تصاعدت وتيرة المعارك، السبت، في ثاني أيام عيد الفطر بالسودان، بين الجيش النظامي وقوات الدعم السريع.
وتصاعد الدخان من مناطق متفرقة في الخرطوم مع سماع دوي انفجارات وسط اشتباكات مسلحة بين طرفي النزاع رغم هدنة وقف إطلاق النار.
ودخل القتال المسلح أسبوعه الثاني في السودان، وعادت أصوات إطلاق النار والانفجارات تسمع، السبت، بالعاصمة الخرطوم، بعد تراجع في حدة القتال ليلا إثر الإعلان عن هدنة مؤقتة.
وتسببت المعارك خلال الأسبوع الفائت بسقوط مئات القتلى وآلاف الجرحى.
وتوقفت الانفجارات العنيفة التي هزت المدينة في الأيام الأخيرة، ليل الجمعة السبت، بعد قبول الطرفين بهدنة مدتها 3 أيام بمناسبة مناسبة عيد الفطر. لكن صباح السبت استؤنف إطلاق النار.
واندلع العنف في 15 أبريل بين القوات المسلحة للجيش بقيادة، عبدالفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه، محمد حمدان دقلو، المعروف بـ "حميدتي" والذي تحوّل إلى عدوه اللدود.
وكان الحليفان السابقان استوليا على السلطة كاملة في انقلاب عام 2021 أطاحا خلاله بالمدنيين الذين كانوا يتقاسمون السلطة مع العسكر، من الحكم. لكن الخلافات والصراع على السلطة ما لبثت أن بدأت بينهما وإن بقيت كامنة في فترة أولى.
وأعلن الجيش، الجمعة، أنه "وافق على وقف لإطلاق النار لمدة ثلاثة أيام" بمناسبة عيد الفطر، كان دعا إليه قبل يوم واحد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، ووزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن.
وقال دقلو في بيان إنه "ناقش الأزمة الحالية" مع غوتيريش و"ركز على الهدنة الإنسانية والممرات الآمنة وحماية العاملين في المجال الإنساني".
ويصعب كثيرا معرفة تفاصيل التطورات الميدانية في ظل خطر التنقّل، ويؤكد كل من الطرفين تفوقه على الأرض، الأمر الذي لا يمكن التحقّق منه. كما لا يمكن معرفة من يسيطر على ماذا في العاصمة التي هجر شوارعها المدنيون.
"رائحة دماء"
في الخرطوم، المدينة التي يبلغ عدد سكانها خمسة ملايين نسمة، قلب الصراع حياة المدنيين الذين احتموا يتملكهم الرعب داخل منازلهم من دون كهرباء في أجواء حرّ شديد.
ويغامر عدد منهم بالخروج للحصول على مواد غذائية عاجلة أو للفرار من المدينة.
وقال أحد السكان، سامي النور، لوكالة فرانس برس إن العيد يجب أن يكون "مع الحلويات والمعجنات مع أطفال سعداء والناس يحيون الأقارب"، لكن بدلا من ذلك هناك "إطلاق نار ورائحة دماء حولنا".
وشهدت الخرطوم معارك عنيفة جدا خلال الأيام الماضية، إذ شنّت طائرات مقاتلة ضربات جوية على مواقع عدة، بينما تجوب دبابات الشوارع ويطلق الرصاص والمدفعية في مناطق مكتظة بالسكان. لكن العنف انفجر في جميع أنحاء البلاد أيضا، بحسب فرانس برس.
واتهم الجيش في وقت متأخر، الجمعة، قوات الدعم السريع بشن هجمات في المدينة التوأم للعاصمة أم درمان، حيث أخرجوا "عددا كبيرا من نزلاء" أحد السجون. لكن قوة الدعم السريع نفت ذلك.
واندلعت معارك في إقليم دارفور غرب السودان، حيث قالت منظمة أطباء بلا حدود بمدينة الفاشر إن الوضع "كارثي"، و"لا يتوفر عدد كافٍ من الأسرّة لاستيعاب عدد الجرحى الهائل"، وبينهم عدد كبير من الأطفال.
إجلاء الرعايا
وتقوم جهات عدة بإعداد خطط لإجلاء الرعايا الأجانب، بينما نشرت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان قوات في الدول المجاورة، ويدرس الاتحاد الأوروبي خطوة مماثلة.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية، الجمعة، إن الوضع ما زال خطيرا لإجلاء موظفي السفارة.
وفي وقت لاحق، قالت قوات الدعم السريع إنها مستعدة لفتح "كل مطارات" السودان "جزئيا" من أجل إجلاء الأجانب مع أنه من غير الممكن معرفة ما هي المطارات التي تسيطر عليها هذه القوات.
والسبت، أعلن الجيش السوداني عن بدء عمليات إجلاء دبلوماسيين ومواطنين لدول عدة منها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا والصين والسعودية التي أعلنت بدورها، عن إخراج رعاياها وعدد
وقالت منظمة الصحة العالمية إن 413 شخصا قتلوا وأصيب 3551 بجروح في القتال في جميع أنحاء السودان، لكن يُعتقد أن العدد الفعلي للقتلى أكبر من ذلك، إذ لم يتمكن عدد من الجرحى من الوصول إلى المستشفيات.
وقالت نقابة الأطباء إن أكثر من ثلثي المستشفيات في الخرطوم والولايات المجاورة "توقفت عن العمل" الآن. وتعرضت أخرى للنهب وقُصفت أربع مستشفيات على الأقل بولاية شمال كردفان.
وقال برنامج الغذاء العالمي إن العنف قد يدفع ملايين آخرين إلى الجوع في بلد يحتاج فيه 15 مليون شخص - ثلث السكان - إلى المساعدة.
ويخشى محللون أن تنجر دول المنطقة إلى النزاع. فقد شددت مجموعة الأزمات الدولية على ضرورة اتخاذ خطوات عاجلة لوقف الانزلاق إلى "حرب أهلية شاملة".
ويتركّز الخلاف بين البرهان ودقلو على خطة دمج قوات الدعم السريع في الجيش، وهو شرط أساسي لاتفاق يهدف إلى استئناف الانتقال الديمقراطي في السودان.
وأطاح الجيش بالرئيس، عمر البشير، في أبريل 2019 بعد تظاهرات شعبية حاشدة ضده، وبعد أن حكم السودان بقبضة من حديد لثلاثة عقود.
وتحالف البرهان ودقلو في أكتوبر 2021 للإطاحة بحكومة مدنية شكّلت بعد سقوط البشير ما أدى إلى عرقلة عملية الانتقال إلى الديمقراطية المدعومة دوليا.
وقال دقلو في وقت لاحق إن الانقلاب كان "خطأ" ولم يؤد إلى إحداث تغيير، بينما أكد البرهان أنه كان "ضروريا" لإشراك المزيد من الأطراف في السياسة.