المعارك في السودان أوقعت أكثر من 450 قتيلا
المعارك في السودان أوقعت أكثر من 450 قتيلا

تسابق الولايات المتحدة والدول الأفريقية لتمديد وقف إطلاق النار في السودان، الخميس، إذ أعطى الجيش السوداني موافقة أولية على اقتراح أفريقي يدعو إلى إجراء محادثات حتى مع استمرار القتال.

وقُتل مئات الأشخاص خلال قرابة أسبوعين من الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع على السلطة والذي يهدد بزعزعة استقرار المنطقة الأوسع.

واتهم بيان لقوات الدعم السريع الجيش بمهاجمتها، الخميس، ونشر "شائعات كاذبة" دون الإشارة إلى الاقتراح الذي قال الجيش إنه جاء من الهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد)، وهي تكتل إقليمي أفريقي مقره جيبوتي.

وتسود فوضى عارمة في السودان في ظل وقف إطلاق نار هش، تجسّدت خلال الساعات الماضية في إعلان، أحمد هارون، أحد مساعدي الرئيس السابق المعزول، عمر البشير، فراره من السجن برفقة مسؤولين سابقين آخرين، بينما أكد الجيش أن البشير نفسه محتجز بمستشفى نُقل اليه قبل بدء القتال.

وكان هارون مسجونا بسجن كوبر في الخرطوم. وهو مطلوب بمذكرة توقيف من المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب "جرائم ضد الإنسانية" و"إبادة" بإقليم دارفور في غرب السودان. وأطاح الجيش بعمر البشير تحت وطأة احتجاجات شعبية ضخمة ضده في العام 2019، وأوقف مع مساعديه وأبرز أركان نظامه.

إلى ذلك، قال أحد السكان لوكالة رويترز إن أصوات إطلاق نار سمعت، الخميس، في منطقة الخرطوم.

وأدى وقف إطلاق النار الحالي -ومدته ثلاثة أيام- إلى تهدئة القتال دون أن يتوقف تماما، لكنه كان من المقرر أن ينتهي في منتصف الليل (2200 بتوقيت غرينتش) وظل العديد من الأجانب محاصرين في البلاد على الرغم من نزوح جماعي خلال الأيام القليلة الماضية.

وقال الجيش في وقت متأخر، الأربعاء، إن قائده عبدالفتاح البرهان، أعطى موافقته المبدئية على خطة تمديد الهدنة لمدة 72 ساعة أخرى وإرسال مبعوث عسكري إلى جوبا عاصمة جنوب السودان لإجراء محادثات.

وقال الجيش إن رؤساء جنوب السودان وكينيا وجيبوتي عملوا على اقتراح يتضمن تمديد الهدنة وإجراء محادثات بين طرفي الصراع. وجاء في بيان الجيش أن البرهان شكر الهيئة الحكومية للتنمية "إيغاد" وأبدى موافقته المبدئية.

ولم يتسن لرويترز الاتصال بالمتحدث باسم "إيغاد" للتعليق.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان، الأربعاء، إن وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فكي محمد، ناقشا العمل معا لوضع نهاية للقتال.

وقتل ما لا يقل عن 512 شخصا وأصيب ما يقرب من 4200 منذ اندلاع القتال في 15 أبريل.

أزمة إنسانية

ودفعت الأزمة أعدادا متزايدة من اللاجئين لعبور حدود السودان. وقدرت وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أن 270 ألف شخص ربما فروا إلى جنوب السودان وتشاد وحدهما.

وتسببت الضربات الجوية والمدفعية في تدمير المستشفيات وصعوبة توزيع الغذاء في الدولة الشاسعة حيث كان ثلث السكان البالغ عددهم 46 مليون نسمة يعتمدون بالفعل على المساعدات الإنسانية قبل تفجر الصراع.

وفق نقابة الأطباء، فإنّ حوالى ثلاثة أرباع المستشفيات باتت خارج الخدمة في السودان. وقالت منظمة الصحة العالمية، الأربعاء، إنّ أكثر من 60 بالمئة من المراكز الطبية في الخرطوم مغلقة.

وأضافت أنها تُجري "تقييما معمّقا للمخاطر" الصحية بعد سيطرة أحد الطرفين المتحاربين في الخرطوم على مختبر تتواجد فيه عينات معدية جداً مثل الحصبة والكوليرا، وشلل الأطفال. 

بدورها، قالت منظمة "أطباء بلا حدود" إن المستشفيات في السودان باتت في حال منهكة وإن آلاف الأشخاص ما زالوا يهربون نحو مناطق أكثر أمانا، واصفة الاحتياجات الطبية والإنسانية بأنها هائلة.

ونقلت المنظمة عن مدير عملياتها في السودان، غزالي بابكر، قوله إن القتال المستمر يحول دون تأمين الإمدادات الطبية للمستشفيات والمرافق الصحية في  العاصمة. 

وأفاد تحديث من الأمم المتحدة، الأربعاء، أن ما يقدر بنحو 50 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد تعطل علاجهم بسبب الصراع، وأن المستشفيات التي لا تزال تعمل تواجه نقصا في الإمدادات الطبية والكهرباء والمياه.

وذكر التحديث أن اشتباكات دامية اندلعت في مدينة الجنينة بولاية غرب دارفور يومي، الثلاثاء والأربعاء، أسفرت عن أعمال نهب وقتل مدنيين وأثارت مخاوف بشأن تصعيد التوترات العرقية.

وقالت فرنسا، الخميس، إنها أجلت المزيد من الأشخاص من السودان، مضيفة أن من تم إجلاؤهم شملوا أيضا مواطنين من بريطانيا والولايات المتحدة وكندا وإثيوبيا وهولندا وإيطاليا والسويد.

وأفادت وزارة الخارجية السعودية، الخميس، بوصول 187 شخص من رعاية دول أخرى إلى جدة على متن سفينة جلالة الملك (الطائف) بعد أن تم إجلاؤهم من السودان، ليرتفع عدد الأشخاص الذين أجلتهم السعودية وحدها إلى 2425 شخص يمثلون جنسيات 74 دولة.

وقال أجانب تم إجلاؤهم من الخرطوم إنهم شاهدوا جثثا تناثرت في الشوارع ومباني تحترق ومناطق سكنية تحولت إلى ساحات قتال وشباب يتجولون بسكاكين كبيرة.

وتصاعد التوتر منذ أشهر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية اللذين أطاحا معا بحكومة مدنية في انقلاب أكتوبر 2021.

ملايين السودانيين لجؤوا إلى بلدان مجاورة هربا من الحرب

تتوالى التحذيرات من المنظمات الدولية والإنسانية بشأن تدهور الأوضاع الإنسانية في السودان، وذلك في ظل فشل جهود إنهاء الصراع لأسباب أولها أن المجتمع الدولي قرر أن طرفي النزاع "الجيش السوداني وقوات الرد السريع" لا يملكان "الشرعية" لحكم السودان.

ويقول الدبلوماسي الأميركي السابق ومدير الشؤون الأفريقية الأسبق في مجلس الأمن القومي، كاميرون هدسون، لقناة "الحرة" إن من الأسباب الأخرى، هو أن بعض الدول "لم تكن محايدة" في التعامل مع الملف السوداني.

وأضاف أن "غياب ائتلاف مدني يقدم نفسه على أنه بديل للحكم العسكري في هذا البلد، جعل من الصعب أن تكون هناك رؤية واضحة بشأن طريقة إدارة البلاد في المستقبل".

وأضاف المسؤول الأميركي في حديثه لقناة "الحرة" أن التقارير الأممية حول تدهور الأوضاع "لن تغير من الواقع، فهي لا تجبر المجتمع الدولي على التدخل، أو تضغط على أطراف النزاع لإنهاء هذه المعاناة الإنسانية وحل المشكلة" حسب تعبيره.

وأعلن المجلس النروجي للاجئين قبل أيام أن الأزمة الإنسانية في السودان أسوأ من الأزمات في أوكرانيا وغزة والصومال مجتمع، وأن حياة أربعة وعشرين مليون شخص باتت في خطر شديد.

فحتى نهاية شهر أكتوبر الماضي، تقول لجنة الإنقاذ الدولية أن عدد القتلى جراء الحرب الدائرة منذ أبريل عام 2022 وصل إلى 150 ألف شخص وهو رقم أعلى من رقم 20 ألفا الذي تذكره الأمم المتحدة حاليا للحصيلة في البلاد بأكملها.

لكن عدد القتلى ليس وحده ما يقلق اللجنة التي اشارت في احدث تقاريرها إلى أن عدد النازحين داخليا وصل إلى 10 ملايين شخص وهو أكبر عدد للنازحين في العالم، في حين بلغ عدد اللاجئين إلى دول الجوار أكثر من مليونين.

بيرييلو في زيارة سابقة للسودان - مصدر الصورة: صفحته الرسمية بفيسبوك
بيريلو: الولايات المتحدة تدعم وضع حد للفظائع المرتكبة ضد الشعب السوداني
دعا المبعوث الأميركي الخاص للسودان، توم بيريلو، إنه الولايات المتحدة "تدعم الوقف الفوري للحرب ووضع حد للفظائع المرتكبة ضد الشعب السوداني"، وذلك في أعقاب زيارته الإثنين للسودان ولقائه مسؤولين أبرزه رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان.

ويضيف التقرير كذلك أن 25 مليون شخص من سكان البلاد البالغ عددهم نحو 42 مليون نسمة في حاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية والحماية، في حين يواجه18 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار التقرير إلى أنه من المتوقع أن يقضي أكثر من 222 ألف طفل جوعا في الأشهر المقبلة إذا لم يتم اتخاذ إجراءات سريعة لوقف الحرب، موضحا أن حياة 800 ألف شخص، من النساء والأطفال والرجال والمسنين والأشخاص ذوي الإعاقة، معلقة على المحك مع استمرار القصف في المناطق المكتظة بالسكان.