاق النار".

واندلعت الحرب في أبريل 2023 بسبب خلافات حول الدمج بين الجيش وقوات الدعم السريع، بعد التعاون معا في الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير.

وبشأن ما إن كانت فكرة توحيد المؤسسة العسكرية لا تزال مطروحة في الوقت الراهن، ترى كرار أن الأمر "ضروري وحيوي من أجل ضمان وحدة السودان وأمن السودانيين".

وتوضح أنه رغم التقدم العسكري لقوات الجيش، فإن "المواطنين لا يزالون غير قادرين على العودة بأمان" نحو مناطقهم التي تسمى بـ"المحررة"، في ظل "غياب كل مقومات الحياة وغياب الأمن، مما يستدعي التوافق حول آليات سلمية تنهي الحرب قبل الانتقال نحو إجراءات تشكيل حكومة واقتراح مسار سياسي معين".

على صعيد آخر، يقول الكاتب والصحفي السوداني، عثمان ميرغني، إن تشكيل الحكومة الجديدة كان محل انتظار من القوى السياسية والمجتمعية لسنوات، حيث ظل البرهان يكرر وعوده بتشكيل حكومة وتعيين رئيس للوزراء.

ويضيف في تصريح لموقع "الحرة"، أنه "منذ بداية العام الحالي، تم توجيه دعوة رسمية لطيف واسع من القوى السياسية والمجتمعية المؤيدة للبرهان، للمشاركة في مشاورات بمدينة بورتسودان، والتي أفضت إلى توافق حول وثيقة لإدارة مرحلتين: تأسيسية ثم انتقالية بعد انتهاء الحرب".

ويشير  المتحدث ذاته، إلى أن تسلم البرهان للوثيقة "أثار ضجة كبيرة، خاصة عندما بدأ في كلمته ما يشبه الهجوم على حزب المؤتمر الوطني، ومهادنة بعض المجموعات الأخرى".

ويتوقع ميرغني أن "يستخدم البرهان ورقة تشكيل الحكومة لتحقيق هدفين: كسب المزيد من الوقت، وضمان ولاءات سياسية ومجتمعية جديدة في محاولة لتعزيز قبضته على السلطة".

"خارطة طريق" من 5 محاور

في أعقاب خطاب البرهان في بورتسودان، أصدرت وزارة الخارجية السودانية، الإثنين، بياناً طرحت فيه "خارطة طريق" للخروج من الأزمة الراهنة في البلاد.

وأعلنت الوزارة، أن هذه "الخارطة" جاءت "بعد مشاورات واسعة مع القوى الوطنية والمجتمعية"، وعقب النجاحات التي حققتها القوات المسلحة والقوات المشتركة والمساندة في مختلف المناطق.

وتضمنت خارطة الطريق 5 محاور رئيسية؛ في مقدمتها "اشتراط وضع السلاح وإخلاء الأعيان المدنية كشرط مسبق لأي محادثات مع المتمردين، مع رفض أي دعوة لوقف إطلاق النار قبل رفع الحصار عن الفاشر".

وأكدت الخارطة على "إطلاق حوار وطني شامل لكل القوى السياسية والمجتمعية"، مع الترحيب بـ"كل من يتخذ موقفاً وطنيا وينأى بنفسه عن المعتدين".

كما نصت على تشكيل "حكومة من الكفاءات الوطنية المستقلة لاستئناف مهام الفترة الانتقالية، إلى جانب إجراء التعديلات اللازمة في الوثيقة الدستورية وتعيين رئيس وزراء مدني لإدارة الجهاز التنفيذي دون تدخل".

وشددت الخارطة على "ضمان حرية الرأي والعمل السياسي دون المساس بالثوابت الوطنية، مع التأكيد على حق كل مواطن في الحصول على جواز السفر".

حرب السودان: المرتزقة واللاجئون وضحايا الغارات
حرب السودان: المرتزقة واللاجئون وضحايا الغارات
ناقشت هذه الحلقة تقرير صحيفة “وول ستريت جورنال” الذي كشف عن وجود مرتزقة من كولومبيا يقاتلون في صفوف قوات الدعم السريع. كما تناولت الأوضاع الإنسانية والاخبار التي تتحدث عن غارات تستهدف معسكرات النازحين والمناطق المدنية في دارفور.

واختتمت الوزارة بيانها، بدعوة المجتمع الدولي، وخاصة الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، لـ"دعم خارطة الطريق باعتبارها تمثل توافقاً وطنياً لإرساء السلام والاستقرار في البلاد واستكمال مهام الانتقال".

في هذا السياق، يقول ميرغني إن بيان خارطة الطريق "لا يحمل جديداً، حيث سبق طرح محاورها في مؤتمرات وخطابات سابقة"، مشيراً إلى أنها تحتوي على "بنود عامة تفتقر إلى التفاصيل".

غير أنه يشير إلى أن "الجزء الأهم والمتعلق بتشكيل الحكومة، يظل محل خلاف كبير بين القوى السياسية التي لم تشارك في مشاورات بورتسودان".

من جانبه، يرى محي الدين أن الخارطة "امتداد للخطط السابقة وتتوافق مع مخرجات منبر جدة، خاصة فيما يتعلق بانسحاب القوات من المناطق المدنية".

وفيما يتعلق بتوقيت الإعلان عن هذه الخطوة المزدوجة بكلمة البرهان عن الحكومة الجديدة وإصدار الخارجية لخارطة الطريق، يرى محي الدين أنه "يعكس استشعار الحكومة لقرب انتهاء العمليات العسكرية والقضاء على الميليشيات، مما دفعها للتمهيد لمرحلة ما بعد الحرب، عبر إرسال رسائل سياسية واضحة لكافة الأطراف".

ويلفت إلى أن هذا التطور "يتزامن مع نشاط سياسي ملحوظ، حيث قامت بعض القوى والأحزاب السياسية والمكونات المجتمعية بعقد اجتماعات وتقديم رؤيتها حول عملية الانتقال، في نفس يوم خطاب رئيس مجلس السيادة".

ويعتبر المحلل أن هذا التزامن "يؤكد إدراك القيادة العسكرية لطبيعة تحديات المرحلة الانتقالية، وحرصها على العمل مع القوى السياسية الداعمة لها لتحقيق هدفين رئيسيين: القضاء على الميليشيات والشروع في عملية سياسية انتقالية تمهد للتحول المدني الديمقراطي".

وتتهم جماعات حقوقية، الجيش والميليشيات المتحالفة معه، بارتكاب عمليات قتل خارج نطاق القانون وخطف وتعذيب جسدي ونفسي، لا سيما استهداف المجتمعات المشتبه في وجود صلات لها بقوات الدعم السريع.

كما وردت تقارير عن استهداف مدنيين على أساس عرقهم في المناطق التي يسيطر عليها الجيش.

ووردت اتهامات متكررة أيضا ضد قوات الدعم السريع، تتعلق بارتكاب انتهاكات بينها جنسية وأخرى متعلقة بالعنف العرقي، مما دفع الولايات المتحدة إلى اتهامهم رسميا في 7 يناير بارتكاب "إبادة".