طوابير أمام المخابز في الخرطوم وسط استمرار الاشتباكات المسلحة
طوابير أمام المخابز في الخرطوم وسط استمرار الاشتباكات المسلحة

يعيش سودانيون ظروفا صعبة تصل إلى حد "أزمة إنسانية" كما وصفها مواطنون تحدثوا إلى قناة "الحرة" حيث يستمر إطلاق النار والقصف بالأسلحة الثقيلة بين القوى العسكرية المتنازعة، والذي لم يتوقف رغم الإعلان عن هدنة بين الطرفين.

وقال سودانيون لبرنامج "الحرة تستمع لكم" إن هناك "أزمة إنسانية وطبية" خاصة في المناطق التي تشهد تصعيدا عسكريا، حيث تأثرت البنية التحتية للمستشفيات.

وأكدوا أن العديد من المناطق في البلاد تشهد نقصا حادا في المواد الغذائية، والتي إن توفرت تكون بأسعار باهظة جدا، ناهيك عن انقطاع الكهرباء والمياه.

وتواصل إطلاق النار ودوي الانفجارات  في الخرطوم، الخميس، عشية عيد الفطر، فيما أكد قائد الجيش، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، رفضه "أي حديث في السياسة" مع حليفه السابق الذي أصبح عدوه اللدود قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو "حميدتي".

الناشط في العمل التطوعي في حي كافوري بالخرطوم، علي الحاج، قال في اتصال هاتفي مع قناة "الحرة" إن "هدنة وقف إطلاق النار في السودان لم تدم على الإطلاق، حيث يمكن سماع دوي إطلاق النار من جميع الأطراف".

انقطاع المياه والكهرباء في الخرطوم

وأوضح أن سكان الخرطوم يعانون من صعوبة "تلبية الحاجات الأساسية خاصة في الوصول لمصادر المياه، حيث يذهبون للمزارع القريبة للحصول على المياه، فيما أغلقت المحال التجارية والصيدليات".

وكشف الحاج أن مجموعات العمل التطوعي تعمل بشكل جماعي إذ يتم تنسيق التواصل عبر تطبيقات التراسل لتحديد أولويات احتياجات السكان في المناطق التي تشهد اشتباكات.

وأشار إلى أنه خلال الأيام الأولى عانت مستشفيات من انقطاعات في الكهرباء ونقص في المياه، وهو ما أثر بشكل كبير على "المرضى الذين يحتاجون إلى غسيل كلى".

وأضاف أنه تم فتح "ممر آمن لنقل المرضى لتمكينهم من إجراء عمليات غسيل الكلى"، ومتخوفا من نقص المستلزمات الطبية مثل الإنسولين أو جرعات الأدوية الكيميائية لمرضى السرطان.

وقالت نقابة أطباء السودان المستقلة إنه خلال خمسة أيام "توقف 70 بالمئة من 74 مستشفى في الخرطوم والمناطق المتضررة من القتال"، إما لأنها قصفت أو لنقص الإمدادات الطبية والكوادر أو بسبب سيطرة مقاتلين عليها وطردهم المسعفين والجرحى. 

جانب من مستشفى الشعب وسط الخرطوم بعد تعرضه لأضرار بسبب الاشتباكات

واضطرت معظم المنظمات الإنسانية إلى تعليق مساعداتها وهي أساسية في بلد يعاني فيه أكثر من واحد من كل ثلاثة أشخاص من الجوع في الأوقات العادية. 

وبسبب نقص الأطباء والمستلزمات الطبية تحاول بعض المجموعات التطوعية تقديم المساعدة بإسعاف المصابين نتيجة إطلاق الرصاص على منازلهم، إذ لا يوجد وسائل لنقلهم ولا يمكن علاجهم في المستشفيات لنقص الكوادر الطبية، بحسب الناشط الحاج.

ودعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في أعقاب اجتماع افتراضي عقده مع مسؤولين من الاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية ومنظمات إقليمية أخرى، طرفي القتال في السودان إلى الالتزام بهدنة "لمدة 3 أيام على الأقل" لمناسبة عيد الفطر الذي يحتفل به السودانيون، الجمعة.

المواطنة، أم عمر، أكدت أنهم "يعيشون أصعب أيام في حياتهم، إذ تحولت حياتهم إلى رعب شديد لا يمكن تخيله، ناهيك عن عدم توفر المياه والكهرباء".

وأوضحت في اتصال هاتفي مع قناة "الحرة" أن "السلع الغذائية لم تعد متوفرة، فيما يقوم البعض ببيع المياه بأسعار مرتفعة جدا".

ومنذ السبت في الخرطوم، استنفد عدد كبير من العائلات مؤنها الأخيرة وتتساءل متى ستتمكن شاحنات الإمداد من دخول المدينة.

وتقول أم عمر إن العائلات تقوم بدعم بعضها البعض، من لديه مواد غذائية يقوم بإعطاء جيرانه لمساعدته.

لا التزام بهدنة وقف إطلاق النار في السودان

وقتل ثلاثة من موظفي برنامج الأغذية العالمي في دارفور في بداية القتال. ولم تعد الأمم المتحدة تحصي عمليات "النهب والهجمات" على مخزونها وموظفيها، وهي تدين "العنف الجنسي ضد العاملين في المجال الإنساني". 

وخلفت الاشتباكات المستمرة منذ 15 أبريل، خصوصا في العاصمة الخرطوم وإقليم دارفور "أكثر من 330 قتيلا و 3200 جريح"، بحسب منظمة الصحة العالمية.

المواطنة، رشا عبدالغني، من منطقة أم درمان، قالت إن دوي إطلاق الرصاص والذخائر سبب حالة "رعب وهلع" لدى الجميع، إذ لا نعرف من أين تنطلق هذه الهجمات وما الذي تستهدفه.

وأشارت في اتصال هاتفي مع قناة "الحرة" إلى وجود نقص كبير في السلع والخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء، وفيما يخص المواد الغذائية الأساسية فيها شح كبير، وإذا توفرت تكون بأسعار مبالغ فيها.

وذكرت عبدالغني أن الهدنة لم تنجح في إيقاف إطلاق النار المستمر حتى داخل المناطق السكنية.

ومنذ تحول النزاع على السلطة منذ أسابيع بين الفريقين إلى معركة ضارية السبت، يبدو الوضع ملتبسا للسودانيين البالغ عددهم 45 مليون نسمة، بحسب فرانس برس.

ولا يكف الطرفان عن إطلاق وعود بهدنات لم تتحقق.

ويطلق كل من الجانبين إعلانات عن انتصارات واتهامات للطرف الآخر. لكن لا أحد يستطيع التحقق مما يتم تداوله على الشبكات الاجتماعية.

وذكر أطباء أن سلاح الجو الذي يستهدف قواعد ومواقع قوات الدعم السريع المنتشرة في المناطق المأهولة بالخرطوم، لا يتردد في إلقاء قنابل على مستشفيات أحيانا.

قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان بين مجموعة من الجنود (أرشيفية من رويترز)
أكد المجلس عدم اعترافه بالحكومة الموازية

أعربت وزارة الخارجية السودانية عن ترحيبها بالبيان الذي أصدره مجلس السلم والأمن الأفريقي عقب اجتماعه، الثلاثاء، الذي تضمن إدانة واضحة وكاملة لإعلان ميليشيا الدعم السريع عن تشكيل حكومة موازية. 

وكان المجلس، أعرب المجلس عن "قلقه" البالغ إزاء هذه الخطوة، محذرًا من المخاطر الكبيرة التي تنطوي عليها، والتي قد تؤدي إلى "تقسيم السودان".

كما دعا في بيانه جميع الدول الأعضاء والمجتمع الدولي إلى عدم الاعتراف بأي حكومة أو كيان يسعى إلى "تقسيم السودان" أو حكم أجزاء من أراضيه أو مؤسساته.

وطالب الدول الأفريقية والمجتمع الدولي بالامتناع عن دعم أو تقديم مساعدة لأي مجموعة مسلحة أو سياسية تسعى إلى "إنشاء حكومة أو دولة موازية في السودان".

وأكد المجلس "عدم اعترافه" بالحكومة الموازية، مجددًا التزامه بالحفاظ على سيادة السودان ووحدته وسلامة أراضيه.

الخارجية السودانية قالت إن "هذا الموقف القوي يعكس الالتزام التام بالمبادئ التي تأسس عليها التعاون الأفريقي المشترك، كما تم التأكيد عليها في ميثاق الاتحاد الأفريقي وميثاق منظمة الوحدة الأفريقية وميثاق الأمم المتحدة، بالإضافة إلى القواعد التي يقوم عليها النظام الدولي".

وقالت إن "هذا الموقف سيشكل دعمًا قويًا للشعب السوداني ومؤسساته الوطنية في الدفاع عن سيادته ووحدته وكرامته واستقلاله".