أدت المعارك التي اندلعت اعتبارا من 15 أبريل إلى مقتل  459 شخصا على الأقل
أدت المعارك التي اندلعت اعتبارا من 15 أبريل إلى مقتل  459 شخصا على الأقل

أعرب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الاثنين، عن قلق واشنطن العميق من انخراط مجموعة فاغنر العسكرية الروسية في الصراع الدائر في السودان. 

وقال بلينكن، خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الكيني، في واشنطن: "لدينا قلق عميق بشأن انخراط مجموعة فاغنر في السودان ودول أخرى كثيرة في أفريقيا". 

وأضاف: "عندما ينخرط مثل هذا الطرف، يجلب معه المزيد من الخراب والدمار والموت، ومن المهم جدا ألا نرى مزيدا من الانخراط لهذه المجموعة في السودان".  

واتفق وزير الخارجية الكيني، ألفريد موتوا، مع نظيره الأميركي، بشأن المخاوف من انخراط فاغنر في الصراع في السودان، وطالب روسيا بعدم التحيز لأي طرف. 

وأشار  موتوا بأصابع الاتهام إلى دول في الشرق الأوسط لم يذكر أسماءها.

وتابع الوزير الكيني "هذا الوقت بالذات ليس مناسبا للانحياز إلى طرف في الحرب".

واعتبر أن فاعلين أجانب "يحاولون استخدام السودان ساحة لأي سبب من الأسباب".

وأضاف "نطالب القوى الخارجية بترك السودان وشأنه".

من جهته أكد بلينكن، أن الولايات المتحدة في تواصل مباشر مع القيادات العسكرية السودانية، وتضغط من أجل دفعهم نحو تمديد وقف إطلاق النار. 

وأكد أن واشنطن تستكشف الخيارات المتوفرة لإعادة التمثيل الدبلوماسي القنصلي للسودان، في أقرب وقت ممكن. 

وكانت الولايات المتحدة أعلنت، الأحد، تعليق العمليات في سفارتها بالخرطوم بصفة مؤقتة، وأجلت جميع الموظفين الأميركيين، وعائلاتهم، بأمان في ظل استمرار العنف في السودان.

وقال بلينكن "نحن على اتصال وثيق مع مواطنينا في السودان لتقديم المساعدة وتيسير مسارات الخروج". 

وأضاف: "نعمل مع الحلفاء والشركاء من أجل خروجهم، لكن الأغلبية الساحقة من الأميركيين لديهم جنسيات مزدوجة، وعاشوا هناك لسنوات وربما عقود، ويريدون البقاء هناك، لكن من يودون المغادرة سنعمل على إجلاءهم ومغادرتهم". 

وتسارعت وتيرة عمليات الإجلاء الدولية وسط هدوء مؤقت للقتال في السودان، بعد اندلاع الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية الأسبوع الماضي.

الحرب في السودان

تتفاقم آثار الكارثة الإنسانية في جميع أنحاء السودان، دون أن تظهر أي علامات على إمكانية تراجعها، جراء الحرب المستمرة في البلاد منذ نحو عامين.

لا يزال آلاف السودانيين يُقتلون ويُجوعون ويُغتصبون بوتيرة يومية، ويجبر العنف ملايين الأشخاص على ترك منازلهم والنزوح داخليا أو عبر الحدود إلى الدول المجاورة. 

تسبب  الصراع بـ"أسوأ حالة طوارئ إنسانية في العالم" وفق توصيف الأمم المتحدة، إذ تصدر السودان دول العالم في عدد النازحين داخليا بسبب الاقتتال بين الجيش وقوات الدعم السريع، شبه الحكومية.

وتجاوز عدد النازحين قسرا داخل البلاد 9 ملايين شخص، بالإضافة إلى أكثر من 3.8 مليون لاجئ إلى الدول المجاورة، ما يعني أن نحو 13 مليون شخص قد فروا من العنف خلال العامين الماضيين، بحسب تقارير الأمم المتحدة.

وتحذر منظمات دولية، بينها اليونيسيف، من أن الموت يشكل "تهديدا مستمرا" لحياة الأطفال في السودان.

وفي محيط مدينة الفاشر، غربي البلاد، وحدها، يحاصر الموت ما يقرب من 825 ألف طفل، يواجهون قصفا مستمرا ونقصا حادا في أبسط مقومات البقاء على قيد الحياة.

وحذرت هيئة تابعة للأمم المتحدة من انتشار حالات الاغتصاب مع استمرار الحرب التي تفجرت بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه الحكومية منذ سنتين في السودان.

وقالت آنا موتافاتي، المديرة الإقليمية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في شرق وجنوب إفريقيا: "بدأنا نشهد استخداما ممنهجا للاغتصاب والعنف الجنسي كسلاح حرب".

وشددت على أن "ما خفي كان أعظم، فهناك كثيرات لا يبلغن عن هذه الجرائم خوفا من العار وتحميل المسؤولية للضحايا، الذي يُلازم كل امرأة تتعرض للاغتصاب".

وأكد نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، مالك عقار، إن "الحكومة عازمة على تنفيذ كافة الاتفاقيات الخاصة بحماية النساء من العنف الجنسى والقضاء على التمييز، وانفاذ القانون وضمان عدم الإفلات من العقاب لمرتكبي جرائم العنف الجنسي ضد النساء والفتيات والأطفال".

وأشار عقار لدى لقائه، في بورتسودان، مع الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للعنف الجنسي في مناطق النزاعات، براميلا باتن، إلى أن "السودان ومنذ الشرارة الأولى أرسل العديد من التقارير المصورة والموثوقة لعدد من الهيئات والمنظمات الدولية والاقليمية ومنظمات حقوق الإنسان، توضح العنف الذي مارسته قوات الدعم السريع في حق النساء والفتيات والأطفال في السودان إلا أن الاستجابة كانت بطيئة مما فاقم الأوضاع لاسيما في المناطق التي كانت تسيطر عليها".

ونفت الدعم السريع في يوليو الماضي عن الانتهاكات التي تقع أثناء الحرب، إنها ستتخذ تدابير وقائية لمنع انتهاكات حقوق الإنسان.

خطر آخر يهدد المدنيين وعمليات الإغاثة يتمثل في الذخائر غير المنفجرة ومخلفات الحرب. وحذر رئيس برنامج الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام في السودان، صديق راشد، من أن المناطق التي كانت آمنة أصبحت الآن ملوثة بشكل عشوائي بهذه الأسلحة القاتلة، بما فيها الخرطوم وولاية الجزيرة.

وقد تجسدت هذه المخاوف في حوادث مأساوية، حيث لقي مدنيون، بينهم أطفال ونساء، مصرعهم وأصيب آخرون بسبب انفجار هذه الذخائر.

وناشد صديق راشد الأطراف المتحاربة تجنب استخدام الأسلحة في المناطق المأهولة، وتسجيل المناطق الملوثة لتسهيل عملية التطهير، ودعا المجتمع الدولي لتقديم الدعم اللازم لجعل المناطق آمنة قبل عودة المدنيين.

وفي خضم هذه الكارثة الإنسانية المتفاقمة، توجه كليمنتاين نكويتا سلامي، منسقة الأمم المتحدة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية في السودان نداء عاجلا إلى المجتمع الدولي: الناس في وضع يائس.

وقالت: "نناشد المجتمع الدولي ألا ينسى السودان وألا ينسى الرجال والنساء والأطفال في السودان الذين وجدوا أنفسهم في هذا الوضع الصعب للغاية في هذه اللحظة الحرجة".

ووجه المفوض السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، رسالة إلى العالم حول السودان: "يجب أن يكون مرور عامين على هذا الصراع الوحشي الذي لا معنى له بمثابة جرس إنذار للأطراف لإلقاء أسلحتها وألا يستمر السودان في هذا المسار المدمر".