المراكز الصحية في السودان عانت ويلات النزاع
المراكز الصحية في السودان عانت ويلات النزاع

نفى وزير الصحة السوداني، هيثم إبراهيم، وأطباء ومسؤولون في منظمات محلية تعمل في السودان في تصريحات لموقع الحرة وجود "تهديد بيولوجي" في أعقاب التحذيرات التي صدرت عن منظمة الصحة العالمية، الثلاثاء، بشأن المعمل القومي للصحة العامة.

وأوضح الوزير في تصريحات خاصة لموقع الحرة أن عناصر من قوات الدعم السريع تتواجد في ساحات المعمل التابع لوزارة الصحة.

وكانت منظمة الصحة العالمية، قد قالت، الثلاثاء، إن هناك "خطرا بيولوجيا كبيرا" في العاصمة السودانية الخرطوم، بعد سيطرة أحد طرفي القتال الدائر في السودان على مختبر، يحتوي على مسببات الحصبة والكوليرا، وغيرها من المواد الخطيرة.

ومن جانبه، قال وزير الصحة في تصريحاته لموقع الحرة إن المعمل يقع في منطقة مركزية في الخرطوم بالقرب من مقر قيادة الجيش، ومنطقة تجمع للمستشفيات المركزية وهي منطقة اشتباكات.

وأضاف أنه "لليوم الثالث تتواجد في ساحات المختبر عناصر من قوات الدعم السريع"، ويوضح أن المبنى ضخم للغاية ويوجد به معامل للفيروسات والبكتريا، لكن لم تتعرض لها هذه القوات "ولم يتم تفجير أي من الحاضنات".

وتابع: "العناصر موجودة في الساحات، لكن الضرب متوقف ولا يوجد ما يشكل تهديا بيولوجيا".

وأعرب عن تمنياته بعدم حدوث أي تهديد، في الأيام المقبلة، لكن حتى اللحظة "لا يوجد مهدد واضح بيولوجي".

وتشير أروى عباس البخيت، استشاري رئيسة قسم الأنسجة المريضة والخلايا في المعمل، في تصريحات لموقع الحرة، أن المعمل يضم نحو 25 قسما تشخيصيا وفنيا ورقابيا، تشمل أقسام البكتريا والفيروسات وأقسام الصحة المهنية والمياه والأنسجة والفطريات وغيرها.

ويقع المعمل وسط الخرطوم، بالقرب من محيط القصر الجمهوري والقيادة العامة للجيش وحي المطار، أي أنه كان في قلب الاشتباكات من اليوم الأول، وفق تصريحاتها. 

وقال الدكتور موسى محمد توم الهزيل، مدير عام منظمة اطباء حول العالم" في تصريحات لموقع الحرة إن المعمل يقع بالقرب من المراكز الصحية الكبرى، مثل مستشفى الخرطوم التعليمي، ومستشفى الشعب وفيصل التخصصي، والمجمع الطبي لجامعة الخرطوم، وهو ما يمثل صرحا ورمزية كبيرة للقطاع الصحي والتعليم العالي للسودان.

ويشير الدكتور الهزيل إلى وقوعه في منطقة تعرضت لاستهداف مباشر في الآونة الماضية، ويؤكد وقوع اشتباكات في المعمل لكنه لا يعرف ما إذا كانت هناك جهة تسيطر عليه.

وأصابت الاشتباكات الجارية المستشفيات وغيرها من الخدمات الأساسية الأخرى بالشلل، وتسببت في تقطع السبل بالكثيرين الذين علقوا في منازلهم في ظل تناقص إمدادات الغذاء والماء. 

وسجلت منظمة الصحة العالمية 14 هجوما على منشآت صحية منذ بدء الاشتباكات، وهي تعمل حاليا على نقل موظفيها إلى مكان آمن.

وتقول البخيت، المديرة في المعمل، في شهادتها نقلا عن موظفين بقوا في المكان بعد وقوع الاشتباكات في الخرطوم، إن عناصر من قوات الدعم السريع اقتحموا المبنى بعد عيد الفطر ودخلوا المكاتب بالقوة وتحفظوا على الموظفين الباقين الذين عملوا كقوة حرس منذ الأيام الأولى لوقوع الاشتباكات، ثم أطلقوا سراحهم لاحقا.

وتشير إلى أنه لم يصدر عنهم "ما يوحي بأنهم يرغبون" في استهداف القدرات البيولوجية للمعمل، أو أن لديهم "فهما" لما يحتويه من مواد بيولوجية، وكان يتعاملون فقط معه كمبنى بغرض الاستيلاء عليه، وعلى ما في داخله من أشياء مادية.

وقالت إنهم فتشوا الأدراج وفتحوا الخزانات وأخذوا الأموال والهواتف والسيارات من المكان.

وقالت إن الخطر سيظل قائما إذا قرروا استخدام مواد في المعمل، لكن تصرفاتهم لا توحي بذلك، وحتى لو تم ذلك، فالمعمل "لا يشكل خطرا بيولوجيا"، وفق رأيها، لأنه لا يحوي بنكا بيولوجيا وكل "المواد البيولوجية فيه هي عينات تشخيصية فقط".

ويوضح الهزيل أنه يعتبر "المعمل المرجعي الرئيسي لوزارة الصحة في السودان، ويحوي مجموعة مراكز الدراسات والأبحاث المخصصة للأبحاث الطبية الخاصة بالأمراض والأوبئة"، لكنه نفى وجود "مشكلة بيولوجية" إذ أن ما هو موجود فيه من عينات "لا يرقى لمشكلة تسرب بيولوجي، وفقط توجد "كميات بسيطة جدا من المواد البيولوجية"

المعمل القومي للصحة العامة

وتشير الصفحة التعريفية للمعمل على موقعه الإلكتروني إلى أن من مهامه وضع المعايير وتشخيص الأمراض والفحص السريع للعينات، وتحديد العوامل المسببة للأمراض وإجراء البحوث.

ويتكون من أقسام ووحدات وبائية تشخيصية ورقابية و"معامل مرجعية مرتبطة بمكافحة بعض الأمراض مثل شلل الأطفال، الحصبة، الدرن، الملاريا والإيدز" وفق الموقع.

ويساعد المعمل في التشخيص (في حالات تفشي الوباء) لمعرفة مصدر العدوى وإرسال العينات المعملية المعزولات (الشحن الآمن) للمعامل المرجعية العالمية، والمشاركة في عمل نظام التقصي للأوبئة والرصد المرضي والمشاركة في فرق التدخل السريع في حالات الأوبئة والطوارئ الطبية.

ويقول الهزيل: "طبيا لا نشعر بوجود خطر بيولوجي" من المعامل الموجودة بداخله، لكنه حذر من خطر تسرب إشعاعي في الخرطوم لو تم استهدافه، حيث يوجد مركز إشعاعي لعلاج المصابين بالسرطان بجوره.

ويشير إلى أنه في الوقت الحالي يستيعد أن يكون الغرض من الاشتباكات في المكان كان الغرض منها استهداف مراكز الأبحاث في المعمل بصورة مباشرة.

ويرى أن المؤسسة الصحية لا تمثل لطرفي النزاع مؤسسة أهمية خاصة، وهي "مؤسسة طبية مهمتها فقط إدارة عملية الأبحاث الطبية الخاصة بوزارة الصحة".

ويتفق مع هذا الرأي استشاري أمرض الكبد وزراعة الاعضاء، عضو لجنة نقابة الأطباء، الدكتور علاء الدين عوض، في تصريحات لموقع الحرة. 

وقال عوض إن المعمل يقوم فقط بأدوار "مرجعية واستشارية"، مشيرا إلى أنه يقع في منطقة اشتباكات، وبالتالي فهو ليس بعيدا عن الأجواء الحالية، لكن هذا لا يعني وجود تهديد بيولوجي.

وأكد الهزيل أن الفنيين غير قادرين على الوصول للمعمل لأداء وإنجاز مهامهم، كما جاء في تصريح لمسؤول في منظمة الصحة العالمية.

وكان نعمة سعيد عابد، ممثل المنظمة الدولية بالسودان، قد قال في حديثه للصحفيين في جنيف، عبر دائرة تلفزيونية، إن الخبراء الفنيين التابعين للمنظمة لم يتمكنوا من دخول المعمل القومي للصحة العامة لتأمين المواد الخطيرة.

وأضاف "ما يثير قلقنا بشكل أساسي هو عدم قدرة الفنيين على الذهاب إلى المختبر واحتواء المواد البيولوجية ومواد أخرى على نحو آمن".

وأكدت البخيت في تصريحاتها لموقع الحرة أيضا أن الموظفين باتوا غير قادرين على العمل.

ووفقا لأحدث بيانات منظمة الصحة العالمية، أسفر القتال الذي اندلع في 15 أبريل بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع عن مقتل 459 شخصا على الأقل وإصابة 4072.

ووصفت المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في الشرق الأوسط، إيمان الطرابلسي، في تصريحات للحرة الوضع الإنساني في السودان بأنه "حرج للغاية"

 

الملايا خطر محدق في شمال دارفور
الملايا خطر محدق في شمال دارفور

بعدما أعلنت وزارة الصحة في ولاية شمال دارفور السودانية عن ازدياد كبير فى حالات الإصابة بالملاريا فى مدينة الفاشر، خاصة في مراكز إيواء النازحين، قال وزير الصحة في الولاية، عماد الدين بدوي، الاثنين، إن هناك أكثر من 79 ألف حالة إصابة بالمرض، فيما أوضحت طبيبة تعمل في مستشفى عاصمة الولاية أن الأوضاع الصحية والإنسانية صعبة جدا.

وأشار وزير الصحة في الولاية، في تصريحات للحرة، إلى أن مدينة الفاشر وحدها قد سجلت، خلال هذا الأسبوع، أكثر من 3 آلاف إصابة بالملاريا، وأكثر من 15 ألفا خلال أقل من شهر.

وقالت وزارة الصحة في تقريرها، أمام اجتماع مجلس حكومة شمال دارفور، إن نقص الدواء يشكل خطراً إضافيا على الوضع الصح،  إلى جانب انتشار الإصابة بحمى الضنك.

ووفقا لمراسل الحرة فإن القطاع الصحي في إقليم دارفور يشهد وضعا صعبا بالنظر إلى إمكاناته المتواضعة، إذ يعتمد سكانه على مبادرات شعبية تقودها جمعيات المجتمع المدني المحلي، وبعض المنظمات الإنسانية.

معاناة قديمة فاقمتها الحرب

وتحصد  الملاريا الكثير من الأرواح سنويا في السودان، إذ تشير منظمة الصحة العالمية الى أن 61 بالمئة من الوفيات الناجمة عن الملاريا في منطقة شرق المتوسط، تسجل في هذا البلد.

بيد أن الأوضاع ازدادت سوءا عقب اندلاع المعارك العنيفة بين الجيش السوداني، بقيادة رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، وبين قوات الدعم السريع بزعامة محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي، الذي كان يشغل منصب نائب رئيس مجلس السيادة.

واندلعت الاشتباكات في 15 أبريل الماضي مما أدى إلى مقتل الآلاف وتشريد ملايين السكان داخل وخارج والبلاد، ونجم عن ذلك تدهور الخدمات الصحية التي كانت تعاني بالأساس من ضعف البنية التحتية في العديد من مناطق البلاد.

وفي حديثه إلى "الحرة" نفى وزير صحة ولاية شمال دافور أن يكون مستشفى الفاشر الجنوبي هو الذي يعمل فقط في خدمة المرضى، مشيرا إلى وجود مستشفى الفاشر التخصصي لأمراض النساء والتوليد الذي يعمل أيضا بكامل طاقته، على حد تعبيره.

وأضاف الوزير: "هناك أيضا العديد من المراكز الصحية المتخصصة في الفاشر وبقية محليات الولاية التي تساهم في علاج المرضى، وهنا أود أن أنوه إلى أننا الولاية الوحيدة في السودان التي تقدم خدمات علاجية مجانية".

ولفت بدوي إلى أن هناك "شحا في الإمكانيات المتاحة، لكننا نحاول مكافحة الحشرات الناقلة للملاريا".

والملاريا، بحسب موقع "مايو كلينك" الصحي مرض يُسببه طفيل ينتقل الطفيلي إلى البشر عبر لدغة البعوض حامل العدوى.

ويَشعُر الأشخاص المصابون بالملاريا بإعياء شديد عادةً مع ارتفاع في درجة الحرارة وقشعريرة مصحوبة برجفة.

ولا تزال الملاريا شائعة في البلدان الاستوائية وشبه الاستوائية، حيث يصاب ما يقرب من 290 مليون شخص كل عام، ويموت أكثر من 600 ألف شخص سنويا بسبب هذا المرض.

وتوصي منظمة الصحة العالمية بتطعيم الأطفال القاطنين بالبلدان ذات معدلات الإصابة العالية بالملاريا، باللقاح المضاد لذلك المرض.

كما ينصح الخبراء بتناول الأدوية الوقائية قبل الرحلة إلى منطقة مرتفعة الخطورة، وبعدها، علمًا بأن العديد من طفيليات الملاريا طورت من مقاومتها للعقاقير الشائع استخدامها لعلاج هذا المرض.

"أوضاع قاسية جدا"

من جانبها، نبهت الطبيية، الزهراء عبد الله أحمد، التي تعمل بمستشفى الفاشر الجنوبي إلى أن هناك ازديادا كبيرا فى معدلات الوفيات وسط المرضى.

وأوضحت الطبيبة السودانية في اتصال هاتفي مع موقع الحرة أن المستشفى يعمل بكافة طاقته من أجل مساعدة المرضى ضمن الإمكانيات المتاحة، متابعة: "الطواقم الطبية تعاني من إرهاق شديد فنحن نواصل الليل بالنهار لإنقاذ المرضى ومساعدتهم".

وتابعت: "أعداد المصابين كبيرة وليس لدينا القدرة، سواء في مستشفى الفاشر الجنوبي أو المستشفى التخصصي، على معالجة جميع المرضى بسبب الأعداد الكبيرة وشح الأدوية وأجهزة الفحص والاختبارات".

وأضافت: "الأوضاع الاقتصادية لا تساعد الناس على الذهاب للعلاج في العيادات الخارجية، لأنهم لا يملكون أجرة الطبيب أو ثمن الدواء، بل أن الكثير منهم لا يستطيع أن يدفع أجرة الوصول إلى المستشفى".

وكان بدوي كشف للحرة أنه تواصل مع وزارة الصحة الاتحادية، مشيرا إلى أن بعض الإمدادت الطبية في طريقها إلى الولاية، كما أوضح أنه جرى التواصل مع بعض المنظمات الدولية مثل منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، لتقديم العون في أسرع وقت.

من جانبه، ذكر نائب مدير عام وزارة الصحة بولاية شمال دارفور، أحمد الدومة، لموقع "سودان تربيون" المحلي أن هناك نقصا كبيرا في أدوية الملاريا.

وشدد على أن النقص الكبير في أدوية الملاريا وقلة الدعم من المنظمات لمواجهة الأوبئة وعدم صرف استحقاق العاملين لفترة طويلة، فاقم من الوضع الصحي بالولاية.

ولفت أيضا إلى أن  توقف المصارف عن العمل "يحول دون التزام المنظمات بتعهداتها المالية تجاه دعم القطاع الصحي".

كما أشار إلى أن منظمة "أطباء بلا حدود" الفرنسية تخطط لفتح أربعة مراكز بمدينة الفاشر لعلاج حالات الملاريا.