مع نفاد مياه الخزانات بعد اندلاع الصراع المسلح بين الجيش وقوات الدعم السريع، بات قطاع كبير من السودانيين في ولاية الخرطوم يعاني من انقطاع المياه، وإلى درجة حتمت لجوء البعض إلى مجرى نهر النيل مباشرة، ولكن حتى هذا الخيار، أصبح الآن صعبا للبعض.
وعادت عربات "الكارّو" الخشبية، التي تجرها الدواب، إلى الظهور في أحياء وسط العاصمة، الخرطوم، إذ يستخدمها البعض لجلب المياه في أوان كبيرة من نهر النيل.
وذكرت وكالات تابعة للأمم المتحدة أن انزلاق السودان فجأة إلى الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع في 15 أبريل أسفر عن أزمة إنسانية ومقتل 427 شخصا. وعبر آخرون عن خوفهم على حياتهم مع انتشار الاشتباكات في المناطق السكنية.
وقال عضو لجنة أطباء السودان المركزية، الدكتور علاء عوض، لموقع "الحرة" إن خمسة مستشفيات توقفت عن تقديم خدماتها للمرضى بسبب انقطاع المياه والكهرباء، من بينها "المستشفى التركي"، و"إبراهيم مالك"، مشيرا إلى أن خزان المياه بمستشفى "الشعب"، وسط الخرطوم، تضرر بسبب القصف.
وأضاف أن هناك طوابير حول الآبار ومواسير المياه، من الناس الذين يحملون دلاء وينتظرون من أجل ملئها.
لكنه أشار إلى أن الأزمة تكمن فيمن يسكنون في الأحياء البعيدة عن الآبار أو نهر النيل لأنهم لا يستطيعون التحرك في ظل الاشتباكات الدامية، المستمرة منذ عشرة أيام، "لذلك ترى نزوح الآلاف من الناس".
أما أحمد عبد الغني فقال إن المياه منقطعة في بعض الأحياء في الخرطوم وأم درمان.
وكانت المياه منقطعة عند عبد الغني الذي يسكن في الخرطوم بحري، لكنها عادت مؤخرا، مشيرا إلى أن بعض الأحياء لا تزال المياه فيها منقطعة.
وقال: "حتى نشرب مياه نظيفة، كنا نشتريها من المتاجر، حيث المياه الجاهزة المعبأة".
وأضاف أنه بسبب انقطاع المياه فإن المواطنين في هذه الأحياء توقفوا عن أغراض كثيرة، مثل الاستحمام وغسيل الملابس.
أما بشير دراج الذي يسكن في حي الحفايا في الخرطوم بحري فيصف الوضع لـ"موقع الحرة"، مشيرا إلى أنه "مأساوي ومؤسف"، وقال: "نحن في معاناة شديدة منذ عشرة أيام. بحري تموت من العطش".
وطالب دراج شركة المياه بإعادة الخدمة، كما طالب المجتمع الدولي بالتحرك من أجل إنهاء هذه الأزمة: "نحن اعتدنا انقطاع الكهرباء، لكن المياه هي أصل الحياة، لا يمكن أن نعيش من دونها".
أما إبراهيم نقدالله، الذي يسكن في حي ودنوباوي في مدينة أم درمان، بالقرب من مبنى هيئة الإذاعة والتلفزيون، وتحدث مع موقع "الحرة" عبر الفيديو، حيث ظهر بعض الأطفال والنساء يملؤون دلاء من المياه ثم يعودون أدراجهم وسط شارع ممتلئ بالمباني بالسكنية لكنه خال تماما من المارة، إلا هؤلاء.
يقول نقدالله: "انقطعت المياه عن بيتي منذ الاثنين وحتى الجمعة الماضي، لكن كثيرا من المنازل حولي لم تعد فيها المياه".
وأضاف أنه كان يعاني بشدة: "ولم نستطع الذهاب إلى النهر لجلب المياه من هناك رغم أنه قريب منا للغاية لكن الاشتباكات العنيفة تدور هناك".
أما الموظف في الصليب الأحمر، عباس محمد حامد، وهو أحد جيران نقد الله، فقال في مكالمة فيديو مع موقع "الحرة": "أصبحنا محبوسين في البيوت، لا نخرج إلا لجلب المياه أو لشراء الخبز، لا نستطيع الوصول إلى أماكن عملنا، ولا نستطيع أن نساعد المتضررين".
وبالحديث عن الهدنة قال إن الطرفين لا يلتزمان بها، "ولذلك لا نستطيع الخروج".
وأضاف: "لو كان معي أموال لنزحت إلى ولاية أخرى، لأنه ليس هناك أمل في أن ينتهي الصراع قريبا".
أما نقدالله، فكشف أنه ينوي الرحيل قريبا بأسرته إلى ولاية الجزيرة على بعد 180 كيلومترا، ليستأجر فيها مأوى، قائلا: "أنا أخشى على أولادي والظروف الأمنية أصبحت خطيرة، والأوضاع تزداد سوءا يوما بعد يوم".
وحذر نقدالله من أن "مخزون الوقود، وكذلك الدقيق في المخابز، علي وشك النفاد، قياسا بالأيام الأولى من اندلاع الحرب".
وأضاف: "نعاني اليوم من انقطاع شبكة الإنترنت في شركة سوداني مع انقطاع جزئي للمكالمات في الشبكات الأخرى "زين" و"أم تي أن"".
وأصبح غالون البنزين يباع بـ60 ألف جنيه سوداني في ظل الأزم الحالية، بعد أن كان بستة جنيهات قبل بدء الصراع الحالي بين الجيش وقوات الدعم السريع، "لأنه نادر الوجود والكل يريده من أجل تشغيل مولدات الكهرباء، وهناك استغلال من قبل تجار الأزمات"، بحسب عوض لموقع "الحرة".