People gather at the station to flee from Khartoum
المعارك المحتدمة في الخرطوم دفعت مواطنين للفرار م العاصمة إلى مناطق أكثر أمنا.

ناشدت منظمة الصحة العالمية، الخميس، طرفي الصراع في السودان فتح ممر إنساني للمسعفين، في وقت تستمر الاشتباكات بعد انهيار هدنة تم التوصل إليها بوساطة دولية، ليرتفع عدد القتلى، وفق إحصاءات الأمم المتحدة، إلى 300 قتيل على الأقل منذ تفجر الصراع مطلع الأسبوع الحالي.

وحثت منظمة الصحة العالمية الجيش وقوات الدعم السريع على وقف القتال للسماح للمصابين بالحصول على الرعاية الطبية وفتح ممر إنساني للعاملين في مجال الصحة والمرضى وسيارات الإسعاف.

وتحدث سكان في العاصمة الخرطوم عن سماع دوي طلقات نارية كثيفة اليوم الخميس وسط محاولة الكثيرين الفرار من المدينة التي أصيبت بحالة من الشلل بسبب المعارك الضارية بين الجيش وقوات الدعم السريع. 

وذكر سكان عدد من أحياء الخرطوم لأسوشيتدبرس أنهم شاهدوا مئات، بينهم نساء وأطفال، وهم يحملون أمتعتهم ويرحلون، بعضهم سيرا على الأقدام، وآخرون مكدسين في حافلات.

وقال أحمد المنظري، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، خلال مؤتمر صحفي عبر الإنترنت، "ندعو جميع الأطراف إلى تطبيق توقف إنساني مستدام في أقرب وقت ممكن ليتسنى للمحاصرين بسبب القتال أن يحتموا".

وأضاف أن هذا التوقف الإنساني ضروري ليحصل المدنيون على الأغذية والمياه والأدوية وحتى يسعى المصابون إلى تلقي الرعاية الطبية. وقال الطرفان من قبل إنهما سيلتزمان بهدنة مدتها 24 ساعة كان من المقرر سريانها بدءا من الساعة 1600 بتوقيت جرينتش أمس الأربعاء، لكن سرعان ما انتهكتها الاشتباكات.

وقال المنظري إنه ينبغي فتح الممر الإنساني للسماح للعاملين في مجال الصحة والمرضى وسيارات الإسعاف بالتحرك بشكل آمن، في حين ذكر ريتشارد برينان المدير الإقليمي للطوارئ في منظمة الصحة العالمية إن الإجلاء الطبي للمصابين بإصابات بالغة في السودان "ليس خيارا واقعيا الآن" بسبب الموقف الأمني الخطير.

وأضاف "ليس من الممكن إجراء ذلك النوع من التحرك… لدينا أيضا موارد محدودة للغاية. من المكلف جدا إجراء حالات إجلاء طبي. والأفضل هو أن نستخدم مواردنا المحدودة في تعزيز المستشفيات ودعم الأطقم الطبية في البلاد".

وذكر برينان أن المنظمة تعتزم جلب مزيد من التجهيزات الطبية بما في ذلك معدات لجراحة الطوارئ إلى السودان بمجرد أن يسمح الوضع بذلك.

تصاعد حدة المعارك 

وقالت تهاني عباس، الناشطة الحقوقية البارزة التي تعيش بالقرب من مقر قيادة الجيش، "تصاعدت حدة المعارك في الصباح بعد إطلاق نار متقطع خلال الليل. وهز القصف والانفجارات منازلنا". 

وقالت محاسن علي، بائعة شاي، للأسوشيتدبرس، إن الكثيرين في حيها الواقع جنوب الخرطوم غادروا منازلهم، أملا في الحصول على مأمن من قصف المباني. وقالت إن آخرين فروا من المدينة للإقامة مع أقرباءهم في مناطق أخرى.

وكان مسلحون يتجولون في الشوارع ويقتحمون المتاجر والمنازل. وقالت "يأخذون كل ما في وسعهم، وإذا قاومت، فقد يقتلونك". 

وكان المتوقع أن يسرى وقف إطلاق النار لمدة 24 ساعة من غروب شمس الثلاثاء حتى غروب شمس الأربعاء، حيث تعهد الطرفان بالالتزام بوقف إطلاق النار، عقب حديث وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى كلا القائدين العسكريين.

ويشير فشلهما في وقف القتال ولو ليوم واحد، رغم الضغوط الدبلوماسية رفيعة المستوى، إلى أنهما ما زالا عازمين على السعي لتحقيق نصر عسكري يزيد من احتمالات نشوب صراع طويل الأمد.

300 قتيل 

في السياق ذاته، قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس غيبريسوس، إن 300 شخص على الأقل قتلوا منذ اندلاع القتال يوم السبت، دون توضيح أعداد القتلى من المدنيين والجنود. لكن نقابة أطباء السودان التي تسجل الإصابات، قالت الثلاثاء إن ما لا يقل عن 174 مدنيا قتلوا وجرح المئات.

لكن يعتقد أن عدد القتلى الحقيقي يتجاوز هذا العدد بكثير حيث يتعذر الوصول إلى الجثث في الشوارع بسبب كثافة الاشتباكات.

وتوقفت العشرات من مرافق الرعاية الصحية القريبة من الاشتباكات في الخرطوم والبؤر الساخنة في أنحاء البلاد عن العمل، نتيجة للأضرار التي لحقت بها أو إخلاؤها لأسباب تتعلق بالسلامة.

ملايين السودانيين لجؤوا إلى بلدان مجاورة هربا من الحرب

تتوالى التحذيرات من المنظمات الدولية والإنسانية بشأن تدهور الأوضاع الإنسانية في السودان، وذلك في ظل فشل جهود إنهاء الصراع لأسباب أولها أن المجتمع الدولي قرر أن طرفي النزاع "الجيش السوداني وقوات الرد السريع" لا يملكان "الشرعية" لحكم السودان.

ويقول الدبلوماسي الأميركي السابق ومدير الشؤون الأفريقية الأسبق في مجلس الأمن القومي، كاميرون هدسون، لقناة "الحرة" إن من الأسباب الأخرى، هو أن بعض الدول "لم تكن محايدة" في التعامل مع الملف السوداني.

وأضاف أن "غياب ائتلاف مدني يقدم نفسه على أنه بديل للحكم العسكري في هذا البلد، جعل من الصعب أن تكون هناك رؤية واضحة بشأن طريقة إدارة البلاد في المستقبل".

وأضاف المسؤول الأميركي في حديثه لقناة "الحرة" أن التقارير الأممية حول تدهور الأوضاع "لن تغير من الواقع، فهي لا تجبر المجتمع الدولي على التدخل، أو تضغط على أطراف النزاع لإنهاء هذه المعاناة الإنسانية وحل المشكلة" حسب تعبيره.

وأعلن المجلس النروجي للاجئين قبل أيام أن الأزمة الإنسانية في السودان أسوأ من الأزمات في أوكرانيا وغزة والصومال مجتمع، وأن حياة أربعة وعشرين مليون شخص باتت في خطر شديد.

فحتى نهاية شهر أكتوبر الماضي، تقول لجنة الإنقاذ الدولية أن عدد القتلى جراء الحرب الدائرة منذ أبريل عام 2022 وصل إلى 150 ألف شخص وهو رقم أعلى من رقم 20 ألفا الذي تذكره الأمم المتحدة حاليا للحصيلة في البلاد بأكملها.

لكن عدد القتلى ليس وحده ما يقلق اللجنة التي اشارت في احدث تقاريرها إلى أن عدد النازحين داخليا وصل إلى 10 ملايين شخص وهو أكبر عدد للنازحين في العالم، في حين بلغ عدد اللاجئين إلى دول الجوار أكثر من مليونين.

بيرييلو في زيارة سابقة للسودان - مصدر الصورة: صفحته الرسمية بفيسبوك
بيريلو: الولايات المتحدة تدعم وضع حد للفظائع المرتكبة ضد الشعب السوداني
دعا المبعوث الأميركي الخاص للسودان، توم بيريلو، إنه الولايات المتحدة "تدعم الوقف الفوري للحرب ووضع حد للفظائع المرتكبة ضد الشعب السوداني"، وذلك في أعقاب زيارته الإثنين للسودان ولقائه مسؤولين أبرزه رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان.

ويضيف التقرير كذلك أن 25 مليون شخص من سكان البلاد البالغ عددهم نحو 42 مليون نسمة في حاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية والحماية، في حين يواجه18 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار التقرير إلى أنه من المتوقع أن يقضي أكثر من 222 ألف طفل جوعا في الأشهر المقبلة إذا لم يتم اتخاذ إجراءات سريعة لوقف الحرب، موضحا أن حياة 800 ألف شخص، من النساء والأطفال والرجال والمسنين والأشخاص ذوي الإعاقة، معلقة على المحك مع استمرار القصف في المناطق المكتظة بالسكان.