الصراع في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية دفع دولا عدة إلى المسارعة بإجلاء دبلوماسييها ورعاياها
الصراع في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية دفع دولا عدة إلى المسارعة بإجلاء دبلوماسييها ورعاياها

يقول عدد متزايد من الأشخاص إن السبل تقطعت بهم في السودان، لأن عمال السفارات الغربية فروا من البلاد دون إعادة جوازات السفر التي تم تسليمها أثناء تقديم طلبات الحصول على تأشيرة.

ونقلت شبكة "سي إن إن" الإخبارية عن شهادات لتسعة أشخاص القول إن دبلوماسيين من ثلاث بعثات غربية، على الأقل، لم يتمكنوا من منح مواطنين سودانيين، وثائق السفر الخاصة بهم.

واضطرت معظم السفارات الغربية في السودان لإجلاء موظفيها بعد نحو أسبوع من القتال، مما ترك العديد من طالبي التأشيرات السودانية دون وثائق سفرهم.

في بعض الحالات، نصح العاملون بالسفارات الناس "بتقديم طلبات للحصول على جواز سفر سوداني جديد"، على الرغم من أعمال العنف التي أدت لتوقف خدمات الحكومة السودانية، بحسب لقطات شاشة اطلعت عليها الشبكة.

وتبين الشبكة أنه في إحدى الحالات، اقترح مسؤول سويدي أن يستخدم طالب تأشيرة سوداني صورة من جواز سفره بدلا من وثيقة سفره الأصلية.

وقالت الشبكة إن المواطنين السودانيين اتهموا السفارات الغربية بالإهمال وعرقلة عملية خروجهم القانوني من البلاد.

وأكدت وزارة الخارجية الهولندية أن "عددا من جوازات السفر السودانية التابعة لأشخاص تقدموا بطلب الحصول على تأشيرة شينغن قصيرة الأجل أو تصريح إقامة مؤقت" بقيت في السفارة بعد إغلاقها "بأثر فوري" بسبب النزاع.

وقال متحدث باسم الوزارة في بيان إن اندلاع القتال المفاجئ في صباح 15 أبريل أجبر السفارة الهولندية على إغلاق أبوابها فورا. 

"ومنذ ذلك الحين تم إجلاء الموظفين الدبلوماسيين ونقلهم إلى هولندا.. للأسف، لم نتمكن من استلام جوازات السفر هذه بسبب الوضع الأمني السيئ".

وأضاف: "نحن نتفهم أن هذا الأمر وضع الأشخاص المعنيين في موقف صعب.. نحن نبحث في احتمالات تقديم الدعم الفردي لهم".

ونقلت الشبكة عن وزارة الخارجية الإيطالية القول "إنها على علم بالمشكلة، وستبذل قصارى جهدها لإعادة جوازات السفر للمواطنين السودانيين في أقرب وقت ممكن".

من بين الأشخاص الذين تحدثوا للشبكة امرأة تدعى فاطمة، وهو اسم مستعار استخدمته لأسباب أمنية.

تقول فاطمة إنها تسعى بشدة لمغادرة البلاد، بعد أن قتل شخصان في الحي الذي تقطنه شرق الخرطوم خلال المعارك، لكن وثائق سفرها لاتزال عالقة في السفارة الإيطالية.

وتضيف أن الموظفين رفضوا مناشداتها المتكررة لاستعادة جواز سفرها. 

وقالت زارا، وهي امرأة سودانية أخرى تم حجز جواز سفرها، إن عائلتها رفضت مغادرة البلاد بدونها، مضيفة أن جواز سفرها محتجز منذ ثلاثة أسابيع في السفارة الهولندية، التي لم ترد بدورها على اتصالاتها المتكررة بهم.

ودفع الصراع في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية دولا إلى المسارعة بإجلاء دبلوماسييها ورعاياها.

وأجلت عدة دول رعاياها جوا بينما توجه آخرون إلى بورتسودان على البحر الأحمر على بعد 800 كيلومتر تقريبا من الخرطوم برا.

السودان يواجه أزمة إنسانية هائلة - رويترز
السودان يواجه أزمة إنسانية هائلة - رويترز

أعلنت الخارجية السودانية، الأحد، ما وصفتها بـ"خارطة طريق" لمرحلة ما بعد الحرب، تزامنت مع تحقيق الجيش مكاسب كبيرة ضد قوات الدعم السريع في العاصمة الخرطوم، والأجزاء الوسطى من البلاد التي مزقتها الحرب.

وتضمنت خارطة الطريق، بحسب الخارجية، اشتراط وضع السلاح وإخلاء الأعيان المدنية لأي محادثات. وعدم القبول بالدعوة لوقف إطلاق نار ما لم يرفع الحصار عن الفاشر، على ان يتبع وقف أطلاق النار الانسحاب من الخرطوم وغرب كردفان وولايات دارفور.

كما تحدثت عن إطلاق حوار وطني شامل لكل القوي السياسية والمجتمعية وتشكيل حكومة من الكفاءات الوطنية المستقلة لاستئناف مهام الفترة الانتقالية، وإعانة الدولة على تجاوز تبعات الحرب.

ونصت على "إجراء التعديلات اللازمة في الوثيقة الدستورية، وإجازتها من القوي الوطنية والمجتمعية ومن ثم اختيار رئيس وزراء مدني لإدارة الجهاز التنفيذي للدولة دون تدخل".

وأكدت على حرية الرأي والعمل السياسي "دون هدم للوطن أو المساس بالثوابت الوطنية"، وعدم حرمان أي مواطن من حقه في الحصول على جواز السفر.

ودعت وزارة الخارجية المجتمع الدولي، خاصة الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، لدعم خارطة الطريق.

والسبت، أعلن قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، اعتزامه تشكيل حكومة انتقالية قريبا.

وقال البرهان في كلمة ألقاها في مدينة بورتسودان إن الحكومة الجديدة، التي وصفها إما بأنها "حكومة تصريف أعمال" وإما "حكومة حرب"، ستتألف من "كفاءات وطنية مستقلة".

وأضاف أن الحكومة ستكلف "وضع أسس بحيث نستكمل الانتقال إذا كان من خلال فترة انتقالية أو فترة تأسيسية تعد للانتخابات".

وتابع البرهان أن من أهدافها أيضا أن "تعيننا في أن ننجز ما تبقى من الأعمال العسكرية الواجب إنجازها وتطهير كل السودان من هؤلاء المتمردين"، في إشارة إلى قوات الدعم السريع.

كما أعلن أنه سيتم وضع "وثيقة دستورية" قبل تعيين رئيس للوزراء، متعهدا "عدم التدخل في مهامه ولا واجباته".

ويشهد السودان منذ أبريل 2023 حربا مدمرة بين البرهان وحليفه السابق محمد حمدان دقلو، المعروف بـ"حميدتي"، قائد قوات الدعم السريع.

واستعاد الجيش خلال الأسابيع الأخيرة مساحات واسعة من العاصمة الخرطوم ومحيطها، سيطرت عليها قوات الدعم السريع لحوالي عامين.

وأدى النزاع إلى مقتل عشرات الآلاف ونزوح أكثر من 12 مليون سوداني ودخول البلاد في "أكبر أزمة إنسانية تم تسجيلها على الإطلاق"، وفق منظمة "لجنة الإنقاذ الدولية" غير الحكومية.